الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حزب الله أعد لهذه الخطوة منذ عقود

2020-01-15 07:04:59 AM
حزب الله أعد لهذه الخطوة منذ عقود
لحزب يمتلك ترسانة هائلة من الصواريخ وترسانة من الطائرات بدون طيار لشن هجمات على أهداف "إسرائيلية"

 

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالاً للزميل في برنامج الأمن الدولي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية برايان كاتز، وتحدث فيه أنه يمكن لحزب الله اللبناني أن يلعب دور البطولة في انتقام إيران على اغتيال سليماني.

افتتح الكاتب كاتز مقالته بنقل تساؤل طرحه السيد حسن نصر الله في خطابه الذي ألقاه في 5 يناير، "ما هو القصاص العادل؟"، بعد يومين من قيام الولايات المتحدة باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وقائد الحشد الشعبي أبوالمهدي المهندس بطائرة بدون طيار ببغداد.

من غير المرجح أن يبدأ حزب الله معركة مع الولايات المتحدة وحده

يضيف الكاتب بأنه مع عدم وجود أي مسؤول أمريكي "على قدم المساواة مع سليماني أو المهندس" ، حسب تقدير نصر الله، كان الجواب هو الرد على "الوجود العسكري الأمريكي في منطقتنا". قال إنه لا ينبغي إلحاق الأذى بالمدنيين الأمريكيين، ولكن "القواعد الأمريكية، والسفن الحربية الأمريكية، وكل ضابط وجندي أمريكي" في الشرق الأوسط سيكون القصاص العادل.

يقول الكاتب بأنه من غير المرجح أن يبدأ حزب الله معركة مع الولايات المتحدة وحده. وللحزب توتره الخاص مع "إسرائيل" الذي يقلق بشأنه، كما أن الاحتجاجات الداخلية تهدد قبضته السياسية في لبنان. مضيفاً أن الحزب تكبد خسائر فادحة في سوريا، حيث حارب جنبًا إلى جنب مع إيران لدعم الرئيس بشار الأسد. مؤكداً أن عدم الرغبة في الحرب ليس هو نفسه عدم الاستعداد لخوض الحرب.

يرى الكاتب بأن حزب الله استعد لهذا اليوم منذ عقود، وقام ببناء قدراته العسكرية والالكترونية في لبنان والشرق الأوسط وحول العالم من أجل الرد على الولايات المتحدة وأي طرف آخر قد ينضم إلى الحرب ضد إيران وحلفائها. مؤكداً أنه نظراً للإلتزم الحزب أيديولوجياً وعسكرياً مع إيران، قد لا يكون أمامه خيار سوى الدخول في صراع مع الولايات المتحدة.

سيتجلى الرد الكامل في الأشهر والسنوات القادمة

يعتقد الكاتيب بأن الهجوم الصاروخي الإيراني الأسبوع الماضي على قاعدتين عراقيتين تستضيفان القوات الأمريكية كان هو رد طهران الأولي والرمزي والصريح على اغتيال سليماني. كما سيتجلى الرد الكامل في الأشهر والسنوات القادمة، ومن المرجح أنه سيبرز حزب الله في دور البطولة.

يشير الكاتب إلى أنه من أجل تجنب المواجهة التقليدية المباشرة مع الولايات المتحدة قد يحاول فيلق القدس وحزب الله تنظيم حملة إقليمية من الهجمات غير المتماثلة في الشرق الأوسط أو خارجه. سيكون هدفهم هو تعطيل وتهديد وتقييد عمليات الجنود والدبلوماسيين وضباط المخابرات الأمريكية إلى درجة أن فائدة تواجدهم في الشرق الأوسط لم تعد تفوق التكاليف.

الإخوة في السلاح

منذ تأسيسه من قبل فيلق القدس الإيراني في أوائل الثمانينيات، صاغ حزب الله وسعى لتحقيق التوازن بين هوياتين. الأولى: كممثل لبناني، له جهاز عسكري وسياسي وديني واجتماعي واقتصادي قوي قادر على النهوض بأهدافه المحلية وتمكين ناخبيه الشيعة. والثانية: بصفته حليف لإيران، موالٍ لما يسمى بمحور المقاومة، والذي يشمل النظام السوري وحماس والفواغل غير الدول المسلحة الشيعية الإقليمية المختلفة مثل الحشد الشعبي.

يعتقد الكاتب بأن الموازنة بين الهوايتين كانت صعبة. على مر العقود، اندلعت التوترات بين إيران والولايات المتحدة و"إسرائيل" بشكل دوري، ووجد حزب الله نفسه يسير على خط ضيق، ساعياً إلى دعم إيران عسكرياً دون إثارة رد أمريكي يهدد إنجازاته في لبنان.

يشعر حزب الله بالحاجة إلى إظهار تصميمه أمام أنصاره وخصومه

يذكر الكاتب أنه في 2006، تصاعدت الهجمات عبر الحدود بين حزب الله و"إسرائيل" لتصل إلى حملة جوية وبرية "إسرائيلية" مدمرة في جنوب لبنان وبيروت. ومنذ ذلك الحين، سعى حزب الله إلى تجنب الأعمال العدائية غير الضرورية مع "إسرائيل". وبدلاً من ذلك، ركز الحزب على الردع من خلال بناء ترسانة من الصواريخ المتقدمة وإصدار ردود متناسبة ومحسوبة للهجمات "الإسرائيلية".

يقول الكاتب كاتز بأن ضخامة ضربة سليماني -والتي أودت بحياة كل من الراعي الإيراني لحزب الله، وقائد الحشد الشعبي وهو أقرب حليف عراقي لحزب الله- قد تستلزم الانتقام. والاعتماد على إيران لن يكون الدافع الوحيد لمثل هذا العمل. ومن المرجح أن يشعر حزب الله بالحاجة إلى إظهار تصميمه أمام أنصاره وخصومه. وقد يخشى حزب الله أن تستعد الولايات المتحدة و"إسرائيل" للهجوم، وفي هذه الحالة يرجح أن يسعى إلى ردع البلدين بتذكيرهما بقدراته غير المتناظرة.

يمكن لـ "حزب الله" استخدام الأدوات العسكرية والمخابراتية والإلكترونية والمعلومات

يشير الكاتب إلى أنه من الممكن لحملة حزب الله ضد الولايات المتحدة أن تأخذ أشكالاً عديدة، ولكن من المرجح أن تتكون من سلسلة من أعمال العنف المحسوبة والتي تتصاعد مع مرور الوقت.  سيكون الهدف منها؛ هو تقييد حرية الولايات المتحدة في العمل وردع الهجمات الامريكية التي تضرب أهداف كسليماني. يمكن لـ "حزب الله" استخدام الأدوات العسكرية والمخابراتية والإلكترونية والمعلومات، ويمكنه أن يفعل ذلك بشكل علني أو سراً عبر مجالات متعددة، اعتمادًا على أهدافه الاستراتيجية أو الحاجة إلى سياسة الإنكار المعقول. كما سيتم بناء معايير مدى شدة الهجمات بناءاً على شدة التهديد المتصور من الولايات المتحدة و"إسرائيل"، بحيث تكون الأهداف مثيرة للدهشة ولكنها منطقية في النهاية.

من المرجح أن تبدأ مثل هذه الهجمات على أرض حزب الله ووسط جماهيره في لبنان، حيث سيكون الوجود العسكري للولايات المتحدة هو الهدف الأكثر منطقية. كما سيتم نشر العشرات من القوات الأمريكية في قواعد متعددة في جميع أنحاء البلاد لتدريب ومساعدة الجيش اللبناني.

باستخدام الدعاية والتضليل على وسائل الاعلام الاجتماعية، يمكن أن يتم حشد أعداد كبيرة من المحتجين "العفويين"

يرى الكاتب بأنه بدلاً من مهاجمة هذه القوات مباشرة والمخاطرة برد فعل مدمر، يمكن لحزب الله أن يستخدم الصواريخ التي يمكن إنكارها لعرقلة العمليات الجوية الأمريكي ، والعبوات الناسفة - التي يمكن إلقاء اللوم فيها على المسلحين السنة - لتقييد التحركات الأمريكية على الأرض. والاضافة إلى ذلك، يمكن أن تستخدم الهجمات السيبرانية والكترونية للتشويش على الاتصالات الامريكية وكشف هويات مسؤولي المخابرات الامريكية ومصادرهم اللبنانية.

وبعد ذلك، وباستخدام الدعاية والتضليل على وسائل الاعلام الاجتماعية، يمكن أن يتم حشد أعداد كبيرة من المحتجين "العفويين" للحفاظ على الدبلوماسيين الأمريكيين وضباط المخابرات محاصرين في مجمعاتهم. كما يمكن لحزب الله أيضاً أن يحاول خطف أو اغتيال مسؤولين أمريكيين، ولكن بما لا يصعد التوتر بشكل كبير، فإنه من المرجح أن يحتفظ بهذه الخيارات كخيارات احتياطية على المدى القصير.

يمكن أن يعمل حزب الله مع أعضاء آخرين في المحور

يضيف الكاتب أنه بالإضافة إلى تحييد الولايات المتحدة فعلياً من لبنان، قد يبدأ حزب الله في مهاجمة مصالح الولايات المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وبعيداً عن مكونه ومصالحه الأساسية، سيكون الحزب أكثر استعداداً لاتخاذ اجراء عسكري عدواني. كما سيسعى حزب الله بالتعاون مع فيلق القدس إلى إظهار مدى انتشار محور المقاومة وتحاوز القوات الأمريكية. ولدي الحزب مقاتلون في سوريا والعراق واليمن يمكنه دعوتهم إلى تنفيذ هجمات مماثلة ضد القوات والمنشآت الأمريكية.

ووفقاً للكاتب يمكن أن يعمل حزب الله مع أعضاء آخرين في المحور، مثل الحشد الشعبي بالعراق، والحوثيين في اليمن، وآلاف من المقاتلين الشيعة السوريين والأفغان والباكستانيين الموالين، لشن مزيداً من الهجمات العلنية. فهؤلاء المقاتلون لديهم خبرة في ميدان الحرب ويمتلكون ترسانة متنامية من الأسلحة. وهم أيضاً موالون للقادة الإيرانيين وقادة حزب الله الذين قاموا بتدريبهم وتجهيزهم -وسيكونون علن استعداد للقتال والموت من أجل المحور بعد استشهاد سليماني.

 حزب الله يمتلك بطاقة إقليمية أخرى للعب: التهديد الذي يشكله على الحليف الإقليمي الأقرب للولايات المتحدة، "إسرائيل"

يرى الكاتب بأنه من خلال حملة متواصلة من الهجمات على منشآت الولايات المتحدة، والاتصالات، وخاصة إذا تصاعدت التوترات، فإن هذه القوات الشيعية المتحالفة ستجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن تعمل بشكل متزايد في معظم أنحاء الشرق الأوسط.

يشير الكاتب إلى أن حزب الله يمتلك بطاقة إقليمية أخرى للعب: التهديد الذي يشكله على الحليف الإقليمي الأقرب للولايات المتحدة، "إسرائيل". وبما أن حزب الله هو خط الدفاع الأمامي عن إيران في بلاد الشام، فإن الحزب منظمة مدربة ومسلحة في المقام الأول للصراع مع "إسرائيل"، سواءاً كان ذلك بشكل مباشر مثل حرب 2006، أو من خلال الدخول بحرب إقليمية بين إيران "وإسرائيل" لكي تصبح لبنان الجبهة الرئيسة.

يعتقد الكاتب أن حزب الله لا يريد الدخول بحرب مع "إسرائيل"، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ولكنه على أهبة الاستعداد لمثل هذه الخيارات. مضيفاً أن الحزب يمتلك ترسانة هائلة من الصواريخ وترسانة من الطائرات بدون طيار لشن هجمات على أهداف "إسرائيلية" وضرب منشآت أمريكية في "إسرائيل" وكذلك لشن هجمات على السفن الحربية الأمريكية العاملة في البحر المتوسط.   

يتابع الكاتب: وباستثناء هذا السيناريو الرهيب - وما لم تندلع حرب شاملة بين الولايات المتحدة وإيران – فإنه يبقى أمامه سيناريو غير مرجح، فيمكن لحزب الله الاستفادة من روابطه العميقة مع النشطاء الفلسطينيين مثل الجهاد الإسلامي وحماس من أجل شن هجمات أصغر نطاقًا لكنها فتاكة داخل "إسرائيل".

ينوه الكاتب إلى إمكانية أن يشن حزب الله هجمات انتقامية خارج الشرق الأوسط، عبر هجمات يصفها الكاتب "بالارهابية"، يحتفظ حزب الله بذراع أمني خارجي، ربما بعشرات الخلايا في القارات الخمس. فقد بنى حزب الله هذه المنظمة بصبر، على مدى العقود الماضية، بدعم من إيران، تحسباً لمثل هذا اليوم، عندما تكون القيادة الإيرانية وقيادة حزب الله بحاجة ماسة للانتقام أو إظهار قدرتها على القتال في ساحة المعركة العالمية في وقت ومكان من اختيارهم. ووفقاً لتقييم الاستخبارات الأمريكية العام الماضي، فإن حزب الله على الأرجح سيحافظ على القدرة على تنفيذ مجموعة من خيارات الهجوم ضد المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم.

يضيف الكاتب بأنه ربما خلص حزب الله وإيران بالفعل إلى أن مقتل سليماني يبرر الرد "الإرهابي" المميت والقابل للانكار. ووفقاً لحساباتهم عام 1992، عندما قام الحزب بالرد على هجوم "إسرائيلي" على زعيمه آنذاك عباس الموسوي، بقياده شاحنة مفخخة نحو السفارة "الإسرائيلية" في بوينس آيرس بالأرجنتين، مما أسفر عن مقتل 29 شخصًا وإصابة المئات.

يرجح الكاتب بأن حزب الله وإيران يمكن أن يقررا الاحتفاظ بهذه الأصول العالمية احتياطاً من أجل الطوارئ الشديدة المتمثلة بنشوب حرب شاملة. وفي كلتا الحالتين، من المرجح أن ينظر ذراع الحزب الخارجي وقتها بينما تنشغل الولايات المتحدة بأخذ الاحتياطات القصوى؛ بالبحث عن المنشآت الأمريكية الضعيفة في بلدان خارج الشرق الأوسط حيث تكون قوات الأمن المحلية ضعيفة، ويمكن توجيه اللوم لجماعات مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" أو تنظيم القاعدة. واذا استمر التوتر بالتصاعد، فقد يحاول الذراع الخارجي للحزب باستهدف الولايات المتحدة مباشرة، حيث يُعرف بأن حزب الله لديه عناصر هناك.

العدو الذي لا يمكن التنبؤ به

يرى الكاتب بأن مرحلة الهجمات الانتقامية ضد الولايات المتحدة ستأتي، سواء في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر، حيث ستواجه مخاطر حزب الله. والولايات المتحدة وحلفاءها في حاله تأهب قصوى بعد اغتيال سليماني، وقد يكتشفون ويحبطون أي عملية يحاول الحزب القيام بها. وربما يخشى حزب الله وشركاء إيران الآخرون ووكلاءها في المحور أيضاً من الانتقام الأمريكي، وقد يسعون إلى التراجع عن الانتقام على المدى القريب، على الرغم من رغبة إيران في الانتقام. وقد يكون لحزب الله دوافعه الخاصه للقيام بذلك؛ لأن مئات آلاف من المواطنين اللبنانيين يحتجون حالياً على حكومتهم وعلى دور حزب الله فيها في ظل ضعف اقتصاد البلاد. كما أن الدخول بحرب مدمرة مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي من شأنه أن يحبط الدعم الشعبي للجناح السياسي للحزب.

حزب الله يواجه الآن خصماً لا يمكن التنبؤ به في الولايات المتحدة

يضيف الكاتب بأن حزب الله يواجه الآن خصماً لا يمكن التنبؤ به في الولايات المتحدة. وقد تم استنزاف حساب نصرالله الاستراتيجي وعملية صنع القرار العسكري من خلال عقود من الصراع مع "إسرائيل". ومنذ حرب 2006، طورت إسرائيل وحزب الله فهماً مشتركاً للتناسب، ونظاماً لإدارة التصعيد من خلال إجراء اختبارات دورية ولكن متسقة في ساحة المعركة. ونتيجة لذلك، فإن الطرفين يفهمون الخطوط الحمراء لكل منهما، وعواقب تجاوزها، وكيفية وضع معايير الردود التي تسمح للجانبين بإعلان الانتصار والعودة إلى الوطن.

يعتقد كاتز بأنه لا يمكن لحزب الله معرفة ما إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستلتزم بهذه القواعد غير الرسمية للعبة، وقد يؤدي سوء التقدير بشأن استعداد الولايات المتحدة لاستيعاب الهجمات إلى تصعيد سريع يهدد مصالح الحزب في لبنان.

يتابع الكاتب: إذا كان ترامب قد أثبت أي شيء عن طريق إغتيال سليماني، فإنه على عكس أسلافه؛ فإنه مستعد لاستخدام القوة المميتة ضد الإيرانيين وقادة محور المقاومة.

يختتم الكاتب كاتز مقالته بالقول: ينبغي على الرئيس الأمريكي أن يكون مستعداً للانتقام الذي يستبعه حتماً: "توابيت الجنود الأمريكيين"، كما هدد نصر الله في خطابه الذي ألقاه في 5 يناير، وربما على الأرجح توابيت الدبلوماسيين الأمريكيين وضباط المخابرات والمواطنين العاديين أيضاً.