السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المعركة الأولى التي أخجلت إسرائيل في الضفة الغربية

2018-04-05 06:07:36 AM
المعركة الأولى التي أخجلت إسرائيل في الضفة الغربية
مخيم جنين

 

الحدث ــ محمد بدر

كان القرار الإسرائيلي باجتياح الضفة الغربية في الانتفاضة الثانية، فيما عرف بعملية السور الواقي، قرارا هو الأنجح منذ عام 1967 بحسب مصادر الاحتلال، حتى وصل الأمر لمخيم جنين وأضحى القرار مصدر خجل للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

 

الحيتان وإسرائيل

المخيم بالنسبة لشارون كان "عش الدبابير"، الإبقاء عليهم مؤلم والإقتراب منه مؤلم، شكّل المخيم في الإنتفاضة الثانية رافعة للعمل الفدائي في المناطق المحتلة عام 1948، وخرج من المخيم عشرات العمليات الإستشهادية التي زعزعت الأمن الإسرائيلي ككل، بمساحته الضيقة التي لا تتجاوز كيلو متر مربع، أصبح المخيم مصدر اهتمام إسرائيلي كبير.

في الطريق إلى المخيم، كانت إسرائيل تحسم مدنا كاملة لصالحها، وتعيد احتلال الضفة المدينة تلو المدينة. في المخيم كان الأمر مختلفا، قيادة حركة الجهاد الإسلامي تأمر مسؤولها العسكري هناك بالإنسحاب حتى لا تكون حرب استنزاف هناك فيرفض "هذه معركة كر وكر لا فرّ فيها .. لن ننسحب"، هذا المتمرد الذي رفض قرار قادته، كان محمود طوالبة ابن 23 عاما، أحد أبرز الأهداف المعلنة  للحملة العسكرية على جنين.

قبل معركة المخيم بسنوات، جاء ضابط إسرائيلي لإتمام مهمة تسليم منطقة للسلطة، ضمن الإنسحابات الإسرائيلية من المناطق، مجموعة من الضباط في الإرتباط الفلسطيني كانوا يصطفون لتسلم هذه المنطقة، كان أبو جندل من ضمن ضباط السلطة الذين جاؤوا لتسلم المنطقة، اقترب الضابط الإسرائيلي ليصافحك، أغمد أبو جندل يده ورفض مصافحة الضابط الإسرائيلي، وادخرها سيفا لمعركة قادمة.

أبو جندل، هو ذاته يوسف قبها الذي قاتل في بيروت، وكان من مؤسسي مجموعات "جيش الدفاع الفلسطيني" للدفاع عن بيروت. عاد للأراضي المحتلة مع عودة السلطة الفلسطينية وأصبح ضابطا في الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتحديدا في الأمن الوطني.

هذه هي "الحيتان" التي كانت تبحث عنها إسرائيل، أبو جندل مطلوب لأجهزة أمن إسرائيل بعد مسؤوليته عن مقتل عدد من الجنود، ومحمود طوالبة يعتبر مصنع الإستشهاديين في مخيم جنين، بالإضافة لمجموعة من قادة المقاومة منهم ثابت مرداوي والحاج علي الصفوري وغيرهم.

 

استراتيجية للمواجهة

كان القرار في النهاية بعدم الإنسحاب، هذا القرار ليس سهلا، المخيم محاصر من الجو بطائرات الإف 16 وعلى الأرض بدبابات الميركافا الأقوى في العالم، بينما كل ما يمتلكه المقاتلون بنادقهم الشخصية، والعبوات الناسفة المحلية، وزجاجات الملتووف.

في اليوم الأول للهجوم لم يتمكن جيش الاحتلال من تجاوز أمتار قليلة على حدود المخيم، استبدل الاحتلال خطته العسكرية في الأيام الأولى للهجوم عدة مرات، المقاتلون أقسموا أن لا يغادروا المخيم، الشهادة هي الخيار الوحيد أمامهم، لأن حجم الحصار والقوة التي تهاجمهم تمنع أي امكانية لانتهاء الحملة دون احتلال إسرائيلي للمخيم.

مع أول تقدم إسرائيلي في المخيم، حلّت اللعنة والصدمة على جيش الاحتلال، 13 جنديا وضابطا إسرائيليا سقطوا في كمين أعدته المقاومة بين أزقة البيوت، عشرات العبوات الناسفة ربطت ببعضها البعض، وانفجرت في لحظة واحدة، ليجد الجندي الإسرائيلي نفسه بين الركام والنار. الشاعر العراقي مظفر النواب وصف الكمين قائلا:

لمحمودَ (محمود طوالبة) وهو يقود ثمانية من ألذِّ الشباب

يهزم ما قيل أعتى الجيوش

كميناً هنا وكميناً هناك

ويجعل منهم لبعض كمين.

بعد الكمين المدوي الذي أسقط هيبة جيش الاحتلال، قامت إسرائيل بقصف المخيم بشكل مكثف وعشوائي من الجو والأرض، أشبال المخيم ردوا على القصف بالملتووف ومقاتليه ردوا بالرصاص. انتهت المعركة بعد أكثر من أسبوعين من القتل والنزيف، عشرات الشهداء ارتقوا في مقابل 23 جنديا إسرائيليا من لواء النخبة. ومن المسائل التي أحرجت إسرائيل حينها أن دبابة الميركافا تعرضت لهجوم في المخيم مما أدى لإعطابها، مما حدا بعدة دول للتراجع عن صفقات شرائها من إسرائيل.

استشهدت "الحيتان"، قصف الاحتلال المنزل الذي يتحصن فيه طوالبة، وأعدم أبو جندل بعد نفاذ ذخيرته. ولم يمت المخيم.