السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مجلة أمريكية: أوجه الشبه بين الانتخابات الأمريكية لعام 2020 وتلك الخاصة بالديمقراطيات الهشة

2020-10-27 07:12:34 PM
مجلة أمريكية: أوجه الشبه بين الانتخابات الأمريكية لعام 2020 وتلك الخاصة بالديمقراطيات الهشة
الانتخابات الأمريكية

 

الحدث - جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالاً لإريك بيورنلوند مؤسسة منظمة "الديمقراطية الدولة" ومؤلف كتاب "ما وراء الديمقراطية الحرة، وتحدث فيه أن مهاجمة الرئيس الحالي للولايات المتحدة للعملية الانتخابية باعتبارها مزورة، ورفض الالتزام بقبول بنتائجها، فإن الانتخابات الأمريكية في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني تشبه على نحو متزايد الانتخابات في الديمقراطيات المتعثرة والدول الاستبدادية.

يقول الكاتب: إنني أتكلم من خلال تجربتي الشخصية، بعد أن أدرت حوالي 40 من جهود مراقبة الانتخابات في 22 بلداً على مدى أكثر من 30 عاماً.

يتابع الكاتب: بصفتي المؤسس المشارك ورئيس منظمة "الديمقراطية الدولة"، أرى الآن أن الولايات المتحدة تتعرض للعديد من المشاكل التي تواجه الانتخابات بنفس أنواعها التي طالما انتقدناها في مجتمع مراقبة الانتخابات الدولية في البلدان التي تكون فيها الديمقراطية أقل رسوخاً. ففي الديمقراطيات الحقيقية الراسخة، لا يهاجم المنافسون السياسيون بشكل عام قواعد العملية أو نزاهتها، أو يتهمون المرشح المنافس أو السلطات الانتخابية بالغش أو تخويف الناخبين أو تهديدهم بالعنف. وفي البلدان الأقل ديمقراطية، تكون الشكاوى حول الاحتيال والإنصاف روتينية، وغالباً ما يكون العنف - أو التهديد به - مُتَنَكِراً. وهذا يميل إلى تقويض ثقة الجمهور في الانتخابات وفي الديمقراطية نفسها.

يضيف الكاتب بيورنلوند: في الديمقراطيات الاستبدادية المتعثرة التي راقبت فيها الانتخابات، فإن الكثير من الجدل يتعلق بنزاهة القواعد والعملية الانتخابية ذاتها. كما يهاجم المرشح الخاسر بشكل روتيني نزاهة العملية الانتخابية، سواء على أساس موضوعي أو بدونه. في الواقع، يمكنك أن تقول إن دولة ما ليست (أو ليست بعد) ديمقراطية ناجحة عندما يلقي الخاسرون في الانتخابات باللوم على التزوير في خسارتهم ومهاجمة شرعية العملية.

يقول الكاتب: يمكن الآن مقارنة الولايات المتحدة ببنغلادش: فالأخيرة تحمل العديد من السمات المميزة للديمقراطية، مثل الانتخابات متعددة الأحزاب والبرلمان الفعال، ولكن في كل من الانتخابات الوطنية الستة منذ انتقال البلاد من الاستبداد في عام 1991، اتهم الحزب الخاسر الحزب الفائز بتزوير التصويت.

يطرح الكاتب مثال آخر على ذلك، وهي مصر، التي ضاعت عليها فرصة التحرك نحو الديمقراطية الحقيقية منذ ثورتها في عام 2011، حيث تم الطعن بنزاهة الانتخابات. وفي الانتخابات الرئاسية في أفغانستان في كل من عام 2014 و2019، رفض المرشح عبد الله عبد الله التنازل للفائز المعلن، الرئيس أشرف غني، مما أغرق البلاد في أزمة سياسية. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن تؤدي الادعاءات بتزوير الانتخابات إلى اندلاع أعمال عنف، كما حدث في كينيا في عام 2007، حيث قُتل نحو 1400 شخص. وعلى الرغم من أن الانتخابات الأخيرة في كينيا شهدت عنفاً أقل، فإن الأحزاب الخاسرة اشتكت مرة أخرى من أن الانتخابات قد زورت.

وعلى غرار المنافسين السياسيين في البلدان غير الديمقراطية، شكك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقوة في مصداقية العملية الانتخابية. فخلال المناظرة الرئاسية التي جرت في 29 أيلول/سبتمبر، على سبيل المثال، زعم ترامب، دون دليل، أنه "سيكون هناك احتيال لم تره من قبل". وعلى الرغم من أن التصويت عن طريق البريد نزيهة ولا تشوبها شائبة في جميع أنحاء البلاد، إلا أن ترامب استخف مراراً وتكراراً باقتراع الغائبين، واصفاً إياه بأنه "فظيع" و"فاسد". غرد قائلاً: "بطاقات الاقتراع البريدية خطيرة جداً. هناك احتيال هائل ينطوي على عدم شرعية هائلة".

وفي مقطع فيديو ظهر على الانترنت مؤخراً، أكد ابن ترامب: "اليسار الراديكالي يمهد الطريق لسرقة هذه الانتخابات من والدي... خطتهم هي إضافة الملايين من بطاقات الاقتراع المزورة التي يمكن أن تلغي التصويت ولا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك". ووصف جوسلين بنسون، التي تشرف على الانتخابات في ميشيغان، بأنها "وزيرة خارجية مارقة" واتهمها بالتصرف "بشكل غير قانوني ودون إذن" لتنفيذ سياسة الولاية السارية قانوناً بشأن بطاقات الاقتراع الغيابي. كما هدد "بوقف التمويل عن ميشيغان إذا كانوا يريدون السير في هذا الطريق تزوير الانتخابات!" إذا خسر ترامب الانتخابات وألقى باللوم على التزوير، فإنه سينضم إلى تقليد طويل من الحكام المستبدين الذين خسروا انتخاباتهم.

يشير الكاتب إلى أن ترهيب الناخبين في مراكز الاقتراع من قبل قوات أمن غير رسمية – أو من قبل مراقبي الاقتراع المنتمين إلى أحزاب سياسية – هو ممارسة أخرى غالباً ما تشاهد في البلدان الأقل ديمقراطية وينتقدها مراقبون دوليون للانتخابات. نحن ندعو بقوة إلى أن يتمكن المراقبون الشرعيون من مجموعات المواطنين غير الحزبية والأحزاب السياسية من الوصول إلى مراكز الاقتراع، لكن المعايير الدولية تتطلب بشكل عام اعتماد مراقبي الانتخابات وتدريبهم، وعدم السماح لهم أبداً بتعطيل مراكز الاقتراع أو مضايقة الناخبين.

وخلال الانتخابات التي جرت في مصر في 2014 و2015، انتقدنا وجود أفراد مسلحين يرتدون ملابس مدنية في مراكز الاقتراع. وفي ميانمار في عام 2015، أعرب المراقبون عن قلقهم إزاء تجنيد مدنيين في قوة شرطة مساعدة سيتم نشرها في مراكز الاقتراع. وفي فنزويلا عام 2018، نصب نشطاء الحزب الحاكم خياماً حمراء خارج مراكز التصويت في محاولة واضحة للضغط على الناخبين. ويبدو أن وجود هذه الأنواع من الجماعات يسير جنباً إلى جنب مع زيادة خطر العنف: ففي بنغلاديش وباكستان، على سبيل المثال، غالباً ما تظهر العصابات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية في مراكز الاقتراع لثني مؤيدي خصومها عن التصويت، كما أن الاشتباكات بين مؤيدي الأحزاب المعارضة ليست أمراً غير مألوف. ففي الانتخابات التي جرت في أفغانستان على مدى السنوات الـ 15 الماضية، هددت الجماعات المعارضة للحكومة أو الديمقراطية بشكل عام الناخبين بالعنف.

يرى الكاتب أنه يمكن مقارنة هذه الممارسات بما يحدث الآن في الولايات المتحدة: فقد حث ترامب مؤيديه على "الذهاب إلى صناديق الاقتراع ومشاهدة الأمور بعناية فائقة". وقد أعلن دونالد ترامب الابن: " نحن بحاجة الى كل رجل وامرأة يتمتعان بالقوة الجسدية للانضمام إلى الجيش في عملية أمن الانتخابات نريد منكم مساعدتنا في مشاهدتها". والفكرة هي أن ما يسمى بجيش المؤيدين سوف يظهرون في مراكز الاقتراع للدفاع عن تصويتهم ضد التزوير المفترض من قبل أنصار المرشح الديمقراطي جو بايدن.  

يعقب الكاتب على كلام ابن الرئيس ترامب قائلاً: ويبدو أن هذا الخطاب يشجع على المواجهة الأهلية خلال الانتخابات، وبالتالي يزيد من خطر العنف.

يتابع الكاتب: وفي حديث لها في آب/أغسطس، بدا أن كبير مستشاري ترامب كيليان كونواي ترحب بالعنف قبل الانتخابات، حيث قالت: " كلما سادت الفوضى والفوضى والتخريب والعنف، كان ذلك أفضل بالنسبة للاختيار الواضح للغاية بشأن من هو الأفضل في مجال السلامة العامة والقانون والنظام".

يوضح الكاتب: من اللافت أن يدعو رئيس أميركي والمقربين منه إلى اتخاذ إجراءات أو استخدام لغة قد تحرض على العنف أو تنطوي على تأييده. وهذه اللغة هي بطبيعتها مخيفة، ناهيك عن أنها خطيرة. وكما هو الحال مع الانتخابات في البلدان الهشة أو غير الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، هناك كل الأسباب للقلق بشأن تصاعد المواجهة في يوم الانتخابات، وأن أيًا كان الطرف الذي يخسر انتخابات عام 2020 في الولايات المتحدة سنرى خروج مؤيديه إلى الشوارع.

يقول الكاتب: كما أن المشاكل الأخرى الشائعة في الانتخابات المثيرة للجدل في البلدان النامية هي أيضاً شائعة في الولايات المتحدة. فقد انتقد المراقبون الدوليون، على سبيل المثال، السلطات في العديد من البلدان بسبب العقبات التي تعترض تسجيل الناخبين والاقتراع، مما قد يؤدي إلى قمع مجموعات محددة من الناخبين. ففي ميانمار، لا يُسمح عموماً لأفراد أقلية الروهينغيا بالتصويت؛ وفي أفغانستان، كانت المشاركة في الانتخابات صعبة بشكل خاص بالنسبة للنساء. وبالمثل، في فلوريدا، كافحت المؤسسة الجمهورية لتقويض تعديل دستوري للولاية يتطلب إعادة حقوق التصويت للمواطنين الذين صدرت بحقهم إدانات جنائية سابقة من خلال تمرير التشريعات واستخدام المحاكم للحد من هذه الحقوق. وفي جورجيا، في الفترة التي سبقت انتخابات التجديد النصفي لعام 2018، اعتمد وزير الخارجية بريان كيمب والهيئة التشريعية للولاية ما يسمى بنظام التطابق الدقيق لقوائم الناخبين التي تضمنت 53,000 تسجيل للناخبين، منها 70% شملت ناخبين من الأقليات.

في ولاية تكساس هذا العام، رفضت سلطات الولاية توسيع نطاق استخدام اقتراع الغائبين على الرغم من انتشار الوباء المستمر، وقد أصدر الحاكم الجمهوري جريج أبوت مرسوماً يقضي بأن كل مقاطعة – حتى أكثرها اكتظاظاً – لا يمكن أن يكون لديها سوى صندوق واحد فقط للاقتراع المبكر، مما يجعل التصويت أقل بكثير مما يؤثر بشكل غير متناسب على المناطق الحضرية الأكثر احتمالاً للتصويت الديمقراطي.

ويؤكد العديد من النقاد أن التخفيضات الأخيرة في الخدمات من قبل الخدمة البريدية الأميركية بناء على أمر من مدير البريد العام (والمتبرع لترامب) لويس ديجوي يبدو أنه من المقرر أن يبطئ تسليم بطاقات الاقتراع بالبريد.

وبالمثل، يدعو المراقبون الدوليون بشكل روتيني إلى إنشاء سلطات انتخابية مستقلة للإشراف على تفسير وتنفيذ قوانين الانتخابات، وإدارة الانتخابات نفسها، حيث أن هيئات إدارة الانتخابات الرسمية غالباً ما تفضل الأحزاب الحاكمة. وفي نواح حديدة، فإن هذه المشكلة أسوأ في الواقع في الولايات المتحدة، حيث لا توجد سلطة انتخابية وطنية كما هو الحال في معظم الديمقراطيات، وحيث يدير المسؤولون السياسيون الحزبيون في الولايات والموظفين السياسيين المحليين الانتخابات بشكل عام.

يوضح الكاتب بأنه خلال الانتخابات نفسها، يحث المراقبون الدوليون دائماً المرشحين والأحزاب والناخبين على الانتظار بصبر حتى يتم فرز الأصوات وتجنب اعلان الفوز قبل الموحد المحدد، أو التشكيك بالفرز، كما حدث في عشرات الأماكن، بما في ذلك أفغانستان في عام 2014، وهندوراس وكينيا في عام 2017، وغيانا وملاوي هذا العام.

وفي الولايات المتحدة هذا العام، ذكرت وكالة أسوشيتد برس الإخبارية أن "بعض حلفاء ترامب يقولون إن أفضل رهان لهم هو الأمل في أن تبدو النتائج قريبة ليلة الانتخابات، قبل فرز بعض بطاقات الاقتراع البريدية، مما يسمح لترامب بإعلان فوزه وإلقاء النتائج على المحاكم". ويبدو أن ترامب يريد من المحكمة العليا الأميركية التدخل نيابة عنه في أي نزاع بعد الانتخابات حول فرز الأصوات. وخلال المناظرة الرئاسية الأولى، اعترف بأنه يريد من المحكمة العليا "النظر في بطاقات الاقتراع"، داعياً إلى تثبيت مرشحة المحكمة العليا إيمي كوني باريت في الوقت المناسب لها للمشاركة في مثل هذه القضية. وقال "أعتقد أن [الانتخابات] ستنتهي في المحكمة العليا". وأضاف "اعتقد انه من المهم جداً أن يكون لدينا تسعة قضاة".

يضيف الكاتب: ومن واقع التجربة في مراقبة الانتخابات في جميع أنحاء العالم، نعلم أن ما يميز الديمقراطية الحقيقية عن الديمقراطية المضطربة أو المزيفة هو أن جميع المرشحين والأحزاب الرئيسة تقبل القواعد وأولئك الذين يخسرون يقبلون ويحترمون النتائج. ولا تستمد الشرعية من القوانين والقواعد التي تحكم النظام فحسب، بل أيضاً من القبول الواسع لقواعد اللعبة وشرعية العملية.

يختتم الكاتب مقالته بالقول: ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى هجمات ترامب على العملية، وتبدو الانتخابات في الولايات المتحدة أكثر فأكثر مثل تلك التي لاحظناها في البلدان الأقل ديمقراطية. هذه هي أنواع المشاكل التي تثير قلقاً دولياً كبيراً. فهي تضر بثقة الجمهور في العملية الانتخابية الأميركية وتهدد بتقويض شرعية الديمقراطية في الولايات المتحدة.