الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

طبول الحرب تقرع في الخليج.. هل من الممكن أن تقوم إيران بهجوم استباقي؟

2019-12-12 02:30:50 PM
طبول الحرب تقرع في الخليج.. هل من الممكن أن تقوم إيران بهجوم استباقي؟
الجيش الإيراني

 الحدث- جهاد الدين البدوي

تنوه صحيفة "سوهو" الصينية أنه في الوقت الذي يعتقد الجميع أن الحرب ستبدأ من قبل الأمريكيين، هل من الممكن أن تقوم إيران بهجوم استباقي على القوات الأمريكية، وبالتالي ستغير النتيجة الحالية والمتوقعة؟

مع استمرار التوتر بين إيران والولايات المتحدة، يزداد احتمال نشوب صراع عسكري بين الجانبين، خاصة بعد أن حشدت الولايات المتحدة المزيد من القوات العسكرية في المنطقة، وإيران التي لم تظهر الضعف، اختارت أن تجري مناورات عسكرية واسعة النطاق رداً على ذلك، كما أن لدينا سبب للاعتقاد بأنهم يذكرون بعضهم البعض بطريقتهم الخاصة أنهم مستعدون للحرب.

لحسن الحظ، وبغض النظر عما يستعدون له، فعلى الأقل لم تندلع الحرب في المرحلة الثانية، لذلك يمكننا تحليل الوضع بصراحة، ولكن في مخيل معظم المحللين للوضع الأمريكي والإيراني أو الحرب الأمريكية الإيرانية المحتملة يبدو أن الحرب ونتائجها واضحة بالفعل، أي أن بداية الحرب ستكون من قبل الولايات المتحدة، ويعتمد مسار الحرب على الغرض الذي تحتاج الولايات المتحدة تحقيقه، ويجب أن تكون النتيجة هي النصر النهائي للولايات المتحدة، وفي النهاية من حيث الحجم العسكري فإن الولايات المتحدة وإيران ليستا على الاطلاق في نفس المستوى، وإذا حكمنا من خلال الفهم السطحي لتحليل الحرب، فإن وجهة النظر هذه ليست مبالغ فيها.

وترى الصحيفة أنه تاريخياً؛ كان تطور الأوضاع دائماً غير متوقع، لذلك عندما تكون النتائج قابلة للتنبؤ، لا أعتقد أن إيران ستنتظر وتبقى ساكتة، وفي ظل زيادة احتمال اندلاع الحرب فهل هناك خيار آخر لدى الإيرانيين؟

ما هي التهديدات العسكرية الرئيسة التي تواجه إيران:

من الواضح يمكننا أن نرى أنه منذ الإنسحاب الأمريكي الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018؛ زادت واشنطن من وجودها العسكري في الشرق الأوسط، وزادت من عدد سفنها الحربية وقوات المارينز وأنظمة الدفاع الجوي باتريوت، واستمرت واشنطن بارسال معدات وقوات أخرى إلى المنطقة تحت ذرائع مختلفة. حتى الآن واجهت إيران ما يقرب من 42000 من القوات الأمريكية في المنطقة، وهي تتألف من مجموعات قتالية مكونة من حاملة طائرات ومجموعتين هجوميتين، تتركز أنشطتها الرئيسة في الخليج الفارسي وخليج عُمان والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن قوة نووية ضاربة في تركيا.

 وفي ظل الظروف التي تكون فيها الولايات المتحدة عدوانية للغاية، فهل من الممكن لإيران أن تشن ضربة وقائية ضد القوات الأمريكية في المنطقة لتحييد التهديد؟

يجب أن نعلم أن طبيعة قلق الجيش الأمريكي لن تسمح بشن حرب بسهولة ضد قوة الإقليمية دون يقين مطلق، كما أن تصرفات الولايات المتحدة اليوم لها قواسم مشتركة مع حوادث تاريخية مشابهة، وأحدثها هي حرب الخليج، فإذا كانت ترغب في القيام بحرب ما، فيجب القيام بتعبئة القوات المنتشرة في جميع أنحاء العالم، لذلك يمكن فهم زيادة القوات الحالية في المنطقة وفرض العقوبات ضد إيران على أنها استعداد للحرب، لأن هذا المشهد مشابه جداً لحرب الخليج، ومشابه لوسائل الضغط ونفس العقوبات الطويلة، ونفس الذرائع التي قدمتها لزايادة عدد القوات.

 خلال حرب الخليج، نفذت الولايات المتحدة عملية عسكرية تسمى "درع الصحراء" وكان الغرض منها صد هجوم عراقي محتمل ضد السعودية، وفي نفس الوقت زادت واشنطن من قواتها داخل السعودية، وقد أشار تحليل لاحق لحرب الخليج إلى أن العراق كان قادراً على شن هجوم على القوات الأمريكية غير المستقرة أو الهشة في المرحلة الأولى من عملية درع الصحراء، لذلك فإن نهاية الحرب ليست مركدة، ومع ذلك وبسبب ثقة العراقيين بأنفسهم، ولقناعتهم بأن الجيش الأمريكي لن يجرؤ على شن هجوم على العراق، لذلك حصل العراق على نتيجة كئيبة في نهاية المطاف.

بناءً على الدروس المستفادة من حرب العراق، لدى إيران سبب لشن ضربات استباقية، فبدلاً من انتظار الحرب الساحقة، من الأفضل القتال الآن، فبعد كل شيء، فإن قوة وحجم الجيش الأمريكي في المنطقة صغير نسبياً حتى الآن، وحتى في ظل مشاركة السعودية وإسرائيل، من الممكن القتال بقوة إيران الحالية، على الرغم من أن معدات الجيش الإيراني قديمة، إلا أن عقيدته العسكرية ليست متخلفة.

وتضيف الصحيفة أنه وإذا افترضنا مسار الحرب على الورق، فيجب على الضربة الإيرانية الوقائية/الاستباقية أولاً أن تحيد المجموعات القتالية لحاملات الطائرات التي شرعت في الدخول للخليج الفارسي، وفي نفس الوقت عبور منطقة الخليج الفارسي والإلتفاف حول القوات الأمريكية المتمركزة في العراق والمملكة العربية السعودية، لاستخدام أسرع طريقة لتحييد القوات الأمريكية وفاعليتها القتالية، بالإضافة إلى نشر وحدات الغواصة بالقرب من دييغو غارسيا؛ القاعدة الرئيسة للجيش الأمريكي في المحيط الهندي، وتتابع الصحيفة إلى أنه يجب على ايران منع وصول المساعدات إلى مسرح العمليات، وفي حال نجاح الضربة الوقائية الإيرانية، يمكن أن تثني القوات الأمريكية منزوعة السلاح اجبار الولايات المتحدة على توقيع اتفاق سلام، وإذا لم تسير الأمور على ما يرام، فسيؤدي ذلك أيضاً إلى توجيه ضربة قاصمة للقوات الأمريكية، وبالتالي تغيير الوضع القتالي والاستفادة منه في أي حرب مستقبلية.

تختتم الصحيفة بالقول: " لأن الجميع يعلم أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة تمتلك قوة عسكرية هائلة، فإن قواتها المنتشرة في جميع أنحاء العالم، وغيرها من القوات الوطنية المتناثرة في مناطق إقليمية أخرى لن تسمح للجيش الأمريكي بالانسيحاب بسهولة من كل تلك المناطق. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للجيش الأمريكي استخدام القوة النووية في الحالة الايرانية، على الرغم من استخدامها في الحرب الكورية ضد بلد لا يمتلك أسلحة نووية، علاوة على ذلك من يعلم يقيناً ما إذا كان لدى إيران قوة نووية أو أسلحة كيميائية حيوية مماثلة!"

 لا شك أن سيناريو الحرب الاستباقية أو الوقائية يحمل مخطار كبيرة ومتنامية خاصة في الحالة الإيرانية، وتقع خطورة هذه الحرب من عدمها أو حتى ضرورة القيام بها موكل للقوة الاستخباراتية الإيرانية، إن تم التأكد بشكل يقيني من النوايا الأمريكية في وقت قياسي وقبل بداية أي عدوان أمريكي على إيران، فالأجدر على الجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني وكل الفواعل من غير الدول في الشرق الأوسط التحضر لسيناريو حرب استباقية خاطفة، السرعة فيها يحسم المعركة إلى حد كبير بين قوة إقليمية أمام أقوى قوة في التاريخ.

وإن أعقب الضربة الاستباقية الخاطفة على القوات الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط اعلان إيراني بامتلاك أسلحة نووية ونواقل تصل إلى أغلب المصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة، ربما يحسم المعركة ويكون الإعلان الأولي عن نصر إيراني من شأنه أن يغير قواعد اللعبة العالمية والإقليمية.

 كل ذلك متوقف على سرعة القيام بالحرب الاستباقية، وتوسع مداها، والقدرة على تحييد كل القوات الأمريكية في منطقة الخليج الفارسي والشرق الأوسط، وردع إسرائيل بسيل من الصواريخ، ويعقب هذا المشهد اعلان إيراني بامتلاك أسلحة نووية يمكنها الوصول إلى "إسرائيل" والقارة الأوروبية وربما الساحل الأمريكي، مع أنه في الوقت الحالي لا تمتلك طهران صواريخ يصل مداها إلى الساحل الأمريكي.

ولكن بمجرد الإعلان عن امتلاك طهران سلاح نووية سيردع واشنطن عن القيام بأي ردود انتقامية، وربما سيفتح شهية بكين وموسكو لاتخاذ خطوات متقدمة لقطع الطريق أمام واشنطن لاخذ اجماع دولي للانفراد بإيران، وربما يتبعه خطوات دراماتيكية أكثر ومن أطراف أخرى مثل كوريا الشمالية وغيرها من البلدان التي تعادي السياسات الأمريكية في العالم.

 ومن الجدير بالذكر أن واشنطن نفسها اعترفت مؤخراً بأن إيران تمتلك أكبر قوة صاروخية في الشرق الأوسط، وأمس أعلنت إيران أن صواريخها بعيدة المدى أضحت بالغة الدقة، كل هذا يرمي بثقله على صناع القرار في واشنطن، وان بدأت طهرلاان حرباً استباقية وحققت هدفها بسرعة كبيرة ربما سيجبر صناع القرار في واشنطن على اتخاذ قرارات واقعية، تعترف بموجبها واشنطن بنجاح ايران في الحرب والاعتراف بها كدولة نووية ذات سيادة.

كل السيناريوهات متاحة أمام واشنطن ان قامت طهران بهجوم شامل وسريع على كامل القوات الأمريكية المنتشرة في الخليج العربي والشرق الأوسط، ولا يمكننا ترجيع سيناريو على آخر إلا إن تحققنا من أدوات القوة الإيرانية وآلية تطبيق الحرب الاستباقية وقدرتها وسرعتها على تحييد كامل القوات الأمريكية في المنطقة. ويبقى على واشنطن بعدها إما الاعتراف بإيران وقوتها وسيادتها على المنطقة، أو تعريض العالم لحرب نووية طويلة وشاقة ربما تدخل فيها أطراف إقليمية نووية.