تشومسكي: ترامب حصيلة مجتمع متداع وماض بقوة نحو الانهيار

 

 

الحدث- رام الله

 

وصف المفكر السياسي الأميركي نعوم تشومسكي مرشح الجمهوريين للانتخابات الأميركية دونالد ترامب بأنه حدث فريد لن يتكرر ولا مثيل له في الغرب المتحضر.

 

وقال تومسكي : " فلنأخذ على سبيل المثال المنافسات التمهيدية لنيل ترشيح الحزب في السنوات الأخيرة، رأينا فيها مرشحين شعبويين أكثر خطورة من ترامب، مما دفع قواعد الحزب إلى التدخل لتصفيتها، على غرار ما حدث مع ميشيل باكمان، وريك سانتورم وهيرمان كين. ولكن يبدو أن قيادات الجمهوريين لم تتمكن هذه المرة من عمل شيء".

 

ويذكر أن نعوم تشومسكي يعتبر واحدا من أهم المفكرين المعاصرين، وقد وجه انتقادات حادة للغاية للسياسة الأميركية في السنوات الأخيرة، والتي انعكست نتائجها على التطورات المحيطة بانتخابات الرئاسة الأميركية، والتي تجلت كأحسن ما يكون التجلي في صعود نجم المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

 

وفي حوار مع الوكالة الألمانية، أوضح المفكر السياسي الأميركي نعوم تشومسكي الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى بروز نجم ترامب كما وصفه.

 

ورداً على سؤال وجه للمفكر الأمريكي تشومسكي، حول انعدام المساواة والعنصرية، وصراعات الهوية التي تواججها الولايات المتحدة بصعود ترامب. قال: " إن هؤلاء الذين يؤيدون ترامب ليسوا من الفقراء؛ وأغلبهم من الطبقة العاملة البيضاء، الذين عانوا التهميش خلال حقبة النيوليبرالية، ولنكن أكثر دقة،في بداية من عصر رونالد ريغن".

 

وأضاف تشومسكي : " أن الديمقراطيين تخلوا عن هذه الجموع في السبعينات، على الرغم من مواصلة ادعائهم عكس ذلك. ومنذ مدة طويلة لم يعد ممكنا الحديث عن (طبقة عمالية) في الولايات المتحدة؛ يجب الحديث عن (طبقة وسطى) عند الإشارة إلى (الطبقة العمالية)".

 

ويؤكد تومسكي قائلا : " تم التخلي عن هذه الطبقة بكل بساطة. وصار الأمر يتعلق أكثر بالرواتب، فيما لا يريد أحد أن يتذكر أنه خلال عهود نمونا كانت الرواتب مرتبطة بإجمالي الناتج المحلي وبالإنتاجية. هذا العهد قد ولى منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي. كل شريحة من المجتمع تم التخلي عنها، وصارت معلقة، وهذه الشرائح تشعر الآن بالمرارة وتضمر أحقادا".

 

الشعبوية في أوروبا

 

لا يقتصر الأمر على هذه الأسباب فحسب؛ إذ تتوسع القائمة لتشمل، وفق ما ذكر تشومسكي عاملا آخر معروف لدى أوروبا، ويتمثل في تعزيز الشعبوية والقومية المتطرفة.

 

وهناك ارتباط مباشر بين دعم الشعبويين المستبدين والتحمّس لصعود ترامب. الكثير منهم يشعرون بأنهم مهددون بصعود النسوية، وآخرون  يشعرون بأنهم مهددون من قِبل أوضاع يعتبرونها مُخلّة بالنظام.

 

هؤلاء الذين يؤيدون ترامب ليسوا من الفقراء. غالبيتهم من الطبقة العاملة البيضاء، الذين عانوا التهميش خلال حقبة النيوليبرالية، ولنكن أكثر دقة، بداية من عصر رونالد ريغن

 

وعن خطورة هذه الظاهرة يقول تشومسكي: " إن الأمريتعلق بالتغيير الجذري الذي يطرأ على المنظومة السياسية، فالولايات المتحدة في الحقيقة هي دولة الحزب الواحد، ذي الوجهين السياسيين، أحدهما جمهوري والآخر ديمقراطي".

 

وأضاف : " لكن في الحقيقة، الأمر لم يعد على هذا النحو، ولا زلنا بالفعل دولة حزب واحد، ولكنه حزب رجال الأعمال، الذي ليس له سوى وجه واحد، ولم يعد مهما ماذا يسمى، بعد أن اتجه الحزبان نحو اليمين. قبل عقدين من الزمن كان بالإمكان أن تصبح هيلاري كلينتون الخيار الأفضل بالنسبة إلى التيار المعتدل بين الجمهوريين".

 

لكن عند الأخذ بعين الاعتبار، على سبيل المثال الملايين من مؤيدي برني ساندرز، يمكن التفكير في حزب جديد، حسب رأي تشومسكي.

 

وفي ذات السياق قال تشومسكي: " لو كانت لدينا حركة عمالية نشطة ومناضلة على غرار ما كان عليه الوضع في الولايات المتحدة في ثلاثينات القرن الماضي، لكان من الممكن أن تجمع بين أنصار ترامب وساندرز الآن، على الرغم من أوجه الاختلاف الكثيرة بينهما، إلا أنه يجمعهما الغضب والاحتقان نفساهما بسبب الضغط الواقع على الطبقة العمالية والفقراء. وهذا ربما سيكون البداية لكيان جديد".

 

ويرجع الوضع الصعب للأحزاب التي تحتل المرتبة الثالثة في الولايات المتحدة الأميركية إلى الإرث البريطاني، حيث لا يوجد تمثيل سياسي متوازن، وإنما نظام انتخابي يعتمد على الأغــلبية، وهـذا ما يزيد من صعوبة الأمر.

 

مجتمع متداع

 

وصف تشومكسي ترامب، بأنه حصيلة مجتمع متداع، وماضٍ بقوة نحو الانهيار.

 

وأكد تشومسكي في رده على تساؤل يدور حول إذا كان ذلك يعني تهاوي المنظومة السياسية، " يجب أن نعترف بأن الوضع في أوروبا أسوأ. ففي أوروبا تعرضت الديمقراطية لضربة عنيفة حينما نقلت سلطة القرار السياسي إلى بروكسل. إنه تطور صادم. الولايات المتحدة انحدرت من الديمقراطية إلى البلوتقراطية (حكم طبقة الأثرياء)، مع ملحقات ديمقراطية.

 

نعم هنا يوجد قدر كبير من الحرية، ومجتمع مفتوح، وهناك الكثير من الأشياء الإيجابية، ومع ذلك وبكل بساطة، لا تحصل غالبية المجتمع على الحد الأدنى من التمثيل.

 

ويتحدث المفكر اليساري عن ثلاثة أرباع المجتمع، ممثلوهم لا يكترثون لهم، خاصة الشريحة ذات الأجور المتدنية، ويزداد النفوذ كلما انضمت المجموعة إلى شريحة أعلى راتبا، إلى أن نصل إلى أعلى شريحة لنجد طبقة الواحد في المئة التي تتحكم في كل شيء.

 

المصدر