الأربعاء  01 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

موازنة الأجهزة الأمنية تفتقد الشفافية وتعاني خللا بنيويا في هيكلية نفقاتها

راتب اللواء الواحد الشهري يعادل رواتب ستة جنود وارتفاع عدد الضباط سبب مهم لارتفاع فاتورة الرواتب

2019-11-21 04:27:41 PM
موازنة الأجهزة الأمنية تفتقد الشفافية وتعاني خللا بنيويا في هيكلية نفقاتها
الأجهزة الأمنية الفلسطينية

 

 

 خاص الحدث

يكشف المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن الفلسطيني، أن راتب اللواء الواحد الشهري يعادل رواتب ستة جنود، والراتب الشهري للعميد يعادل رواتب خمسة جنود، وراتب العقيد يعادل رواتب أربعة جنود، ما يدل على أن ارتفاع عدد الضباط بشكل عام سبب مهم ومباشر لارتفاع فاتورة الرواتب وموازنة الأمن في فلسطين.

الأمر الذي دفع المراقبين القانونيين والحقوقيين لمطالبة وزارة المالية بإعادة النظر في هيكلية موازنة قطاع الأمن لمعالجة الخلل البنيوي لتعزيز قدرته على العمل بشكل فعال، ما يتطلب إعادة النظر في أعداد العاملين وتطوير سياسات التوظيف في هذا القطاع من ناحية، والزيادة في نسبة النفقات التشغيلية والرأسمالية من موازنة قطاع الأمن لتوفير المستلزمات والإمكانيات بهدف تعزيز قدراتها للقيام بالمهام المنوطة بها.

كما وطالبوا مجلس الوزراء بإقرار نظام مالي للمؤسسة الأمنية يحدد آليات الإنفاق ومسؤوليات الجهات المختلفة في قطاع الأمن أو تعديل النظام المالي للعام 2005 وتعديلاته المعمول به في السلطة الفلسطينية بما يراعي خصوصية عمل الأجهزة الأمنية. كما ويترتب على وزارة المالية أن تقدم الأرقام الدقيقة في الموازنة العامة لعدد العاملين في قطاع الأمن، وتوزيعهم على الأجهزة الأمنية وعدم الاكتفاء بالأعداد الإجمالية حسب الرتب.

وشدد هؤلاء، على ضرورة توضيح الاعتمادات المالية والنفقات للأجهزة الأمنية والهيئات العسكرية العاملة في قطاع الأمن، فيما يترتب على وزارة المالية الالتزام بالأسقف المالية المعتمدة في الموازنة السنوية لتتمكن الأجهزة الأمنية من التخطيط الجيد، كما يجدر بالوزارة فصل نفقات الإدارة المالية المركزية عن نفقات وزارة الداخلية في التقارير الشهرية لوزارة المالية وفقا لما ورد في قانون الموازنة، وضرورة استكمال عملية الإصلاح المالي في قطاع الأمن بوضع آليات واضحة ومحددة لبعض بنود الإنفاق مثل المهمات الداخلية "النثرية".

تنفيذ سياسة التقاعد المبكر سبب حقيقي لانخفاض حجم موازنة الأمن

ويؤكد ناصر عويضات الباحث في ائتلاف "أمان"، انخفاض حجم موازنة الأمن المرصودة لعام 2018 قياسا بالسنوات السابقة، معتبراً إياها الأقل حتى الآن، ما يشير إلى تحسن مبدئي في توزيع الحصص على القطاعات المختلفة للموازنة العامة، إلا أن السبب الحقيقي لهذا الانخفاض يعود إلى تنفيذ سياسة التقاعد المبكر الاختياري والقسري الذي طبقته الحكومة الفلسطينية على أكثر من 11,055 موظفاً عسكريا وفقا للبيانات والأرقام الواردة في موازنة العام 2018، حيث لا توجد إشارة إلى أن هناك ترشيدا للنفقات الأخرى في قطاع الأمن.

وتمثل موازنة قطاع الأمن (النفقات الجارية والنفقات التطويرية معا) حوالي 21% من مجمل الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية، إذ بلغت الموازنة الجارية لقطاع الأمن ما يقارب 3.475 مليار شيقل عام 2018، 83.5% منها رواتب وأجور، فيما يتوزع الباقي ما بين النفقات التشغيلية (7.6%) والنفقات التحويلية (8.6%) والنفقات الرأسمالية (أقل من 1%).

غياب نظام مالي يحدد المشتريات ذات الطبيعة الأمنية الحساسة

ويرى عويضات، استمرار قطاع الأمن بالعمل باللائحة المالية الاستثنائية الصادرة عن رئيس الحكومة وتجدد العمل بها سنويا من قبل وزير المالية دون نشرها أو العمل على إقرار نظام مالي خاص بالمؤسسة الأمنية يحدد آليات الإنفاق ومسؤوليات الجهات المختلفة من قبل مجلس الوزراء الذي لم يصدر بعد نظاما يحدد المشتريات ذات الطبيعة الأمنية الحساسة المنصوص عليها في القرار بقانون رقم 8 لسنة 2014 بشأن الشراء العام وينظم آليات الشراء المتبعة لهذا النوع من المشتريات.

ويؤكد عويضات، أن موازنة قطاع الأمن ما زالت تعاني خللا بنيويا في هيكلية النفقات، الأمر الذي يتطلب النظر في إعادة هيكلة المؤسسات والأجهزة الأمنية من الأعداد الضرورية لعمل الجهاز وإعادة تدوير الفائض لبعض الأجهزة، وتقليل أعداد الرتب العالية وزيادة عدد الأفراد والرتب التنفيذية لحماية المواطنين وممتلكاتهم وضمان سيادة القانون والحفاظ على النظام العام، والزيادة في نسبة النفقات التشغيلية والرأسمالية من موازنة قطاع الأمن لتعزيز قدراتها للقيام بالمهام المنوطة بها لخدمة المواطنين، وعلى ضرورة إعادة النظر في أعداد العاملين وتطوير سياسات التوظيف في هذا القطاع.

ويؤكد عويضات أن جهاز المخابرات العامة ما زال يرفض الخضوع لرقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية، بحجة أنه يخضع لرقابة الرئيس من خلال المراقب المالي الذي يعينه الرئيس، وما زالت قدرة ديوان الرقابة محدودة في الرقابة على بعض بنود الإنفاق والتحقق من سلامة الإجراءات فيما يتعلق بالمهمات الداخلية "النثرية"، حيث يغلق هذا البند استثنائيا دون توفر فواتير أو نظام محدد، كما أنه لا يوجد رقابة على الميزانية غير المصرح بها التي تحصل عليها الأجهزة الأمنية.

يقول عويضات: "نتيجة لغياب المجلس التشريعي صاحب الاختصاص في إقرار الموازنات العامة والرقابة على حسن تنفيذها؛ افتقدت شفافية موازنة الأجهزة الأمنية، حيث لا تقدم الموازنة العامة أي تفصيلات بخصوص الأجهزة سوى أرقام مبهمة دون توضيحات".

الآثار المترتبة على إشكالية توزيع الرتب العسكرية والحلول الممكنة لتصويب الخلل وتخفيض النفقات

في حين شدد الباحث علاء لحلوح، على إشكالية توزيع الرتب العسكرية على العاملين في قوى الأمن، مبيّنا الآثار المترتبة على ذلك والحلول الممكنة للمساهمة في تصويب الخلل الكامن وتخفيض النفقات، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية على أسس مهنية وصحيحة، وتعزيز دورها في تطبيق القانون وفرض النظام والأمن العام.

وأظهر لحلوح عدد العاملين العسكريين في قوى الأمن الفلسطينية البالغ 65.829 عسكرياً عام 2018،  وانخفض عن الأعوام السابقة، ويعود ذلك إلى تطبيق سياسة التقاعد المبكر الاختياري والقسري الذي طبقته الحكومة الفلسطينية على حوالي 18 ألف عسكري معظمهم من قطاع غزة.

راتب اللواء الشهري يعادل رواتب ستة جنود

ويؤكد لحلوح، أن مجموع الرواتب الشهرية المخصصة للعاملين في قوى الأمن بلغ 242 مليون شيقل شهريا، 63% منها رواتب لفئات الضباط من ملازم وحتى لواء. ويعود ذلك كون عدد الضباط مرتفع، حيث يعتبر راتب الضابط من ملازم أول أضعاف راتب الجندي أو ضابط الصف.

وبين لحلوح، أن راتب اللواء الواحد الشهري يعادل الراتب الشهري لستة جنود، والراتب الشهري للعميد يعادل رواتب خمسة جنود، وراتب العقيد يعادل رواتب أربعة جنود، ما يدل على أن ارتفاع عدد الضباط بشكل عام سبب مهم ومباشر لارتفاع فاتورة الرواتب وموازنة الأمن في فلسطين.

غياب لوائح تنفيذية لقانون الخدمة في قوى الأمن

ويطالب لحلوح، بالالتزام الدقيق بقانون الخدمة في قوى الأمن فيما يتعلق بالتجنيد والشروط الواجب توافرها في المرشحين للترقية ومدة الخدمة لمن هم برتبة لواء، وتفعيل مخارج الخدمة المنصوص عليها في قانون الخدمة في قوى الأمن، بإنهاء خدمات الضباط المؤهلين الذين لم يشملهم الاختيار وغير المؤهلين ومنحهم راتباً تقاعدياً وفقاً لقانون التقاعد العام، وإقرار هياكل تنظيمية لقوى الأمن المختلفة حسب الأصول، وتحديد احتياج الأجهزة الأمنية من كل رتبة من لواء ولغاية جندي، وتحديد رتب قادة الأجهزة الأمنية الرئيسة برتبة لواء وباقي الإدارات المركزية برتبة عميد، وإصدار اللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ قانون الخدمة في قوى الأمن، كذلك تحويل المنح والابتعاث للخارج لدورات تخصصية تلبي احتياجات المؤسسة الأمنية بكافة إداراتها، الأمر الذي ينطبق على جامعة الاستقلال أيضا، وأخيرا عمل دراسة حقيقية وواقعية لاحتياجات المؤسسة الأمنية من كافة الرتب والتخصصات.

ويؤكد لحلوح عدم الالتزام بأحكام القانون في الكثير من الحالات المتعلقة بمدة الخدمة في رتبة لواء، مبينا أن هناك أكثر من لواء أمضوا أكثر من أربع سنوات في رتبهم وبلغوا سن التقاعد، كما ويتم التعامل في الواقع العملي مع الحد الأدنى المنصوص عليه في القانون للبقاء في الرتبة على أنه الحد الأعلى، إذ يرقى المرشحون فور انتهاء الحد الأدنى.

إقرار قانون للتقاعد الإجباري لن يصلح الخلل البنيوي والتضخم بعدد الضباط

ويقول: "إن بعض الاختلالات في الترقية ترجع لعدم قيام مجلس الوزراء بواجباته بإصدار الأنظمة واللوائح الخاصة بتنفيذ قانون الخدمة بقوى الأمن الفلسطينية، مما ألحق الضرر بالهيكل التنظيمي لقوى الأمن، وبالاستناد إلى ذلك؛ فإن عدد الضباط لن ينخفض بشكل جدي بتخفيض عدد العاملين الإجمالي في قوى الأمن دون إقرار الهياكل التنظيمية للأجهزة المختلفة".

ويؤكد لحلوح، أن إقرار قانون للتقاعد الإجباري دون إقرار هياكل تنظيمية لقوى الأمن؛ يؤدي إلى انخفاض عدد العاملين الإجمالي في الأجهزة الأمنية، لكنه لن يؤدي إلى إصلاح الخلل البنيوي بالتخلص من التضخم بعدد الضباط، وإن وضع قانون الخدمة في قانون الأمن الضوابط والشروط اللازمة لتنظيم شؤون الخدمة المتعلقة بالتعيينات والترقيات، والتي تحول دون تضخم عدد الضباط ، إلا أن عدم تنفيذه وإصداره لوائح التنفيذية من قبل مجلس الوزراء كان أحد مسببات الخلل الحالي في توزيع الرتب العسكرية وتضخم عدد الضباط.

ويرى لحلوح أن التعيين في قوى الأمن والترقيات لها معايير وأسس، يجب أن تعتمد إلى جانب الأقدمية، ويقول: "على الرغم من ذلك يرقى الضباط تلقائيا استنادا إلى شروط الأقدمية المتمثلة بإنهاء الحد الأدنى للمدة المقررة للبقاء في الرتبة دون النظر إلى الشروط الأخرى المنصوص عليها في القانون، علما بأن بعض شروط الترقية محالة وفقا للقانون إلى اللوائح التنفيذية، التي لم تصدر حتى تاريخه".

الكثير من الأرقام لا تلامس الحقيقة وتحتاج إلى تعديل

في حين نفى مدير شؤون الضباط والأفراد في هيئة التنظيم والإدارة العقيد أحمد العثماني، صحة الأرقام الواردة على لسان الباحثين عويضات ولحلوح، مؤكدا اعتماد نظام جديد متبع للترقيات منذ بداية 2019، إضافة إلى تفعيل معايير الترقية، لتقليل الضغط على الرتب العليا.

يقول العثماني: "الكثير من الأرقام لا تلامس الحقيقة وتحتاج إلى تعديل، وتم وضع آلية للاستبدال والتجنيد واعتماده من الرئيس واعتبارا من 2017 تم التوافق عليها من كافة الأجهزة الأمنية وأصبح التعيين والتدريب والتجنيد من خلال هيئة التدريب العسكري التي تعلن عنها في وسائل الإعلام وتراعي فيها تطبيق شروط القبول من اللجان ومعهد التدريب في أريحا بكل نزاهة وشفافية دون محاباة، ونظرا للتكدس في الرتب العسكرية، ننظر إلى التقليل من حملة البكالوريوس، لذلك تم اعتماد برنامج الدبلوم في جامعة الاستقلال واستيعاب 150 ضابطا سنويا كحد أعلى، والتحاق الآخرين ببرنامج الدبلوم برتبة رقيب أول، بينما الابتعاثات الخارجية فهي عملية مهمة لنقل الخبرات ويجب أن تستمر وإن كانت بأعداد قليلة".

تفعيل الكفاءة أحد معايير الترقية بالاستناد إلى قانون الخدمة

وفيما يتعلق بالرتب العسكرية، يتابع العثماني "بدأنا نتجه نحو الشكل المطلوب والصحي ونحاول إطالة فترة الترقية ما بين حملة المؤهلات العليا لتخفيف الضغط على الرتب العليا ووضعنا بعض الأنظمة خاصة في غياب اللوائح التنظيمية، ونستند في الترقيات على قانون الخدمة وفعلنا معيار الترقية وهو الكفاءة، وبدأنا في تطبيقه منذ مطلع العام الجاري، بالإضافة إلى تفعيل باقي المعايير وعدم الاكتفاء فقط بالمدة الزمنية التي يستند إليها في استحقاق الترقية، ووضعنا خطة استراتيجية لتفعيل كافة معايير الترقية المنصوص عليها في قانون الخدمة لقوى الأمن، بحيث يكون على قدر الترقية لمن يستحقها مستقبلا، والانتقال من فئة إلى أخرى يتم عبر ومن خلال لجان مختصة ويخضع لامتحان مقابلة وفحص طبي ولياقة ونختار نسبة معينة منهم للانتقال إلى فئة الضباط/ كما لا يوجد عندنا قانون تقاعد مبكر".

ويؤكد العقيد العثماني، أن أحد العوامل الرئيسية في إصلاح نظام الترقيات ووضع ومعرفة الرتب الصحيحة هو توفير هيكل حقيقي لكافة الأجهزة الأمنية، بحيث تحدد الرتب المطلوبة لكل مهمة موجودة في المؤسسة الأمنية وتمت مطالبة هيئة التنظيم والإدارة بالتعاون مع كافة مؤسسات الأجهزة الأمنية البدء بإعداد الهيكليات، لأنه يحل الكثير من المشاكل وخاصة الاحتياج الحقيقي للتجنيد في المستقبل".

فجوة كبيرة بين الأسقف المعلن عنها وبين ما يتم تحويله من مبالغ مالية من وزارة المالية

بينما اعتبر النقيب محمد المدني من الإدارة المالية المركزية العسكرية، أن انخفاض الإنفاق الجاري، مؤشر إيجاب لتقليص موازنة الأمن لصالح القطاعات التنموية الأخرى، ويقول: "الموازنة في قطاع الأمن تعاني من تدني نسبة الصرف الفعلي على المقار والذي أدى بدوره إلى زعزعة الثقة بين المؤسسة الأمنية والشركاء الآخرين، ورغم ذلك استطاعت موازنة  قوى الأمن الصمود في وجه التحديات التي تواجهها حيث استطاعت توفير رواتب العسكريين رغم السياسات المالية التي نواجهها، واستطاعت من الصرف على جميع النفقات رغم وجود فجوة كبيرة بين الأسقف المعلن عنها وبين ما يتم تحويله من مبالغ مالية من وزارة المالية".

ويرى أنهم يعملون دائما من أجل تطوير موازنة قوى الأمن ودور التخطيط في إعداد الموازنات، وصولا إلى موازنة تلبي جميع احتياجات قوى الأمن بكل شفافية وموضوعية، مؤكدا التزامهم بالقوانين الناظمة لعمل المؤسسة الأمنية وتقديم التقارير المالية لكافة الجهات الرقابية ومؤسسات المجتمع المدني والأكاديمية في حال مطالبتها بها.

ويعتبر المدني، انخفاض موازنة قوى الأمن مؤشرا إيجابيا في تقليص موازنة قطاع الأمن لصالح موازنات الصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية، حيث انخفضت فاتورة الرواتب في عام 2018 لتصل إلى 2,9 مليار شيقل، بعد أن كانت في العام السابق 3,14 مليار شيقل، في حين قابل ذلك زيادة في عدد قوى الأمن، مشددا على ضرورة التفريق بين الموازنات التي تعدها الإدارة المالية المركزية وما بين الموازنات التي تقرها وزارة المالية وما بين الموازنة الفعلية التي يتم صرفها.

مصروفات الإدارة المالية المركزية تخضع للرقابة العامة

ويقول المدني: "لا يتم الفصل بين الإدارة المالية المركزية وما بين الداخلية، وكل مصروفات الإدارة المالية المركزية تخضع للرقابة العامة من قبل الإدارة العامة للرقابة والمراقب العام في وزارة المالية ومن قبل الأقسام والوحدات الداخلية ووحدات التدقيق، بالإضافة إلى الإدارة المالية المركزية".

ونفى المدني، عدم خضوع المخابرات للرقابة، "حيث توجد داخليا دوائر رقابة وتدقيق في جهاز المخابرات، وخارجيا يعين الرئيس مراقبا مستقلا للتدقيق والرقابة على جهاز المخابرات، ويجب التنويه إلى أن رواتب العسكريين تدفع حسب قانون الخدمة في قوى الأمن والتي نظمت جدول الرواتب والعلاوات المتغيرة وحسب القوانين والأنظمة التي تنظم عمل الإدارة المالية، ونلاحظ أن موازنة 2020 والمعدة حديثا تظهر ارتفاعا ملحوظا على رتبة الجندي حسب التقديرات والدراسات واحتياجات الأجهزة الأمنية".

 ضعف في إغلاق بعض النفقات للأجهزة الأمنية دون معززات

ولكن الموظف في ديوان الرقابة المالية والإدارية سامر أبو قرع، يؤكد على وجود ضعف في إغلاق بعض النفقات للأجهزة الأمنية دون معززات، إضافة لعدم وجود قوانين خاصة لبعضها، وغياب هياكل تنظيمية واضحة مربوطة بالوصف الوظيفي.

كما أنه يؤكد صلاحية ديوان الرقابة الإدارية والمالية في الرقابة على قوات الأمن والشرطة وكافة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ويقول "في آخر 3 سنوات، أعد الديوان 16 تقريرا فيما يتعلق بأعمال الأجهزة الأمنية، شملت كافة الأجهزة باستثناء جهاز المخابرات".

ويبين أبو قرع، مهمة الديوان في التدقيق في الشق المالي والإداري والتنظيمي؛ "ففي الشق المالي يدقق على النفقات والإيرادات التي ترد الأجهزة الأمنية في حدود ما يتلقاه من المالية العسكرية والموازنة العامة،  وينفق في المالية العسكرية. وفي المواضيع الإدارية؛ فإن الديوان يدقق فيما يتعلق بتعيين الأفراد ودوامهم بالإضافة إلى أحكام الندب والإعارة" .

ويقول: "من خلال تقارير الديوان يتم الخروج بمجموعة نتائج وتوصيات تقدم للجهات المعنية في الجهاز نفسه، إلا إذا ثبت للديوان وجود شبهة فساد، وفي هذه الحالة تحال القضية إلى هيئة مكافحة الفساد لاستكمال الإجراءات، والديوان في هذا المجال يتلقى الشكاوى فيما يتعلق بتجاوزات إن وجدت في الأجهزة الأمنية، وتابع الديوان مجموعة من الشكاوى في الفترة الماضية، وواحدة من المسائل المهمة التي يجب التأكيد عليها فإنه في ظل تقاريرنا الرقابية وملاحظاتنا المتكررة فإنه لا يوجد نظام مالي خاص للمؤسسة الأمنية واستعيض عنها باللائحة الاستثنائية".

ويرى أبو قرع أن "الأصل أي نظام يعتمد من مجلس الوزراء واللائحة اعتمدت من مجلس الوزراء ومؤخرا من وزير المالية وهذا إجراء يشوبه بعض العيوب، ولا شك أن للائحة إيجابيات لأن النظام المالي الفلسطيني لم يعالج مسائل تخص الأمن، فهي عالجت مجموعة من الأمور مثل بعض السقوف للمهمات أو سقوف صرف الهاتف النقال ولكن مشاكلها إجازت إغلاق بعض النفقات وهذه تضعف الشفافية في إغلاق النفقات".

بعض الأجهزة ليس لها قانون خاص بالترقيات والتعيينات

وفي المسألة القانونية، فإن أبو قرع يقر أن بعض الأجهزة ما زالت حتى الآن دون قانون خاص بالترقيات والتعيينات، ويقول: "واحدة من المشاكل التي تسببت في بعض التجاوزات والمشاكل في أجهزة الأمن هي غياب الهياكل التنظيمية والوصف الوظيفي للأجهزة الأمنية وإن توفرت بعض الهياكل لكنها غير معتمدة وغير مطبقة، فالأصل في الترقية نص عليها قانون الخدمة في قوى الأمن أنه شغل رتبة خالية في الهيكل التنظيمي".

ويرى أبو قرع، ضرورة إقامة نظام خاص للمؤسسة الأمنية وإعادة النظر في هيكلية موازنة قطاع الأمن وفي تطبيق سياسات والالتزام بقانون الخدمة المدنية فيما يتعلق بالترقية، وإقرار هياكل تنظيمية لكافة قوى الأمن والإسراع في إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة في قانون الأمن".

التركيز على جودة الإنفاق بدلاً من المطالبة بعقلنة الأرقام

أما الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، فإنه يرى ضرورة التوسع في الإنفاق الحكومي على أن يكون مدروسا ومبنياً على الحاجة، والتركيز على جودة الإنفاق بدلاً من المطالبة بعقلنة الأرقام، والنظر إليها كأرقام مجردة. كما وطالب بضرورة تغيير السياسات والتشريعات من أجل تغيير الموازنة، مشيراً إلى أن الحل يأتي تدريجياً وليس فورياً، بدءا بتعديل قانون الرتب العسكرية، وربطها بالمزايا المقدمة، إضافة إلى إصلاح نظام التعيينات على نحو شفاف يسمح بتكافؤ الفرص، والتركيز على الإدارة المالية وممارساتها بدلا من الموازنة، والنظر بعين التمحص للنفقات التشغيلية، ومستوى الشفافية والكفاءة والمهنية والإقرار والمساءلة فيها.

يقول عبد الكريم: "محكمة موازنة الأمن يجب أن تخضع للأولويات، والحكم على انخفاضها أو ارتفاعها ليس له أي معنى صحيح، ولكن قد يكون لانخفاضها ظلم وبالتالي يجب أن ترتبط الموازنة بالحاجة، وفي حالات يمكن اعتماد موازنة طوارئ قد ترتفع فيها الموازنة، ويجب أن لا نكون أسرى لما يقال بأن الأمن يستحوذ على الموازنة،  فالقصة أكثر من عقلنة الرقم والإنفاق، يجب التركيز على جودة الإنفاق، وانخفاض موازنة الأمن بسبب التقاعد الاختياري، وعمليا في الأمن بالذات الراتب يجر النفقات التشغيلية، ولذلك الموظف هو محور النفقة التشغيلية وبالتالي من الطبيعي أن تقل النفقة التشغيلية عند التسريح أو التقاعد الاختياري".

فجوة الراتب نتاج طبيعي لعملية إدارية عمرها 25 عاما للسلطة

ولذلك فإن عبد الكريم يتابع: "إن أردنا تغيير الموازنة علينا تغيير سلسلة التشريعات، ففجوة الراتب نتاج طبيعي لعملية إدارية عمرها 25 عاما للسلطة، وبالتالي بدأت تتدحرج بشكل طبيعي إلى أن يصبح هناك تكدس في الرتب العليا، ولذلك طبيعي أن تحصل الترقيات، لذلك الحل تدريجي وليس فوريا، ونبدأ بقانون خدمة القوى العسكرية وإن أردنا إزالة الفجوة علينا العودة والرجوع إلى هذا القانون ونحاول تقليل الفجوات بين الرتب، وأيضا اعتماد نظام للترقيات وآخر للتعيينات ولا استبعد التسييس في التعيينات في السلطة ولذلك يجب البدء بنظام تعيينات شفاف يسمح بتكافؤ الفرص والرقابة لأكثر من مستوى إداري، ومن ثم الترقيات يجب وضع نظام لها وربطها بالشاغر وبالأداء".

التركيز أكثر على الإدارة المالية وممارساتها ومستوى الشفافية والكفاءة والمهنية فيها

ويرى د. عبد الكريم أن 90% من مشكلة الموازنة خارج سيطرة قوى الأمن؛ فالأجور والرواتب تشكل 84% من موازنة الأمن وتحتاج إلى ترشيد وتنقية ورقابة على صرف الرواتب لمستحقيها ولا تخضع كثيرا لسيطرة قوى الأمن، وإنما الذي يخضع لسيطرتها ما يسمى النفقات التشغيلية عن طريق إدارة مالية عسكرية تشتري من خلال الإدارة العامة للمشتريات واللوازم والعطاءات المركزية. وهناك السلف للأجهزة الأمنية التي يجب أن تخضع لنظام مرونة في النظام المالي المبني على الشفافية والمساءلة اللاحقة، ولذلك السلف النثرية في الشركات والوزارات المدنية موجودة، والمهم أن يكون لدى قائد أي جهاز نظام يحدد صلاحيات ومستويات الصرف وعند تجديده للعهدة أو السلفة لاحقا يرفع كشف معزز بمستندات يتم التدقيق فيها والمصادقة عليها ترفض بعضها وتقبل بعضها، ولذلك فإن المهم الإجراءات في صرف هذه السلف، ومن هنا يجب التركيز أكثر على الإدارة المالية وممارساتها ومستوى الشفافية والكفاءة والمهنية فيها ومن ثم الإقرار والمساءلة.