السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

انعكاسات خطيرة لتوسع نشاط قطاع الحجر والرخام غير المنظم على البيئة وهدرٌ للموارد الطبيعية

2019-01-24 11:31:27 AM
انعكاسات خطيرة لتوسع نشاط قطاع الحجر والرخام غير المنظم على البيئة وهدرٌ للموارد الطبيعية
قطاع الحجر (ارشيفية)

في غياب التدخل ورؤية موحدة للحكومة

حليلة: استنزاف قطاع الحجر والرخام وهو ليس في مرحلة صعوده وتصديره في انخفاض متسارع.

د. فلاح: صادرات قطاع الحجر والرخام لعام 2017 تجاوزت 200 مليون دولار (بما يعادل 20% من مجمل الصادرات) معظمها موجهة للسوق الإسرائيلي.
م. أبو سعادة: البنية التحتية اللازمة لتطوير هذا القطاع ضعيفة ونحن نرخص ومن يعمل في مناطق "ج" بدون ترخيص هو من يحمل الإثم.
سمحة: فرض غرامات رادعة على الممارسات الخطيرة الناتجة عن مخلفات عملية التحجير، لما لها من آثار سلبية على الصحة العامة والبيئة.
يوسف: ضعف الإجراءات القضائية قلل من نجاعة العقوبات الرادعة على المخالفين في هذا القطاع.
ثوابتة: صناعة الحجر ما زالت في أمان وهي الصناعة الوطنية الوحيدة بامتياز ولا نعمل في المحاجر العشوائية.

 

الحدث – خاص:

أدى توسع نشاط تصنيع الحجر والرخام إلى تلوث خطير على البيئة والماء والهواء، ومخلفات تؤثر سلبا على تربة الأراضي الزراعية، وتضر بالغطاء النباتي والتنوع الحيوي، وتضر بصحة المواطنين القاطنين بالقرب من هذه المنشآت بسبب الضجيج والغبار، إضافة إلى الأخطار الناجمة عن عدم إعادة تأهيل المحاجر والمقالع بعد تركها.

لذلك فإن قطاع الحجر والرخام يعتبر من أكثر القطاعات الإنتاجية عشوائية وأقلها تنظيما. ويظهر هذا جليا في انتشار المحاجر والكسارات بشكل عشوائي في كافة محافظات الوطن، مما يلحق الضرر بالأراضي والزراعة والبيئة والتجمعات السكانية.

يواجه خطرا استراتيجيا في نضوب غالبية صخور التحجير

وتسبب نشوء وتوسع نشاط قطاع الحجر والرخام غير المنظم في انعكاسات خطيرة على البيئة وهدر للموارد الطبيعية في غياب التدخل ورؤية موحدة للحكومة حول كيفية التعامل معه وضعف تنظيمه، حيث يواجه القطاع خطرا استراتيجيا يتمثل في نضوب غالبية صخور التحجير الواقعة في المناطق الخاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية وعدم السماح بإقامة المحاجر في مناطق "أ" ذات الكثافة السكانية العالية. وغيرها من التحديات التي تضعف تنافسيته وترتبط بالقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كما أن ارتفاع تكاليف الإنتاج المرتبطة بعدم تحديث التكنولوجيا المستخدمة يساهم في إضعاف تنافسيته. وغياب أي دراسات شاملة حول التوزيعات المحتملة للمحاجر وخصائص تنظيمها بحسب ما نص عليه قانون المصادر الطبيعية.

مكبات خاصة لمخلفات عملية استخراج الحجر

وإن كانت كافة الأطراف ذات العلاقة تتفق على أهمية حماية قطاع الحجر والرخام من التأثير السلبي للاستيراد وأهمية موازنة الجانبين الاقتصادي والبيئي لإنتاج الحجر وضرورة التدخل الاستثماري لتطوير التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج. إضافة إلى ضرورة تقديم وتحسين الخدمات المقدمة من جانب الحكومة لهذا القطاع مثل توفير مكبات خاصة لمخلفات عملية استخراج الحجر، بالشكل الذي يحد من الآثار السلبية لعملية التخلص العشوائية لهذه المخلفات. وإلى أهمية الرقابة الفعالة والمستمرة على مناطق استخراج الحجر بالشكل الذي يمنع حدوث أي مخالفات.

رفض قرار مجلس الوزراء برفع رسوم التعدين والترخيص

فإن ممثليها يختلفون حول قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بخصوص رفع رسوم التعدين والترخيص للحد من استنزاف الموارد الطبيعية والحفاظ على حق الخزينة العامة. ورفضه من قبل الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية على أن أساس تنظيم قطاع الحجر والرخام يتطلب تعزيز بيئة الأعمال المناسبة لتنمية هذا القطاع من دون أن ينحصر في سياسات جبائية.

وإن كان يعاني هذا القطاع من غياب الكفاءات العمالية الماهرة وافتقار عدد كبير من المنشآت إلى المهارات اللازمة في الإدارة والتخطيط والتسويق الخارجي. وكنتيجة لتوسع هذا القطاع وعدم تنظيمه؛ فإن مستوى المخلفات الناتجة عن صناعة الحجر ازدادت، ليس هذا فحسب وإنما جعل الخبير الاقتصادي سمير حليلة، يؤكد انتهاء واستنزاف قطاع الحجر والرخام، فهو ليس في مرحلة صعوده والتصدير في حالة ازدياد كما يعتقد البعض الذين يتجاهلون الأرقام التي هي في انخفاض متسارع خاصة في التصدير.

اختصار قضيته بتنظيمه في المال تعتبر حالة من الجنون

ويقول حليلة: (أن تختصر قضية القطاع بتنظيمه بالمال تعتبر حالة من الجنون، يجب الاطلاع على ما يعانيه الناس فيه، فعلينا التروي في فهم القضايا دون تشتت أو شرود ذهني فيها كثيرا. فالكل يصفق للحفاظ على البيئة وعلى مصادر المياه والنظام العام، لكن إن حفرت الآبار في منطقة "ج" للزراعة هل هو إيجابي أم سلبي، فكيف لسلطة تريد تنظيمنا وهي ليس لها أي دور في المنطقة التي نعمل فيها، فالحفاظ على البيئة ومصادر المياه والأمن العام، كلها قضايا في بلد لم ينه الاحتلال وما زلنا نعاني منه).

وتساءل حليلة: (هل نبحث عن الخطر البيئي أم عن الأهمية الكبيرة لأن يكون هناك نشاط فلسطيني حيوي على الأرض في منطقة "ج" رغما عن أنف القوة المحتلة؟، وحتى لو كان رغما عن السلطة المنظمة عندنا، لأنه أصلا ليس لها دور منظم فيها. وحتى الآن هناك محاجر بكثرة في منطقة "ج" والسلطة ترفض ترخيصها لكن هذه المحاجر تعمل لأن السلطة لا تستطيع منع عملها فعليا).

فلسطين الأفضل عالميا في استخدام ثروتها الطبيعية في مجال الحجر والرخام

ويرى حليلة، أن فلسطين من الدول القليلة في المنطقة وقد تكون في العالم التي استخدمت واستغلت ثروتها الطبيعية في مجال الحجر والرخام بأفضل طريقة ممكنة وأفضل من كل الدول المجاورة لنا وبما لا يقاس. وقال: (استخدمنا أفضل طرق التكنولوجيا في العالم وأحدثها لإنتاج أقل سماكات ممكنة من الحجر حتى القطعة الصخرية تنتج أكبر قيمة مضافة من الحجر، ولم نعمل فقط لبيع حجر بناء مثلما كنا سابقا لفترة طويلة. فالنقلة التكنولوجية التي حصلت عندنا في التسعينيات بالذات مع انتشار الاسم "حجر القدس" في أمريكا أو البلدان الأوروبية وجدنا سوقا واسعا وكبيرا للطلب على منتجاتنا الحجرية بسعر مرتفع ولكن فرضوا علينا جملة من الشروط والمواصفات في التصنيع عالية جدا مكنتنا من منافسة الإسباني والتركي والإيطالي).

ويؤكد حليلة على أن حجم الطلب في السوق العالمي على منتجنا الحجري انخفض انخفاضا كبيرا، والسوق الأكبر لنا هي "إسرائيل" التي كنا نصدر لها من 150 – 200 مليون دولار، لمنافسة المنتجات المصرية والتركية بكميات كبيرة وبأسعار منخفضة.

وقال: (حتى نتمكن من منافسة المصري أو التركي فإننا بحاجة إلى تخفيض قيمة أسعارنا إلى النصف، وهذا مستحيل لأن تكلفة الإنتاج عالية والكهرباء مرتفعة والعمالة عندنا غالية جدا، فلا يوجد مجال للمنافسة في هذه الفترة).

خرائط جيولوجية لمعرفة الأماكن الصحيحة لاستخراج الحجر

وأشار حليلة، إلى أنه لا يجب حصر تنظيم هذا القطاع في زيادة الرسوم المفروضة على ترخيص المحاجر. كما وضح أهمية رسم خرائط جيولوجية لمعرفة الأماكن الصحيحة لاستخراج الحجر والتي تتضمن الأنواع المناسبة للاستخراج. (ومن مسؤوليتنا توفيرها لمن يريد أن يعمل بنظام وأسس علمية، والتي على ضوئها يمكن اختيار مواقع المحاجر والكشف عن مواقعها بالحصول على الرخصة الأولية للكشف في مناطق محددة).

وقال حليلة: (تعد فلسطين من أفضل الدول العربية في استغلال ثرواتها الحجرية، فالنقلة النوعية في التكنولوجيا المستخدمة في المحاجر خلال العقد الماضي ساهمت في زيادة تنافسية القطاع في الأسواق العالمية بشكل كبير. إلا أن هناك العديد من المشاكل المؤثرة بشكل سلبي على تنافسية هذا القطاع واستمراريته، أبرزها نضوب خام الحجر في العديد من مناطق جنوب الضفة الغربية، بالإضافة إلى تغير الأذواق في الأسواق العالمية واتجاهها إلى تفضيل أنواع مختلفة من الحجر لا يتم إنتاجها في فلسطين).

20 % حصته من مجموع الصادرات

وأوضح د. بلال فلاح - مدير البحوث في معهد (ماس)، بأن صادرات قطاع الحجر والرخام لعام 2017 تجاوزت 200 مليون دولار معظمها موجهة للسوق الإسرائيلي (بما يعادل 20% من مجمل الصادرات). ويُقدر اتحاد صناعة الحجر والرخام عدد العاملين الحاليين في هذا القطاع بحوالي 20 ألف عامل.

تحديات تضعف تنافسيته

وقال فلاح: (وعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية لهذا القطاع، إلا أنه يواجه عددا من التحديات التي تضعف تنافسيته، وهذه التحديات ترتبط بالقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال، وغياب التدخل الحكومي بحسب ما نصت عليه القوانين ذات العلاقة، إضافة إلى عدم توفر خرائط جيولوجية عن المواقع الملائمة لاستخراج الحجر وكذلك غياب المهارات اللازمة في الإدارة والتخطيط والتسويق الخارجي لمعظم منشآت القطاع).

وأشار د. فلاح، إلى قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بتشكيل لجنة وزارية لصياغة سياسات وطنية لتنظيم قطاع المحاجر والكسارات والاقتراحات التي قدمتها وزارة المالية والتخطيط بخصوص رفع رسوم التعدين والترخيص للحد من استنزاف الموارد الطبيعية والحفاظ على حق الخزينة العامة.

 وتطرق كذلك إلى موقف الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية الرافض لهذا الاقتراح على أن أساس تنظيم قطاع الحجر والرخام يتطلب تعزيز بيئة الأعمال المناسبة لتنمية هذا القطاع من دون أن ينحصر في سياسات جبائية.

 وأشار د. فلاح إلى غياب رؤية موحدة للحكومة حول كيفية التعامل مع قطاع الحجر والرخام. فبينما ترى وزارة الاقتصاد الوطني في هذا القطاع أهمية اقتصادية بارزة تبرر دعمه وتوسيع نشاطه، ترى سلطة جودة البيئة في توسع نشاطه وعدم تنظيمه تهديدا للبيئة وهدرا للمصادر الطبيعية غير المتجددة ووجوب حصر إنتاجه لتلبية احتياجات السوق المحلي وبعيدا عن استنزافه من خلال توسيع التصدير.

وقال: (لعل هذه التباينات أحد الأسباب التي ربما ساهمت في ضعف التدخل الحكومي من أجل تنظيم هذا القطاع).

إقرار بضعف البنية التحتية اللازمة لتطوير القطاع

وأقرت المهندسة شفاء أبو سعادة - مدير عام الصناعة والموارد الطبيعية في وزارة الاقتصاد الوطني، بضعف البنية التحتية اللازمة لتطوير هذا القطاع، والمتمثلة بضعف حداثة الأجهزة المستخدمة في إجراء فحوصات التصدير الخاصة بالحجر، لكنها شددت على الدور الاقتصادي الذي يلعبه قطاع الحجر والرخام، مؤكدة سعي الوزارة إلى التقديم لمشروع بناء خرائط جيولوجية لأماكن الاستخراج المناسبة.

تصدر رخصة الكسارة أو منشار الحجر أو المحجر من وزارة الاقتصاد الوطني بالتنسيق مع سلطة جودة البيئة وزارة الحكم المحلي، (وأكون سعيدة جدا عندما يتبين أن هذه المحاجر في مناطق "ج" خارج حدود صلاحياتنا، نحن نرخص ومن يعمل في مناطق "ج" بدون ترخيص هو من يحمل الإثم).

وأوضحت أبو سعادة، أن رسوم رخصة الكسارة والمنشار 100 شيقل للكسارة و 580 للدونم في المحاجر، وإجراءات الترخيص تتم بناء على قانون صدر من مجلس الوزراء وهو قانون الصناعة.

تنظيم عملية التخلص من مخلفات عملية التحجير

في حين يؤكد عمر سمحة  - الوكيل المساعد لشؤون الهيئات المحلية في وزارة الحكم المحلي، على أهمية تنظيم عملية التخلص من مخلفات عملية التحجير، لما لها من آثار سلبية على الصحة العامة والبيئة، وشدد على ضرورة فرض غرامات رادعة على الممارسات الخطيرة الناتجة عن هذه العملية، مثل عدم إعادة تأهيل المحاجر بعد تركها بدون مراعاة احتياطات الأمان والسلامة العامة.

وأكد أيضا على أهمية الحوار ما بين الحكومة والاتحاد العام للصناعات، ضمن إطار اللجنة الوزارية للخروج بقرارات توازن من جهة بين تعزيز تنافسية قطاع الحجر والرخام وبين تنظيمه وحماية البيئة والموارد الطبيعية.

وقال: (من المبكر الهجوم من زاوية المسألة المالية فقط وكأن السلطة تتطلع لهذا القطاع وكأنه جابي، المطلوب من اللجنة الوزارية أن تضع سياسات لتنظيم هذا القطاع). ويعتقد أن إحدى طرق الحل هي فرض الرسوم لأن الغرامة على عدم تأهيل المحجر لا تساوي شيئا فهي أقل بكثير من تكلفة تأهيله في حين أن هناك مخاطر كبيرة على البيئة من حيث النباتات والتنوع الحيوي.

تحسين الخدمات المقدمة من الحكومة للقطاع

بينما شدد ثابت يوسف - مدير مكتب سلطة جودة البيئة في محافظة رام الله والبيرة، على ضرورة التعامل مع الانعكاسات السلبية لتوسع نشاطات هذا القطاع على البيئة وصحة وسلامة المواطنين، مبينا أن ضعف الإجراءات القضائية قد قلل من نجاعة العقوبات الرادعة على المخالفين في هذا القطاع، وطالب بحماية قطاع الحجر والرخام من التأثير السلبي للاستيراد، وبموازنة الجانبين الاقتصادي والبيئي لإنتاج الحجر وضرورة التدخل الاستثماري لتطوير التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج.

ويؤكد يوسف، على ضرورة تقديم وتحسين الخدمات المقدمة من جانب الحكومة لهذا القطاع مثل توفير مكبات خاصة لمخلفات عملية استخراج الحجر، بالشكل الذي يحد من الآثار السلبية لعملية التخلص العشوائية لهذه المخلفات. وإلى أهمية الرقابة الفعالة والمستمرة على مناطق استخراج الحجر بالشكل الذي يمنع حدوث أي مخالفات.

بعض مقالع الحجر والكسارات تزود الكسارات الإسرائيلية بالحجارة

ويكشف يوسف، قيام بعض مقالع الحجر والكسارات المنتشرة بين الزيتون والصخور بتزويد الكسارات الإسرائيلية بالحجارة، وقال: (هذا يجعلنا كبيئة نعيد النظر في الإجراءات التي نقدم فيها تسهيلات لها، واتخذنا إجراءات قضائية لكنها للأسف بطيئة وكأننا نغرد لوحدنا، لذلك نجد أن عدم التنظيم والعشوائية في القطاع والجشع عند بعض أصحاب مقالع الحجر أصبح لا يغض الطرف عنه).

صناعة الحجر الوحيدة الوطنية بامتياز

ويقول سميح ثوابتة- رئيس اتحاد الحجر والرخام: (نتلقى رسائل من أعضاء الاتحاد يتذمرون فيها من وضع السوق، والمنافسة غير الشريفة وقلة العمل، مع أن صناعة الحجر ما زالت في أمان ووضعها من أحسن ما يكون وهي السلاح الوحيد التي تتيح لنا أن نعمل بجدية، وهي الصناعة الوحيدة التي لا نحتاج أحدا فيها وهي الصناعة الوطنية الوحيدة بامتياز، وكل العاملين فيها وطنيون وليسوا جشعين، والادعاء بذلك مرفوض، وكل ما نتطلع له هو تنظيم الصناعة، ونحن أكثر الفئات والشرائح دفعا للضرائب والرسوم).