الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف يمكن لبايدن تجنب الحرب بين الولايات المتحدة والصين؟

2020-12-21 09:57:31 AM
كيف يمكن لبايدن تجنب الحرب بين الولايات المتحدة والصين؟
جو بايدن

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية مقالاً لعالم السياسة الأمريكي جراهام تي أليسون، وهو أستاذ كرسي دوجلاس ديلون للحكومة في كلية هارفارد كينيدي، ومؤلف كتاب "متجهان للحرب: هل تستطيع أمريكا والصين الهروب من فخ ثوسيديدس". وأشار في مقالته إلى أنه ما لم يتم إقناع الصين بتقييد سلوكها والتعاون مع الولايات المتحدة، فسيكون من المستحيل تجنب الحرب الكارثية أو الحفاظ على مناخ يمكن لكليهما أن يتنفسا فيه.

يقول أليسون: يمثل الصعود الصيني التحدي الدولي الأكثر تعقيدًا الذي يواجهه أي رئيس أمريكي على الإطلاق. ففي الوقت نفسه تعد الصين أشد منافس شهدته الولايات المتحدة على الإطلاق، كما أنها دولة سيتعين على الولايات المتحدة أن تجد معها سبلاً للتعايش، لأن البديل الوحيد هو التدمير المشترك. وإذا حققت الأوتوقراطية التي يقودها الحزب الشيوعي بقيادة شي جين بينغ حلمها، فإن بكين ستحل مكان واشنطن في العديد من المناصب القيادية التي اعتادت عليها خلال القرن الأميركي. وما لم يتم إقناع الصين بتقييد سلوكها والتعاون مع الولايات المتحدة، فسيكون من المستحيل تجنب الحرب الكارثية أو الحفاظ على مناخ يمكن لكليهما أن يتنفسا فيه.

يوضح أليسون: لمواجهة هذا التحدي، سيتعين على الرئيس المنتخب جو بايدن وفريقه، صياغة استراتيجية تجتاز ما وصفه سكوت فيتزجيرالد بأنه اختبار عقل من المستوى الأول. ما يعني "الاحتفاظ بفكرتين متناقضتين في الوقت نفسه، وهو لا يزال يؤدي وظيفته". ولحسن الحظ، وعلى النقيض من سلفه، يدخل بايدن إلى هذا الاختبار وهو في وضع استعداد جيد. حيث يتمتع بخبرة اكتسبها من مناصب شغلها عقوداً من الزمن، كنائب للرئيس، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ومشرع خلال الحرب الباردة. وقد واجه أصعب الخيارات ووضع وجهات نظر مدروسة حول كيفية عمل العالم.

فمن ناحية، ما لم تنهار الصين أو تتصدع في عهد الرئيس شي، فستكون "أكبر لاعب في تاريخ العالم"، كما قال لي كوان يو ذات مرة. وكون عدد سكون الصين أربعة أضعاف سكان الولايات المتحدة، فإنه إذا كان الصينيون يتمتعون بنصف الإنتاجية الأمريكية، فإن الصين سيكون لديها ضعف الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. وهذا من شأنه أن يسمح للصين باستثمار ضعف ما تستثمره أمريكا في مجال الدفاع. ومنذ بداية هذا القرن، صعدت الصين لتصبح أكبر اقتصاد في العالم (وفقاً للمقياس الذي تعمل به وكالة الاستخبارات المركزية، وهو أفضل مقياس للمقارنة بين الاقتصادات الوطنية). وقد أصبحت اليوم أيضاً ورشة التصنيع العالمي. والشريك الجاري الأول لأغلب الاقتصادات الكبرى، ومنذ الأزمة المالية في عام 2008، أصبحت المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي العالمي. وفي نهاية عام 2020، سيكون هناك اقتصاد رئيس واحد فقط أكبر مما كان عليه في بداية العام، وهو بالتأكيد ليس اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول عالم السياسة الأمريكي إنه من أجل تكوين ارتباط بين القوى التي يمكن أن تشكل سلوك الصين، سيتعين على الولايات المتحدة أن تجتذب دولاً أخرى ذات ثقل للجلوس إلى جوارها في ميزان القوة. على الرغم من ازدراء الرئيس دونالد ترامب للحلفاء، فقد اعترف نائبه ووزير الخارجية بهذه الحتمية. ولكن أملهم في أن يتبعوا استراتيجية أميركا الناجحة في الحرب الباردة من خلال إقناع الدول الأخرى بـ "الانفصال" عن الصين خلف ستار حديدي اقتصادي جديد أساء فهم الحقائق الأساسية. وكسياسي، يدرك بايدن أن تفويض قادة البلدان الأخرى بالحكم يعتمد على قدرتهم على تقديم مستويات معيشة متزايدة لشعوبهم. وإن أي محاولات لإجبارهم على الاختيار بين علاقتهم العسكرية مع الولايات المتحدة التي تجعلهم آمنين، وعلاقتهم الاقتصادية مع الصين الضرورية لازدهارهم، هي مهمة حمقاء. إن تجنيد القوى المتحالفة والمنحازة في شبكة أكثر تعقيداً سيكون أكثر صعوبة إلى حد كبير مما كان عليه الحال في مواجهة الاتحاد السوفييتي.

ومن ناحية أخرى، يدرك بايدن تمامًا أن الولايات المتحدة والصين تتقاسمان عالمًا صغيرًا يواجه كل منهما تحديات وجودية لا تستطيع أي دولة هزيمتها بمفردها. وقضت التكنولوجيا والطبيعة على هاتين القوتين العظميين بالعمل لإيجاد سبل للعيش معاً من أجل تجنب الموت معا. وكمحارب مخضرم من زمن الحرب الباردة، يدرك بايدن بطريقة لا يفهمها معظم جيل اليوم أننا لا نزال نعيش في عالم "دمار نووي متبادل". ويشير إلى مدى صعوبة أن يلتف صانعو السياسات الأميركيون حول مفهوم "الدمار النووي المتبادل" النووي – وهو تدمير مؤكد للطرفين – وأن يتقبلوا التداعيات الاستراتيجية المترتبة على فن الحكم العاقل. وبعد أزمة الصواريخ الكوبية، تعلم جون كينيدي وخلفاؤه الدرس الذي لخصه رونالد ريغان بإيجاز في ملصقه المفضل: لا يمكن كسب حرب نووية، وبالتالي يجب ألا تخاض أبداً. كان إدراك ما يعنيه ذلك في الممارسة العملية بالنسبة للتنافس الأمريكي مع إمبراطورية الشر صراعًا ضخمًا - حيث قضى بايدن ساعات لا تحصى في مساعدة زملائه في مجلس الشيوخ على إدراكه.

إنه اليوم، وبالإضافة إلى "الدمار النووي المتبادل"، يدرك الرئيس المنتخب بايدن أننا نواجه أيضاً "دماراً مناخياً متبادلاً". وبالنظر إلى تشاطرنا لكرة أرضية صغيرة نتنفس فيها نفس الهواء، يمكن لأكبر مصدرين لانبعاثات الغازات الدفيئة أن يسبب في خللاً شديداً في المناخ، بحيث لا يستطيع أي منهما العيش على هذه الكوكب. وإدراكاً من بايدن لهذا الواقع، عمل مع الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري للتوصل إلى اتفاق بشأن المناخ مع الصين وهو ما جعل من الممكن التوصل إلى اتفاق باريس الدولي الذي بدأ في ثني هذه المنحنيات. وفي حين انسحب ترامب من هذه الاتفاقية، ويعتزم بايدن الانضمام إليها مجدداً في اليوم الأول لدخوله للبيت الأبيض. كما وسيسعى إلى العمل مع الصين من أجل الوصول إلى أهداف أكثر طموحاً.

يختتم عالم السياسة أليسون مقالته القول: إن التحدي الذي تشكله الصين مروع. ولكن الحقائق الغاشمة من المستحيل تجاهلها. وبعد أن تغلب بايدن على العقبات التي تبدو عصية؛ ليصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، سيكون واقعياً إلى أقصى حد بشأن حجم هذا التحدي، ولا يتزعزع في تصميمه على القيام بما يتعين عليه القيام به.