السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما الذي سيحدث إذا حاربت الصين الولايات المتحدة واليابان؟

2020-08-13 03:56:09 PM
ما الذي سيحدث إذا حاربت الصين الولايات المتحدة واليابان؟

 

 الحدث- جهاد الدين البدوي 

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالاً للخبير العسكري مايكل بيك، والذي وضع محاكاة لحرب محتملة قد تحصل بين الصين من جهة والولايات المتحدة واليابان من جهة أخرى، وتوقع بيك بأن ينجم عن هذه الحرب مجزرة في بحر الصين الشرقي، وستكون الكارثة متبادلة بين الأطراف المتصارعة.

وافترض بيك في افتتاحية مقالته أنه في عام 2030، ستستولي القوات الصينية على جزيرة يابانية في بحر الصين الجنوبي. وحينها ستقوم اليابان بإرسال قوات برمائية لاستعادة الجزيرة. وعلى التوالي ستصل سفن حربية وطائرات أمريكية برفقة أسطول ياباني، لمساندة اليابان، منوهاً إلى أنها ستتجنب القتال مع القوات الصينية.

يقول الخبير بيك بأنه سرعان ما تنهار تلك الخطة، فوفقاً لمحاكاة الحرب التي وضعها مركز الأمن الأمريكي الجديد في واشنطن، من المستحيل أن يتدخل الجيش الأمريكي دون أن يحدث إطلاق نار متبادل بين القوات الأمريكية والصينية.

يوضح الخبير بأنه تم وضع محاكة الحرب التي أخذت عنوان: "لعبة مميتة: أزمة بحر الصين الشرقي 2030". في 20 يونيو. وقد وضعت المجلة فيديو للمحاكاة. وقد تطورت المحاكاة بشكل مختلف. فقد تم توفير حشد من الجماهير من خلال تطبيق "ZOOM"، حيث قدم موظفو مركز الأمن الأمريكي الجديد خيارات للمشاركين الذين سيصوتون بعد ذلك لتحديد الاستراتيجيات التي ستنفذها القوات الصينية والأمريكية/اليابانية.

وقالت سوزانا بلوم مديرة الدفاع بالمركز أمام 400 مشارك معظمهم من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة: "المخاطر كبيرة. ومن سيفوز في هذه المواجهة سيكون لديه القدرة على تشكيل منطقة آسيا والمحيط الهادئ للعقد المقبل".

يقول الخبير العسكري بيك بأن هذا ما تحدثت عنه رواية توم كلانسي تقريباً، حيث يستمر السيناريو على النحو التالي: في عام 2030، يقوم اسطول صيني بإنزال 50 جندياً في جزيرة "اوتسوري جيما"، وهي جزيرة في بحر الصين الشرقي تابعة لسلسلة جزر سينكاكو المملوكة لليابان، ولكن الصين تدعي ملكيتها أيضاً.

يشير الخبير إلى أنه بإعلان بكين عن منطقة حظر 50 ميلاً حول جزيرة سينكاكو، نشرت الصين طوقاً من السفن السطحية والغواصات والطائرات بدون طيار-مدعومة بصواريخ باليستية على البر الصيني الرئيس. 

يوضح الخبير بأن قوة الغزو اليابانية (أو قوة التحرير، اعتماداً على الفريق الذي تنتسب إليه) تتكون من سفن هجوم برمائية وسفن مرافقة وغواصات وقوات خاصة ومشاة بحرية تدعمها الطائرات في أوكيناوا. وترابط في مكان قريب مجموعتين هجوم أمريكية من حاملات الطائرات، فضلا عن الغواصات، ومقاتلات الشبح، والقاذفات.

يرى الخبير بأن قواعد الاشتباك تكاد تختنق. فالقوات الأمريكية هدفها دعم اليابان -التي أبرمت معها الولايات المتحدة اتفاقية دفاعية- والتي تتجنب القتال مع القوات الصينية. وبالنسبة للقادة الصينيين، فإن الأوامر تقتضي مهاجمة أي قوات يابانية تدخل منطقة الحظر دون استهداف القوات الأمريكية.

يتابع الخبير: ما تلا ذلك على مدى عدة دورات من المحاكاة -كل محاكاة تمتد 4 ساعات من الوقت الحقيقي- كان سلسلة من التحركات والحروب المضادة التي دارت حول خريطة لعبة افتراضية، حيث انتقل كلا الجانبين بحذر على خط رفيع بين الردع والحرب. حيث حدد كل من الفريقين الأحمر (الصين) والأزرق (الولايات المتحدة واليابان) أهدافهما: سيرسل الأحمر رسالة قوية مفادها أن الأزرق يجب أن يتراجع، بينما يهدف الأزرق إلى إجبار الأحمر على الانسحاب.

يقول الخبير كيف يمكن تحقيق التوازن بين الأهداف وقواعد الاشتباك التي تكاد تكون متناقضة؟ وكان الخيار الأول للفريق الأزرق هو كيفية الاستعداد لرشقات جماعية من الصواريخ الصينية المضادة للسفن عندما يدخل الأسطول الياباني منطقة الحظر: هل ينبغي لسفن الدفاع الجوي الأمريكية "إيجيس" أن تحتضن الأسطول الياباني لحمايته من الصواريخ المضادة للسفن، أم ينبغي أن تستخدم الولايات المتحدة الحرب الإلكترونية والتشويش لتعطيل روابط القيادة والسيطرة الصينية؟ وقد اختار الجمهور بأغلبية من 60-40% تعطيل روابط القيادة.

وتعكس الصين هذا النهج الحذر: بإعطاء الجمهور الاختيار بين أمرين، إما توجيه ضربة صاروخية إلى الاسطول الياباني، أو استخدام الحرب الإلكترونية لتعطيل روابط القيادة اليابانية، وكانت 54% من أصوات الجمهور لصالح الحرب الإلكترونية. وقد قرر الحكم بأن القوات الزرقاء تعاني من المصاعب الناجمة عن المناورة أكثر من نظيراتها الحمراء، لأن الفريق متعدد الجنسيات يعتمد أكثر على الاتصالات التي تعمل بسلاسة.

يضيف الخبير: في نمط تاريخي مألوف للغاية، دائماً ما يخرج التصعيد عن السيطرة. فعندما تدخل المدمرات اليابانية منطقة الحظر، تبدأ السفن الحربية الصينية أعمالها القتالية بإغراق العديد منها بصواريخ كروز. ثم تنتقم المدمرات اليابانية عبر تدمير الغواصات الصينية، في حين تلعب الغواصات الأخرى لعبة الاختباء والبحث. ويقول الحكم "إد ماكغريدي" ساخراً: "تحاول الغواصة الصينية العثور على الغواصة اليابانية، وتحاول الغواصة الأمريكية العثور على الغواصة الصينية".

يقول الخبير أنه بدلاً من خوض معركة على السطح مع الأسطول الأحمر، يختار الفريق الأزرق القوات الجوية واستخدام المقاتلات الشبحية الأمريكية من طراز "F-22" و "F-35"، التي ستنضم إلى طائرات "F-35" و "F-15" اليابانية، لتدمير الطائرات الصينية التي تحلق بالقرب من جزيرة سينكاكو، بما في ذلك الطائرات الصينية بدون طيار التي تزود الصواريخ الباليستية "قاتلة الحاملة" المضادة للسفن المتمركزة على الأرض بمعلومات الاستهداف.

يتابع الخبير بيك: ومع تكبد سفنهم وطائراتهم خسائر فادحة، يختار القادة الصينيون في نهاية المطاف مهاجمة حاملتي الطائرات الأميركيتين بالصواريخ، مما يلحق أضراراً بالغة بإحداهما. وفي الجولة الأخيرة، تقوم الصين بخطوة حاسمة. طوال المباراة، كانت المطارات في أوكيناوا – وهي جزيرة تشكل جزءاً من الاراضي اليابانية – مكتظة بالطائرات الأمريكية واليابانية. ولم تعد بكين قادرة على مقاومة هذا الإغراء: تقوم بإطلاق رشقات من الصواريخ التي تدمر مدارج الطائرات، وتلحق أضراراً بالغة بقوة طيران الفريق الأزرق.

ووفقاً للخبير العسكري بيك، في تلك المرحلة ينبغي أن تتوقف اللعبة.

يشير الخبير إلى أنه مع نهاية المباراة، وصل الوضع إلى طريق مسدود: فقد تكبدت الصين خسائر فادحة، ولكنها احتفظت بالسيطرة على جزيرة أوتسوري جيما. وعلى أية حال، فإن التركيز على من الذي سيفوز ليس الغرض الرئيس لمحاكاة التخطيط الدفاعي التي أجراها البنتاغون.

يقول الكاتب بأن هناك الكثير من العوامل الذاتية أو التعسفية في هذه المحاكاة يمكنها ببساطة أن تعلن أن الأمة "X" وباستخدامها الاستراتيجية "Y" الفوز على أرض الواقع. فعلى سبيل المثال، من أجل توفير البساطة والقدرة على اللعب، أغفلت محاكاة الحرب التي صممها مركز الأمني الأمريكي عوامل مثل الخدمات اللوجستية، والعمليات الإعلامية لتشكيل الرأي العام، والتوترات السياسية داخل القيادة الصينية والتحالف الأمريكي الياباني. ومن الغريب أيضاً غياب الأسطول الصيني المتنامي الذي يضم حاملات الطائرات، فضلاً عن حاملات الطائرات اليابانية المسلحة بمقاتلات شبيحة من طراز "F-35" عن المحاكة. وبطبيعة الحال، هناك حقيقة مفادها أن القادة في الحياة الحقيقية سيكونون على وعي تام بإمكانية التورط بحرب نووية.

يتابع الخبير: وبدلاً من ذلك، فإن قيمة هذه المحاكاة ترتبط أكثر حول العملية والاستبصار: كيف تسير الأحداث، ولماذا اتخذ اللاعبون القرارات التي قاموا بها، وما هي نقاط الضعف والقدرات التي تم الكشف عنها؟

وفيما يتعلق بالأسلحة، قال لي كريس دوجيرتي قائد الفريق الأزرق: "كلا الجانبين لديهم قدرات ساحقة". مضيفاً: " "بالنسبة للصين، فلديهم قاذفات القنابل والصواريخ البرية. بالنسبة للولايات المتحدة، فلديهم غواصات وقاذفات".

يرى دوجيرتي: "تتمتع الصين بميزة الحقل الداخلي أو المحلي: يمكنها إطلاق كمية ضخمة من الصواريخ، وإعادة تسليح قاذفاتها وقاذفات الصواريخ البرية من قواعدها التي تقع في مكان ملائم في البر الرئيس".

أما بالنسبة للطائرات الأمريكية التي تعمل من قواعد بعيدة مثل قاعدة غوام -على بعد 1600 ميل من جزيرة سينكاكو- أو تحلق من قواعد أوكيناوا الجوية المزدحمة والضعيفة، فقرار إنفاق هذه الأسلحة قرار صعب: وبمجرد أن تطلق قاذفة "B-52" أو طائرة "F-35" صواريخها، سيستغرق الأمر ساعات لعودتها إلى القاعدة وإعادة تسليحها وعودتها مرة أخرى إلى منطقة القتال. هذا هو أحد الأسباب التي تجعل وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر يدعو إلى بناء قواعد أمريكية إضافية في المحيط الهادئ.

وأشار دوجيرتى إلى: "أن الولايات المتحدة يمكنها أن تستخدم قاذفاتها في عمليات القصف، ولكن بدون قواعد جوية موثوق بها في المنطقة، والتي ستكون مهددة من الطائرات والصواريخ الصينية، وحينها يصبح التوقيت مشكلة كبيرة". مضيفاً "أن هذه المحاكاة أظهرت إلى حد كبير أن كل ضربة كبيرة للفريق الأزرق كانت عملية من حزمة واحدة".

يقول الكاتب: إن أحد الجوانب الرئيسة في القتال الحديث هو أن ما يمكن رؤيته يمكن تدميره، وما يخفى عن الأنظار يمكن أن يبقى على قيد الحياة. حتى الصواريخ المضادة للسفن الأكثر تطوراً لا يمكنها تحديد موقع السفن في المحيط الهائل دون بيانات استهداف منقولة عبر الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار وطائرات المراقبة.

يقول دوغرتي: "يخلق هذا المسار الحاسم حافزًا هائلًا للقيام بهجمات مضادة لـ C4ISRK [القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع] في أقرب وقت ممكن في الصراع، وهو ما قام به الفريقان هنا. مضيفاً أنه "في الجولات السابقة من هذه المحاكاة، إذا لم يختر أحد الفريقين أوامر بضرب مراكز القيادة والمعلومات في خطوتهم الأولى، فعادة ما تسير الأمور بشكل سيء جداً بالنسبة لذلك الفريق."

يرى الخبير بأن أهم ما في محاكاة الحرب في بحر الصين الشرقي هو كيف تتصاعد الأعمال العدائية بشكل مضطرد. حيث دخلت الصين والولايات المتحدة في الصراع بنية عدم مهاجمة بعضهما البعض: ولكن في نهاية المحاكاة، كان الطرفان يدمران سفن وطائرات بعضهم البعض، وبدا كلا الجانبين في الرغبة بجعل الصراح متمركزاً حول عدد قليل من المناطق الصخرية القاحلة في المحيط. ولكن بعد بعض المنعطفات، شعرت الصين بأنها مضطرة إلى إطلاق صواريخ على أوكيناوا.

يقول دوجيرتي: "استخدمنا قواعد الاشتباك للسيطرة على هذا الأمر إلى حد ما في المحاكاة. ولكن حتى متى سيصمد هذا النهج عندما يحين وقت الحسم؟ هذه مسألة موضع شك".

يخلص الخبير العسكري مايكل بيك إلى أن هذا الأمر يثير تساؤلات مقلقة لمن سيشغل البيت الأبيض في العام المقبل. فقد تعهدت إدارة ترامب بدعم الولايات المتحدة لليابان بشأن نزاع جزر سينكاكو، ومن المرجح أن تختار إدارة جديدة أيضاً دعم أحد أهم حلفاء أميركا. ولكن كما توضح محاكاة الحرب التي قام بها مركز الأمن الأمريكي الجديد، فإن دعم اليابان في صراع صيني ياباني يخاطر انزلاق القوات الأمريكية والصينية نحو الحرب. وبمجرد بدء الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة والصين، قد يكون من الصعب وقفها.