الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع 80| في غزة.. بدائل الطاقة الكهربائية لا تصمد وتُفرغ جيوب الغزيين المُثقلة بالأزمات

الطبّاع: محطة التوليد نقمة على المواطن ويجب استثمار الأموال الواصلة لها لإنشاء محطات طاقة شمسية

2017-02-22 03:34:31 PM
ع 80| في غزة.. بدائل الطاقة الكهربائية لا تصمد وتُفرغ جيوب الغزيين المُثقلة بالأزمات
الكهرباء

الشيخ خليل: الطاقة البديلة لا تُغني عن التقليدية لكنها تُخفف الأزمة

 

الحدث- محاسن أُصرف

 

خدمات الطاقة والكهرباء والماء وتوفير فرص العمل وغيرها من ضروريات الحياة الإنسانية، حقٌ واجبٌ على الحكومات أن تُؤديه لمن تتولى أمرهم، لكن في قطاع غزة تحديداً، تُعد هذه القاعدة من الشواذ والأصل- كما هو واقع على الأرض- أن تتفنن حكومتي الانقسام في نفي تلك الحقوق عن السكان.

 

هناك أخطر ما يُحرم المرء حقه في الحصول على الكهرباء التي تُعد محركاً لحياته، وإذا ما سألت عن الأسباب فهي ذرائع واهية كالحصار والنزاع على ضرائب الوقود الصناعي المُشغل لمحطة التوليد الوحيدة في القطاع والتي لا تُعفى أيضاً من مأساة المواطن خاصة في ظل التقديرات الهائلة لأرباحها المالية خلال سنوات الأزمة التي بدأت منذ 2006 إبان قصف المحطة وتفاقمت حتى يومنا هذا.

 

فالطاقة الكهربائية لا تزور البيوت الغزية إلا ثماني ساعات في أفضل الأوقات وأحياناً تكون بالتتالي لكنها لا تزيد ساعات الوصل إلا قليلاً إذ يكون الجدول 8-2 وصل وكثيراً ما يكون 12+4 أو 8 قطع، هذه الحالة دعت المواطنين إلى البحث عن بدائل يُمكنهم بها القيام بأعمالهم اليومية ما أثر على جيوبهم بالسلب إلى الصفر في بعض الأحيان فيما كان التأثير الإيجابي الأكبر على (مستثمري الأزمة) فتعاظمت أرباحهم ونمت تجارتهم.

 

"الحدث" تبحث في أنواع بدائل الكهرباء التي لجأ إليها سكان قطاع غزة لإنارة بيوتهم وتأدية مهامهم، وتُبصر تكاليفها وكيف أثرت على حياتهم.

 

حسب بيان صادر عن شركة توزيع كهرباء غزة بتاريخ 7/1/2017، فإن توقف المولد الثاني في محطة التوليد فاقم نسبة العجز في إنتاج الطاقة ووصل إلى 438 ميغاوات أي ما نسبته (73%)، وأن ما يتوفر فقط 147 ميجا وات أي (27%) من حاجة القطاع والبالغة 550 ميجا وات، مؤكدة أن مُهمتها فقط استلام الكميات المتوفرة من محطة التوليد وتوزيعها وفق جدول يتذبذب وفق حالة الكمية.

 

بدائل لا تصمد

يؤكد مواطنون قابلتهم "الحدث" أن استخدامهم لبدائل الكهرباء يختلف باختلاف المشروع الاستثماري المطروح، وأشاروا إلى أن البداية كانت بالعودة إلى الإنارة بالشمع ومن ثمَّ لمبة الكاز في السنوات الأولى ومع استمرار الأزمة بدأت الشواحن تطفق إلى الأسواق ومنها إلى منازل المواطنين لتُنيرها بضعة ساعات تتراوح من 3- 6 حسب جودة البطارية الموصولة بالشاحن وجودة لوحة الإضاءة، يؤكد أحد المواطنين ويُدعى أبو بشير النّجار 55 عاماً من خان يونس، أن الشواحن غزت القطاع في زمن الأنفاق ومازال جُل فقراء القطاع يعتمدون عليها بالإضافة إلى الشموع باعتبارها الأرخص ثمناً.

 

ويُشير آخر إلى أن بدائل الطاقة الكهربائية تزايدت مع استمرار الأزمة ودخل الـ (يو بي اس) على خط الاستثمار ويقول أبو يزيد من حي النصر بمدينة غزة: "إن ساعات القطع الطويلة جعلته يُفكر في شراء (يو بي أس) قبل خمسة أعوام لينعم ببعض الإنارة في منزله"، ويُضيف الرجل الذي يعمل موظفاً في إحدى الوزارات الحكومية أن تكلفته كانت كبيرة جاوزت الـ500 دولار بحسب قوة الشحن ونوع البطارية والتمديدات الكهربائية في أرجاء المنزل، ويُتابع بألم أن مدة صلاحية الجهاز انتهت بعد عامين ومن ثمّ عمد إلى بديل آخر وهو الليدات، يوضح لنا أنها عبارة عن شريط فلاشي موصول ببطارية تُشحن بالكهرباء خلال ساعات الوصل ومن ثم تشغل الليد في ساعات القطع، يقول: "إن إنارتها مناسبة وتُسعف الطلاب أثناء الدراسة وتعد سبيل أفضل من الشموع أو الكشاف الكهربائي".

 

من ناحيتها تُشير أم يوسف العلمي 43 عاماً، إلى أنها جربت كافة البدائل السابقة لكنها لم تصمد أبداً وكانت في كل مرة تُعاني الويلات خاصة وأنها تُعيل ابناً يُعاني من شلل رباعي ويحتاج إلى الكهرباء على مدار الساعة لتشغيل أجهزة الحياة الموصولة بجسده، تؤكد السيدة أنها اشترت مولداً بقوة 5 كيلو لكن ما منعها من الاستمرار عليه انقطاع الوقود عن القطاع لفترات طويلة بالإضافة إلى ارتفاع أسعاره، وتُشير إلى أنها مؤخراً قررت شراء الكهرباء من أحد أصحاب النفوذ والمال في منطقتها، وتُشير إلى أنه يملك مولداً كبيراً جداً ويقوم بتوزيع خطوط كهرباء على منازل المواطنين الذي يرغبون بوسيلة بديلة عن كهرباء الشركة التي تُقطع لأكثر من 16 ساعة في اليوم، تدفع السيدة شهرياً ما يُقارب من 150 شيكل إضافة إلى فاتورة الشركة والتي تتراوح بين 200-250 شيكل، تقول: "إنها مُضطرة لتحمل تلك الأعباء المالية فقط لمنح ابنها بعضاً من الحياة عبر الأجهزة الموصولة في جسده".

 

الألواح الشمسية آخر صيحات البدائل

وإلى ذلك يُشير أبو باسل من حي الشجاعية بغزة إلى أن الألواح الشمسية كانت آخر صيحات المستثمرين في أزمة الطاقة الكهربائية، يؤكد أنه لجأ إلى هذا البديل للحفاظ على مصدر رزقه حيث يملك بقالة كبيرة وتحتاج الثلاجة فيه إلى كهرباء دائمة خاصة في الصيف حتى لا تتلف بضائعه، يقول: "إن تكلفة تركيب الألواح الشمسية بلغت 5 آلاف دولار"، ويُضيف مستدركاً أنها حققت له ربحاً جيداً.

 

وتُعد المولدات الكبيرة التي تُوزع خطوط كهرباء على منازل المواطنين مقابل مبالغ مُعينة تُحددها مدة التشغيل وقوة الخط، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية من أكثر المشاريع التي بدأ تنامى الاستثمار فيها بفعل تفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ويرى أصحاب تلك الاستثمارات إلى أنهم بمشاريعهم تلك يُخففون من عبء الأزمة عن المواطنين فيما يُؤكد مواطنون أنهم يُعمقون الأزمة بحلول ترقيعيه، وفق تقديرهم، ويُطالب أولئك باستراتيجية وطنية تعمل على حل أزمة الكهرباء جذرياً وتُعيد للمواطن حقه المسلوب منه في زحمة الانقسام والصراع على المال والسلطة.

 

وتُعد الشمس البديل الذي لا ينضب للطاقة الكهربائية ليس في قطاع غزة بل عالمياً، ولذلك يدعو الخبراء والاقتصاديون إلى ضرورة استثمار هذا البديل بما يمنح المواطن الفلسطيني وبخاصة الغزي حق التمتع بالطاقة على مدار الساعة ليلاً ونهاراً بعيداً عن نظام جدول التوزيع الذي أقرته شركة التوليد الوحيدة في قطاع غزة منذ ما يزيد على 10 أعوام، كان تأثيرها خطيرة على جيوب المواطنين إذ استنزفت منهم قرابة المليار ونصف المليار دولار لتوفير بدائل الكهرباء من "شموع، شواحن إضاءة، مولدات تعمل بالوقود الصناعي، بطاريات، ليدات، وأنظمة طاقة شمسية مؤخراً".

 

خسائر مالية كبيرة

بدوره يُؤكد ماهر الطبّاع الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية بغزة، أن حجم إنفاق المواطن الغزي على بدائل الطاقة الكهربائية تزايد بشكل مضطرد في ظل استمرار أزمة الكهرباء التي بدأت بقصف محطة التوليد في غزة إبان أسر الجندي جلعاد شاليط عام 2006، وقال لنا: "إن محطة التوليد بغزة استنزفت أموالاً طائلة كان من الواجب استثمارها في إنشاء محطات تعمل بالطاقة الشمسية بما يحل الأزمة جذرياً وليس مؤقتاً"، وأضاف على هامش مؤتمر بعنوان "آفاق الطاقة المتجددة في فلسطين" نظمه مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية الأسبوع الماضي أن استخدام الطاقة الشمسية كطاقة بديلة متجددة بإمكانه التخفيف من حدة أزمة الكهرباء في قطاع غزة والتي تجاوزت تكلفتها المليار دولار بنصف مليار آخر من أجل توفير بدائل مؤقتة منتهية الصلاحية، لافتاً أن أحد المباني السكنية استنزف خلال عام 2016 قرابة ربع مليون دولار فقط لشراء السولار المُشغل للمولد الكهربائي، وقال: "في ظل هذه المبالغ التي يُنفقها المواطن لتوفير البدائل فإنه لا داعي لوجود محطة التوليد في غزة" داعياً إلى إغلاقها خاصة في ظل الأرباح الكبيرة التي أُعلن عنها مُؤخراً والتي قُدرت بـ 110 مليون دولار منذ عام 2003 حتى الربع الأول من عام 2016.

 

ودعا الطبّاع إلى استثمار الأموال التي يتم التبرع بها لشراء السولار الصناعي المُشغل لمحطة توليد الكهرباء في إنشاء محطات طاقة شمسية كونها حل ناجع.

 

يجدر القول أنّه إذا ما عُمل بذلك وحولت أموال الداعمين إلى إنشاء محطات طاقة شمسية، يُمكن تحرير ملف الكهرباء من قبضة الانقسام ولن يتم التنازع بين حكومتي الانقسام في قطاع غزة والضفة المحتلة على فرض أو إعفاء ضريبة البلو المفروضة على الوقود الذي يدخل إلى القطاع لمحطة التوليد.

 

130 مواطناً قضوا بسبب الكهرباء

وعلى صعيدٍ آخر لم تكن الخسائر التي تكبدها المواطنون في قطاع غزة بسبب استمرار أزمة الكهرباء فقط مادية بل إنَّ قرابة 130 شخص قضوا بسبب البحث عن مصادر بديلة للكهرباء، حسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ناهيك عن المعاناة اليومية في تقييد حركة بعض السكان وخاصة كبار السن وحرمان المنازل من المياه نتيجة تضارب برامج وصولها مع فترات وصل الكهرباء، وبيّن المركز في تقرير إعلامي صدر عنه مؤخراً أن أزمة الكهرباء أثرت على السكان وعلى المنشآت الصناعية التي تعتمد على الكهرباء لتحريك عجلات ماكناتها كما وأثرت على المنشآت التجارية والمحال بتقليص ساعات العمل نظراً لعدم توفر البدائل التي تُناسب حالة الركود الاقتصادي التي يتكبدونها.

 

دعا المركز في تقريره الأطراف المسؤولة عن إدارة ملف الكهرباء إلى عدم زج المواطنين في أتون الصراع السياسي، وعدم التضحية بحقوقهم من أجل مصالح سياسية لأي طرف من الأطراف مُحملاً حكومة التوافق الوطني وسلطة الطاقة بغزة وشركة توزيع الكهرباء المسؤولية الكاملة عن تفاقم الأزمة، وشدد على ضرورة تشكيل لجنة وطنية مستقلة من شخصيات مهنية ذات خبرة في ميدان الطاقة الكهربائية وممثلون عن القوى السياسية والقطاع الخاص ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بصفة مراقبين، على أن تتولى الرقابة على الإدارة الجديدة لقطاع الكهرباء في قطاع غزة، وتقدم المساعدة الفنية واللوجستية في حال طلب منها ذلك.

 

الطاقة البديلة لا تُغني عن التقليدية

وفي ظل الدعوات المطالبة بالاستغناء عن الطاقة التقليدية واللجوء إلى الطاقة البديلة كحل جذري أكد فتحي الشيخ خليل نائب رئيس سلطة الطاقة بغزة أن ذلك لا يُمكن وقال: "إن استخدام الطاقة الشمسية سيحد تفاقم من الأزمة"، لافتاً إلى أن سلطة الطاقة في غزة خطت خطوات إيجابية في دعم مشاريع الطاقة البديلة وأضاف في حديثه خلال مؤتمر بال ثينك الذي حضرته "الحدث" أنهم عمدوا مؤخراً إلى تشجيع المشتركين على تركيب وحدات شمسية بقدرة 3 كيلو وات وتسديد قيمتها المالية على مدار 24 شهراً، وأضاف أن سلطة الطاقة تسعى في الآونة الأخيرة إلى تحويل الشبكة إلى شبكة حيّة كما عملت على إدخال العدادات الذكية.

 

ويرى الشيخ خليل أن ترشيد الاستهلاك من شأنه أن يُخفف من حدة أزمة الكهرباء، داعياً إلى ضرورة تثقيف المواطن وحمله على استهلاك الكهرباء وفق احتياجاته فقط بعيداً عن الإسراف خاصة وأن الطاقة المتجددة لم تصل إلى مرحلة متقدمة يُمكن معها الاستغناء عن الطاقة التقليدية خاصة في ظل ارتفاع أسعارها.