الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

جرح الذاكرة .. عن الأزمة بين الجزائر وفرنسا

2021-10-04 09:15:10 AM
جرح الذاكرة .. عن الأزمة بين الجزائر وفرنسا
تعبيرية

الحدث العربي والدولي

دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية في أتون أزمة غير مسبوقة في تاريخ البلدين، خاصة في ظل تصاعد الغضب الجزائري من تصريحات ماكرون المشككة في التاريخ الجزائري، قبل دخول جيوش بلاده إليها في 1830، وذلك من خلال الدعوة إلى طرد السفير الفرنسي وقطع العلاقات الدبلوماسية، أو تفعيل القانون المجمد في البرلمان حول تجريم الاستعمار.

وكان قرار غلق المجال الجوي أمام الطيران العسكري الفرنسي العامل في مالي ومنطقة الساحل أول رد فعل جزائري رسمي على تصريحات ماكرون المفاجئة حول مسائل داخلية للشأن الجزائري، تتعلق بدور العسكر في السلطة، ومحدودية دور الرئيس تبون في القرار السيادي، والتشكيك في التاريخ الجزائري.

كما أنه ليس من المستبعد اتخاذ قرارات أخرى تتعلق بفسخ عقود شركات فرنسية عاملة في الجزائر، لتنضم بذلك إلى فسخ سابق تم خلال الأشهر الأخيرة، ومس شركة تسيير المياه وميترو الأنفاق ومطار الجزائر الدولي، في خطوة لتكثيف الضغط على الفرنسيين المستائين من انفتاح شريكتهم التاريخية على قوى أخرى كالصين وتركيا وروسيا خاصة في مجال التسليح والمشاريع الكبرى.

وكان الرئيس الفرنسي قد ألقى كلمة أمام عدد من الشبان الذين تم استدعاؤهم إلى قصر الإليزيه لـ”التشاور” حول ما يسمى بوثيقة المؤرخ والمستشار بنجامين ستورا المتعلقة بمعالجة “جرح الذاكرة”، وكان من بين هؤلاء أحفاد حركى (الحركى هم معاونو الجيش الفرنسي من الجزائريين خلال حرب التحرير)، وضباط فرنسيون عملوا خلال تلك الفترة، ويهود، وحتى محسوبون على جبهة التحرير الجزائرية.

وأطلق الرئيس ماكرون تصريحات وصفت بـ”القوية” و”الصادمة ” حول علاقات بلاده بالجزائر خلال الفترة الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بدور ونفوذ العسكر في المشهد السياسي للبلاد، ومحدودية صلاحية تبون في إدارة شؤون البلاد، والتشكيك في تاريخ الجزائر.

وأعرب الرئيس الفرنسي في تصريحاته عن “إعجابه بالرئيس تبون خلال المشاورات والاتصالات التي جرت بينهما، لكنه واقع في صلب دائرة صلبة”، في إشارة إلى الحلقة الأولى لضباط المؤسسة العسكرية الذين اتهمهم بـ”الاستحواذ على القرار السياسي في البلاد”.

وأضاف “الحراك الشعبي أتعب السلطة في الجزائر، والعسكر مازالوا هم الحاكم الفعلي للبلاد خلف واجهة مدنية، والجزائريون ليست لهم مشكلة مع فرنسا، وإنما النظام الحاكم هو الذي يحضّ على معاداة فرنسا”، في إشارة إلى الخطاب المتصاعد خلال السنوات الماضية ضد النفوذ الفرنسي في البلاد.

كما لم يفوت فرصة الخوض في الجانب التاريخي بالقول إنه “يشكك في تاريخ الجزائر كأمة قبل الاحتلال الفرنسي”، وعبر عن انزعاجه من عدم “إدانة الاستعمار التركي للجزائر بالشكل الذي تدان به فرنسا”، مضيفا أن “التاريخ لا بد أن تعاد كتابته باللغتين العربية والأمازيغية لإنصاف الحقيقة”.

وتساءل ماكرون عن سر “توفيق الأتراك في نيل ثقة الجزائريين وتحويل الحقبة الاستعمارية إلى تحالف بين البلدين”، وهو ما يعبر عن الصراع المحتدم بين فرنسا وتركيا وتصفية حساباتهما السياسية والتاريخية انطلاقا من الجزائر.