السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بن سلمان: إخرسوا أيها الفلسطينيون

2018-04-30 06:10:01 AM
بن سلمان: إخرسوا أيها الفلسطينيون
رولا سرحان

"على الفلسطينيين أن يقبلوا مقترحات السلام أو يخرسوا". عبارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أمام تجمع للقادة اليهود في نيويورك، عندما التقاهم في 27-آذار خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية.

عبارة بن سلمان تلك تلتها عبارات أخرى نقلتها عنه القناة العاشرة الإسرائيلية، وضجت بها وسائل الإعلام بعدها، من قبيل أنه "على مدى السنوات الأربعين الماضية، أضاعت القيادة الفلسطينية الفرص مرارا وتكرارا، ورفضت كل العروض التي قدمت لها".

العبارات، وبغض النظر عن مدى دقتها، أو محاولة بن سلمان تجاهل صحتها، فإنها تعكس واقعية سياسية واضحة لمدى نضج العلاقة ما بين المملكة العربية السعودية وما بين دولة الاحتلال الإسرائيلي، الذي تقف القضية الفلسطينية، إلى الآن حائلا دون خروجها إلى العلن، إنها سبب المخاض العسير لهذه العلاقة، التي لن تمنح لها الشرعية إلا بموافقة ورضا فلسطينيين، وهو ما يدركه بن سلمان، رغم الضعف الفلسطيني، وأسوأ حالته الداخلية.

العبارات أيضا، تعكس في ذات الوقت ذلك الخوف السعودي الأزلي الكبير من إيران، وذلك إذا ما قرئت في ظل تصريح آخر لبن سلمان في نفس المناسبة بقوله إن: " القضية الفلسطينية ليست على رأس أجندة الحكومة السعودية" ، مضيفا: "هناك قضايا أكثر إلحاحًا وأكثر أهمية للتعامل معها - مثل إيران".

ومن الواضح أيضا أنه في مقابل الفشل في قراءة الواقع السياسي، المتمثل في عدم مقدرة السعودية على مواجهة إيران، فإن بن سلمان غير قادر على قراءة التاريخ أيضا، متناسيا على ما يبدو أن التاريخ بإمكانه أن يطلق رصاصة لن يكون ثمنها أرخص من الرصاصة التي أطلقت على أحد أعمامه وهو الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود مع فارق جوهري، هو فارق المواقف وفارق الرجولة.

لقد جلس الملك فيصل في الصحراء، نصب خيمة، وزرع بعض نخلات، وجاء بالغنم، قبيل استقباله لوزير الخارجية الأمريكي الأشهر هينري كسينجر، في رسالة حملتها مقولته الشهيرة: "عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن." في إشارة إلى استعداده لإعادة المملكة إلى عصر ما قبل النفط، في مقابل عدم التفريط لا بفلسطين، ولا بالعروبة، ولا بنصرة دولة عربية شقيقة في حربها مع إسرائيل.

ويروي هنري كيسنجر في مذكراته، عن إحدى لقاءاته ما قاله الملك فيصل عن علاقة العرب باليهود: "قبل تأسيس اسرائيل، لم يوجد ما يعرقل العلاقات بين العرب واليهود. ولم يكن هناك سبب يدعو العرب لمقاومة اليهود. وكان هناك يهود كثيرون يعيشون في دول عربية، وكنا نسميهم «اليهود العرب». وقبل مئات السنين، عندما عذب اليهود في اسبانيا (على ايدي محاكم التفتيش الكاثوليكية)، قام المسلمون بحمايتهم (في دولة الاندلس). ما يحدث الان ليس الا مشاكل خلقتها اسرائيل، بخططها، ومؤامراتها."

بن سلمان في لقائه الأخير قال نفس الكلام تقريبا بدلالات أخرى: ""بلدنا ليس لديه مشكلة مع اليهود. نبينا محمد تزوج امرأة يهودية. ليست مجرد صديقة - تزوجها. نبينا ، جيرانه كانوا يهودا. ستجد الكثير من اليهود في المملكة العربية السعودية قادمين من أمريكا ، قادمين من أوروبا. لا توجد مشاكل بين المسيحيين والمسلمين واليهود".

الملك فيصل، الذي سيذكره التاريخ على أنه أشرف رجال السعودية، والذي اغتيل بتحريض من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب سياسته في مقاطعة تصدير البترول للغرب بعد حرب أكتوبر 1973، سيكون محمد بن سلمان صورته النقيضة، قرين السوء، فلن يأت سعودي بمثل مقدرة بن سلمان على التفريط بعروبة القدس، أو بفتح أبواب مكة أمام إسرائيل كما يفعل بن سلمان اليوم.

إن بن سلمان ينتصر ضد نفسه. ينظف سبطانة المسدس ويلقمها الرصاصة التي سيطلقها في منتصف رأسه.

لن يكون التاريخ أكثر شفقة عليه من السادات، ولن تكون الرصاصة أثمن. لكنه التاريخ الذي سيذكره سيكون أقصر.