الخميس  18 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث"| هل هي حملة إعلامية مضادة للدكتور رامي الحمد الله؟

2016-02-29 03:00:17 PM
متابعة
د. رامي الحمد الله (أخبار فلسطين الحدث)

متابعة الحدث- رام الله

 

"صامد أبد ما تلين.. ماشي بعون الله كله فدا فلسطين يا رامي حمد الله"

 

تلك الكلمات، وقبل أربعة أيام، وخلال الإجازة الأسبوعية، عادت لتصدح من جديد ولتنتشر بكثافة عالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن كانت قد انتجت ولحنت في عام 2014 إثر تولي د. رامي الحمد الله رئاسة الوزراء، لتُشيد بمناقب دولته. 

 

وتأتي الأغنية، متزامنةً على ما يبدو مع حملة إعلامية- إعلانية، بدأ بها د. الحمد الله، وعدد من الوزراء في حكومته، في محاولة للسيطرة على حملة الانتقادات التي بدأت تطال شعبيته هو ووزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم، بسبب سوء إدارة أزمة المعلمين، وبسبب انتقادات طالت اداء عمل وزرائه أبرزها شبهات بالفساد طالت أحد أعضاء حكومته، فتصاعدت وتيرة القضية حتى اعتصمت النائب نجاة أبو بكر في المجلس التشريعي إثر إصدار مذكرة اعتقال بحقها.

 

توقيت الحملة الإعلامية الإعلانية

 

تقول، أستاذة فلسفة الإعلام في جامعة بغداد د. بشرى الراوي، "تقوم وسائل الإعلام وَفْق نظرية التسويق الاجتماعي بإثارة وعي الجمهور عن طريق الحملات الإعلامية التي تستهدف تكثيف المعرفة لتعديل السلوك بزيادة المعلومات المرسلة، للتأثير على القطاعات المستهدَفة من الجمهور، وتدعيم الرسائلَ الإعلامية بالاتصالات الشخصية، كذلك الاستمرار في عرض الرسائل في وسائل الاتصال، عندها يصبح الجمهور مهتماً بتكوين صورة ذهنية عن طريق المعلومات والأفكار، وهنا تسعى الجهة القائمة بالاتصال إلى تكوين صورة ذهنية لربط الموضوع بمصالح الجمهور وتطلعاته. وفي خطوة لاحقة تبدأ الجهة المنظمة بتصميم رسائل جديدة للوصول إلى نتائج سلوكية أكثر تحديداً كاتخاذ قرار، ثم تأتي مرحلة صناعة أحداث معيَّنة لضمان استمرار الاهتمام بالموضوع وتغطيتها إعلامياً وجماهيرياً، ثم حثِّ الجمهور على اتخاذ فعل محدد معبِّر عن الفكرة، عن طريق الدعوة لتبنِّي الأفكار التي تركز عليها الرسائل الاتصالية."

 

والسؤال يبقى هنا ما هي أهداف الترويج الإعلامي، هل هي ذات صلة بطموح سياسي من قبيل الترشح للانتخابات، أو الترشح لمنصب سياسي قادم. أم ذي صلة بمواجهة ضغوطات وانتقادات شعبية.

 

يقول المحاضر في جامعة بيرزيت في قسم الإعلام د. نشأت الأقطش لـ "الحدث" إن الدكتور رامي الحمد الله كرئيس وزراء من حقه ان يروج لنفسه بانه وطني."

 

ولدى سؤال الأقطش حول الأغنية التي يجري تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال:"النص يخلو من العنصرية والحزبية وهو يروج لنفسه بانه رئيس وزراء لكل الفلسطينيين."

 

ويرى الأقطش: "أن ظهور رئيس الوزراء في الفيديو وحده شيئ طبيعي وخاصة في فترة الحديث عن حكومة وحدة وطنية بدل حكومة وفاق وطني وهو مرشح ان يكون رئيساً لهذه الحكومة، وكأنه يروج نفسه بأن يكون رئيس وزراء لكل الفلسطينيين".

 

وأضاف لـ "الحدث": "رامي الحمد الله قال في مقابلة معه إن هذه الحكومة يدها مكبلة ويعني "انه مش عارف يشتغل في الضفة ولا عارف يشتغل في غزة" بسبب اجراءات حماس وفتح وبالتالي منطقي ان ترى اغنية لرئيس وزراء مرشح ان يكون رئيس حكومة وحدة وطنية."

 

مواجهة الضغوطات الشعبية

 

عند اشتداد الأزمات على السياسيين، واشتداد الضغط الشعبي عليهم فيما يتعلق بأدائهم الحكومي عادة ما يلجأ السياسيون لعدة وسائل لتخفيف هذا الضغط. فيستعينون بعد طرق ووسائل، تارة باتخاذ منحى إعلامي-دعائي سواء عن طريق استكتاب كتاب أو إجراء لقاءات مع إعلاميين للترويج لأجنداتهم وللدفاع عنهم، وتارة بأساليب ووسائل شمولية من قبيل استخدام أجهزة الدولة لقمع المتظاهرين، وتارة بأساليب فنية غنائية، من قبيل انتاج مواد تلفزيونية دعائية، أو مواد مسموعة من قبيل الإعلانات الإذاعية أو إنتاج أغان تتغنى بمناقبهم.

 

وتسود هذه الظاهرة، في الأنظمة الشمولية، وفي دول العالم الثاث، والتي تأتي في مقدمتها الدول العربية، التي حين تمشي في شوارعها ترى صور الزعيم المفدى في الشوارع، والمؤسسات الحكومية والعامة، وحين تفتح شاشات التلفزة تُشاهد أغان مصورة للزعيم.  

 

وبشكل عام يعكس الأمر حالة من العزلة السياسية بين القاعدة والزعيم السياسي، إذ يعيش النظام متقوقعاً منعزلاً عن الواقع. ومن الأمثلة على ذلك، نستسذكر تصريحاً لرئيس رومانيا، نيكولا تشاوتشيسكو رداً على سؤال صحفي، على إثر مظاهرات عمت كافة أرجاء رومانيا عام 1989 مطالبة بالتغيير، فتساءل الصحفي إن كان يخشى تتطور الأمور إلى الأسوأ، فكانت إجابته: "لا يوجد شيء مما تقولونه، واستطرد بعنجهية مستهزئاً "لن يحدث تغيير في رومانيا إلا إذا تحولت أشجار البلوط إلى تين"، لكن بعد أربعة أيام فقط من هذا التصريح تم القبض على تشاوتشيسكو هارباً مع زوجته.

 

ومن الأمثلة القريبة الطريفة، خطاب "زنقة، زنقة" للزعيم الليبي معمر القذافي، الذي هاجم فيه خصومه السياسيين، الذين يحركون الشارع ضده، متوعداً إياهم بأنه سيتعقبهم :"شبر..شبر، بيت..بيت، دار ..دار، زنقة..زنقة"، فكان مصيره مأساوياً.

 

وكان لتصريحات د. رامي الحمد الله، نصيبها من الكوميديا السوداء، وخاصة تجاهل حقيقة أن الأمن كان موجودا في اعتصام الثلاثاء الكبير لعرقلة وصول المعلمين من كافة المحافظات للتظاهر أمام مجلس الوزراء. 

 

 فقد أجاب د. الحمد الله في مقابلة صحفية مطولة مع صحيفة القدس بتاريخ 28 شباط 2016، ولدى سؤاله من قبل الصحفيين الذين أجروا المقابلة معه، نحن رأينا قوات الامن والشرطة الفلسطينية تمنع المعلمين من الوصول الى رام الله وبحثت عنهم حتى في السيارات الخاصة؟ فكان جواب د. الحمد الله- كما قلت الامن موجود لحماية المواطن." فقد كان في سؤال سابق حول ذات الموضوع قال: "الاجراءات الامنية التي تمت هي لحماية المعلمين والمحافظة على النظام في بعض المحافظات ولكن الاف المدرسين وصلوا إلى رام الله وتجمعوا هنا بالقرب من رئاسة الوزراء".

 

أما التصريح الآخر فيتعلق بمنح المعلمين لحقوقهم عند استخراج النفط والغاز من حقل رنتيس المكتشف حديثا، فقال في ذات المقابلة مع صحيفة القدس "نحن نعتقد بأن التعليم هو الاستثمار الرئيسي للدولة الفلسطينية، ولذلك نعطيه الاولوية ضمن إمكانياتنا المتوفرة،(..)، ولن نبخل على التربية والتعليم إذا ما نجحنا في توفير الاموال واستخرجنا النفط من حقل رنتيس برام الله والغاز من قطاع غزة."

 

د. حمد الله..أول رئيس وزراء له أغنية

 

يعتبر د. رامي الحمد الله أول رئيس وزراء فلسطيني، يتم إنتاج أغنية له.

 

وذلك على خلاف رؤساء الوزارء السابقين من د. سلام فياض، إلى أحمد قريع أبو العلاء، بدءاً بالرئيس محمود عباس الذي لم يتم إنتاج أغنية له، إلا بعد أن أصبح رئيساً للسلطة الفلسطينية ولدولة فلسطين لاحقا، وعلى إثر خوضه انتخابات شرعية فاز بها بأغلبية الأصوات. 

 

مواقع التواصل الاجتماعي

 

رصدت "الحدث" عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك 8 صفحات مؤيدة للدكتور رامي الحمد الله، آخرها تم إنشاؤه يوم السبت الموافق 20 شباط 2016.  بينما لم ترصد "الحدث" أي صفحة ناقدة أو رافضة لسياسة للدكتور رامي الحمد الله، وذلك على خلاف الرئيس محمود عباس، الذي تنشط أكثر من صفحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاده. 

 

سيكولوجية الجماهير

 

يقول عالم الاجتماع الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه (سيكولوجية الجماهي): "إن الجماهير لا تعقل. فهي ترفض الأفكار أو تقبلها كلا واحداً، من دون أن تتحمل مناقشتها, وما يقول لها الزعماء يغزو عقلها سريعاً فتتجه إلى تحواه حركة وعملاً."

 

ويضيف: "إنها (أي الجماهير) لا تعرف غير العنف الحاد شعوراً، فتعاطفها لا يلبث أن يصير عبادة، ولا تكاد تنفر من أمر ما حتى تسارع إلى كرهه."

 

السؤال بلا جواب

 

ويبقى السؤال بلا جواب خاضعاً للبحث والتفكير والنقاش..هل هي حملة إعلامية مضادة، أم حملة تمهيدية لشيء قادم بوادره تتضح بعد زمن قريب؟