الثلاثاء  16 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الضمان... وأخيراً بقينا البحصة

ال مش مواطن

2018-12-24 11:14:43 AM
الضمان... وأخيراً بقينا البحصة
مسيرة ضد الضمان الاجتماعي

 

بقلم: جوده أبو خميس

ما زال ملف الضمان الاجتماعي طاغيا على غيره من أحداث وتفاعلات حادة على الساحة الفلسطينية، لم توقف الحراكات رعونة الاحتلال وتخييمه تحت شباك الرئيس في المقاطعة، ولا هراوات الجند في الخليل، ولا محاولات الغمز واللمز من قناة القائمين على الحراك واتهامهم بالعمل وفق أجندة أمريكية إسرائيلية، ولا الاعتقالات للنشطاء من بينهم.

على العكس من ذلك، فما زالت شعلة الحراك متقدة وتجذب المزيد من الداعمين يوميا، ويسعفها في جهودها عديد التصريحات المحملة بالرعونة والتخبط من فارس الضمان ومريده الوزير أبو شهلا. ولم يخل المعمعان من فكاهة حيث يتداول العامة طرفة تقول بأن قدرة الحراك على حشد الجماهير تؤهله لمقعد أو اثنين في اللجنة التنفيذية، مقارنة بمن هم على سدتها وما يمثلون.

ببساطة يخطيء من يظن أن الفوضى المنظمة التي نجمت عن حشر الضمان عنوة في حلق القطاع الخاص ستنطفئ، حتى لو أخرج الحراك عن القانون، وألصقت به تهم الارتباط بأجندات خارجية كما بدأنا نسمع، وتم التنكيل بقياداته ومنع تجمهر حشوده وقمعها.  يعلم القاصي والداني بأن التحامل مقصور على هذا الصندوق بالذات، وليس على فكرة الضمان، لأن دوافع وظروف إنشاء صندوق الضمان وآلية التشاور حوله مع "الشركاء" من ممثلين عن القطاع الخاص والحركة العمالية؛ قادت حتما لولادة قيصرية بإشراف طبيب مبتدئ، خاصة وأن معظم هؤلاء "الشركاء" لم يكونوا ولا يمثلون مصالح الشرائح التي أجلستهم على مقعد الشراكة.  ناهيك عن أن السلطة نأت بنفسها عن تحمل مسؤولية ضمان ودائع المشتركين فيه، وركبت مجلس إدارته بمحاصصة بعيدة عن المهنية والاحترافية، تغلب عليها الولاءات السلطوية أو الحزبية أو الشخصية. أي أن أصحاب المصلحة في الصندوق وهم العاملون وأرباب العمل في القطاع الخاص، والذين يمثلون أكثر من 70% من قوة العمل الفلسطينية، غائبون فعليا عن مقعد القيادة.

ومما يزيد الطين بلة أن قيادة السلطة ووزير الضمان يغردون يوميا بأن الصندوق نشأ لأسباب على رأسها تحصيل حقوق العمال في إسرائيل، والتي لا يوجد حتى الآن تقدير دقيق حول حجمها، فالرئيس مثلا يعتقد بأنها تتراوح ما بين 3 و10 مليارات شيقل، بينما يقدرها البعض بما لا يقل عن 25 مليار شيقل، وبذلك فإن السلطة تقر تلقائيا بأنها كانت مقصرة طوال الخمس وعشرون سنة الماضية لعدم مطالبيتها بهذه الأموال، وبأن حقوق التأمين الاجتماعي لشعبنا، التي كفلها القانون الأساسي، تأتي في المرتبة الثانية. أي أنه لولا أن لوحت إسرائيل بجزرة الأموال المحتجزة كحقوق للعمال، وأن الإفراج عنها يتطلب إنشاء الصندوق، لما تجشمت سلطتنا عناء إنشاء الصندوق أصلا.

إن هذه التبريرات تعبر عن سذاجة سياسية بحد أدنى، لأن هذه الحقوق فردية وليست جماعية، ويستطيع أي عامل منع إسرائيل من تحويلها بقرار محكمة درجة ثالثة. وحتى لو قامت فعلا بتحويلها فإن هذه الأموال ليست حقا خالصا للصندوق وسينطبق عليها ما ينطبق حاليا على حقوق نهاية الخدمة لمن سينضمون إلى الصندوق، حيث ألزمت المحكمة الدستورية أرباب العمل بدفعها لأصحابها فور انضمامهم للصندوق، أي أن الصندوق ملزم بتوزيعها فور استلامها على اصحابها وورثتهم.

كنت أتمنى لو أن قيادة السلطة والحكومة ومجلس إدارة الضمان تعاملت بإيجابية مع الحراك والمزاج الشعبي حول هذا الموضوع، وأعلنت أنه لكل مجتهد نصيب وأنها تملك الجرأة والشجاعة للتراجع عن بعض قراراتها، لا أن تتهم المحتجين بارتباطهم بأجندات خارجية، والادعاء بأن من يخالف الصندوق خارج عن الصف الوطني، وتصل الأمور بأحد أعضاء مجلس الإدارة لاعتبار التعبير عن الرأي والحراك ضد الضمان بمثابة التهديد الوجودي لحركة فتح وفصائل م.ت.ف. ألا تكفي هذه المواقف والتصريحات لتأجيج الوضع الداخلي، خاصة وأن قلوب عامة الشعب "وحمانه" على كل ما يصدر عن السلطة لغياب الثقة والأمان.

إن هذه التصريحات والمواقف الساذجة و الاستفزازية لرئيس مجلس إدارة الصندوق باعتبار الصندوق جسرا لتحرير فلسطين، وتعيين بنك فلسطين حافظاً أمينا له في الوقت الذي يعتبر فيه رئيس الضمان مساهما أساسيا فيه ونائبا لرئيس مجلس إدارته، وما تبعها من تصريحات لبعض أعضاء مجلس الإدارة والموظفين، هي المسؤولة عن التحامل على الصندوق وما يمثل.

أخيراَ، فإن تعيين رئيس هيئة التقاعد مشرفا عاما على الصندوق بغياب مجلس الإدارة في ظل وجود مدير عام على رأس عمله، والتي تسببت باستقالة مدير عام مؤسسة الضمان، وإعلان وزير الضمان أنه يخطط لدمج صندوقي الضمان والتقاعد في صندوق واحد، هو بمثابة القشة التي ستقصف ظهر هذا البعير، حيث يعتبر هذا التعيين تراجعا حاداَ عن ادعاء استقلال الصندوق وعدم تبعيته للحكومة، وبالتأكيد سيعتبر الكثيرون أن صندوق الضمان سيكون الممول الأساس في نهاية المطاف للعجز في صندوق التقاعد، والبالغ حسب بياناته المالية لعام 2017 سبعة مليارات شيقل.

ضب الطابق وأبو شهلا يا ريس...