السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا في فلسطين.. الأسباب والإجراءات

2020-07-22 11:33:58 AM
الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا في فلسطين.. الأسباب والإجراءات
كورونا فلسطين

 

 الحدث - جنى حسان

ما إن دارت عجلة الحياة مرة أخرى عقب حظر تجول طويل جثم على كافة مناحي الحياة في الضفة الغربية؛ حتى عادت أعداد الإصابات بفيروس كورونا إلى الارتفاع بشكل غير مسبوق، ليعود الفيروس ويفرض وجوده على الساحة مرة أخرى، مما دفع بالجميع للتساؤل حول الأسباب الحقيقة وراء هذا الارتفاع، وإذا ما كنا أمام موجة جديدة من فيروس كوفيد-19.

وأعزى خبير الأوبئة د.أحمد عمرو الانتشار الواسع والمفاجئ لفيروس كورونا إلى رفع حالة حظر التجول في البلاد، وعودة الحياة بكافة مجالاتها عقب إغلاق استمر لثلاثة أشهر متتالية، بالإضافة إلى عدم جدية المواطنين باتخاذ الإجراءات الوقائية السليمة، وعدم الالتزام بالبرتوكول الصحي اللازم لتجنب الإصابة بالمرض، والمتمثلة بالتباعد الاجتماعي ووقف التجمعات، واستخدام المطهرات والمعقمات، مما أدى إلى زيادة مضطردة  في أعداد المصابين.

وقال عمرو، إن الزيادة والنقصان في الأعداد اليومية للمصابين جاءت نتيجة لفتح الأسواق والمحافظات، واختلاط المواطنين ببعضهم البعض دون استخدام وسائل الحماية، فضلاً عن تحسين الأساليب الطبية للكشف عن المرض، التي سمحت بإجراء آلاف الفحوصات يومياً، ونتيجة لذلك ظهرت أرقام إصابات أكبر من السابق.

وأوضح الخبير في علم الأوبئة  أن كوفيد-19 ظهر ولن يختفي إلا بثلاثة طرق، أولها إيجاد علاج فعال للمرض، وهو الأمر الذي وصفه "بالبعيد"، والحل الآخر هو إيجاد مصل أو لقاح للوقاية منه، إلا أن هذا اللقاح لم يطور بعد. مشيراً إلى أن مناعة القطيع هي الحل الأخير والمتوفر حالياً في ظل غياب العلاج واللقاح.

ومصطلح مناعة القطيع، مصطلح طبي يعني انتشار المرض من شخص لآخر، ويستمر بالانتشار إلى أن يصطدم مسبب المرض بأشخاص تكونت لديهم مناعة من المرض نتيجة لإصابتهم السابقة به، وتبدأ أجساد هؤلاء الأشخاص بتطوير أجسام مضادة للفيروس تحاصر المرض وتقضي عليه، بحسب ما قاله عمرو.

وأكد الخبير، أن مناعة القطيع تستلزم أن يصاب حوالي 70% إلى 80% من كافة أفراد المجتمع بكورونا، ليكون هؤلاء الأفراد سداً منيعاً يقف أمام إصابة 20% من بقية أفراد المجتمع، وبما أن الخطر الأكبر هو على كبار السن الذين يفوق عمرهم 65، وعلى المرضى المصابين بأمراض تستلزم تناول أدوية تثبيط المناعة، بالإضافة إلى الحوامل والأطفال، فينبغي أن يقف كل فرد عند مسؤوليته الاجتماعية، وذلك من خلال حجر أصحاب المناعة الضعيفة والأمراض المزمنة وكبار السن وعدم مخالطتهم بتاتاً، فيشكل هؤلاء نسبة 20%، وبذلك تتم حمايتهم من خطر فيروس كورونا.

"الخوف القادم من فصل الخريف، ففيه تنتشر الفيروسات والبكتيريا المسؤولة عن نزلات البرد وأنواع مختلفة من الإنفلونزا، التي تسبب أمراضاً مختلفة في الرئة والجهاز التنفسي، وبالتالي يرتفع خطر الإصابة بكورونا" يقول عمرو. مشدداً على ضرورة الالتزام بالإجراءات الصحية  وحماية كبار السن وذوي المناعة الضعيفة قبل دخول الخريف، مؤكداً أن فصل الصيف هو الفرصة الذهبية أمام الجميع للتخلص من الوباء نظرا لخلوه من الفيروسات والبكتيريا المسببة للإنفلونزا ونزلات البرد.

وبحسب الخبير، فإن عدم ظهور أعراض المرض رغم مخالطة مصابين لا يعني عدم الإصابة به، موضحاً أن هناك ثلاثة سيناريوهات تفسر ذلك، فإما أن يكون الأمر متعلقاً بفترة حضانة الفيروس في جسم المريض، والتي تتراوح ما بين ثلاثة أيام إلى 14 يوم كحد أقصى، لذلك ينبغي أن يتم فحص المخالط عقب أربعة أو خمسة أيام من مخالطته لمصاب آخر للتأكد من وضعه الصحي.

أما السيناريو الآخر، فقد يرجع إلى ما يسمى "نتيجة سلبية خاطئة"، مما يعني وجود خلل في عملية أخذ العينة، أو خلل في عملية فحصها، وفقاُ لعمرو، مضيفاُ أن السيناريو الأخير، هو الأقرب للصواب، ففي حين استخدام الشخص المخالط لكمامة، وارتداء المصاب أيضاً لواحدة، فإن ذلك يعني تعرض الشخص المصاب لجرعة قليلة من الفيروسات، وبالتالي لا يصاب الشخص بالمرض، لذلك ينبغي الالتزام بوضع الكمامة.

وعلى الصعيد ذاته، بين أخصائي أمراض الجهاز التنفسي والرئة د.كمال عويد، أن الانتشار لم يكن مفاجئاً، نظراَ لزيادة أعداد الفحوصات التي تتم كل يوم، بالإضافة إلى الاختلاط الكبير بين الأفراد خصوصاً في الحفلات والأعراس التي ما زالت تُقام إلى الآن.

وأشار عويد إلى أن أعداد المرضى على أجهزة التنفس لم يزدد كثيراً، وكذلك هو الحال بالنسبة للوفيات، وإن الحالات هذه  التي تواجه الخطر هي فقط التي تعاني من أمراض خطيرة سواء تنفسية أو عضوية، أو من كبار السن.

وأوضح عويد أن كورونا كباقي الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي، فهو ينتقل عن طريق الأنف، بمجرد أن يقوم الشخص باستشناقه فإنه  ينتشر في الرئتين، مشيراً إلى أن الأنف هو الشباك الذي يسمح بدخول الفيروسات إلى الجسم، وبحسب د.كمال ليس كل شخص يحمل المرض يعني أنه مصاب بالمرض، ومن الممكن أن لا يمرض أبداً.

ونوه عويد إلى ضرورة تأكد الأشخاص الذين يعانون من أمراض في الجهاز التنفسي من عدم وصول الفيروس للرئة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وصوله، وذلك من خلال أخذ عينة من الرئة وأن الفيروس لايزال في الأنف ولم ينتشر بعد في الرئة.

من ناحيته، أوضح مسؤول الطب الوقائي في وزارة الصحة علي عبد ربه، أن انضباط المواطنين والتزامهم بالحجر فيما مضى كان السبب الرئيسي في احتواء عدد الحالات تقريباً، إلا أن ما ترافق مع قرار التعايش وتخفيف الإجراءات من عدم التزام المواطنين بالمواد 25 لبروتوكول وزارة الصحة المتعلقة بإجراءات السلامة أدى إلى التزايد الكبير والمتسارع بأعداد المصابين وأعداد الوفيات.

وبين عبدربه ، أن الاختلاط بين سكان المناطق المحتلة عام 48، وبين مناطق 67، بسبب طبيعة الحياة والأسواق وعلاقات القرابة والنسب، أدت إلى تزايد الإصابات، فضلاً عن الإيمان الكبير عند المواطنين بنظرية المؤامرة والصراع بين القوى العظمى، وعدم التزامهم بإجراءات السلامة، أدى إلى تدهور الوضع، فالجميع أكمل حياته بطريقة طبيعية من زيارات وأفراح ومناسبات دون اكتراث لخطورة الفيروس باعتباره فيروسا شديد الانتشار يصيب الجهاز التنفسي .

"نلاحظ بأن مدينة الخليل تعاني أكثر من بقية المحافظات، ونسبة الزيادة فيها مخيفة، وذلك لأنها الأكثر اختلاطاً بمناطق 48، بسبب الامتداد والتواصل الجغرافي الطبيعي والذهاب والإياب المستمر بين المنطقتين،  بالإضافة إلى أن نسبة العمال الذين يعملون في الداخل المحتل هي الأكبر بين محافظة الوطن، لذلك فإن الحالات في الخليل هي أكثر بكثير من بقية المحافظات" يتابع مسؤول الطب الوقائي.

ونوه عبدربه إلى أن المغالاة في العادات المتبعة في تعامل الناس مع بعضهم البعض، وخصوصاً في المناسبات، كالعناق الطويل والقبل، والتربيت على الظهر، وغيرها من أساليب التحبب المستخدمة اجتماعياً، فإنها أيضاً ساهمت في تفاقم الوضع بصورة كبيرة، وزادت من الخطر.

وبحسب مسؤول الطب الوقائي، فإنه ينبغي أن يكون هدف المواطنين والمسؤولين العمل على منع انتقال العدوى، لا إجراء المسحات ومراقبة الأرقام فحسب، وذلك من خلال اتخاذ الجميع لكافة التدابير الاحترازية والوقائية، والتزام التباعد الجسدي والابتعاد عن التجمعات، مؤكداً أنه يجب على كل مواطن أن يعتبر نفسه سليماً، وكل من حوله مصاب، وأن يحمي نفسه، مضيفاً "ينبغي أن نعتبر أنفسنا كما قال الرسول محمد:( أنت على ثغرة فلا يؤتين من قبلك)، لذلك احرصوا على أن لا تكونوا سبباً في انتقال الفيروس". 

وفي الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، بتاريخ 13 يوليو/تموز دعا رئيس الوزراء محمد اشتية المواطنين إلى ضرورة التقيد الصارم بالإجراءات والتدابير الوقائية لمنع تفشي فيروس كورونا في ضوء الارتفاع المضطرد في أعداد المصابين والمتوفين من الوباء الذي يجد في الاختلاط في الأعراس وبيوت العزاء والتجمعات وسيلة لتوسيع مساحة انتشاره.

وأكد رئيس الوزراء أنه بمقدار تشدد الحكومة إزاء صرامة الإجراءات لمنع تفشي الوباء وتوفير المستلزمات الطبية لمواجهته، فإنها تحرص كذلك على دوران عجلة الاقتصاد بشروط السلامة الصحية التي تضمنتها بروتوكولات وزارة الصحة.

 وقال رئيس الوزراء إنه أوعز للمحافظين للتشاور مع الغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال في المحافظات الأربع المغلقة الخليل، وبيت لحم، ورام الله والبيرة، ونابلس، بشأن سير الحركة التجارية فيها وبناء على مداولات مجلس الوزراء والتشاور مع أعضاء لجنة الطوارئ الوطنية، فقد تم استثناء المنشآت والمحال التجارية الصغيرة من الإغلاق، على أن تلتزم بالبروتوكول الصحي باستخدام الكمامات والتباعد، وتجنب الاكتظاظ.

وشدد رئيس الوزراء على إغلاق جميع صالات الأفراح وبيوت العزاء والمطاعم (باستثناء خدمات التوصيل) والمقاهي والنوادي الرياضية، وصالونات الحلاقة، والتجميل ورياض الأطفال والمسابح والمتنزهات. مع استمرار منع الحركة والتنقل بين جميع محافظات الوطن باستثناء حركة التجارة ولمدة أسبوعين، على أن يراجع الوضع بشكل يومي، إضافة إلى منع الحركة والتنقل بين جميع المحافظات في المدن والقرى والمخيمات يوميا من الساعة الثامنة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي ولمدة أسبوعين. ومنع الحركة والتنقل بين المدن والقرى والمخيمات في المحافظات اعتبارا من الساعة الثامنة من مساء يوم الخميس وحتى صباح يوم الأحد ولمدة أسبوعين.

وحتى صباح يوم الإثنين، 20/7/2020، بلغ إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا في فلسطين 10,052 حالة، منها 8,477 في الضفة الغربية و72 في قطاع غزة و1,503 إصابات معروفة في مدينة القدس. كما وبلغ عدد الوفيات 65 حالة.