الأربعاء  08 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فشل سياسة ترامب الخارجية "الضغط الأقصى"

2020-01-21 03:38:06 PM
فشل سياسة ترامب الخارجية
ترامب

 

 الحدث العربي والدولي 

 نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالاً للكاتب جاكسون ديهل، وتحدث فيه أنه عندما تتم كتابة تقرير سبب وفاة سياسة ترامب الخارجية -الذي نأمل أن يكون عاجلاً وليس آجلاً- ستبرز عبارة ستكون هي العلامة المميزة لفشل ترامب: "الضغط الأقصى".

أضاف ديهل أن جزء كبير من المشاركة الدولية لهذا الرئيس بمثابة مزيج من الإجراءات المتهورة والمتناقضة. ولكن بالقدر الذي يجعل هناك عقيدة ترامب: استخدم التعرفة الجمركية، والعقوبات وغيرها من وسائل الضغوط الاقتصادية لإجبار أعداء أمريكا، وبالمقدار ذاته حلفاؤها، على الخضوع لمطالب البيت الأبيض.

يشير الكاتب إلى أن كمية هذه الضغوط تفاوتت؛ من الصين إلى كوريا الجنوبية ومن أوكرانيا إلى المكسيك. وكذلك النتائج. لكن في ثلاث حالات، وهي كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا، فإن سياسة ترامب الصريحة كانت هي (الضغط الأقصى)، وفي تلك الحالات فإن السجل إلى الآن واضح: فشل أقصى.

يتابع الكاتب: "كان من المفترض أن يؤدي الضغط الأقصى على نظام كيم جونغ أون إلى حثه على أن يتنازل عن ترسانته النووية والكيماوية والبيولوجية كلها، وبعد ثلاث سنوات فإن النظام لا يزال يصنع تلك الأسلحة، وأعلن على الملأ أنه لن يتفاوض مع إدارة ترامب. وليس من المؤكد إن كان الرئيس كيم سيأمر بالعودة إلى اختبار الصواريخ بعيدة المدى والرؤوس النووية في الأشهر القليلة القادمة، وبالتالي سيتسبب بأزمة لترامب في عام الانتخابات، لكن ما هو أكيد هو أن كوريا الشمالية ستنهي الدورة الأولى لترامب وقد حصلت على حوالي 12 قنبلة نووية جديدة لم تكن لديها عندما بدأ ترامب رئاسته".

يوضح الكاتب أنه من المفترض أن تؤدي سياسة "الضغط الأقصى" إلى اجبار إيران على للعودة للتفاوض حول القيود على برنامجها النووي، وربما تتسبب بانهيار النظام. وبدلاً من ذلك وبحلول نهاية العام، من المحتمل أن يكون نظام آية الله علي خامنئي قد خصب ما يكفي من اليورانيوم لصناعة قنبلة نووية، وفقاً لآخر تقييم للمخابرات "الإسرائيلية"، وكانت الاتفاقية السابقة التي قام ترامب بتمزيقها تضمن أن تبقى طهران بعيدة عن ذلك لمدة عام على الأقل.

يرى ديهل بأن الاقتصاد الإيراني تراجع بنسبة 10%، والكثير من المواطنين متمردون، واللواء قاسم سليماني، مهندس المغامرات الخارجية، قد مات، لكن هذا النظام، مثل نظام كيم، استبعد إجراء أي مفاوضات مع ترامب، وإلى الآن فإن استعداد النظام لفتح النار على المحتجين بدون رحمة قد أبقى المعارضة الداخلية صامتة، ويمكن أن يتسبب ذلك أيضاً بمتاعب للرئيس ترامب من الآن وحتى نوفمبر القادم، وذلك من خلال هجمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط أو من خلال الإنترنت، لكن الذي لن يحصل هو صفقة نووية جديدة.

يفيد دهيل بأن أكبر فشل والأقل ملاحظة لسياسة "الضغط الأقصى" في فنزويلا، وهي بلد لا تبعد سوى ثلاث ساعات بالطائرة من ميامي، وكانت تعتمد لعقود طويلة على الولايات المتحدة للحصول على عائدات النفط، كانت تعتمد بشدة على الولايات المتحدة للحصول على عائدات النفط لعقود من الزمن. وقام ترامب بقطع ذلك الدخل واثقاً من أنه سيقوض أركان الديكتاتورية الاشتراكية التي تمر في حالة انهيار اقتصادي وسياسي.

يتابع الكاتب أنه بدلاً من ذلك، بعد سنة، يبدو أن نظام نيكولاس مادورو قد استقر. وعادت الأنوار إلى كاراكاس، والمتاجر التي فرغت من البضائع سابقاً هي ممتلئة اليوم، وتم الاطاحة بالمعارضة السياسية التي تدعمها أمريكا من المجلس الوطني، ومطلب ترامب -بأن يتنحى مادورو ويفسح المجال لانتخابات جديدة- لن يتحقق في أي وقت قريب.

يتساءل الكاتب لماذا تعمل سياسة "الضغط الأقصى"؟ وليس صعباً استدراك الأسباب، أولاً: وضع ترامب أهدافا غير واقعية. كما أشار العديد من خبراء كوريا الشمالية قبل ثلاث سنوات، لم يكن كيك أبداً ليسلم ترسانته بأكملها بجرة قلم. ففي أحسن الأحوال، كان يمكن إقناعه بعملية تدريجية، ويما يتعلق بإيران، فإن وزير الخارجية، مايك بومبيو طالب بعدد كبير من التنازلات لا يمكن تحقيقها دون تغيير النظام، أما في هدف سياسته في فنزويلا فيفترض أن تجعل زمرة مادورو الاجرامية، التي ليس لها مكان تلجأ إليه، تسلم الحكومة عن طيب خاطر، أو أن يطيح بها جنرالات بالمستوى ذاته من الفساد.

وفقاً للكاتب كان خطأ ترامب التالي هو افتراض أن الفعل الأمريكي أحادي الجانب كان كافياً للنجاح، وأنه لم يكن بحاجة للحصول على التعاون الدولي الذي كان يحصل عليه الرؤساء السابقون. وكان مخطئاً، فالصين، التي فقد ترامب دعمها عندما شن عليها حرباً اقتصادية، قامت بصمت بدعم كوريا الشمالية لتمكنها من تجاوز العقوبات، وفعلت روسيا الشيء ذاته مع فنزويلا، التي ساعدتها في بيع 70 % من نفطها، فيما رفض حلفاء أمريكا الأوروبيون الانضمام إلى ترامب في إلغاء الاتفاقية النووية مع إيران وإعادة فرض العقوبات، وحتى بلدان الشرق الأوسط، مثل السعودية، قامت بصمت بالسعي لتحقيق تسوية للخلافات مع طهران.

يرى الكاتب بأن أكبر خطأ في تقديرات ترامب هو  الاعتقاد أن السلاح الاقتصادي سيكون كافياً للتعامل مع أمثال كيم وخامنئي ومادورو، فهو افترض بأن تحقيق الازدهار كان أكبر أولوية لهم، لكن الأمر لم يكن كذلك، وتحدث بحماسة عن مشاريع البناء على شواطئ كوريا الشمالية، لكن هؤلاء الديكتاتوريين لا تهمهم المنتجعات الجذابة، فاهتمامهم الوحيد يتمثل في بقائهم وبقاء أيديولوجياتهم المتطرفة.

يختتم دهيل مقالته بالقول: "الضغط الاقتصادي تنجح أحياناً، وقد قدمت المكسيك تنازلات إلى ترامب لتفادي العقوبات، كما فعلت الصين. لكن بالنسبة للحالات الصعبة، فإنه بديل سيء للسياسة الخارجية متعددة الأوجه. وهذا هو السبب الذي جعل استراتيجية "الضغط الأقصى" شعار رئاسة ترامب: استراتيجية فجه ونصف مطبوخة مصيرها الفشل".