الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما قبل وبعد ../بقلم د.زياد البرغوثي

2016-07-02 10:07:31 AM
ما قبل وبعد ../بقلم د.زياد البرغوثي
د.زياد البرغوثي

 

كانت الاراضي الفلسطينية ما قبل أوسلو تعيش المشروع الوطني بشقيه الروحي والنضالي . وكان الشعار الروحي نعم لمنظمة التحرير الفلسطينية كفيل لأن يوحد فلسطين التاريخية بكل مكوناتها السياسية والفكرية والثقافية .

 

 اما الجانب النضالي والسياسي في المشروع الوطني كان في غاية من الأنسجام وكأن الشعب جميعه في اوركسترا وطنية كبيرة تعزف لحن الوجود تارة ولحن الخلود تارة أخرى .

 

 لقد تعددت العناوين وتعددت الاجتهادات وكل فلسطيني يعمل ضمن منظومة ضابطه للعمل الوطني يرى فيها دوره ويحقق نصيبا من تطلعاته أو معتقداته هكذا كانت الأنتماءات وهكذا كانت الولاءات.

 

 أما بعد أوسلو فقد حُسم المشروع ضمن اتفاقية أدت الى قيام سلطة فلسطينية غير واضحة المعالم أسقطت الجانب الروحي من المشروع ، فبعد ان كانت منظمة التحرير عنوانا للجميع أصبح الشارع الفلسطيني منقسماً على خلفية اتفاق أوسلو وأصبح شعار منظمة التحرير وهماً للإحتكام وليس مصدرا مشرقاً للوحدة او الإلهام .

 

 أما الجانب النضالي وهو الأخطر فقد تحول الشعب من حالة الإنضباط في الأوركسترا الوطنية الى حالة جديدة من الولاءات تجسدت في مسيرات التأييد إما لقائد أو لفصيل ، وهنا بدأت بعض سمات الأنظمة العربية الشمولية وما يترافق معها من تراجع في الإنجازات والحريات وفي القيم الإنسانية وإضطراب في النسيج الأجتماعي مما شكل عند غالبية الشعب بقطاعاته المختلفة من رجالات الأعمال والأكاديميين والمثقفين والمهنيين حالة من الخوف والسلبية والتراجع الى ما يسمى المربع الأول بعد ان كانت فلسطين التاريخية بحجم احلامهم وتطلعاتهم .

 

 ان الأستمرار في هذه الحالة مع استمرار التراجع في الأداء السياسي والأداري وسياسة المزرعة والأمتيازات وتجميد العملية الديموقراطية خلق حالة من الفوضى وخلل في المفاهيم الوطنية والقيم الأخلاقية والنسيج الأجتماعي أدى ذلك الى عزوف جيل كامل من الشباب عن الإنخراط في المجتمع لفقدانهم البوصلة وضبابية المشهد وضياع الفكرة بالإضافة الى شعور بالغربة وتباعد الأجيال والمسافات بينهم وبين القيادات.

 

 ان كل ما سبق سيؤدي حتماً في المستقبل القريب الى حالة من الفراغ القيادي الكامل من جيل منتمي الى الفكرة والمشروع الى حالة من ظاهرة تنامي المزارع الصغيرة لكي تسطيع الوفاء بالإحتياجات والألتزامات أو الأوامر والتعليمات.

 

 وعلية وبناءً على الواقع الأليم فإننا اليوم بأمس الحاجة أن نتدارك الأمر بأدوات ومفردات جديدة وخروجٍ عن المألوف وصياغة الأولويات الوطنية بطريقة تضمن استمرار او إنتقال المشروع الى الأجيال المتعاقبة بعيدا عن كل المظاهر والمزايدات التي غلفت سنوات من الفشل السياسي.