الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

منظمة التحرير الفلسطينية أمام مفترق طرق/ د.إبراهيم أبراش

2014-04-13 00:00:00
منظمة التحرير الفلسطينية أمام مفترق طرق/  د.إبراهيم أبراش
صورة ارشيفية

الحدث

د.إبراهيم أبراش

في لقاء الرئيس أبو مازن مع مفكرين ومثقفين مصريين في القاهرة قبل أيام قال إنه سيدعو لاجتماع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لاتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالمصالحة وإنهاء الانقسام، مع أن هذه الخطوة متأخرة لان الشعب الفلسطيني كان ينتظرها منذ سنوات إلا أن الخوض فيها الآن أصبح ضرورة وطنية . نعم كان الشعب يراهن على خطوة مثل هذه لأن الرئيس أبو مازن رئيس كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج من خلال رئاسته لمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد ، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية كصاحبة ولاية شرعية ورسمية على الضفة وقطاع غزة ،ورئيس حركة التحرر الوطني الفلسطيني (حركة فتح) .

صحيح أن حركة حماس فازت بانتخابات تشريعية في 25 يناير 2006 وهي انتخابات نزيهة ولا شك ولكن فوزها في الانتخابات كان يمنحها حق تشكيل حكومة لسلطة حكم ذاتي تابعة لمنظمة التحرير ،ولم تكن انتخابات لتحديد من يمثل الشعب الفلسطيني،وفوزها لا علاقة له بتمثيل الشعب الفلسطيني أو التصرف بالثوابت والحقوق أو مخاطبة العالم الخارجي كجهة ممثلة للشعب ،وبمقتضى القانون الأساسي الفلسطيني فإن اختصاصات الحكومة محددة بدقة ولا تتجاوز إدارة سلطة حكم ذاتي ، وحتى مع سيطرة حماس على قطاع غزة وما تلقته من دعم من الإسلام السياسي ومن بعض الدول العربية والإسلامية مما ترتب عليه مراهنات أن تشكل حركة حماس بديلا عن المنظمة أو تصبح موضع مراهنة الشعب الخ فإن فشل حركة حماس في إدارة شؤون غزة الاقتصادية والاجتماعية وفي المقاومة وفي علاقاتها الخارجية، كل ذلك يحتم تصحيح الخطأ بالعودة لمنظمة التحرير لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوطن والحقوق التي تضيع بسبب الاحتلال والانقسام والمفاوضات .
نعم لا يمكن تعليق استنهاض منظمة التحرير على مشجب الانقسام أو في انتظار المصالحة أو انتظار نتائج مفاوضات يبدو أنها لن تفضي لما يحقق أهدافنا الوطنية ، بل يجب أن تقوم منظمة التحرير بدورها الوطني وتتحمل مسؤوليتها وتستنهض نفسها ضمن الفصائل المشكلة لها ودون انتظار دخول حركتي الجهاد الإسلامي وحماس بها مع إننا نتمنى دخولهما لها حسب ما نص اتفاق المصالحة ، مع إمكانية دخول المبادرة وشخصيات وطنية مستقلة ،ونعتقد أن منظمة تحرير متجددة يمكنها أن تحل مشكلة نائب الرئيس وتبحث في الرئيس المستقبلي للشعب الفلسطيني (رئيس منظمة التحرير) ومن حقها اتخاذ قرار بالذهاب إلى الانتخابات سواء قبلت حركة حماس أو لم تقبل.
لا يمكن تعليق مصير الشعب الفلسطيني والمصالحة على موافقة حزب أو حركة وخصوصا لن كانت هذه الحركة تعيش مأزقا إن لم يكن فشلا على كافة المستويات .نعم كنا نقول بأن التوافق والتراضي يمكنه أن يشكل بديلا للانتخابات في إنهاء مشكلة الانقسام وفي حل إشكالات النظام السياسي وخصوصا لتلمسنا إمكانية رفض إسرائيل إجراء انتخابات قد تؤدي لإنهاء الانقسام وتقوية النظام السياسي الفلسطيني ، ولكن يبدو أن حركة حماس في قطاع غزة تتهرب من تنفيذ الاتفاقات الموقعة ولا تؤمن بالتوافق والتراضي والشراكة السياسية على قاعدة الوطنية الفلسطينية لان قرارها ليس بيدها للأسف. كل حوار مع حماس غزة حول الانتخابات أو إنهاء الانقسام هو عبث ومضيعة للوقت لأنهم مجرد وكلاء لمشروع كبير عناوينه عند المرشد العام لجماعة الإخوان وقطر وتركيا، وأصحاب هذا المشروع ما زالوا يراهنون على إمكانية نجاح مشروعهم الذي لا يؤمن بالوطنية الفلسطينية أو على الأقل لا يضعها على سلم اهتماماته ، وما زلنا نتمنى أن تعيد حركة حماس في الوطن حساباتها وتقترب أكثر للوطنية الفلسطينية واستحقاقاتها التي لها الأولوية على أية حسابات أيديولوجية .
لا يمكن مواجهة محاولات البعض لتأبيد الانقسام ورهن قضيتنا بمشاريع خارجية غير وطنية ، ولا يمكن كسر حالة اللا حرب واللا سلم التي تريد إسرائيل فرضها سواء في الضفة أو غزة ، ولا يمكن الخروج من حالة التيه السياسي والتفكك الاجتماعي التي عليها الشعب الفلسطيني، ولا يمكن إيجاد حل لمأزق السلطة الوطنية واحتمال حصارها وانهيارها الخ بقرارات منفردة من الرئيس أبو مازن أو من السلطة الفلسطينية أو من حركة فتح ، أو بتركها للزمن .عندما يصبح المشروع الوطني برمته مهددا وجوديا فإن الأمر يحتاج لقرارات مصيرية من طرف الجهة التي أسست المشروع الوطني الحديث (منظمة التحرير الفلسطينية) والتي ما زالت في نظر العالم وغالبية الشعب الفلسطيني الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
نعم ، لقد (وصل السيل الزبى) وطفح الكيل ولم يعد مجالا للصبر ليس فقط فيما يتعلق بالوضع المأساوي في قطاع غزة بل بمجمل الحالة الفلسطينية في الضفة وغزة والشتات ، مثلا هلالمجلس التشريعي يُشرع أم إنه مجرد شاهد زور ؟ وماذا يفعل أعضاء التشريعي طوال ثمان سنوات من الانقسام ؟ هل أبو مازن هو الكل بالكل كما يُقال وكل شيء يمر من خلاله من تعيين وزير حتى توظيف فراش في وزارة  وخصوصا فيما يخص قطاع غزة ؟ أم أن بطانة الرئيس من مستشارين رسميين وآخرين غير رسميين هم الذين يوجهون الأمور ويضعوا قرارات يتم تمريرها من خلال الرئيس ؟ هل يوجد فريق وإستراتيجية مفاوضات أم أن صائب عريقات هو الفريق وهو من يحدد ويضع الإستراتيجية انطلاقا من رؤيته أن الحياة مفاوضات ؟ أم أن الرئيس هو الذي يفاوض وما صائب عريقات إلا واجهة لامتصاص كل الانتقادات التي توجه للمفاوضات ؟ أم هناك أطراف أخرى تفاوض بالسر وتوجه الأمور على أرض الواقع بما ينسجم مع ارتباطها مع الاحتلال وواشنطن وأطراف عربية ؟ هل السلطة سلطة فتح أم سلطة منظمة التحرير الفلسطينية أم سلطة خفية كالكهرباء غامضة يحس بحضورها وبسطوتها الناس دون أن يروها أو يحددوا مصدرها ، سلطة تُشغل كل شيء وما حركة فتح ومنظمة التحرير والرئيس إلا الواجهة التي من خلالها يتم إضفاء الشرعية على أمور تفتقر للشرعية الوطنية والسياسية ؟.  
المطلوب ليس فقط عقد اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ليحث مسألة الانقسام ، بل استنهاض كل مؤسسات المنظمة لمواجهة الانقسام واتخاذ قرارات حاسمة بشأنه،وللبحث في فقدان المؤسسات القائمة للشرعية أو انتهاء شرعيتها الدستورية – منظمة تحرير عاجزة وكل مؤسساتها معطلة ، رئيس سلطة منتهية ولايته الانتخابية ، سلطة وحكومة في الضفة بدو شرعية موافقة المجلس التشريعي عليها ،وسلطة وحكومة أمر واقع وغير شرعية في قطاع غزة ، ومجلس تشريعي معطل ومنتهية ولايته - و الأهم من ذلك أن استنهاض منظمة التحرير ضروري أيضا للاستعداد لمعركة الدولة الفلسطينية سواء من خلال عملية المفاوضات والتسوية أو من خلال المواجهة مع الاحتلال وربما واشنطن ،واستنهاض منظمة التحرير وتفعيلها ضرورة اليوم للرد على تضييق إسرائيل على السلطة الوطنية ومحاولة حصارها لإنهائها أو تغيير وظيفتها باستجلاب شخصيات قيادة قابلة للتعامل مع الاحتلال ومشاريعه . المنظمة وليس السلطة الوطنية أو حركة فتح أو حركة حماس ، هي الجهة الرسمية الوحيدة التي تستطيع مواجهة كل هذه التحديات وأن تخاطب العالم وتتخذ قرارات تخص مستقبل الشعب الفلسطينية.
إن كان من الصعب فصل السلطة عن المنظمة فصلا تاما لأن الأولى تأسست بقرار من الثانية ،إلا أنه يجب استنهاض منظمة التحرير وإعادة تصحيح العلاقة بين الطرفين لتعود السلطة تابعة للمنظمة. المنظمة المُلحقة بالسلطة والخاضعة للضغوط والابتزاز الأمريكي لا يمكنها اتخاذ قرارات مصيرية . أيضا واقع المنظمة لا يشجع الآخرين على الانضواء والمشاركة فيها بل باتت طاردة للفصائل المنتمية لها حتى بتنا لا ندري مثلا إن كانت الجبهة الشعبية منضوية في المنظمة أم خارجها؟ وما الذي يمنع (المبادرة الوطنية ) من الانضواء في المنظمة؟  بل يمكن الدخول في حوار وطني مع حركة الجهاد الإسلامي لتشارك في منظمة التحرير لأن حركة الجهاد الإسلامي تمثل تيار إسلام سياسي وطني ليست امتدادا لأصل خارجي ،ومنظمة التحرير تستوعب كل التيارات والقوى بغض النظر عن أيديولوجيتها وفكرها ما دامت تؤمن بالوطنية الفلسطينية  .
منظمة التحرير أمام مفترق طرق وقرارات مصيرية :-
1- إما أن تعود لتأخذ دورها القيادي بعد طول غياب وخصوصا أن المراهنة على السلطة الوطنية أو المفاوضات أو على حركة حماس وصلت لطريق مسدود ، والمطلوب منها الآن التسريع بتشكيل حكومة وحدة وطنية من كل الفصائل التي تقبل بالمشاركة مع بعض الشخصيات الوطنية ، مع استبعاد تشكيل حكومة كفاءات لأن المرحلة لا تتحمل ترف حكومة الكفاءات.المطلوب حكومة وطنية تتحمل مسؤولية التحديات الراهنة وتتجاوز في مهامها سقف حكومات سلطة الحكم الذاتي المحدود السابقة ، حكومة مهيأة لأن تتحول لحكومة دولة، ثم الدعوة لانتخابات في الضفة وغزة والقدس نتمنى أن تشارك فيها حماس والجهاد الإسلام ، وفي حالة منع إسرائيل إجراء الانتخابات تتحمل اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي والحكومة الجديدة والإطار المؤقت المكلف بإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير والمنصوص عليه في اتفاق المصالحة في القاهرة والدوحة مسؤولية اتخاذ القرارات المصيرية فيما يخص كل القضايا الوطنية في الضفة والقطاع والشتات .
2-   أو تهرب المنظمة من مسؤوليتها الوطنية وتترك الساحة للانقسام والاستيطان ولمشاريع الوصاية والإلحاق والضم ، وفي هذه الحالة ستلاحقها وتلاحق رئيسها وأعضاء لجنتها التنفيذية ومجلسها المركزي وصمة العار لتخليهم عن مسؤوليتهم التاريخية والوطنية .