الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف يوثق الإعلام الفلسطيني الصورة الثقافية الفلسطينية؟

2020-01-12 09:17:17 AM
كيف يوثق الإعلام الفلسطيني الصورة الثقافية الفلسطينية؟

 

الحدث - إسراء أبو عيشة 

 لا يخفى على أحد من أن الإعلام يلعب دوراً أساسياً في دعم المشهد الثقافي داخل المجتمعات، وكذلك في توثيق وتعميق الصورة الثقافية لدى الأجيال، وفي رعاية  الفعاليات والانشطة الثقافية وإبرازها، ولطالما أيضاً كان للاعلام هذا الدور الهام في دعم القضية الفلسطينية على إمتداد مراحل النضال والتحرر، الامر الذي لا بد من التحرك لدعم الجهود الإعلامية في تعزيز المشهد الثقافي والحفاظ على موروثه التاريخي، خاصة في ظل التحديات الحالية التي نشهدها من تراجع للثقافة والتراث الفلسطيني.

وحول هذا الموضوع، بينت الكاتبة والشاعرة نداء يونس، بأن "الصحافة الثقافية"، هي صحافة متخصصة في تغطية الأخبار الثقافية وإبراز الإنجازات الثقافية على صعيد اعلامي، والتي تعمل في المساهمة في نشرها وتعريف الآخرين بها.

فيما اوضح الكاتب والأديب الفلسطيني وليد الهودلي، بأنه يجب أن يكون هناك مؤسسات ثقافية قائمة بذاتها لكي ترفد المشهد الثقافي الفلسطيني بصورة متكاملة، وأن تحتوي على خطط وأهداف واضحة ولجان عاملة، ولديها رؤية ورسالة، لأنه بوجود تلك المؤسسات الثقافية سوف تنهض الصحافة الثقافية.

وأكد الهودلي، بأن المستوى الحضاري للبلد يقاس من خلال قوة المشهد الثقافي والفني والأدبي، حيث أن الامة العربية والإسلامية تعاني من هبوط حضاري، "أننا نعيش في حالة تخلف حضاري وليس حالة صعود".

وحول هذا الموضوع، أشار الهودلي، أن الخلل في العمل الثقافي يكمن في صناع القرار الذين لا يولونه إهتمام كافي، حيث لا يتم صرف ما يكفي من أموال لدعم المشاريع الثقافية أو ما يكفي 1% فقط من إحتياجات الصحافة الثقافية، لذلك "حتى نرتقي بالعمل الثقافي والصحافة الثقافية، قبل كل شيء يجب أن تكون هناك رؤية ثقافية عند صاحب القرار، الذي يستطيع أن يقوم بدعم هذه المشاريع ماديا بشكل كافي، وأيضا، يجب الانتباه على أن تعطى هذه الأموال بأيدي أمينة ولديها رؤية حضارية، لكي تستطيع تحويل هذا الدعم المادي الى عمل ثقافي حقيقي ذو مستوى عالي.

وأكدت يونس، أنه يجب تعزيز الثقافة الذاتية للصحفي نفسه في المجالات الثقافية والشعر والرواية والمسرح والفنون والسينما من جهة، ومن جهة اخرى، العمل على إدارج الصحافة الثقافية كتخصص في الجامعات الفلسطينية، ولكن حتى لو كان هناك تخصص بدون الثقافة الذاتية والعمل على نظريات النقد الادبي ونظريات النقد الفني والسينمائي ونظريات المعرفة بشكل عام والفلسفات المختلفة لايمكن ان ينهض الصحفي الثقافي.

وأضاف الهودلي، انه في الحالة الفلسطينية هناك محاولات لرسم المشهد الثقافي بطريقة حضارية، حيث أن أغلب الجهود تكون فردية، والتي لم ترتقي بعد للمستوى الرسمي الذي يوليها إهتمام كافي، ولا تزال المؤسسات ضعيفة،  والتي تكون حصيلة إنجازات هذه المؤسسات الثقافية خلال عام متواضعة جداً.

وحول ذات السياق قال الصحفي والكاتب، معز كراجة، "أنه لا يوجد لدينا في فلسطين صحافة متخصصة في شأن معين، بل هي تقتصر على أنها صحافة حدثية ترتكز بشكل رئيسي على الأخبار، وأرجح أن يكون السبب في ذلك، أنه ما زال الحدث السياسي هو المركزي والرئيسي للصحافة الفلسطينية، وهذا الذي يجعلها تساهم في منع توجه نحو صحافة متخصصة في المجال الثقافي، وكذلك ان الجمهور بالأساس يبحث عن الاخبار السياسية بالدرجة الاولى، وهذا الذي يقف عائقا أمام الصحافة لتتوسع في مجال الصحافة الثقافية.

وهذا ما أكده الفنان خالد حوراني، على أن الصحافة في فلسطين تركز بشكل أساسي على السياسة، رغم أن الصحافة المتخصصة في مواضيع مختلفة منتشرة بشكل كبير في العالم مثل: "الصحافة الطبية، والسيارت، الجغرافيا، الاقتصاد، .."، وبين أن كل تخصص له اسلوب خاص وله لغته ولا يجوز للصحفي ان يكتب في مجال الطب كما يكتب في مجال السياسة والاقتصاد مثلاً، لذلك من المهم التخصص في المجال الذي يريد الصحفي الكتابه عنه، وكذلك ان يكون لديه شغف وحب للعمل، حيث يستجوب على الصحفي المختصص في الشؤون الثقافية على أن يكون ملم وعلى معرفة قوية بالاحداث الثقافية وبالاصدارات، ولديه القدرة على التحليل وعلى ايصال رايه سواء النقد الايجابي او السلبي للجمهور، وذلك لان الصحفي الذي سيغطي الشؤون الثقافية مهمته اكثر صعوبة من الجوانب الاخرى، وذلك لانها تستلزم منه معرفة اكثر حتى يستطيع ان يقوم بتحويل الاحداث الثقافية الى مادة مستصاغة من قبل الجمهور، وأيضا اغلب عملة سيكون عبارة عن إعادة كتابة الأحدث من "مسرح، معرض فني، فيلم..إلخ" المادة ستكون ليست بالسهلة، لذلك نشهد في الساحة الاعلامية المحلية قصور كبير في التغطية فيما يحدث على الساحة الثقافية رغم ما تشهده الساحة الثقافية من ازدهار وتنوع في الممارسات الفنية والثقافية، حيث أن كل ما يكتب هو اقرب للمادة الوصفية غير المهمة.

معزية يونس، ذلك لاسباب أولها عدم الوعي لأهمية الثقافة في مشروعنا الوجودي والإنساني والنضالي، مقارنة بوعي سابق في القرن العشرين من قبل الأحزاب الفلسطينية المختلفة ومن قبل المناضلين الفلسطينيين بأهمية الثقافة، بحيث ان المناضلين الفلسطينين كان اغلبهم شعراء وكتاب وصحفيين واغلب من استهدفهم الموساد الاسرائيلي في سنوات النضال الأولى كانوا من حملة الأقلام الفلسطينية، بمعنى ان الثقافة كانت هي الحامي لمشروع النضال، وكانت هي مؤثرة بشكل جعل الإحتلال الإسرائيلي يخافها.

وأفاد الهودلي، بأن العمل الثقافي كان يعتبر ساحة معركة ومواجهة مباشرة مع الإحتلال، كان هناك تحدي، حيث كانت ثقافة المقاومة والمواجهة مفروضة على الشعب الفلسطيني بصورة جدية وقوية، وكان هناك تحدي بين ثقافتين، ثقافة المحتل وثقافة الشعب المحتل، "أما اليوم فنحن نعاني من حالة من الترهل الثقافي، بسبب تراجع ثقافة المقاومة والتضحية".

وهذا ما أكدته الكاتبة والأكاديمية، وداد البرغوثي، حيث أشارت بأن الصحافة الفلسطينية منذ نشأتها في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين انطلقت من حضن الثقافة، فكان المثقفون والأدباء هم من بادروا لإنشاء الصحف والمجلات، حيث أكدوا أن الثقافة لا تنفصل عن السياسة وهي جزء أصيل من هوية أي مجتمع وأي أمة، والذي استمر هذا الاهتمام بالثقافة مع وجود الصحافة، إلا أن الصحافة عاشت سنوات مد وجزر، خاصة في مرحلة النكبة وما بعدها.

وأردفت البرغوثي، أن اهتمام الصحافة بالثقافة اتسم بطابع الفردية لا الطابع الجمعي، فالسياسات العليا لم تعد الثقافة جزءا أصيلا منه إلا إذا كان القائمون عليها لديهم اهتمامات شخصية. فلأن، شاعرا مثل علي الخليلي كان له موقعه في صحيفة الفجر وفي التنظيم القائم على الصحيفة فقد نشأت مجلة الفجر الأدبي. ولأن أسعد الأسعد كان له موقعه في حزبه السياسي فقد نشأت مجلة الكاتب، ولأن محمود درويش له مكانته وحظوته فقد نشأت الكرمل.

على مستوى الحكومة نجد أن ميزانية وزارة الثقافة لا تصل الى 3% بينما تقترب موازنة الأمن من نصف موازنة الحكومة.

وأفادت يونس، أنه في الوضع الحالي ليس هناك ادراك لأهمية الثقافة كحامي للمشروع الوطني، وبالتالي ضعف الاهتمام بها، ما أدى الى ضعف المؤسسات الإعلامية التي تصدر صفحات وزوايا خاصة بالثقافة الفلسطينية، حيث أن التغطات تبقى في اطار التغطية الاخبارية والعلاقات العامة، والتي تفتقر الى ذلك البعد الفلسفي والتقييمي الذي يساهم في اعادة انتاج المادة، إما بشكل جمالي اخر من خلال التعليق او إما من خلال الاشارة الى مواطن القوة والضعف.

وأضاف الكاتب والشاعر الفلسطيني محمود أبو هشهش، بأن هناك الكثير من الاحداث التي لا نراها لا على التلفاز ولا على الصحف ولا في الدوريات، واذا وجدت تكون بخبر ركيك.

 منوهاً أبو هشهش، الى انه لا بد من استثمار طويل الامد في النقد من خلال بناء مجموعة صلبة من الطواقم التي لديها اهتمام وشغف بالكتابة والثقافة لتمكينهم من التغطية والكاتبة المتخصصة للجوانب الثقافية. لافتاً الى الدور الاساسي للجامعات في ذلك لنوعية الطلاب التي يتم ضخهم للمشهد.

وقال، "نشاهد تراجع في اعمال مؤسسات كبرى، كانت موجودة وقادرة على ان تضخ المشهد باقلام ثقافية مهمة كنقاد، أما اليوم فإنه لا يوجد مجلات ثقافية تاريخية، بل يقتصر على وجود بعض المواقع الالكترونية، التي تسد رمق بسيط من المنتوج الثقافي مثل فسحة، رمان..، وهي تعتبر مبادرات بسيطة، ومن الصعب مواكبة كل ما يحدث".

 وفي ذات السياق، قال أبو هشهش، ان القيم الاعلامية اصبحت ترتكز على القيم الاستهلاكية وهذا نراه في بعض المؤسسات "المرئي، والمسموع"، والذي جاء مع صعود موجة الفضائيات في العالم العربي واعتمادهم على البرامج الاستهلاكية وصناعة الجمال.

وفيما أفاد الكاتب محمود شقير، بأن الثقافة الفلسطينية تحتاج لعناية كبيرة، كونها تعتبر ركناً أساسياً من أركان الهوية الوطنية، والتي لها دور فعال في تثبيت الناس بأرضهم ووطنهم، وكذلك في تعزيز إنتمائهم لقضيتهم، لذلك لابد من الإهتمام بالصحافة الثقافية التي  تكون قادرة على تعزيز حضور الثقافة في المجتمع ووصولها إلى أوسع قطاع من الناس، إلا أن الحالة الثقافية تتعرض للإهمال والضمور وحالة غير سوية، "أنا أتذكر في سنوات سابقة حينما كانت تصلنا مجلة الآداب اللبنانية كان يوجد على صفحاتها حوار عميق ورصين ومتعدد الجوانب يقوم به نقاد وكتاب ومثقفون عرب، أما الآن نفتقد مثل هذه الأجواء الثقافية النقدية التي تسعى إلى نقد النواقص والسلبيات وتعزيز الإيجابيات وخلق حالة مجتمعية جديدة، وحالة وطنية مؤثرة".

وأكمل، لذلك من واجب المثقفين الفلسطينيين والكتاب أن يهتموا لخلق حالة ثقافية جدية يكون فيها حوار ومتابعة لكل ما يتم إنتاجه من كتب وأعمال فنية..، وذلك من أجل تسليط الضوء على هذه الأعمال وإيصالها للجمهور، وأن يكون هناك تفاعل وحراك.

وأشار شقير، "إلا أن هذا ما نفتقده الآن، فالركود العام هو الذي يسيطر على المشهد، أحيانا يكون هناك على مواقع التواصل الإجتماعي ملاحظات ومراجعات نقدية سريعة لكن هذا لايكفي لابد من إنشاء حالة ثقافية متشعبة ومتعددة الجوانب، بحيث أن يصل الإنتاج الثقافي الفلسطيني للناس، وأن يسهم في بلورة الهوية وتعزيزها وإغنائها، ومواجهة المخططات العدوة، وخاصة في القدس التي تتعرض إلى تهويد".

وبين كراجه، بأنه بإمكاننا أن نخلق صحافة ثقافية من خلال التركيز على الثقافة العامة في الجامعات والكليات، وكذلك من خلال طرح مساق خاص في الصحافة الثقافية، وأيضا إدراج وفتح الدورات التدريبية المساعدة أمام الطلاب والخريجين، وذلك من أجل تأهيل هؤلاء الطلاب والصحفيين لجعلهم قادرين على تغطية الاحداث الثقافية.

 وأكد كراجة على الدور الكبير الذي ممكن لوسائل الإعلام "جرائد، تلفاز، راديو"، أن يقوموا به لرفع الصحافة الثقافية وذلك من خلال الخروج من قاعدة تقديم ما يريده الجمهور، وأن يقوموا بالتركيز على الصحافة الثقافية، وهي تعتبر تحدي امام المؤسسات الاعلامية، وذلك لان اغلب المؤسسات تركز على استقطاب الجمهور وخلق قاعدة متابعين لها، مبيناً، أن هذا الهوس جاء عند المؤسسات الاعلامية بعد إنتشار السوشال ميديا والإعلام الرقمي، إلا أن من واجب هذه المؤسسات، هو أن يكون لديها مسؤولية اجتماعية تجاه الجمهور، من خلال خلق قاعدة ثقافية وانشاء جمهور متخصص.

وبدوره أشار أبو هشهش، على أن الصحافة الثقافية تعيد تقديم ما تم تقديمة في اطر صغيرة، فهي اداة مهمة للوعي والتوعية، وفي بناء الجمهور وتوسيعه، والعمل الثقافي يدخل الآخرين بما يدور من نشاطات ثقافية في مناطق مختلفة.

وأكدت البرغوثي، على ضرورة وأهمية إحياء الثقافة الصحفية، من قبل المثقفون والحكومة والصحفيين، وعلى أن تكون الثقافة ضمن الأجندة الوطنية.

ورجح كراجه، أن الآثار السلبية التي تنتج عن غياب وضعف الصحافة الثقافية، هو خلق حالة من العزوف عند الأجيال الجديدة عن الإهتمام بالقراءة الطويلة والشاملة والموسعة، وعن الثقافة والنقد بشكل عام.

وأشار الكاتب وأستاذ اللغة العربية، زياد خداش، "لا استطيع تخيل الصحافي  الذي يغطي الاحداث الثقافية  غير مثقف وغير متذوق للأدب والفنون، ما يحدث في بلادنا  أزمة اعلامية ثقافية تثير الضحك والحزن معا، لا يمكن ان نقول أن لدينا اعلام ثقافي، بملامح واضحة، الاعلام الثقافي في فلسطين مجرد مصطلح، المراسل الثقافي غير موجود بشكل واضح، هناك صحفي أو اثنان او ثلاثة اعرفهم وهم يعملون بشكل مهني ولديهم ذائقة جيدة وهم أدباء اصلا ومنغمسون بالحياة الثقافية، ثمة غياب لظاهرة الصحفي المهني ثقافيا، اقصد المراسل الذي من المفروض أن يذهب الى الحدث ويشاهده متذوقا اياه اولا، ثم يكتب عنه بشغف ومهنية وصدق، بشكل عام ليس لدينا  تغطيات اعلامية للحدث الثقافي بالمعنى الحقيقي، الذي يتلاءم مع زخم النشاطات وتنوعها وصخبه".

وأكمل خداش، "هناك أيضاً صحفيون يطلبون من الاديب الذي يودون اجراء حوار معه، ان يضع اسئلة اخرى. بسبب انشغال الصحفي بامور اخرى وعدم جدية متابعته لتجربة الاديب، واحيانا يطلب من الاديب وضع الاسئلة كلها اذا كانت علاقتهما قوية، وهذا حدث واعرف الصحفي والاديب، هذه ايضا من كوارث المشهد الاعلامي الثقافي، وهناك صحفيون يجرون حوارات على التلفون، بعيدا عن الحدث الثقافي، يتصلون بأشخاص حضروا الفعالية، ويسألونهم عن عدد الحضور وماذا قال فلان وما اسم الكتاب الموقع مثلا، وما هي القصائد التي قرأها الشاعر وهكذا، ثم يفبرك تقريرا ويبدو وكأنه كان من الحاضرين".

وأضاف خداش، "ارى أن المراسل الثقافي كاتب ضل طريقه الى الاعلام، تماما مفروض من الصحف اذا كانت معنية بالثقافة أن تختار مراسلا مثقفاً ومحباً للادب اولا او على الاقل متابعا بشكل شخصي للفعاليات الثقافية".

وأما الكاتب المتوكل طه، بين أن أي فعل ثوري أو مقاوم ينهض على جذر ثقافي، وان ما يوحد الشعب الفلسطيني هو الثقافة بمعناها  الإجتماعي خصوصا، حيث أن الشعب الفلسطيني بعد أكثر من سبعين عاما من النكبة لم يعد هذا الشعب واحداً، فالفلسطيني في الخارج له أولوية العودة، أما الفلسطيني في الأرض المحتلة عام 1967 أولويته إقامة الدولة، والفلسطيني في الأرض المحتلة عام 1948 أولويته المساواة، قد لا يبدو أن هناك ثمة تناقضا بين أولويات الفلسطينيين ولكن هذا يؤكد على أن الشعب الفلسطيني لم يعد واحداً على المستوى السياسي والمستوى الوطني، وتعتبر المادة اللاصقة والوحيدة القادرة على إعادة الفلسطيني وتوحيده وتثبيت هويته هي الثقافة بحمولتها الإجتماعية، وتجلياتها، وخصوصاً أن الاحتلال الاسرائيلي يمارس علينا بشكل إستراتيجي سياسة الإستلاب الثقافي وما يهدد ثقافتنا بالزوال والتهويب والإلغاء لهذا السبب العامل الاساس والقلب النابض للهوية وللشخصية الفلسطينية ولما يوحد الفلسطينيين هي الثقافة والثقافة وحدها.

وأضاف طه، أن التراث جزء لا يتجزأ من الثقافة وربما تكون هي الأرض الراسخة للثقافة، إذ تتشكل معها وعليها كل المكونات الثقافية التي تميز الشخصية الوطنية، بالتالي، ان المحافظة على التراث الذي هو جوهر الثقافي يحتاج إلى آليات حدثية قادرة على تأصيله وتثبيته وإنهاضه وتعميمه.

وأوضح شقير أيضاً، بأن للثقافة دور أساسي في تكريس الهوية الفلسطينية، حيث تعرضت الهوية الفلسطينية لمحالة من التبديد وذلك عبر إنهاء لوجود الفلسطيني المتبلور المستقل، لكن إنطلاق الثورة الفلسطينية التي إندلعت عام 1965م عادت الهوية للظهور والتبلور، ومع تزايد الانتاج الثقافي الفلسطيني، وتزايد الحضور الوطني وحضور القضية الفلسطينية في العالم، أصبح هنالك بلورة للهوية الفلسطينية، "وأنا على يقين أن كل ما تقدمت الثقافة الفلسطينية والابداع الفلسطيني تعززت الهوية الوطنية الفلسطينية، وذلك لان الثقافة هي ركن أساسي من أركان الهوية الوطنية والهوية الثقافية.