الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تحديات الانفكاك الاقتصادي عن "إسرائيل" ومتطلبات النجاح

محمد مصطفى: التبعية للاقتصاد الإسرائيلي مرض خبيث ينخر في الجسم الوطني

2019-01-10 09:37:05 AM
تحديات الانفكاك الاقتصادي عن
جلسة طاولة مستديرة في مهد "ماس" (تصوير: محمد غفري)

 

الحدث- محمد غفري

أجمع مختصون وخبراء  في الشأن الاقتصادي على أهمية الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال الإسرائيلي، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي، وسط تضافر جهود مختلف الفئات الرسمية والأهلية.

وأشار هؤلاء إلى مدى الضرر الذي لحق بالاقتصاد الفلسطيني نتيجة اتفاقية باريس الاقتصادية، التي وضعت في ظروف اقتصادية معينة لم تعد موجودة، في ظل محاولات فلسطينية لتعديلها.

مرض خبيث

مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية د. محمد مصطفى قال إن التبعية للاقتصاد الإسرائيلي "مرض خبيث ينخر في الجسم الوطني" وهو ما يتطلب نضالاً اقتصادياً للانفكاك عنه.

وأكد مصطفى أن الانفكاك الاقتصادي عن "إسرائيل" مسؤولية تقع على عاتق الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وهي عملية تراكمية تتطلب تضافر جهود الأطراف المختلفة، والعمل الجدي في اتجاه إنجازها.

جاء ذلك، خلال لقاء طاولة مستديرة نظمها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، أمس الأربعاء في رام الله، بعنوان "الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل: التحديات ومتطلبات النجاح".

وخلال مداخلته، قال مصطفى إن اتفاقية باريس الاقتصادية وضعت ضمن معطيات وظروف اقتصادية وسياسية معينة، لم تعد قائمة اليوم، مما حوّلها إلى تهديد للمشروع الوطني الفلسطيني.

لكن مصطفى يرى أن فرص تطبيق نموذج اقتصادي آخر يعتمد على البدائل الفلسطينية المتاحة والممكنة لاستبدال عناصر الهيمنة الإسرائيلية وبناء اقتصاد وطني مستقل.

منذ البداية هدفت "إسرائيل" للسيطرة على اقتصادنا

وكان معهد "ماس" قد أعد ورقة خلفية حول الموضوع عرضها مدير البحوث في المعهد د. بلال فلاح، أشار فيها إلى أن التبعية الاقتصادية لـ "إسرائيل" منذ احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، قد هدفت إلى السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني وإلحاقه قسراً باقتصادها.

وبحسب فلاح تم ذلك من خلال مصادرة الاحتلال الأرض الفلسطينية واستغلال الثروات الطبيعية والتاريخية لمصلحته.

كذلك اعتمدت سياسات الاحتلال بحسب ما ورد في الورقة، على الانتقال الحر للعاملين الفلسطينيين للعمل في الأسواق الإسرائيلية كأداة للاستفادة من انخفاض تكاليف التشغيل واحتواء السكان الفلسطينيين.

كما سهّل الاحتلال عبور السلع الإسرائيلية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنهاء الروابط التجارية مع المحيط العربي، وإصدار العديد من الأوامر العسكرية التي تحد من تطور القطاع الصناعي الفلسطيني، ومنع إنشاء نظام مصرفي فلسطيني.

وبين فلاح أن هذه الإجراءات أدت إلى خلق تشوهات عميقة في الاقتصاد الفلسطيني وجعلته اقتصاداً تابعا من ناحية التشغيل، والاعتماد على التحويلات المالية في تحفيز الاقتصاد، وانخفاض إنتاجية القطاع الصناعي وارتباط نشاطه بالصناعات التقليدية واعتمادها على الطلب من السوق الإسرائيلي.

كما أشار فلاح إلى أن اتفاقية باريس الاقتصادية لم تساهم في تعزيز الاستقلالية الاقتصادية للفلسطينيين، فقد أبقت الاتفاقية على التبعية للاقتصاد الإسرائيلي من خلال الغلاف الجمركي وحولته من أمر واقع بقوة الاحتلال إلى اتفاقية تعاقدية تتعلق بجوانب السياسات الضريبية، والتحكم بالمعابر، والتأثر بالسياسات النقدية الإسرائيلية، وتحويل سلطات الاحتلال جمع الإيرادات الضريبية وتسليمها للسلطة الفلسطينية.

وأشار فلاح أيضاً إلى توقف عمل اللجنة الاقتصادية واللجان الفرعية المنبثقة عنها، منذ اندلاع الانتفاضة الثانية نهاية عام 2000، مما ساهم في تعطيل متابعة تنفيذ اتفاقية باريس التي بقيت المرجعية التي تحكم العلاقة الاقتصادية مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي طوال السنين السابقة بالرغم من خروقات سلطات الاحتلال لها.

محاولات حكومية لتعديل اتفاقية باريس

من جانبها، أشارت وزيرة الاقتصاد عبير عودة في مداخلتها إلى أن الخلل الأكبر والمعضلة الأساسية لا تكمن في اتفاقية باريس فقط، بل في وجود الاحتلال وسياساته الممنهجة التي أوصلت الاقتصاد الفلسطيني إلى مرحلة التبعية التي نشاهدها اليوم.

وأكدت عودة أن الحل يكمن في تكاثف الجهود والعمل المشترك. مشيرة إلى أن للحكومة محاولات عدة هدفت إلى تعديل بنود اتفاق باريس، لكن سلطات الاحتلال كانت تواجه هذه المحاولات بالرفض فلا يزال هذا الاتفاق يحقق للاحتلال الإسرائيلي هدفه بالسيطرة على مقدرات وموارد الشعب الفلسطيني.

كما أشارت عودة إلى الجهود الخاصة في الانضمام للعديد من المنظمات الدولية ومحاولات الاستفادة من نفوذها، وإلى جهود الحكومة في تقوية البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني عن طريق إقامة المدن الصناعية، وتسهيل إجراءات الاستثمار، ودعم المنتج المحلي، وفتح أسواق جديدة من خلال توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول مختلفة.

تقليص التبعية يتم بشكل تدريجي

وبدوره شدد السيد ماهر المصري رئيس مجلس إدارة البنك الإسلامي الفلسطيني على أهمية فحص مدى قدرة الفلسطينيين على تقليص التبعية عن الاقتصاد الإسرائيلي.

كما شدد المصري أيضاً على وجوب حدوث تقليص التبعية بشكل تدريجي.

وأشار المصري إلى وجود نقص في المرجعيات السياسية والسياساتية التي تضع بشكل رسمي ملامح وطبيعة العلاقة الاقتصادية مع "إسرائيل".

وتحدث المصري أيضاً عن عدد من التجارب السابقة والخاصة بالجهود التي بذلت في فصل المعاملات التجارية الفلسطينية عن الإسرائيلية من خلال دعم الاستيراد المباشر.

وحسب رأي المصري فإن الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي يجب أن يكون في إطار الانفكاك عن الغلاف الجمركي وأنه من الصعب الانفكاك كليا عن اقتصاد مجاور وقوي.