الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة "الحدث": السيناريوهات المتوقعة بعد يوم من رحيل الرئيس عباس

2016-11-04 07:20:49 AM
ترجمة
الرئيس عباس (تصوير: رويترز)

 

ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة

 

نشر موقع يديعوت احرونوت تحليلاً سياسيا حول المتوقع بعد رحيل الرئيس محمود عباس.

 

وفيما يلي ترجمة التقرير:

 

"الجهاد الصغير قد انتهى، وبدأ الجهاد الكبير، معنى الجهاد الكبير هو ملاحقة السلام"، قال الرئيس محمود عباس هذه العبارة لرجال الدين المسيحيين قبيل انتخابات عام 2005، قبل أيام من انتخابه كرئيس. وتم تعريف الجهاد الكبير بالنضال من خلال الروح الإنسانية للاختيار ما بين الخير والشر، بينما الجهاد الصغير، بحسب إحدى مبادئ الإسلام، هو الحرب الحقيقة على الكفرة.

 

في ذلك الوقت، شهد هذا التعليق نهاية عصر من السلطة الفلسطينية وبداية عصر جديد، وانتقل الفلسطينيون من نموذج واحد إلى آخر واستمر ثلاثة أعوام بدءاً من أواخر عام 2004 إلى 2007، كان رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات قد مات، وانتهت الانتفاضة الثانية، وبدأت أجهزة الأمن الفلسطينية تدريجياً باستعادة السيطرة على المدن الفلسطينية والتخلص من الفوضى فيها، وفي نفس الوقت، بدأت حماس في الصعود السياسي إلى السلطة، حتى أنها اخذت قطاع غزة بالقوة، وأنشات الكيان السيادي الخاص بها.

 

في العام والنصف المنصرمين، كانت السلطة الفلسطينية عائمة في النماذج المتغيرة، وهو وضع خاص ومعقد وحساس، وكان النموذج الرئيس يتغير ببطء وممتلئ بالثقوب، ولكن لم يعلم أحد حتى الآن شيئاً عن النموذج المقبل الذي سيتولى قيادة الفلسطينيين، والذي يمكن أن يستغرق عدة أشهر أخرى، وربما سنوات، وفي هذا الوقت، يراقب الجميع بقلق، وبحسب المصالح الخاصة مثل الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية وبالطبع إسرائيل.

 

استغرقت عملية إنشاء هذا النموذج من الفترة ما بين 2007 إلى 2015، واستبدل الرئيس عباس النظام والزي الرسمي والكوفية والحافظة مع بدلة وربطة عنق، وبدأ التركيز على معركة المعارضة والدبلوماسية الدولية ضد إسرائيل، مع تلميحات للنضال الشعبي الذي اجتذب عناصر دولية وإسرائيلية. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن مشواره لم يضم أي استخدام للأسلحة النارية واقتصرت على حواجز الضفة الغربية المثيرة للجدل. وفي نفس الوقت قام رئيس الوزراء سلام فياض بتأسيس مؤسسات الدولة في السلطة الفلسطينية.

 

وضع عباس نفسه كزعيم قوي ولا يتزعزع، جهازه الأمني يطيعه وكان فعالاً، واستطاع استخدام حركة فتح التي يتزعمها كأداة سياسية ناجحة بعدما كانت قد تحطمت بعد الانتفاضة الثانية. وكان عباس يقاتل عنصرين: حماس التي أصبحت ضعيفة جداً في الضفة الغربية، وإرهاب الضفة الغربية والذي ضل بمعدلات منخفضة طوال تلك السنوات.

 

وحققت هذه المعركة نجاحات تذكر مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن الاستراتيجية الفلسطينية خلال هذه السنوات والتي كانت ترجع تأسيس الدولة الفلسطينية قد فشلت.

 

في العام الماضي، إحدى خطوات النموذج قد توقفت، وأدرك الرئيس عباس البالغ من العمر 81 عاما أن الدولة الفلسطينية لن تتأسس خلال حياته، وقال إنه تخلى عن إسرائيل، وفقد الأمل بسبب عدم وجود أفق سياسي حقيقي، معلناً رغبته في ترك قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، لكنه نكث قراره في نهاية المطاف. وفي سبتمبر 2015، ألفى كلمة في قاتمة وبائسة في الأمم المتحدة والتي كانت سبباً ومحفزاً لاندلاع موجة من العنف في الأراضي الفلسطينية.

 

هذه التحركات صنعت فوضى عارمة فيما يتعلق باليوم التالي لرحيل الرئيس عباس، وأصبحت معركة مفتوحة من جميع المتنافسين الذين بدأوا بالفعل إنشاء صفحات على الفيسبوك لحشد دعم جماهيري حولهم.

 

كان يمكن أن يكون الوضع أكثر بساطة في حال تعيين الرئيس عباس نائباً له والذي يتولى المنصب من بعده، ولكن لأسباب خاصة به، اختار الرئيس عباس تجاهل الفكرة، وحتى الآن، الشخص الوحيد الذي أعلن نيته الترشح لمنصب الرئاسة هو مروان البرغوثي الذي يقضي خمسة أحكام بالسجن المؤبد بتهمة قتل إسرائيليين.

 

بحسب استطلاعات الرأي، فإن البرغوثي يحظى بشعبية واسعة، ولكن يعتقد مسؤولون إسرائيليون أن شعبيته تنبع من كونه أسيراً في سجون إسرائيل، وأنه إن كان حراً فلن يقدر على الاستيلاء على قلوب الفلسطينيين، وحتى الوقت الراهن، فليس هناك أي اجابة قاطعة، ولكن حصوله على الرئاسة يمكن أن يحوله إلى نيلسون مانديلا في عين العالم ويضع إسرائيل تحديداً في وضع حرج جداً.

 

داخل حركة فتح، هناك من هم غير منزعجين من وجود البرغوثي، ويرون أنفسهم مرشحين مستحقين لمنصب الرئيس الفلسطيني القادم. في العام الماضي، قال العضو البارز في فتح في محادثة خاصة "نحن بحاجة إلى زعيم يحررنا، وليس زعيماً نحرره".

 

الكثير كُتب حول المنافسين المحتملين. الأسماء التي طرحت حتى الآن تشمل مروان البرغوثي وعدداً من كبار أعضاء فتح مثل جبريل الرجوب وصائب عريقات، ورئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، إضافة إلى القيادي البارز محمد دحلان، أو الشخصيات التي من الممكن أن تكون بمثابة نوع من الحل الوسط بين التيارات، مثل سلام فياض، رامي الحمد الله، وأحمد قريع. لا أحد يعرف من هو الرئيس المحتمل، أو الإسم الذي قد ينبثق فجأة كمرشح للرئاسة.

 

يرتدي الرئيس عباس حاليًّا ثلاث قبعات: هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس حركة فتح، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. المجموعات داخل القيادة الفلسطينية قد تكون قادرة على وضع مزيج من القيادات التي من شأنها أن ترضي الجميع كبديل لعباس، وبذلك، يكون من الممكن ألا يُمسك شخصٌ واحد بالمناصب الثلاثة، بل تتوزع بين المجموعات المختلفة.

 

مؤخراً.. أثبتت فتح أنها من الممكن أن تكون حركة متهالكة، في ظل وجود هذه التحالفات الهشة، فما هي التحالفات الفلسطينية الممكنة للمرحلة القادمة؟

 

التحالف الوطني/ المركزي: يتألف من أقرب مجموعة للرئيس عباس، الذين يؤمنون به ويتبعون طريقه. صائب عريقات، الذي قام عباس بترقيته لمنصب الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. ماجد فرج، الذي بالإضافة إلى منصبه كرئيس للمخابرات، هو أيضاً أقرب المقربين للرئيس عباس، ونبيل أبو ردينة المتحدث الأكثر وفاء باسم الرئيس -والذي هو أيضاً عضو في قيادة حركة فتح-.

 

التحالف الفتحاوي: يتألف من أعضاء بارزين في حركة فتح مثل جبريل الرجوب، الذي يشغل منصب رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، واكتسب الدعم الشعبي من خلال ذلك. حسين الشيخ، الذى يتولى حقيبة الشؤون المدنية وجزء من التنسيق الأمني مع إسرائيل. ومحمود العالول، مسؤول التعبئة والتنظيم في فتح، والذي ينتمي إلى الجانب الأكثر تشدداً في الحركة فيما يتعلق بإسرائيل.

 

تحالف دحلان: محمد دحلان.. العدو اللدود للرئيس عباس، ينتظر اليوم الذي يُخلي فيه الرئيس الفلسطيني مقعده، ليحاول العودة إلى الضفة الغربية وإلى أحضان القيادة. دحلان، الذي هو من غزة بالأصل، خبير التسويق للأثرياء الذين بنوا ثروته مع مساعدة من دول الخليج، والذي أقام علاقات جيدة مع نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، كما يحاول حاليًّا التسويق لنفسه كبديل عن الرئيس عباس، حيث قام بعقد مؤتمر في القاهرة لمناقشة مستقبل القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة. وحاول شراء بعض العناصر في الضفة الغربية، بما في ذلك عناصر أخرى في مخيمات اللاجئين، مستخدماً ثروته ونفوذه. تم إزالة بعض الموالين لدحلان من مناصبهم، بما في ذلك ياسر عبد ربه وسفيان أبو زايدة.

 

الاحتمال الآخر هو أنه ونظراً لحالة الطوارئ؛ سيتم إنشاء مجلس عسكري بعد آخر يوم لعباس لتسيير السلطة الفلسطينية لحين إجراء الانتخابات التي لا يُعرف مدى إحتمالية عقدها، وهل سيتم إجراؤها في الضفة الغربية وحدها، أو في غزة أيضاً، مع حماس؟ أو بدونها؟

 

المشكلة هي أنه وخلال سباق القيادة، سيكون لدى المرشحين حالة من التطرف في الخطاب، ليكون خطاباً ضد إسرائيل، وينطبق ذلك على المرشحين المعتدلين من التيار المركزي، إضافة إلى عناصر خارجية تحاول التدخل في تقديم مرشحين آخرين أكثر ملاءمة بالنسبة لهم.

 

وفقا لذلك، وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، قامت مصر باستدعاء مسؤولين كبار في فتح وعقدت محادثات لسماع وجهات نظرهم فيما يتعلق بما بعد عباس. وكانت هناك أيضاً شائعات حول أنَّ مصر والأردن والسعودية والإمارات قاموا بإنشاء خارطة طريق تسعى إلى عودة دحلان لفتح، وبعد تحقيق المصالحة الداخلية في الحركة، يتم إطلاق محادثات لتحقيق مصالحة حقيقية بين فتح وحماس من شأنها أن تضع حداً للانقسام بين غزة والضفة الغربية. وأخيراً، فإنَّ جبهة فلسطينية موحدة ستذهب تجاه إطلاق مفاوضات جادة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

 

ومع ذلك، فقد أغضب هذا التدخل الخارجي المزعوم الرئيس عباس، ونتيجة لذلك.. ألقى خطاباً غاضباً قبل عدة أسابيع، والذي انتقد فيه عواصم (دون ذكر أسماء البلدان) بالتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية. قائلاً: "كفوا عن إرسال الأقمار الصناعية من هنا وهناك، أيّا كانوا الذين يقومون بزرعهم.. فإن عليهم اقتلاعهم، وإن لم تقوموا أنتم بذلك، فسوف نقتلعهم نحن".

 

 الرئيس عباس يعي تماماً أنَّ دوره قد أوشك على الانتهاء، لكنه لا يريد لأي شخص أن يفسد خططه المستقبلية. لقد بدأ مؤخراً بتنظيف فتح: أزاح أربعة أعضاء تابعين لدحلان، وأوعز لرجاله أن يكونوا واعين تماماً هم وبقية العالم (خصوصاً العواصم العربية)، بأنَّ دحلان قد تم فصله فصلاً نهائياً وأنَّ ذلك كان من أجل المصلحة العامة.

 

 إضافة إلى ذلك، قرر عباس عقد المؤتمر السابع لحركة فتح قبل نهاية العام الجاري، بعد أن تم تأجيل عقد المؤتمر عدة مرات خلال السنوات الماضية. الآن أصبح لديه اهتمام ومصلحة بعقد المؤتمر، للحصول على يد مساعدة له في القيادة - ماجد فرج-، واقتلاع الأعضاء المقربين من دحلان، وضخ دماء قيادية جديدة وشابة، بدلاً من كبار السن الذين لم يعد لديهم نشاط كاف لخدمة الحركة.

 

ومثل أي ثورة فلسطينية، والتي سمي بعضها "انتفاضة"،  فقد كانت مختلفة، كما اختلفت الفترات الفلسطينية أيضاً، ولكن فترة عباس في مرحلة رقصة البجعة. كذلك خلقت حالة الشك في الفترة القادمة توتراً على جميع الأصعدة المتعلقة بالفلسطينيين، العرب، إسرائيل، والعالم الغربي أيضاً.