الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"خلف عمليات الضفة يقف محررو شاليط".. ما بين الحقيقة والفرضية إسرائيل لديها هدف استراتيجي

2018-12-17 12:06:36 PM
عملية إطلاق نار قرب مستوطنة بيت أيل (تصوير: AFP)

 

الحدث- محمد غفري

تشير أصابع أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي باستمرار إلى اتهام محرري صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط) المبعدين إلى قطاع غزة، بالوقوف وراء تشكيل خلايا عسكرية لحماس في الضفة الغربية، ووقوفهم خلف العمليات الفدائية التي جرت في السنوات الأخيرة.

لم يعلن الاحتلال مسؤوليته المباشرة عن اغتيال الشهيد مازن فقهاء، وهو أسير محرر مبعد إلى قطاع غزة استشهد بتاريخ 24 آذار العام الماضي. إلا أن وسائل الإعلام العبرية نشرت في ذلك الوقت أن تصفية فقهاء تمت على خلفية توجيهه أنشطة عسكرية لحماس في الضفة الغربية.

لحظة الإفراج عن الشهيد مازن فقهاء 

نتيجة لذلك يواصل الاحتلال الإسرائيلي التحريض على الأسرى المحررين المبعدين إلى قطاع غزة والخارج، وبشكل خاص محرري صفقة وفاء الأحرار، وتحذير كل من يتواصل معهم بالاعتقال.

هذا التحذير يتم عبر إعلانات ممولة تنشر في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر مختلف وسائل الإعلام العبرية، وأيضاً يصل إلى حد تعليق الملصقات التحذيرية في القرى الفلسطينية.

تابعت "الحدث" خلال العام الجاري صفحات أجهزة أمن الاحتلال عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما نشر في الإعلام العبري، والملصقات التحذيرية، وإبراز أسماء المحررين المبعدين إلى قطاع غزة عبد الله عرار، وخالد النجار، ورمزي العوق، من الأشخاص الذي يحذر الاحتلال باستمرار من خطورة التواصل معهم، وأن عددا من الشبان الفلسطينيين كانوا "ضحايا" كما يصفهم الاحتلال نتيجة التواصل مع هؤلاء.

ملصق يحذر من التواصل مع الأسير المحرر عبد الله عرار

بغض النظر عن وقوف المبعدين إلى غزة فعلاً خلف العمليات الفدائية في الضفة الغربية أو أنها مجرد فرضية للاحتلال؛ إلا أن هذا التحريض الممنهج ضدهم تكمن خلفه مجموعة أهداف استراتيجية للاحتلال تتجاوز مجرد العمل على إجهاض العمل العسكري لحماس في الضفة الغربية.

إذا ما هو الهدف؟

يرى رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق عيسى قراقع أن إسرائيل تريد أن تعمل بشكل استراتيجي وقانوني لتحويل كل من ناضل ضدها إلى مجرم، وصولاً إلى تجريم النضال الوطني الفلسطيني.

وبحسب قراقع؛ بعد كل عملية فدائية ورد فعل فلسطيني في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، تبدأ إسرائيل بالنشر أن المعتقلين هم من يقفون خلف هذه العمليات، وذلك من أجل تثبيت هذا التحريض الإسرائيلي الواسع ضد ملف المعتقلين.

هذا التحريض على الأسرى المحررين وفق ما قال قراقع في حواره مع مراسل "الحدث"، هو جزء من سياق الهجمة العامة على قضية المعتقلين التي بدأتها الحكومة الإسرائيلية والكنيست منذ عدة سنوات في التحريض على قضية الأسرى، وذلك بوضع قوانين وتشريعات عدائية تجاه المعتقلين في السجون، من أجل الوصول إلى التعامل معهم كإرهابيين ومجرمين.

وأضاف قراقع، أن إسرائيل تعمل على الساحة الدولية لنشر أن الأسرى مجرمون وإرهابيون، وليس لهم أي مكانة قانونية، وبالتالي لا يجوز التعاون معهم كأسرى حرية وأسرى مناضلين وشرعيين.

وزير الأسرى السابق عيسى قراقع

هذا يأتي أيضاً وفق ما يرى قراقع تمهيداً لخصم مخصصات الأسرى من عوائد الضرائب الفلسطينية من الموازنة العامة تحت حجة أن السلطة الفلسطينية تدعم الإرهاب والمجرمين بحسب ما تدعي إسرائيل.

ومن الأهداف الأخرى من التحريض على الأسرى المحررين بحسب الوزير عيسى قراقع، هو تقليل الثمن في أي صفقة تبادل محتملة.

وأوضح ذلك، أنه في حالة الوصول إلى عملية تبادل في المستقبل، فإن إسرائيل تريد أن تحصل على ثمن منخفض جداً في أي عملية تبادل من خلال تكوين رأي عام بأن هؤلاء إرهابيون ومجرمون يحرضون على العنف ولا يجوز إطلاق سراحهم.

جدير بالذكر أن صفقة شاليط أو صفقة وفاء الأحرار كما يسميها الفلسطينيون تعتبر من أكبر صفقات التبادل، وتم بموجبها الإفراج عام 2011 عن 1027 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات.

وفي محصلة ما تقدم به عيسى قراقع، إسرائيل تريد أن تجرم المناضلين الفلسطينيين وتصنيفهم كإرهابيين، وتشويه صورة الأسرى على المستوى الدولي، وتريد أن تجد ذريعة للخصم من أموال المقاصة، وأيضاً تقليل الثمن المدفوع في أي صفقة تبادل محتملة مع حماس.

ولكن كيف ينعكس هذا التحريض على حياة المحررين أنفسهم؟

سامر أبو سير أسير محرر مبعد إلى قطاع غزة، يرى أن الاحتلال يريد جراء هذا التحريض تشويه صورة المناضل والأسير المحرر، وخلق إنسان لا قيمة له عبر هذا التحريض المستمر عليهم.

وحول تأثير هذا التحريض عليه بشكل شخصي يقول أبو سير ابن مدينة القدس، إن هناك أشخاصاً اعتقلوا جراء التواصل معه، وبات البعض يخشى التواصل معه.

سامر أبو سير أمضى 24 عاماً في سجون الاحتلال وفور الإفراج عنه عام 2011 أبعد إلى قطاع غزة، يقول بحسرة إنه يحب التواصل مع أصدقائه ومعارفه، ولديه ذكريات جميلة وعلاقات اجتماعية واسعة قبل الأسر، ولكن خوفاً من اعتقالهم من قبل الاحتلال بات لا يتواصل معهم.

من القصص التي جرت مع أبو سير وقالها لـ"الحدث"، أن أحد الأصدقاء تواصل معه كي يقوم بذبح عقيقة له وتوزيعها على الفقراء في غزة، فقام الاحتلال باعتقال صديقه مباشرة وتحذيره من التواصل معه حتى لو لمجرد ذبح عقيقة.

وبحسب أبو سير، فإن من يخرج من الأسر يفكر في بناء أسرة والعيش والاندماج في المجتمع، ولكن الاحتلال يصر على تجريم الأسرى ونضالهم، ونفيهم إلى قطاع غزة كمجرمين ومنبوذين.

هذا ما يقوله أيضاً الأسير المحرر عامر القواسمي، إن الأسير المحرر بعدما أمضى أكثر من ربع قرن في السجن، يخرج من الأسر ويفكر في بناء أسرة وإنجاب أطفال والعيش داخل مجتمعه.

لكن الاحتلال الإسرائيلي يحرم الأسرى المحررين حتى من النشاط الاجتماعي، وفق ما أكد من واقع تجربته المحرر عامر القواسمي.

وأوضح لـ"الحدث"، أنه عندما أفرج عنهم في صفقة وفاء الأحرار قاموا بالتوقيع بوساطة مصرية على ورقة في سجن النقب تحرمهم من ممارسة أي حق في النشاطات السياسية، ولكن الأمر تطور إلى الحرمان من المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.

وأضاف، بأن ضابط الشاباك تواصل معه مراراً وحذره في أحد المرات من المشاركة في الاعتصامات عند الصليب الأحمر، بالرغم من إبلاغه أن هذا النشاط اجتماعي، مؤكداً "ما يريده الاحتلال هو بقاءنا في المنازل".

لم يبعد القواسمي إلى قطاع غزة، ولكنه ختم حواره بحسرة هو الآخر "الاحتلال وضع علينا قيودا في التنقل ومنعنا من السفر للخارج، وعلى كل حاجز يتم التدقيق في الهويات الشخصية وتذكيرنا بأننا لدينا ملفات، والهاتف الشخصي مراقب وأحياناً استمع إلى أصوات تشويش خلال الحديث عبر الهاتف".

يثق القواسمي أن أي صفقة تبادل قادمة مع الاحتلال يجب أن تتضمن بنداً يحمي الأسرى المحررين من عمليات التحريض والاعتقالات الانتقامية.