الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لماذا تزج المقاومة في الحراكات الشعبية؟

2019-03-18 08:33:44 AM
لماذا تزج المقاومة في الحراكات الشعبية؟

الحدث -إبراهيم أبو صفية

انطلق حراك "بدنا نعيش" في أنحاء مختلفة من قطاع غزّة، ( جباليا، ودير البلح، وخان يونس، والنصيرات، والبريج)، بعد دعوة أطلقها مجموعة من الناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت وسمَي #الترنس _يجمعنا، للخروج يوم 14 آذار/ مارس 2019، و#بدنا_نعيش، في تظاهرات سلميّة تندد بالوضع المعيشي والضرائب المفروضة، وارتفاع أسعار عشرات السلع الأساسيّة؛ وقوبل هذا الحراك بقبضة أمنية مشددة نفذتها الأجهزة الأمنية في قطاع غزة ضد المتظاهرين، من اعتداءات واعتقالات وصولا لوصف الحراك والقائمين عليه "بالخارجين عن الصف الوطني".

تباينت المواقف الفصائلية بشأن هذا الحراك؛ فحركة حماس اعتبرته "مؤامرة" تقودها أجهزة السلطة الفلسطينية على المقاومة، فيما اعتبرت حركة فتح أن هذا الحراك جاء لصد "العنجهية التفردية" والفساد التي تقوده حماس على حد وصفهم، وقال الناطق باسم الحركة أسامة القواسمي "إن رسالتنا لأبطالنا الميامين الثائرين على الميليشيات في غزة أن الطريق إلى القدس تبدأ من الثورة على الاستبداد وإننا في حركة فتح نقف معكم تماما وسنبقى دائما الأوفياء".

وبينت الفصائل التي تتبع "منظمة التحرير" رفضها المطلق لكل أشكال القمع والتعدي على الحريات والحقوق سواء بالملاحقة أو الاعتقال أو التخوين، داعية "حماس" والمسؤولين في غزة إلى سحب الأجهزة الأمنية والمسلحين من الشوارع، وإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية الحراك الاجتماعي الأخير.

وأكدت حركة الجهاد الإسلامي رفضها تسييس الحالة الشعبية بغزة وطالبت بحوار وطني شامل وعدم محاولة البعض إقحام سلاح المقاومة.

 وسادت ردود فعل فلسطينية هاجمت المقاومة، ونسبت القمع الذي نفذته أجهزة الأمن في غزة لعناصر من المقاومة، ودار الحديث عن خلخلة الحاضنة الشعبية لقوى المقاومة، لما تركته من أثر صعب على الوضع الاقتصادي في القطاع.

الحاضنة الشعبية التي احتوت المقاومة الفلسطينية في حروبها وكانت السلاح الرادع للاحتلال،  باتت اليوم في محل نقاش عن تراجعها وأنها على وشك فقدان الثقة بالمقاومة، فكيف تستطيع المقاومة إعادة الثقة الشعبية وزخمها في دعم مواقفها والحفاظ على الجبهة الداخلية في ظل الحراكات الشعبية المتتالية التي تطالب بتحسين المستوى المعيشي.

 قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الستار قاسم، إن الشعب يعاني من جشع السلطات سواء بالضفة أو قطاع غزة، وإن أيدي سلطات الحكم في جيوب وأمعاء الناس، ولا يريدون إطعامهم وإلباسهم، بل يبتزونهم بالضرائب والرسوم الإضافية.

وبين قاسم لـ"الحدث" أن على السلطات الحاكمة سواء في الضفة أو القطاع أن تخرج أيديها من جيوب الناس، كي لا يدفعون ثمنا أكبر مما يتوقعون. مشيرا إلى أن المقاومة الفلسطينية في قلب كل مواطن، وأنه عندما تحتاج المقاومة للدعم يقدم لها الشعب كل ما تحتاج وصولا لقطع الطعام عن أنفسهم مقابل دعم المقاومة.

 وأوضح، أن الإشكالية تكمن بعدم وجود شفافية في وصول الدعم والمال للمقاومة، وهذا يهز ثقة الشعب بالمقاومة، لذلك على المقاومة وقيادتها أن تقوم بأنشطة وأعمال تطمئن المواطن على مصير الأموال، خصوصا في محاسبة الفاسدين.

 وأضاف قاسم: "على المقاومة أن تقوم بتكتيك معين يشعر الناس بالأمان ومحاسبة الفساد داخل فصائلها، بالإضافة إلى وجود عدالة حقيقية.

وأشار إلى أن الانطباع السائد عند المواطن العربي والفلسطيني؛ أن من يستلم الحكم يصبح فاسدا، فعلى المقاومة أن تبطل هذه القناعات من خلال إجراءات حقيقية تحقق العدالة. لافتا إلى أن الشعب لا يحرض ضد المقاومة بقدر ما يحرض ضد الفاسدين في داخل فصائل المقاومة.

 وطالب قاسم، حركة حماس بعدم ممارسة ما تمارسه السلطة الفلسطينية في الضفة، "ولا يجوز إذا حصل قمع في الخليل أن يكون هناك قمع في خانيونس مثلا"، وعليها أن ترتقي لمستوى المطالب وألا تميز بين أحد مهما كان.

 بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، إن حماية الحاضنة الشعبية تكمن في إفساح المجال أمام التعبير عن رأيها، والاستماع لمطالبها ومحاولة تحقيق هذه المطالب.

وأوضح عساف لـ"الحدث"، أن على المقاومة تبني مطالب الجماهير وكسبها لصالحها، مشيرا أن الجماهير تاريخيا وفي أسوأ الحالات لم تخرج ضد المقاومة لذلك احترام رأيها ومطالبها مهم، لكسب ثقتها، وأنه كلما كان هناك مصداقية في التعامل كانت الثقة متبادلة ومتينة.

وأشار إلى أن قمع السلطات لا يعني أن المقاومة هي التي تقمع، وصحيح أن المقاومة تتحمل جزءا من الوضع المعيشي الصعب بسبب التكلفة الباهظة للتحرر، إلا أنها لا تتخلى عن حاضنتها الشعبية، وهي تحاول دائما أن تثبت لهم ذلك.

 وفي ذات السياق، بين الكاتب الفلسطيني حسن لافي، أن الحراكات الشعبية التي خرجت وتخرج رفعت شعارات إنسانية ومطلبية لها علاقة بالحصار والاحتلال وسوء الإدارة في القطاع، ولم تخرج ضد المقاومة، وأن الشعب ما زال يحتضن الفعل المقاوم مدللا على ذلك بخروج الناس في قطاع غزة وتوزيع الحلوى ابتهاجا بعملية "أرائيل".

 وأكد لافي لـ "الحدث"، أن الشعب لم يكفر بالمقاومة، لذلك على المقاومة تحصين هذه الجبهة من خلال حمايتها، والحماية تكون بمزيد من التضحيات وتوفير اقتصاد مقاوم، مشيرا إلى أن الأزمة الحقيقية التي نعاني منها هي عدم وجود اقتصاد مقاوم.

 وأضاف أن على المقاومة أن تعيد مصداقية نهجها وهي صادقة وأن تعالج وتصحح أي انحراف حتى يلتف الشعب حول خيارها. لافتا أنه لا بد من تحديد المرحلة الحالية وتعريفها بمعنى هل هي مرحلة تحرر وطني أم مرحلة بناء الدولة؟. مؤكدا على أننا ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني لذلك يجب أن تكون هناك خطط لهذه المرحلة وإدارة اقتصادها وأساليبها، وترجمتها بالخطاب السياسي والاقتصادي وكذلك على أرض الواقع.

 وأشار إلى أنه عندما تخرج هذه الحراكات وتطالب مثلا بإسقاط حكومة "حماس" في غزة، علينا أن ندرك جيدا بأن هذا المطلب لا يعني إسقاط المقاومة، لأن حماس لا تمثل المقاومة وشموليتها. جازما أن المطالب تكون مطالب شعبية محقة إلا في حال استغلها البعض لتغذية الانقسام.

 إن الحاضنة الشعبية هي الجبهة الحقيقية التي يعول عليها أي عدو، وأي انكسار لهذه الجبهة هو بمثابة خسارة للمعركة، لذلك عادة يتم تحصين الجبهة الداخلية والحفاظ عليها خوفا من أي طارئ، عندما تهتز ثقة الحاضنة الشعبية بالمقاومة نتيجة الوضع المعيشي الصعب أو قمع أي حراك شعبي؛ على فصائل المقاومة مباشرة أن تجد العلاج المناسب الذي يحافظ ويحمي الحاضنة الشعبية.