الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث"| الحكومة والمواقع الإباحية..وسياسة التلاعب بالألفاظ

2016-02-16 04:37:01 PM
متابعة
صورة تعبيرية

 

خاص الحدث

 

أصدر مجلس الوزراء بيان جلسته (90)، مناقشاً عددا من القضايا، من بينها قضية "حجب المواقع الإباحية". وعلى خلاف ما صدر عن مجلس الوزراء في وقت سابق بهذا الخصوص، من استخدام المصطلح بشكل واضح كما جاء  في نص قراراها في جلسة 27 تشرين الثاني 2015،  ورد ذكر الموضوع بطريقة فضفاضة، غير مفهومة وغير واضحة، لا للقارئ، ولا لرب الأسرة، ولا للشركات المزودة لخدمة الانترت.

 

فبحسب نص البيان فإنه: "انطلاقاً من دور الحكومة في الحفاظ على العادات والتقاليد والهوية الحضارية للمجتمع، وحفاظاً على السلم الأهلي والصحة العامة، فقط قرر المجلس تكليف وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمتابعة توفير خدمة الإنترنت الآمنة للأسر والأطفال، بتنظيم خدمة مفلتره تستثني الوصول إلى المواقع الضارة لتلك الفئآت، دون المساس بالحريات" .

 

إذ بات الأمر موضع تساؤلٍ، هل تخجلُ الحكومةُ، من ذكر مصطلح "المواقع الإباحية" لما فيه من مدلولات إباحية وجنسية، أم تحاول الحكومة "تمويه"  الموضوع من خلال التلاعب بالألفاظ؟

 

هل الأمر يعد خدشاً للحياء؟

 

يطرح استخدام الحكومة للصياغة غير المفهومة، تساؤلاً بشأن هل الامر يخدش الحياء لما فيه من مدلولات إباحية وجنسية؟

 

الموروث الثقافي الفلسطيني والعربي عامة يتعامل مع قضايا الثقافة الجنسية والجنس كأمر معيب يخدش الحياء العام، بينما لم يتعامل الشرع ولا الدينُ بحياء في الأمر حين قال: "لا حياء في الدين".

 

أما من الناحية الثقافية فيعد الأمر طارئا أيضاً، إذ لم يستح كبار شعراء العرب أن يتغزلوا بحبيباتهن، مرة تصريحاً وأخرى تلميحاً بإيحاءت جنسية، مثلما فعل تصريحا عمرو بن أبي ربيعة حين قال:

 

"وناهدةِ الثديين 
قلت لها: اتّكي على الرمل من جبَّانة لم توسـِّدِ.
فقالت: على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد كلّفت ما لم أُعـــــوّدِ
فلماّ دنا الإصباحُ، قالت: فضحتني، فُقم غير مطرود وإن شئت فازدد"

 

وأما تلميحاً فبيتُ شعر عنترة بن شداد، في رغبة تقبيل السيوف لأنها تشبه فم ليلى، مثالٌ آخر على ذلك حين قال:

 

"فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم"

 

التلاعب بالألفاظ للتمويه

 

من أشهر الأمثلة على التلاعب بالألفاظ ما وقع ذات يوم من حادثة بين الخليفة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، والتي كانت على النحو التالي:

 

دخل حذيفه على عمر بن الخطاب وكان اميرًا للمؤمنين فسأله عمر السؤال التقليدى: كيف اصبحت؟ 


فأجاب حذيفه: اصبحت احب الفتنة، واكره الحق، وأصلى بغير وضوء، ولى فى الأرض ما ليس لله فى السماء .


وعندما سمع الخليفة عمر هذا الرد غضب، فدخل عليه حينها علي بن أبي طالب فقال :


والله لقد صدق يا أمير المؤمنين فقد أصبح يحب الفتنة: أى يحب ماله وولده "إنما أموالكم وأولادكم فتنة"


واصبح يكره الحق: أي الموت.


ويصلي بغير وضوء: أي يقول: اللهم صل على سيدنا محمد .


وله فى الارض ما ليس فى السماء: أي له زوجة وولد.

 

والتلاعب بالألفاظ هو وسيلة من أساليب التمويه، والتمرير غير المرئي، دون إثارة شبهة، أو حالة من الانتباه واليقظة. وعادة ما يتبع الجنود في ميدان الحرب التمويه وسيلة لخداع عدوهم، كي ينقضوا عليه في حين غفلة منه.

 

وفي سياق آخر، يستخدم التلاعب بالألفاظ كوسيلة تخفيف لتمرير معلومة، دون إثارة الجدل حولها أو بشأنها.

 

كأن نستخدم كلمة "أرض فلسطين" أو "الأراضي الفلسطينية". وللكلمتين مدلول لفظي واحدٌ، ومدلولٌ إيحائي مختلف. فـ "أرض فلسطين" تفترض رقعة جغرافية واحدة متماسكة. أما "الأراضي الفلسطينية"، فتدل على رقع جغرافية، منفصلة غير متصلة.

 

الخلاصة...

 

الخلاصة مما جاء من أمثلة، وتشابيهٍ أعلاه، تتركنا مع سؤال ثالث، هل يستحي مجلسُ الوزراء، أم أنه أراد أن يموِّه ويلتف؟