الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"الإصلاحيات" لتهديد أطفال القدس وإفسادهم

2016-06-03 08:00:34 PM
إصلاحيات

الحدث- مصدر الخبر

 

في هذا التقرير تنقل ريم الهندي شهادات لذوي أطفال ومختصين مقدسيين بشأن كيفية استغلال الاحتلال لبراءة الأطفال فيما تسمى "الإصلاحيات" للعبث بعقولهم وإفسادها، بل وتهديد عائلات بنقل أطفالها إليها بذريعة وجود أجواء تحريضية في منزل العائلة.

 

"لم تختلف الإصلاحية عن السجن، سور عال وأسلاك كهرباء"، يقول محمد شاويش (12 عاما) -من البلدة القديمة بالقدس- والذي يقبع في إصلاحية إسرائيلية بتهمة تنفيذه عملية طعن، والآن تخشى عائلته من إلحاق شقيقه الأصغر به بزعم أن لديه "ميولا" لتنفيذ عمليات.
 

الحديث هنا عن "الإصلاحيات الإسرائيلية" المخصصة لاعتقال الأطفال المقدسيين الذين تقل أعمارهم عن 14 عاما، وفي إحدى هذه المؤسسات -وتدعى "مركز الطوارئ"- يقبع محمد شاويش منذ انتهاء التحقيق معه، ويخبر أمه بأن الظروف هنا لا تختلف عن ظروف الاعتقال، فالصراخ والتهديد دائمان، بل والضرب أيضا.

 

محمد الشاويش معتقل بتهمة تنفيذ عملية طعن 

 

تعذيب وقلق

 

تروي منار الشاويش نقلا عن طفلها أنه تعرض للتعذيب خلال التحقيق معه بتاريخ الثلاثين من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبعد نقله إلى الإصلاحية يؤكد تعرضه للضرب أيضا، بهدف إجباره على دخول الصف بعد أن طلب عدم الحضور في ذلك اليوم لشعوره بالصداع، مضيفة أن المشرفين ضربوا رأس محمد حينها بالدرج.
 

وتفصل سلطات الاحتلال في سجونها بين الأسرى الفلسطينيين الذين يعتقلون على خلفية تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية وبين السجناء الذين يعتقلون على خلفية جنائية، لكنها في هذه الإصلاحيات تجمع بين الأطفال من الجانبين، ولهذا فإن محمد -كما تقول أمه- يشعر بخوف دائم نتيجة جمعه بأطفال يعانون أمراضا نفسية واعتقلوا بسبب جرائم سرقة أو مخدرات.
 

يسمح لأم محمد بزيارة ابنها لمدة ثلاثين دقيقة كل أسبوع بعد رحلة تستغرق ساعتين للوصول إلى الإصلاحية، وفوق ذلك تمنع من الانفراد بطفلها، بل يشاركهما الزيارة أحد المشرفين في الإصلاحية. 
 

لكن ولأن لأم محمد ابنا أسيرا آخر في سجن "مجدو" هو آدم فإن سلطات الاحتلال افترضت أن العائلة كلها "إرهابية"، وأرسلت عناصر مخابراتية مختصة للحديث مع شقيقه الطفل عمار (11 عاما) للتأكد مما إذا كانت لديه "ميول للانتقام لشقيقيه".
 

توضح الأم منار أن طفلها عرض على طبيب نفسي من دون علمها، فقرر أن الطفل ذكي جدا وعاطفته مكبوتة، وأن هناك احتمالا بأن ينتقم لشقيقيه، مضيفة أنها تنتظر تحديد موعد لأخذ طفلها منها بدعوى أنها "محرضة" ولا يصلح أن يبقى عمار في منزلها.
 

أحمد وأدهم الزعتري طفلان وابنا عم من البلدة القديمة، اعتقل أدهم بتاريخ الـ18 من أكتوبر/تشرين الأول 2015 بتهمة رشق جنود الاحتلال بالحجارة، وأودع في إصلاحية تدعى "الفنار"، ثم نقل بعد ذلك إلى سجن "هشارون"، وعلى إثر ذلك طلبت النيابة الإسرائيلية في إحدى جلسات محاكمته إعادته للإصلاحية، إلا أنه رفض ذلك قائلا للقاضي "حمام السجن أحسن من كل مراكزكم". 
 

أما ابن عمه أحمد فاعتقل بتاريخ الثلاثين من ديسمبر/كانون الأول 2015 بتهمة محاولة طعن حارس قطار داخل القدس، ولا يزال قابعا في الإصلاحية ذاتها حتى الآن، وهي منزل مغلق من طابقين لا ساحة له ولا فناء.
 

يقول رائد الزعتري إن طفله أحمد يقبع في غرفة صغيرة ويمنع من رؤية الشمس، وقد أصيب بوعكة صحية مؤخرا لكنه لم يتلق العلاج المناسب، مما جعله في وضع نفسي سيئ ملتزما الصمت وخائفا باستمرار، مضيفا "في كل زيارة ابني يتغير أكثر، بشعر إنه بيبعد عني حتى لما أحضنه، وما بعرف شو الأفكار اللي بيزرعوها في راسه". 
 

ويضيف أنه يمنح عشر دقائق كل أسبوع للحديث هاتفيا مع نجله، وخلال الزيارة الأسبوعية المحددة زمنيا بما لا يتجاوز الساعة فإنها تمضي تحت الرقابة المشددة، ويظهر فيها خوف أحمد الشديد من التحدث عن أي شيء، تحسبا لانتقام المراقبين والمشرفين منه.

 أحمد الزعتري يقبع في غرفة صغيرة ويمنع من رؤية الشمس 

 

تهويد العقول

أدخلت السلطات الإسرائيلية عدة تعديلات على قانون اعتقال القاصرين، آخرها أنها فتحت المجال أمام القضاة لاعتقال الأطفال ما دون الـ14 عاما في الإصلاحيات حتى يتم تقديمهم للمحاكمة بعد بلوغهم هذه السن ثم اعتقالهم، وذلك وفقا لرئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب.


ويتحدث أبو عصب عن ثلاث إصلاحيات إسرائيلية في "يرثا، وطمرة، واعبلين" تحتجز السلطات الإسرائيلية فيها حاليا عشرة أطفال مقدسيين، مبينا أن هذه الإصلاحيات "مبرمجة لتهويد العقل الفلسطيني من خلال تعليمهم على كيفية التمرد على أهاليهم، وتعويدهم على أساليب حياة مختلفة تتناقض مع عادات المجتمع الفلسطيني وتركيبته".


ويشير أبو عصب إلى أن عائلات مقدسية اشتكت من تغير أفكار أطفالها بشكل كبير وتوجهاتهم بعد خروجهم من هذه الإصلاحيات حتى أصبحوا ثقيلين على أهاليهم، مضيفا "يصبح الأطفال عبرة لغيرهم بأن أي طفل سيقاوم الاحتلال سيتم تغيير شخصيته بهذه الطريقة، مما يسبب خوفا كبيرا لدى العائلات على أطفالها وبالتالي منعهم من أي نشاطات وطنية أيا كانت".