السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بنك الاستقلال بين العنب والناطور/ بقلم: عيسى قسيس

2020-10-15 07:35:04 PM
بنك الاستقلال بين العنب والناطور/ بقلم: عيسى قسيس
عيسى قسيس

لقد كان لتوجه الحكومة وقرار الرئيس بتأسيس بنك الاستقلال، صدى كبير في النظام المالي الفلسطيني والسبب العام والطاغي مبني على مقولة "الباب اللي بيجي منه الريح"، سيما وأن القرار كان ردة فعل للقرار العسكري بخصوص الرواتب الشهرية للأسرى والذي صدر ويؤجل تنفيذه إلى حين استكمال أسباب تبرر التنفيذ ومقبولة لدى المجتمع الدولي. إذن نحن الآن أمام قرارات وتبعيات وهي الأهم ويجب أن تستند ردة فعلنا إلى السبيل الأفضل والذي يمكن أن لا يكون هو الأسرع أو الأسهل ولكنه الأضمن للحقوق والأضمن للقطاع على المدى القريب والمتوسط في الحد الأدنى. 

 كمتعمق في المشهد المالي أقول بأن قرارنا يجب أن يكون مهنيا بامتياز خالٍ من الشعبوية، فلدينا من الخبرة والكفاءة والدهاء ما يمكننا من اختيار الطريق الآمن بدل السريع، طريق بمسربين لا بمسرب واحد، فماذا عسانا أن نفعل؟ 

إن قرار إنشاء البنك والقرار العسكري المذكور، قراران متضادان لا يكمل أحدهما الآخر ولا يعالج أحدهما أعراض وآثار الآخر. فمن غايات هذا الجسم "بنك الاستقلال كما سمي" هو دفع رواتب القطاع العام لأكثر من 350,000 موظف ومنتفع منهم 120,000 شؤون اجتماعية  و38,000 أسر شهداء وأسرى. لن يقوم هذا الجسم بأية أعمال مصرفية أخرى وبالتالي اسم بنك غير منصف برأيي كبداية. أما الأمر العسكري فله ما استند إليه من حجج سطحية وعليه الكثير ولكنه أمر عسكري يجب التعامل معه بجدية أو العمل على حرف مساره.  من هنا نلاحظ بأن استقلالية مدفوعات الحكومة شيء مفروغ منه مع أو بدون أمر عسكري ويجب المضي قدما في تطبيقه بالأخص لمجموعة مختارة وبدون الاكتراث لأي أمر ولكن بآلية مختلفة تضمن استمرار نظام الرواتب الحالي وهذا لا يتم من خلال إنشاء بنك جديد بل صندوق/جسم لا يهز مضجع واقعنا الحالي. فجميع دول العالم والمؤسسات الدولية والتنموية تتعامل ماليا مع الحكومة الفلسطينية ممثلة بوزارة المالية وقد أخذ هذا البروتوكول احترام العالم بمن فيهم الاحتلال وعلاقته معنا من خلال ما تبقى من بروتوكولات الملحق الاقتصادي / باريس. فهذا الجسم الجديد بحاجة إلى مدخل مستقل لغرفة المقاصة وهذا غير ممكن لغير البنوك ولا يوجد أنصاف حلول من هذا المنظور وبالتالي الحل ليس سحريا بل عمليا. 

لماذا ننظر فقط من منظور سلطة النقد الفلسطينية؟ أين المنظم الشريك لسلطة النقد في رقابة وتنظيم القطاع المالي "غير المصرفي" والإرث الكبير لديه في الاستقرار المالي الفلسطيني؟ دور ومسؤولية البنك المركزي معروفة ومشرعة دوليا وما زاد عن ذلك مشاركة مع منظم آخر خلق تكاملية مع القطاع المصرفي وقادر على إيجاد الحلول الاستراتيجية بعيدة المدى بالمشاركة مع البنك المركزي ليس في محدودية الرواتب بل من خلال إطار واسع وشامل للقطاعين المالي والمصرفي الفلسطيني . الشريك الثاني والذي يشكل قاسما مشتركا هو التكنولوجيا والتي لعبت وتلعب دورا محوريا في خدمات الدفع غير التقليدي والولوج بنظام المدفوعات لمستويات أعلى. بنهاية المطاف، أمامنا العنب والناطور.