الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ممثلو القطاع الخاص في غزة يرفضون آليات "روبرت سيري" لإعادة الإعمار

2014-09-23 12:35:44 AM
 ممثلو القطاع الخاص في غزة يرفضون آليات
صورة ارشيفية
نبيل أبو معيلق: نرفض تفويض المؤسسات الدولية بإدارة الحصار المفروض
أحمد أبو راس: تطبيق هذه الآليات سيضرب مشاريع البنية التحتية التي تنفذها اللجنة القطرية للإعمار
فيصل الشوا: الآليات ستطيل عمر الإعمار لـ 20 سنة قادمة
ماهر الطباع: الآليات تفرض رقابة صارمة ومشددة على كل ما من شأنه إعمار غزة
 
غزة - حامد جاد  
أثارت آلية تزويد قطاع غزة بمواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار، التي طرحها مؤخراً روبرت سيري، المنسق الأممي الخاص لعملية السلام، حالة من الاستياء في أوساط مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، والتي أجمع ممثلوها على رفضهم لهذه الآلية الرامية، حسب رأيهم، إلى إطالة أمد عملية إعادة إعمار غزة وفرض رقابة دولية على أعمال وأنشطة شركات المقاولات، مطلقين عليها تسمية "آليات روبرت سري" لإعادة الإعمار.
وبينما ذهب بعضهم في أحاديث منفصلة أجرتها "الحدث"، إلى وصف آلية سيري لإدخال مواد البناء التي تم الاتفاق عليها بين الأمم المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، بآلية جديدة لإدارة الحصار المفروض على قطاع غزة، اعتبرها آخرون آلية معيقة ومعرقلة لجهود إعادة الإعمار، سيما وأنها ستطال مشاريع إعمار استراتيجية جاري تنفيذها على أرض الواقع في مناطق مختلفة من قطاع غزة.
واعتبر رجل الأعمال فيصل الشوا نائب رئيس مجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد"، أن آلية إدخال مواد البناء التي طرحها سيري، من شأنها إدارة الحصار المفروض على قطاع غزة وليس إنهائه، مشدداً أنه كان من الأجدر أن تضطلع الأمم المتحدة بدورها في دعم الاحتياجات اللازمة لإعمار قطاع غزة دون عراقيل تذكر، بدلاً من مراقبتها لدخول مواد البناء.  
وأعرب الشوا عن مخاوفه من أن تفضي آلية سيري المذكورة إلى تباطؤ عملية دخول مواد البناء، الأمر الذي سيترتب عليه إطالة فترة إعادة إعمار ما دمره الاحتلال لسنوات طويلة قد تصل إلى عشرين عاماً وفق الآلية المعلنة.
وقال: "ما فهمناه من تفاصيل محدودة حول آلية إدخال مواد البناء، هو أن يتم توريد كميات من مواد البناء إلى ثلاثة أو أربعة مخازن كبيرة في قطاع غزة، ومن ثم يصار إلى تزويد التجار بموجب بالكميات المطلوبة والمحددة بموجب أذونات ورقابة من أونروا، وبموافقة الجهات المسؤولة في السلطة".
 وأضاف: "نحن غير موافقين على هذه الآلية، وقد أبلغنا القنصل الأمريكي مايكل راتني والمستشاريين الاقتصاديين في السفارة خلال لقائنا معه يوم الأربعاء الماضي في منزله في القدس بذلك، كما أعربنا خلال لقائنا في اليوم نفسه مع الرئيس محمود عباس عن رفضنا لهذه الآلية وللدور الرقابي الذي ستقوم به المنظمة الدولية على دخول مواد البناء، ولا ندري كيف ستراقب الأونروا وتتأكد من وصول الإسمنت إلى الجهة المقصودة، أليس من الأجدر بالأمم المتحدة أن تهتم بمراقبة الحدود ووقف الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية بدلاً من مراقبة دخول مواد البناء".
 
آلية لإدارة الحصار
من جهته عبر نبيل أبو معيلق، نائب رئيس اتحاد المقاولين عن رفضه لسياسة تفويض المؤسسات الدولية بإدارة الحصار المفروض، مشدداً على أن غزة بمواطنيها ومؤسساتها وهيئاتها النقابية، لديها الرؤية والآلية المناسبة لكيفية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال الحروب السابقة أو الحرب الأخيرة، واصفاً آلية سيري لإدخال مواد البناء بآلية معيقة وغير ناجحة بالنسبة لإعادة الإعمار خلال فترة وجيزة تمتد لثلاث سنوات كحد أقصى.
وقال أبو معيلق: "رغم أن الكل بات يؤيد آلية تنسيق إدخال مواد البناء التي أعلنها سيري، حيث أن السلطة والحكومة والوفد المفاوض والمجتمع الدولي وغيرهم، يؤيدون هذه الآلية التي اقتربت من مرحلة التنفيذ الفعلي، إلا أن كل من هو مطلع على خصوصية غزة وواقع القدرة الاستيعابية والتشغيلية لمعبر كرم أبو سالم، يعي جيداً أن هذه الآلية لا ترتقي إلى الحد الأدنى المطلوب لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في حربه الأخيرة على غزة، لذا فنحن نعبر عن رفضنا كشركات مقاولات، لهذه الآلية، وسنواصل مطالبتنا برفع الحصار كلياً وذلك بالرغم من قناعتنا التامة أن هذه الآلية سيتم تنفيذها فعلياً بدعم ورعاية من كافة الأطراف المحلية والخارجية".
وتوقع أبو معيلق أن يتم البدء الفعلي بتنفيذ آلية إدخال مواد البناء خلال الفترة القريبة القادمة، مشيراً إلى أن هناك أطرافاً مسؤولة لدى السلطة، باتت تتحدث عن ترتيبات لإدخال مواد البناء إلى غزة خلال الأيام القليلة المقبلة.
 
كوبونة إسمنت
ورأى المهتم بالشأن الاقتصادي د. ماهر الطباع، مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة غزة، أن ما تم الإعلان عنه بخصوص التوصل لاتفاق ثلاثي بين السلطة وإسرائيل والأمم المتحدة للبدء في إدخال مواد البناء الضرورية لإعادة إعمار قطاع غزة، مجرد تجميل واستمرار لحصار قطاع غزة برعاية دولية أممية، وليس إنهاء الحصار كما تم الاتفاق عليه، حيث يفرض الاتفاق المذكور رقابة صارمة وشديدة على كل تفاصيل إدخال مواد البناء، ويؤسس لقاعدة بيانات تراقبها إسرائيل، تشتمل على تفاصيل تتعلق بمجمل المشاريع والقائمين عليها، وبهذه الطريقة لن تكون هناك عملية إعمار جدية وسريعة، لأن القطاع لا يحتاج فقط للإعمار، بل يحتاج للعديد من المشاريع التنموية المتوقفة على مدار ثماني سنوات من الحصار.
وقلل الطباع من جدوى آلية إدخال مواد البناء المذكورة بقوله: "هل روبرت سيري الذي شرح تفاصيل إعادة الإعمار وطالب القطاع الخاص بعدم انتقاد الآلية التي طرحها، يستطيع أن يلبي حاجة مواطن لبناء غرفة في منزله أو طابق جديد؟ فهل سيحصل هذا المواطن على كوبونة خاصة بالإسمنت من الأونروا؟ أم سيشتري الإسمنت الوارد ضمن رقابة الأونروا من السوق السوداء؟".
وأوضح الطباع أن إعادة إعمار قطاع غزة خلال فترة ثلاث سنوات، يتطلب إدخال ما يزيد عن 1400  شاحنة يومياً من مواد البناء، من الإسمنت والحديد والحصمة والبسكورس، بينما في حال تطبيق آلية الرقابة العقيمة على دخول مواد البناء، سوف يحتاج قطاع غزة إلى 20 عاماً لإعادة إعمارة.
وشدد على مطالبة المجتمع الدولي بمؤسساته ومنظماته وعلى رأسها الأمم المتحدة ورعاة السلام واللجنة الرباعية الدولية، بممارسة الضغط الحقيقي على إسرائيل من أجل فتح كافة معابر قطاع غزة أمام حركة الأفراد والبضائع، والعمل على إنهاء الحصار بشكل فوري لتجنيب قطاع غزة كارثة اقتصادية واجتماعية وصحية وبيئية، بدلاً من الإبقاء على الحصار عبر طرح آليات تهدف لإطالة أمد عملية الإعمار.
 
آلية سيري تطال المشاريع القطرية
وحول ما جاء على لسان سيري من تصريحات دعت لوقف دخول مواد البناء التي يتم توريدها عبر معبر رفح لصالح المشاريع التي تنفذها اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، بذريعة عدم توفر رقابة كاملة على ما يتم إدخاله من مواد بناء إلى غزة عبر المعبر المذكور، أعرب أحمد أبو راس، المدير الفني للجنة القطرية، عن استهجان اللجنة لما نسب من تصريحات لسيري خلال لقاء عقده مؤخراً في نادي رجال الأعمال في القدس. وقال: "نحن نستغرب من أن تأتي هذه التصريحات على لسان شخصية أممية يفترض أن تكون مكلفة بتحقيق قرارات رفع الحصار وإعادة الإعمار، فالأمم المتحدة ومنظماتها تدرك جيداً ما يشكله معبر رفح من أهمية، فهو يمثل شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة وللمشاريع التي تنفذها اللجنة القطرية بموجب  بروتوكولات وقعت بين اللجنة وجهات سيادية مصرية، لتوريد مواد البناء ومستلزمات إعادة الإعمار، حيث استمر تنفيذ الالتزامات بهذه البروتوكلات الحكومية على مدار عام ونصف العام، تم إدخال كميات كبيرة استخدمت في تنفيذ مراحل مختلفة لعدة مشاريع استراتيجية تتعلق بالبنية التحتية الخاصة بالشوارع الرئيسية والطرق الفرعية والبنية التحتية ومشاريع صحية وزراعية وخدمية، حيث كانت آخر كمية تم إدخالها من الإسمنت في الأول من تموز الماضي، ومنذ ذلك الحين لم يتم إدخال أي كمية، ما أدى إلى شل أعمال اللجنة وتوقف العمل في كافة المشاريع التي تمولها وتنفذها شركات مقاولات محلية".
وأكد أبو راس أن  مواد البناء التي دخلت القطاع عبر معبر رفح، استخدمت في تنفيذ مشاريع اللجنة، وهي مشاريع مهمة واستراتيجية لأهالي قطاع غزة، حيث استهدفت هذه المشاريع إعمار ما دمره الاحتلال خلال الحربين السابقتين، إضافة إلى مشاريع البنية التحتية، مشدداً في هذا السياق على ضرورة أن تمنح هذه المشاريع الأولوية والاهتمام اللازم من الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بمشاريع إعادة الإعمار الحالية، عبر قيامها بتذليل كافة المشاكل التي تعيق عملية انسياب ودخول مواد البناء عبر معبر رفح الحدودي الفاصل بين جنوب قطاع غزة والأراضي المصرية.
 واعتبر أبو راس أنه في حال تطبيق قرار وتوجهات سيري الرامية إلى وقف دخول مواد البناء اللازمة لمشاريع اللجنة القطرية عبر معبر رفح، فإن ذلك سيؤدي إلى شل وضرب أبرز المشاريع الحيوية ومشاريع البنية التحتية في قطاع غزة، التي تنفذها اللجنة، وتعطل عشرات شركات المقاولات، وأعداداً كبيرة من العاملين في هذه المشاريع.
وأكد أن المطلوب من منظمات الأمم المتحدة، الاهتمام بهذه المشاريع وتذليل العقبات التي تواجه تنفيذها كدليل عملي على مدى اهتمامها بإعادة الإعمار الجديدة، منوهاً إلى أنه منذ بداية الحرب لم تدخل أي كمية من الإسمنت للمشاريع التي تنفذها اللجنة القطرية منذ عدة أشهر، بكلفة إجمالية تبلغ نحو 205 ملايين دولار، حيث تشمل هذه المشاريع مدينة الشيخ حمد السكنية ومشروع شارع صلاح الدين وشارع الرشيد، الطريق الساحلي، ومستشفى الأطراف الصناعية.
وطالب أبو راس منظمات ومؤسسات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها مكتب المنسق الخاص لعملية السلام، بالعمل على دعم الجهود الرامية لإعادة فتح معبر رفح وكافة المعابر، من أجل إعادة إعمار غزة وما لحق بها من دمار خلال الحروب الماضية والحرب الأخيرة، داعياً في ذات الوقت مصر للالتزام بالبروتوكلات الموقعة كعادتها وتعزيزاً لدورها التاريخي الداعم والمساند للقضية الفلسطينية.
 
المؤسسات الأهلية تطالب بخطة إعمار شمولية
ويتفق مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا مع الداعين لإعادة إعمار كافة ما دمره الاحتلال في قطاع غزة خلال الحروب الثلاثة الأخيرة التي شنها الاحتلال في أعوام 2008 و2012 و2014، وذلك من خلال رفع الحصار كلياً، وإعادة فتح معابر القطاع كافة، وعبر تشكيل هيئة وطنية فلسطينية للتخطيط والإشراف والرقابة على عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، وفق خطة شمولية متكاملة بعيدة كل البعد عما يطرحه سيري من رقابة دولية على عملية إعادة الإعمار.
وشدد الشوا على ضرورة أن تشمل عملية إعادة الإعمار كل ما دمره الاحتلال على مدار الأعوام السابقة من منازل ومنشآت اقتصادية وتجارية، وأن تتم إعادة الإعمار من خلال شركات فلسطينية، والعمل على إعادة إعمار وتأهيل شركات المقاولات والبناء في قطاع غزة، وبخاصة تلك التي تعرضت للتدمير خلال العدوان الأخير على غزة.
واعتبر أن استكمال تنفيذ المشاريع القطرية والحفاظ على انسياب دخول مواد البناء عبر معبر رفح، يشكل ضرورة قصوى في ظل المرحلة الراهنة، بسبب عدم قدرة معبر كرم أبو سالم على تلبية متطلبات إعادة إعمار الدمار الذي ألحقته الحرب الأخيرة على غزة.