الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صفق كما تشاء وفي أي صف.. هذه حقيقة الصحفية الإيطالية فرانشيسكا بوري وحقيقتنا! (صور)

2018-10-07 08:39:16 AM
صفق كما تشاء وفي أي صف.. هذه حقيقة الصحفية الإيطالية فرانشيسكا بوري وحقيقتنا! (صور)
لصحفية الإيطالية فرانشيسكا بوري

 

الحدث ــ محمد بدر

أثارت قضية مقابلة القيادي في حماس يحيى السنوار مع الصحفية الإيطالية فرانشيسكا بوري، لغطا وجدلا، أحيا في المتابع المراقب الكثير من علامات الاستفهام والكثير من التساؤلات، حول نظرتنا لهوية التجمع الاستعماري الإسرائيلي، وحول نظرتنا لأنفسنا، وحول منطق تحليلنا لأي قضية ومدى ومستوى قدرتنا على البحث.

كشف الجدل عن رؤية مرتبكة لـ"الإسرائيليين" وأدواتهم، ومحاولة تفريق غريبة بين أدوات الاستعمار بدءا من وسائل الإعلام وانتهاءً بمفاعل ديمونا. إن توجيه الخطاب ـ ذو البنية السياسية والثقافية ـ لأي مجموعة بشرية هو اعتراف ضمني بأن هذه المجموعة "شعب" وفي أقل تعديل "مجتمع"، والخطاب الذي يعدّ شكلا من أشكال الاتصال، يهدف لتشكيل قاعدة مشتركة تساهم في خلق وعي جمعي نحو قضية ما، وتراكم الاتصال يساهم في تفكيك الاختلافات الجوهرية وصولا لرؤية واحدة، ومنح هذه الرؤية أهمية أخلاقية.

وبناء على ذلك، إذا ما تمت المقارنة بين النظرة للتنسيق الأمني قبل 25 عاما والنظرة إليه اليوم؛ فإنك تجد أن التنسيق الأمني أصبح له المناصرون والجنود، ومدافعون أيديولوجيون إلى حد اعتباره شيء مقدس، وهذا تماما ما قصدنا به "منح الرؤية أهمية أخلاقية من خلال تراكم الخطاب". هل التنسيق الأمني مقدس؟.. كان يمكن أن يكون مقدسا لو كان بين دولتين تحاربان الجريمة أو التسلل، ولكن في حالتنا الفلسطينية، فإن أكبر عصابة منظمة في تاريخ البشرية تسوّق لنفسها على أنها دولة، وبعضنا مقتنع أنه يجب أن ننسق معها أمنيا! هل إسرائيل دولة وهل نحن دولة!.. حتى تكتشف الإجابات أحيانا يجب أن تعود للبديهيات..

إذا كان الإسرائيليون أنفسهم يعترفون أنهم بلا هوية، وأنهم لم يصلوا لمرحلة تكوين مجتمع حقيقي وشعب حقيقي، حتى قال بعضهم: لماذا يطالب نتنياهو العالم بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ونحن مختلفون على من هو اليهودي؟. إذا فنحن من نخاطب! مجموعات استعمارية مختلفة على طبيعة وجودها وحقيقتها وحدود وجودها.. إن مخاطبة ما يسمى بالمجتمع الإسرائيلي من قبل بعض تيارات المعارضة أو المقاومة، يندرج ضمن قواعد التنظيم السابقة.

عندما تكون مقتنعا بالفعل بجدوى توجيه الخطاب السياسي لـ"الإسرائيليين" فأنت تعترف بهم كمجتمع سياسي عقلاني حتى وإن صرخت ليل نهار بعبارات الرفض، والهدف لا يتجاوز تشكيل رؤية موحدة لشكل الحل وخلق نوع من التفاعل مع المقترحات، وهذا يتنافى مع الرفض الكلي للاحتلال، وعلى ذلك نحكم على ما تصفه حماس بأنه الخطاب الموجه لـ"الإسرائيليين".

وفي الحقيقة، فإن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن بعض القيادات الحمساوية قد ظهرت على شاشات الفضائيات الإسرائيلية وخاطبت ما يسمى بالمجتمع الإسرائيلي. وبعض الحجج التي تساق، هي أن حزب الله يوجه خطابات مباشرة لـ"الإسرائيليين" وقد نجح في تمرير بعض أفكاره على شكل هواجس لدى "الإسرائيليين"، وفي هذه النقطة بالذات من المهم التأكيد على أن حزب الله يوجه خطابا يلامس هواجس أي إنسان؛ بمعنى آخر أو بتفصيل أكثر؛ فإن الحزب يصنع الخوف ويثيره في نفسية "الإسرائيلي"؛ خطاب موجه للفرد كفرد كي يخاف، وللجماعة كحالة استعمارية؛ شكل الحلول معها قطعي صفري. وعندما نتحدث عن حالة استعمارية كاملة متكاملة، فإننا نتحدث عن كل أدوات هذه الحالة بنفس المنهجية، فالإعلام الإسرائيلي والمفاعل النووي الإسرائيلي والطائرة الإسرائيلية، كل ذلك موجه ضدنا ويقع ضمن أدوات الحالة الاستعمارية.

وبالعودة للإشكالية الرئيسية، فإنه من السذاجة طرح الأسئلة بهذه الصيغ: هل تصدّق يديعوت وتكّذب مكتب السنوار! هل تكذّب الصحفية الإيطالية وتصدّق يديعوت!.. دعونا نكذّب يديعوت كافتراض أساسي، ولنراجع سجل هذه الصحفية مع يديعوت.. في عام 2013 نشرت يديعوت تقريرا مطولا أعدته "بوري" من داخل حلب، واحتلت صورتها غلاف ملحق يديعوت، وحين تراجع التقرير فإن بوري كتبته ليديعوت تحديدا وهذا ما تشير إليه الصحيفة ومن خلال بحث بسيط لا تجد أي نفي من الصحفية، ومن العام 2013 حتى يومنا هذا أعدت الصحفية عدة تقارير لصالح يديعوت وهو ما عبرت عنه بنفسها في مقالتها "الحياة في الجحيم" والتي نشرتها يديعوت في عام 2016، وتقول فيها بوري بالحرف: "عندما اتصلوا بي من يديعوت، لم أتردد للحظة في العمل معهم.. ومن الصحف الكثيرة التي كتبت فيها، فإنني اعتبر يديعوت صحيفتي، لأن الصحافة أحيانا أكبر من الصحافة"، ولم نجد ما ينفي كلامها هذا في مقالتها، ولم تنفي هي عن نفسها هذه الكلمات.

في 2017 نشر رئيس تحرير يديعوت تهنئة للصحفية عن جائزة تلقتها، مفتخرا بأن "بوري" من العاملين في يديعوت، وكان عنوان تهنئته من يديعوت إلى جائزة البوليتزر".. وبما أنها لم تنفي أيا من هذه الحقائق، فما الذي يدفعها لتنفي عملها مع يديعوت هذه المرة؟ .. إن بيان مكتب السنوار الذي صوّر الصحفية بصورة ضابط مخابرات يتستر تحت أسماء ليتمم مهمات معينة، يعرض هذه الصحفية في المستقبل للمضايقات في بيئة عملها "الشرق الأوسط"، وهو ما تعيه تماما، وهو ما سيؤدي لعرقلة الكثير من أعمالها ومقابلاتها في "الشرق الأوسط"، وهي البيئة الأهم بالنسبة لهذه الصحفية، خاصة وأنها تعتبر نفسها صحفية الأزمات، وبالتالي فإن حديثها ونفيها مبرر، ولنعد لما نشرته يديعوت على مدار سنوات عن الصحفية، هل كان هذا ضمن مخطط طويل لتشويه صورة السنوار! ولماذا لم تنفي هذه الصحفية كل ما أوردته يديعوت عنها على مدار سنوات! بالإضافة لأن الصحيفة الإيطالية "بوري" لم تنشر المقابلة قبل يديعوت، في حين زعمت "بوري" أن يديعوت سرقتها عن صحيفتها الإيطالية. وعلى "بوري" أن تقدّم دليلا واضحا أنها كتبت عن معاناة الفلسطينيين ومن أجل فك الحصار كما قالت في رسالتها، فإن وجدتهم تقريرا لها أو مقالة في هذا الإطار، فكذّبوا كل ما قرأتم، وإن لم تجدوا فكذّبوا كل ما قالت.