الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

جحيم غزة والشمال.. وهروب المستوطنين (فيديو)

2018-11-18 07:01:05 AM
جحيم غزة والشمال.. وهروب المستوطنين (فيديو)
جحيم غزة والشمال.. وهروب المستوطنين (فيديو)

الحدث ــ محمد بدر

تشير الدراسات الإسرائيلية المتخصصة أن "إسرائيل" تحاول بشكل مستميت توزيع اليهود داخل "إسرائيل" على كل الجغرافيا التي تسيطر عليها، ضمن معالجتها للخطر الكامن في خلل توزيع اليهود في الجغرافيا، خاصة وأن وجود اليهود يتركز في مناطق الوسط ويتقلص بشكل سنوي في مناطق الجنوب (النقب) وفي الشمال (الجليل).

هذه الظاهرة تشكل تحديا استراتيجيا لـ"إسرائيل" على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والأمني. ورغم كل محاولات الحكومة لتشجيع الاستيطان في النقب والجليل من خلال الحوافز الاقتصادية والقيمية، إلا أن مؤشرات هجرة اليهود من المناطق الشمالية والجنوبية في ازدياد.

هذه الظاهرة المخيفة من وجهة نظر الإسرائيليين تنذر بمستقبل غامض من الناحية الديمغرافية للشمال والجنوب، ولكن الدراسات الإسرائيلية في مجملها تحاول تفسير الظاهرة بقواعد تحليل اقتصادية واجتماعية، متغافلة دور المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والمقاومة اللبنانية (حزب الله) في تغذية هذه الظاهرة.

من ناحية عملية، فإن المستوطنات الجنوبية والشمالية تحظى بدعم اقتصادي وتسهيل خدمات أكبر من مثيلاتها في الوسط. حتى أن أسعار السلع الغذائية والاحتياجات الأساسية في هذه المستوطنات أقل منها في الوسط، ومع ذلك فإن ظاهرة الهجرة متزايدة ومطردة، وهو ما يؤكد أن التحليل لهذه الظاهرة لا يمكن أن يكون اقتصاديا. كما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تحاول ترسيخ فكرة أن الاستيطان في هذه المناطق "عمل قومي وطني" لإضفاء قيمة وطنية على عملية الاستيطان إلى جانب كل التسهيلات والتحفيزات الاقتصادية، إلا أن ذلك فشل أيضا.

 

هروب بسبب عدم الثقة

الحقيقة التي تقف وراء تزايد هذه الظاهرة، هي ما قد نطقت بها تصريحات لبعض القادة الإسرائيليين من غير المنخرطين في العمل الحكومي المباشر. في عام 2006 قال العسكري الإسرائيلي المتقاعد والباحث نيسن سليمونسكي: "لقد حذرنا من الشمال.. حزب الله يبني نفسه، ويشكل تهديدا كبيرا على الشمال.. إنه يبني نظاما ضخما من صواريخ الكاتيوشا التي تهدد كل المستوطنات هناك. من يضمن السلام للشمال؟.. إن الشمال بأكمله سيصاب بالشلل يوما ما، ولذلك فلا أحد يمكنه لوم من يغادر الشمال.. أما التهديد الكبير القادم علينا فهو من الجنوب، من قطاع غزة".

في مايو من العام 2016 أجرى الجيش الإسرائيلي تمرينا عسكريا يحاكي إخلاء سكان الشمال من مستوطناتهم. التمرين كان من المفترض أن يُجرى في ديسمبر من ذات العام، لكن الجيش أجراه بسبب إلحاح وضغط السكان، الذين هدد جزء منهم بالرحيل بعد تهديدات أطلقها السيد حسن نصرالله في شهر 4 من العام 2016.

جيورا دالتس من قادة المجالس الاستيطانية صرّح خلال التمرين بأن الجيش يقوم بذلك لكي يقول للمستوطنين إنه معهم ولا داعي للخوف، ليكشف "دالتس" بتصريحه عن الخوف والرعب الذي يعايشه سكان المستوطنات الشمالية. وخلال التمرين، احتج سكان المستوطنات الجنوبية من عدم تعاطي الجيش لشكاويهم المتعلقة بسماعهم أصوات حفر تحت بيوتهم.

وعن تأثير الحروب على "الهروب المتوقع" للمستوطنين في أي مواجهة قادمة، يقول الجنرال الإسرائيلي رونين كوهين مسؤول قسم الأبحاث الاستخبارات العسكرية سابقا: "عندما تنظر إلى عقدين أو ثلاثة عقود إلى الوراء، ونرى تراكم قوة حماس في الجنوب وحزب الله في الشمال، ندرك حجم فشلنا.. حروب اليوم تتأثر بشدة بالجانب المعرفي، وتعتمد على ما يراه الجمهور من صور وأخبار في وسائل الإعلام، وما تخلقه هذه الصور من صدمة لديهم تعجّل من هروبهم".

ويضيف كوهين: "ثم هناك شكوك حقيقية لدينا نحن الإسرائيليون حول قدراتنا، وأي مواجهة مع حزب الله قد لا تكون ضعيفة فقط من جهتنا، بل قد تعيدنا إلى الوراء، بالنظر إلى أن حزب الله هو اليوم عدو بحجم مختلف تماما.. إن أحد أهم التحديات التي يذكّر حزب الله إسرائيل فيها دوما؛ مسألة الأنفاق، فسكان الشمال يسمعون بشكل مستمر أصوات الحفر تحت بيوتهم وقد اشتكوا أكثر من مرة بسبب هذا الأمر".

 

جحيم غزة

بعد جولة القتال الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، توالت التقارير الإسرائيلية عن هروب الكثير من المستوطنين بشكل نهائي إلى مستوطنات في وسط "إسرائيل". تقرير لصحيفة معاريف نُشر بتاريخ 13/11/2018 أشار إلى هذه الظاهرة، مؤكدا أن المستوطنين بدأوا بالهروب إلى مستوطنات في الوسط بسبب الخوف والرعب من القادم والمستقبل، وسلّط التقرير الضوء على عائلة من عسقلان هربت بعد أن رأت تأثير الصواريخ المرعب والمدمر.

 

وفي أكتوبر 2018، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير عن هروب المستوطنين من المستوطنات المحيطة بغلاف غزة، وأوضحت التقارير أن عمليات الهروب تتركز في المستوطنات التي تتأثر بفعل الحرائق بشكل كبير كمستوطنة "كيرم شلوم"، وكذلك من المستوطنات التي يتركز عليها القصف في جولات التصعيد التكتيكي. وفي سبتمبر 2018 قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن الآلاف يغادرون النقب للمركز سنويا، رغم كل المحفزات الاقتصادية. ومن الطرافة بمكان، أن بعض أصحاب الفنادق في تل أبيب والقدس أكدوا في مقابلات صحفية أن فنادقهم تمتلئ بسكان الجنوب وقت التصعيد، وبسكان الشمال بعد التهديدات التي يطلقها السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله.

 

في عام 2014 كانت أعلى موجات الهروب من المستوطنات الجنوبية، وتحديدا في شهر أغسطس. حيث شهدت المستوطنات الجنوبية عمليات هروب أشبه بالجماعية. وفي ديسمبر من العام 2008 نشرت القناة الثانية تقريرا من مستوطنة "كفار عزة" أشار فيه أحد المستوطنين هناك إلى هروب أعداد من العائلات إلى وسط "إسرائيل" بلا عودة. وخلال عرض تقرير القناة الثانية قال أحد المستوطنين إنه يشعر بالرعب أحيانا، عندما يغلق أحدهم باب السيارة بشكل عنيف، فيظن أن قذيفة قد سقطت، وأظن غالبية سكان المستوطنة هربوا.