الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كل المؤشرات في الضفة تؤكد قرب المواجهة

2018-12-25 07:34:18 PM
كل المؤشرات في الضفة تؤكد قرب المواجهة
جيش الاحتلال

 

الحدث - ابراهيم أبو صفية

إن عجلة العمليات النوعية قد انطلقت، وستعيد للمستوطنين وجنود الاحتلال "الإسرائيلي" أيام العياش وأبو الهنود"، هكذا استهل رئيس حركة حماس في الخارج ماهر صلاح كلمته خلال إحياء انطلاقة الحركة في لبنان يوم الأحد الماضي.

سبق هذا التصريح بيان القسام الذي نعت فيه شهيديها صالح البرغوثي وأشرف نعالوة عقب الإعلان عن استشهادهما.

وأكد القسام على أن في جعبته الكثير، " مما يسوء ويربك حسابات الاحتلال في الضفة الغربية، مبينًا " أن جمر الضفة تحت الرماد سيحرق المحتل ويذيقه بأس رجالها الأحرار من حيث لا يحتسب العدو ولا يتوقع".

بينما أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في كلمته بـمهرجان الحركة في قطاع غزة " أن الضفة هي الأقدر على إيلام العدو".

وهذا ما تدركه " إسرائيل " بأن أولويات حركة حماس في الضفة وإشعالها، كي تخفف ضغط الاحتلال وتفرده في قطاع غزة أصبح ملحًا في أوساطها، وهذا أمر لم يعد سرا بعد العديد من عملياتها الأخيرة، التي جاءت بعد تصريحات قيادتها.

و حركة فتح  تدرك بأن أي حراك مقاوم في الضفة الغربية يبرز حركتا حماس والجهاد الإسلامي، ويقلل من شعبيتها، لذلك لن تتوانى بالانخراط وقيادة زمام المقاومة في الضفة الغربية، وهذا ما يعكسه تصريح عضو اللجنة المركزية للحركة  عباس زكي الذي جاء في أعقاب حل المجلس التشريعي " أن قرار حل المجلس التشريعي هو تحرر من اتفاقية أسلو"، أي أن تكون جزءا من أي حراك مقاوم وعودة لترميم مواقفه.  إضافة لتعطش بعض القيادة الفتحاوية لإطلاق يد كتائب شهداء الأقصى من جديد؛ بسبب التغول " الإسرائيلي " في الضفة الغربية، والانحياز الأمريكي التام لصالح الاحتلال، وحركة فتح أدركت إن الاستمرار بنهج المقاومة السلمية لم يجدي نفعًا طوال الفترة السابقة، بل زرعة مؤسسة فاسد أقصت الحركة عن دورها الطبيعي.

يتزامن ذلك مع تصعيد أمين عام الجهاد زياد النخالة للهجته في الفترة الأخيرة اتجاه السلطة الفلسطينية وممارساتها من تنسيقٍ أمني وملاحقة للمقاومة، وبين ما يمكن أن تشهده الضفة الغربية من تغيراتٍ على أراضيها. وكذلك يعرف عن النخالة أيضًا حماسه المتكرر في  قلب الطاولة في الضفة الغربية، وإطلاق يد المقاومة، بل إنه معروف في أواسط حركة الجهاد أنه مستعد لضخ المال في الضفة الغربية من أجل تحقيق هذا الهدف.

إقليميًا، هناك توجه إيراني دائم  باتجاه تسليح الضفة الغربية، وهو ما يمكن الاستدلال مطالبة قائد فيلق القدس قاسم سليماني قبل عام  حركتا حماس والجهاد العمل على ذلك.

سابقًا لم نكن نسمع هذه التصريحات التي أصبحت تقرع الأذان في كل لحظة، خصوصًا في ذروة الأحداث في القدس والهبات المتتالية، لماذا زادت اليوم حتى أصبحنا نتخيل الحالة التي كانت تسود عام 2002، والتي قُتِل خلالها 163 " إسرائيلي " في العمليات الفدائية، وعدنا لنتصورها اليوم في ذروة الشواهد التي تدلل بعض الشيء على حجم هذه التصريحات والتأكيدات.

 

الشواهد على عودة العمليات النوعية!.

أبرزت الإحصائيات ارتفاع نشاط المقاومة في الضفة الغربية هذا العام، إذ أنها قتلت 14 " إسرائيليا" وإصابة 170 آخرين. ونفذت المقاومة خلال العام في الضفة والقدس العديد من العمليات المؤثرة أبرزها: (42) عملية إطلاق نار، و(34) عملية طعن ومحاولة طعن، و(15) عملية دهس ومحاولة دهس.

وتحديدًا في عمليات إطلاق النار بينت الإحصائية أن المقاومة نفذت خلال العام 2018 الجاري بمعدل شهري: (4) عمليات إطلاق نار.

إن ما يميز عمليات المقاومة هذا العام هو تكرار نجاة المنفذون، "وانسحابهم بسلام" وهذا يدل على التخطيط العالي الذي أعدته خلايا المقاومة، ولا نريد أن نغفل بإن بعد العملية كان يكشف المنفذ هذا لطبيعة الضفة الغربية وما تحتويه على شبكة مراقبة دقيقة، إلا أن النجاح في التنفيذ هو الملفت أكثر.

وهنالك شواهد حية على ارتفاع عمليات المقاومة،  في الضفة الغربية،  بدءًا بعملية إطلاق النار التي نفذها الشهيد أحمد نصر جرار والتي أدت إلى مقتل مستوطن قرب مستوطنة "حفات جلعاد" جنوبي نابلس، واستشهد بعد مطاردته شهرًا كاملاً. إضافة لخلية علار في مدينة طولكرم التي قامت بزرع (11) عبوة متفجرة في الأرض بمنطقة تدعى تل الهوى قرب قرية علار، وذلك لتفجيرها ضد مركبات الجيش جزئيًا فيما ستنفجر البقية حال خروج الجنود من الدوريات المستهدفة، ولكنها كشفت بسبب السيول التي جرفت الطريق التي كان في باطنها هذه العبوات، وقامت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بتفكيكها، وكُشفت الخلية التي قامت بزراعة هذه العبوات دون الكشف أو الاعتراف لأي جهة ينتمي  أعضاءها.

وفي بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر نفذ الشهيد أشرف نعالوة عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل مستوطنين في مستوطنة " بركان" قرب مدينة نابلس، وفي 9/12 نفذ مقاومون عملية إطلاق نار على شارع ( 60 ) أدت إلى إصابة 9 مستوطنين، و بعد 3 أيام أي مساء 12/12 وفجر 13/12 قامت قوات الاحتلال باغتيال الشهيد أشرف نعالوة، وخطف واغتيال " الشهيد صالح البرغوثي " واتهامه بتنفيذ عملية عوفرا، ليأتي الرد سريعًا في ذات اليوم قرب مستوطنة " جفعات اساف"  وقتل جنديين وإصابة اثنين آخرين، لتتوالى عمليات إطلاق النار قرب حاجز " بيت إيل" المدخل الشمالي لمدينة رام الله.

 

لماذا الضفة من جديد ؟ :

 منذ 4 سنوات والضفة تخوض المواجهة بهبات تتصاعد وتتراجع تدريجيًا، ولكن هذا العام تميز بدخول خلايا المقاومة ونجاح عملياتها، وهنا التساؤل لماذا أقحمتُ الفصائل في هباتها حاليًا؟، الفصائل في قطاع غزة  وخصوصًا حركة حماس ذاهبة على توقيع هدنة مع تحفظ حركة الجهاد على هذه الهدنة إلا أنها تعطي تغطية لإقرارها، وهذا ما كان يحصل في توقيع أي هدنة في أعقاب أي عدوان " إسرائيلي " على القطاع، وتعلل ذلك أنها تقدم المصلحة العليا على مصالحها التنظيمية، وليس شرطًا حاليًا توقيع هذه الهدنة، ربما تكون بعد تصعيد نشهده ليدفع المقاومة والاحتلال على توقيع الاتفاق خصوصًا في ظل تعنت الاحتلال لمطالب المقاومة ودفعها للتصعيد وحماية المتظاهرين السلميين في مسيرات العودة، وهذه الهدنة تُحاصر الرأي العام الداعم للمقاومة، فالتعويض في ميزان المقاومة أصبح يتطلب تحريك ساحة الضفة الغربية.

وتسعى الفصائل إخراج الضفة الغربية من دور المتفرج إلى دورها في التصدي لسياسيات الاحتلال، فالمكان الذي تقمصته منذ 11 سنة، أصبح إنهائه مطلب جماهيري وفصائلي وإقليمي " محور المقاومة " ، وتمعنوا جيدًا في تصريح النخالة وهنية " الضفة الأقدر على إيلام العدو". وأن مراقبتهما الدائم لما يحصل في الضفة الغربية والقدس دفعهما إلى التشديد على أهمية العمل في الضفة الغربية.

سياسيًا بعد تأمين المقاومة قوتها في قطاع غزة لن يستطيع أحد فرض رؤيته عليها، لا بد نقل هذه التجربة أو إعادة الزمن للعمليات النوعية في الضفة الغربية ، وهنا لو كان " ياسر عرفات موجودًا " لدفع بهذا الاتجاه، لأن دور الضفة وحقها في التصدي لجرائم المستوطنين أصبح ملحا من خلال الضغط الميداني والضغط السياسي.

من يتابع ويتفكّر لماذا ضربات المقاومة لم تتجاوز حدود 1967، ولم نرى أي خلية أقدمت على عمليات في الداخل المحتل؟، الأمر يعود إلى التوافق الفلسطيني بان البرنامج السياسي المرحلي قائم على القبول بدولة على حدود السابع من حزيران 1967، وأن وثيقة حماس الجديدة تعبر عن ذلك، وتقوقع المقاومة حول تحصيل الممكن والتركيز عليه سياسيًا وميدانيًا بشتى الوسائل.

إن العودة لزمن العياش وطوالبة والكرمي خرج من دائرة الخيارات، فالفصائل تريد إعادة  التقاط الأنفاس اليوم في الضفة لأن تعتقد  أسهل من التقاطها بعد سنوات، فاليوم التالي على الضفة والقدس أصعب من سابقه.