السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قراءة في مشهد المصالحة الوطنية

2014-06-03 00:00:00
قراءة في مشهد المصالحة الوطنية
صورة ارشيفية

 أبرز ردود الأفعال التي رافقت إعلان حكومة التوافق الوطني

خاص الحدث:

الثلاثاء، 3-6-2014

منذ عودة الحوارات الشهر الفائت بين حركتي فتح وحماس قبل ما يقارب الشهر وإعلان الطرفين عن البدء بتنفيذ آليات المصالحة عبر بوابة تشكيل حكومة التوافق الوطني، وردود الأفعال من مختلف الجهات المتأثرة أو المعنية بملف الانقسام الفلسطيني في تطور مستمر.
وفي قراءة للمشهد العام حول تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وبدء عملية إنهاء الانقسام بتسلم حكومة موحدة لمقاليد الأمور في الضفة الغربية وقطاع غزة، رصدت "الحدث الفلسطيني" أبرز التطورات وردود الأفعال المرتبطة بملف الانقسام وتطوراته مؤخرا.
 

الموقف الأمريكي

اتخذت الإدارة الأمريكية موقفا مراقبا لتطورات العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس في قطاع غزة، فبعد إعلانها في وقت سابق رفضها دعم حكومة تشارك فيها حركة حماس، معربة في ذات السياق عن رفضها إنجاز المصالحة باعتبار حركة حماس تنظيما إرهابيا لا يعترف بإسرائيل؛ إلا أنها عادت وعبر وزارة الخارجية الأمريكية وأعلنت أنها تراقب عملية تشكيل الحكومة مشترطة أن تعترف الأخيرة بنبذ العنف والإرهاب والالتزام بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل لتتعامل معها وتستمر في تقديم الدعم للسلطة الوطنية.
بعد أداء الحكومة لليمين بساعات قليلة وبشكل أدهش المراقبين، أعلنت واشنطن أنها ستتعامل مع الحكومة الجديدة على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جين بساكي، وأن الحكومة الفلسطينية تبدو أنها لا تضم أي وزراء ينتمون إلى حركة «حماس» -بحسب تعبيرها.

وأضافت المسؤولة الأمريكية "الولايات المتحدة تعتزم العمل مع الحكومة الفلسطينية مؤكدة أن واشنطن ستواصل مراقبة التزامها بالمبادئ التي أكدها مجددا الرئيس محمود عباس بشأن الاعتراف 
بإسرائيل ونبذ العنف".
بدوره اتصل وزير الخارجية الأمريكية جون كيري برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأبلغه بالموقف الأمريكية الليلة الماضية، وأن الإدارة الأمريكية مقتنعة بأن الحكومة الجديدة هي حكومة تكنوقراط ولا تخالف شروط الرباعية.
كما وأعلن في وقت سابق عن دعوة وجهتها الإدارة الأمريكية لرئيس الوزراء د. رامي الحمد الله لزيارة واشنطن.

انقسام في الساحة الإسرائيلية

يأتي الموقف الأمريكي مناقضا لموقف الحكومة الإسرائيلية، ما وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي في حرج شديد وفق تسريبات إعلامية، فحكومته منذ اللحظات الأولى لمداولات حركتي فتح وحماس لأسماء وزراء حكومة التوافق أعلنت رفضها التعاطي مع أي حكومة تشترك فيها حركة حماس، وهددت على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باحتجاز أموال الضرائب الفلسطينية وإجراءات عقابية أخرى.
وباستمرار عجلة تشكيل حكومة التوافق التي نالت ثقة واشنطن، استمرت الحكومة الإسرائيلية على موقفها المتشدد تجاه الحكومة لتبلغ السلطة الوطنية عشية أداء الحكومة لليمين في مقر المقاطعة، بمنع الزيارات بين الضفة وقطاع غزة، وإلغاء بطاقات الشخصيات المهمة سوى من الرئيس محمود عباس بعد أن عرقلت وصول ثلاثة وزراء من قطاع غزة إلى رام الله لأداء اليمين.
كما أعلنت الحكومة الإسرائيلية رفضها الدخول في أي مفاوضات مع حكومة تحظى بثقة حركة حماس، وتجدر الإشارة هنا إلى أن القيادة الفلسطينية أوضحت ووفق التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية إلى أن المفاوضات تتبع ولاية منظمة التحرير الفلسطينية ولا دور للحكومة الفلسطينية فيها.
أما على صعيد الخلاف مع واشنطن في التعاطي مع حكومة التوافق -وبحسب تسريبات إعلامية -تنوي الحكومة الإسرائيلية استغلال جماعات الضغط اليهودية في واشنطن للتأثير على الموقف الأمريكي الإيجابي تجاه حكومة التوافق، كما وتلوح أيضا بإجراءات عقابية تجاه الرئيس محمود عباس بشكل شخصي.
ومن أبرز المواقف المتشددة في الأوساط الإسرائيلية مطالبة وزير الاقتصاد وزعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت بضم مستوطنة غوش عتصيون لإسرائيل بشكل نهائي.
في حين علق بنيامين نتنياهو على إعلان الحكومة قائلا:" أبو مازن (عباس) قال اليوم نعم للإرهاب ولا للسلام بما يتواصل وسياسته المتعنتة بشأن السلام. ونبقى نحن ملتزمين بعملية السلام في الوقت الذي يحرض فيه أبو مازن ضد إسرائيل ويتحالف مع منظمة حماس الإرهابية".
وأما الوزير أوري أرئيل فقال: "أبو مازن وقع اليوم على تشكيل حكومة إرهاب تضم القتلة والسافلين".
على الجهة المقابلة للمواقف اليمينية المتطرفة، دعا عمير بيرتس المحسوب على تيار الوسط الإسرائيلي إلى الحكم على الحكومة الجديدة بناء على توجهاتها.
 وقال بيرتس إن المقاطعة التامة المسبقة من جانب إسرائيل للحكومة الانتقالية الفلسطينية سيخدم حماس فقط، داعيا حكومته لضبط النفس وفحص الحكومة الجديدة.
من جانبه دعا "يائير لبيد" لاستغلال الأسابيع القادمة لدراسة الحكومة، وإمعان التفكير والتمحيص، وقال: " أقترح على وزراء الحكومة ألا يمنحوا حماس فرصة حرف النار وتوجيهها مرة أخرى نحونا" مشيرا في سياق ذلك إلى من وصفهم بالراغبين بالحصول على عناوين رئيسة تتعلق بالسياسة الداخلية الإسرائيلية.
ولم يختلف موقف عضو الكنيست عن حزب العمل "نحمان شاي" عن موقفي لبيد وبيرتس بدعوته إلى منح الحكومة الفلسطينية الجديدة فرصة في سياق نقده لموقف حكومته بقوله: "عادت إسرائيل مرة أخرى إلى لعبة (لا لا)، إن اقامة الحكومة الفلسطينية الجديدة تشتمل على فرص وليس فقط مخاطر، لذلك يجب علينا منحها الفرصة المطلوبة".
 

موقف الاتحاد الأوروبي

لم يبتعد الموقف الأوروبي المرحب بالوحدة الفلسطينية عن الموقف الأمريكي كثيرا وإن بدا متحفظا، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق شروطه بأن تنبذ الحكومة الجديدة الإرهاب وأن تعترف بإسرائيل.
وانتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الموقف الأوروبي مشيرا إلى عملية المتحف اليهودي في بروكسل وإدانة الدول الأوروبية لها مع حديثها الغامض وبطريقة ودية عن حركة حماس وهي منظمة إرهابية تمارس مثل هذا النوع من الجرائم – وفق تعبيره.
 

الموقف العربي

 
رحب العرب في بيان للجامعة العربية بجهود المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة التوافق منذ بدء لقاءات وفدي المصالحة في قطاع غزة الشهر الفائت، ودعت الجامعة العربية المجتمع الدولي لدعم الحكومة والاعتراف بها حال تشكيلها.
وشهدت أزمة التوافق على وزارة الأسرى وساطات عربية من قطر التي التزمت بتعهدها بدعم قطاع غزة، وشخصيات تونسية وأردنية بهدف إيجاد صيغ توافقية للخلاف.
وعشية أداء الحكومة الجديدة لليمين، صرح المتحدث باسم الخارجية المصرية "بدر عبد العاطي"، أن تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية يمثل خطوة هامة لدعم وحدة الصف الفلسطيني واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية" معربا في سياق ذلك عن ترحيبه بالحكومة الجديدة والتزام الجمهورية المصرية بدورها في المصالحة الفلسطينية.
 

المزاج الشعبي

عبر المزاج الشعبي في الأيام القليلة التي سبقت إعلان حكومة التوافق عن توتر وترقب لما ستسفر عنه المداولات لاختيار الأسماء المرشحة لتولي الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، بعد فترة راقب فيها المواطنون تطورات المشهد على الساحة المحلية، وانقسامات في آرائهم حول نجاح الخطوة التصالحية بعد سبع سنوات من الإخفاقات والتراجعات عن تنفيذ تفاهمات المصالحة.
وشهد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حالة من السخرية والانتقاد الشديدين لمواقف حركتي فتح وحماس والخلافات التي دارت بينهما في تشكيل الحكومة الفلسطينية لاسيما فيما يتعلق بوزارة الأسرى وقرار تحويلها لهيئة مستقلة.
وعشية الإعلان عن الحكومة استقبل المواطنون الحكومة بقليل من التفاؤل المشبوب بالحذر والترقب لمرحلة ما بعد تشكيل الحكومة، وأجمعت معظم الآراء التي استطلعتها "الحدث الفلسطيني" على أن الحكومة ستواجه مآزق كثيرة، وما جرى لن يعدو كونه إدارة للانقسام لا إنهائه منتظرين تغييرات جوهرية في قطاع غزة والضفة الغربية.

الإعلام الفلسطيني

واكب الإعلام الفلسطيني كافة المراحل التي سبقت إعلان الحكومة يوم أمس، وعمل على تغطيه التصريحات التي صدرت من قيادتي فتح وحماس حول الخلافات التي تعصف بالتشكيل الحكومي، وحافظ الإعلام المحلي على ذات السياسة التحريرية بتوظيف عبارات مثل: الحكومة المقالة، وطرفي الانقسام، وحكومة رام الله أو حكومة حماس في قطاع غزة.
إلا أن المشهد الإعلامي شهد تغيرات فيما بعد الإعلان الرسمي عن الحكومة وأدائها اليمين أمام الرئيس محمود عباس يوم أمس، فلأول مرة منذ حدوث الانقسام عمدت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية ( وفا ) لنشر كلمة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق إسماعيل هنية التي أعلن فيها انتهاء حكومته وتسليم مهماتها للحكومة الجديدة،  وفي ذات الوقت بدأت قناة الأقصى الفضائية الرسمية التابعة لحركة حماس باستخدام مسمى الرئيس في حديثها عن أبو مازن، وعملت على بث كلمة الرئيس محمود عباس التي أعقبت إعلان الحكومة في مشهد لم يحدث منذ سبع سنوات، ولعل مثل هذه التغييرات تأتي ضمن الاتفاقات التي أبرمتها حركتا فتح وحماس وأشارت إلى وقف التراشق الإعلامي.