الأربعاء  08 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تقدير استراتيجي: الضفة تقلق إسرائيل وخطر الدولة الواحدة قائم

2023-01-24 11:27:31 AM
تقدير استراتيجي: الضفة تقلق إسرائيل وخطر الدولة الواحدة قائم
مقاومون فلسطينيون

ترجمة الحدث

أشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تقريره الاستراتيجي إلى أنه منذ ما يقرب من عقد ونصف، كان الهدف الاستراتيجي لحكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة فيما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين هو كسب الوقت، بسبب عدم وجود هدف حقيقي في هذه الساحة في هذه المرحلة، وبالتالي فإن الخيار الأنسب هو تثبيت هدوء أمني لأطول فترة ممكنة. 

واعتبر المعهد أن هذه الحالة تعني من الناحية العملية، إدارة الصراع دون أي محاولة للسعي للتوصل إلى تسوية دائمة، ولذلك هنالك من يتمسك بنظرية "تقليص الصراع"، لكونها وسيلة لكسب الوقت وتأجيل اتخاذ قرارات مصيرية، وهذا يضمن عملية احتلال غير مكلفة، لكن المشكلة بالنسبة للمعهد أن الوقت عامل حاسم في السير البطيء نحو واقع دولة واحدة بين البحر الأبيض المتوسط ​​ونهر الأردن.

ولفت المعهد إلى أن العام الماضي تميز بارتفاع وتيرة التصعيد، ,وحدة الخطاب بين الجانبين، ونتيجة لعدم اتخاذ قرارات جوهرية، تفاقمت الأزمة، وهو ما يخلق مأزقا سياسيا وخلفية للتصعيد نتيجة نتيجة لتراكم الأحداث والتطورات على مر السنين، وأهمها الفشل المتكرر في التوصل لاتفاق تسوية دائم، والانقسام في الساحة الفلسطينية بين فتح وحماس، وقناعة الإسرائيليين بغياب الشريك الفلسطيني، إضافة إلى الضعف المتزايد في قدرة السلطة الفلسطينية على ضبط المشهد. كل هذا دفع الجمهور الإسرائيلي، وكذلك صناع القرار، إلى فقدان الثقة في القدرة على الدفع باتفاق شامل للصراع على أساس وروح حل الدولتين. ومع ذلك، فإن عدم إحراز تقدم نحو التسوية واستعباد الطرفين لإدارة الصراع يعمق التشابك وتعقيد الساحة، حتى لا يكون من الممكن في المستقبل تصميم واقعين سياسيين اثنين كيانات يهودية وفلسطينية تكون متميزة ومنفصلة سياسيا وجغرافيا وديموغرافيا.

وشدد المعهد على ارتفاع منحنى التصعيد خلال العام الماضي الذي تميز بموجة من العمليات، خاصة في الضفة الغربية، والتي تسببت في أكبر عدد من القتلى في السنوات العشر الماضية، ووثق جيش الاحتلال أكثر من 280 عملية في عام 2022،  والتحدي الرئيسي اليوم هو التهديد ​​المتزايد في شمال الضفة الغربية، والذي يهدد بالانتقال إلى القدس ومناطق أخرى في الضفة الغربية، ومن المهم الإشارة إلى أن قرابة 32 إسرائيليا قتلوا خلال عام 2022، بينما استشهد 160 فلسطينيا في اشتباكات مع الجيش.

وفق المعهد، تنبع موجة التصعيد من تفكك السلطة الفلسطينية وفقدانها للشرعية في أوساط الجمهور الفلسطيني والأمل في إنهاء الاحتلال، وهذه الحالة (التصعيد شمال الضفة) يقودها شبان فلسطينيون يخترقون الفراغ السلطوي. بالإضافة إلى ذلك، هناك تراجع في اهتمام الأجهزة الأمنية في منع العمليات، وتوافر الأسلحة وكذلك تمجيد الشهداء والمقاومة في المجتمع الفلسطيني.

وبحسب المعهد، فإن عملية "كاسر الأمواج" التي بدأها جيش الاحتلال في الضفة، ساهمت في زيادة الاحتكاك وعدد المواجهات مع المقاومين الفلسطينيين المسلحين، وتعزيز ديناميكيات التصعيد. حتى الآن، لم تتطور المواجهة إلى حد انتفاضة شعبية شاملة  لأن إسرائيل تجنبت العقاب الجماعي وسمحت بل وسعت نطاق عمل العمال الفلسطينيين في إسرائيل، وفق تقدير المعهد.

ويرى المعهد أن الصراعات الداخلية على خلافة الرئيس محمود عباس تغذي ديناميات التصعيد، والتي تنعكس في الإحجام عن تحمل المسؤولية عن بؤر المقاومة، وهذا يدفع الجيش إلى القيام بعمليات مكثفة حتى بدون تعاون مع الأجهزة الامنية، وأحيانًا مع معارضتها، مما يؤدي إلى زيادة الاحتكاك مع السكان الفلسطينيين. .

ويوضح المعهد أن حماس تكرس حكمها في قطاع غزة، وتكتسب قوة في الصراع من أجل السيطرة على المجتمع الفلسطيني، ورغم أنها لا تحصل على شرعية من سكان القطاع، لكن من وجهة نظر إسرائيل، لا بديل حالياً عن حكم حماس في قطاع غزة، بسبب عدم وجود عنوان أكثر اعتدالاً ومسؤولية يمكن أن يتولى زمام الأمور.

ويؤكد المعهد أنه من الناحية العملية، تعترف إسرائيل بحماس وتستفيد منها من خلال استعادة البنية التحتية في قطاع غزة، وتصاريح لسكان غزة للعمل في إسرائيل، وتخفيف الحصار، وتوسيع التجارة من وإلى قطاع غزة، لكن تخشى من شن حملة عسكرية شاملة ضد الجناح العسكري لحركة حماس بسبب تكلفتها الباهظة في الخسائر والخوف من الهزيمة في القطاع بمرور الوقت وعدم قدرة ورغبة السلطة الفلسطينية في العودة والسيطرة على المنطقة. 

ويلفت المعهد إلى أن القدس قابلة للانفجار بسبب الانتهاكات في المسجد الأقصى، حيث تجتمع كل عوامل الصراع في القدس وهي المحرك الرئيسي للتصعيد، خاصة في ظل العدد المتزايد من الاقتحامات اليهودية  للمسجد الأقصى في السنوات الأخيرة، في ضوء سماح شرطة الاحتلال بالزيارات السياحية والاقتحامات اليهودية إلى الأقصى دون تنسيق مع الوقف الأردني، وهو ما يعد انتهاك للوضع القائم، حيث إن وصاية المملكة الأردنية تحظى باعتراف دولي، وأي تصعيد بالأقصى يمكن أن يشعل النار في المكان ويؤدي إلى التصعيد في الساحات الأخرى.

وعن سياسة تقليص الصراع، يرى المعهد أن السياسة الحالية قد استنفدت، مشيرا إلى أنها تجمع بين استخدام القوة وتحسين الوضع الاقتصادي، لكن جهود الاحتواء بفعل إجراءات الضم التي قد تتكثف مع تشكيل الحكومة الجديدة، قد تفشل نهائيا. 

 والسيناريوهات المحتملة لتطور الأحداث في العام الحالي وفق تقدير المعهد، تشمل؛ تصاعد المواجهة بشكل رئيسي في الضفة الغربية، من انتفاضة شعبية إلى حد الانتفاضة المسلحة، واستمرار تراجع شعبية فتح وحماس لصالح جماعات أخرى، وتدخل دولي يتمحور حول مطلب السماح بانتخابات المجلس التشريعي ورئاسة السلطة، بما في ذلك التصريح بالتصويت في القدس، وبقدر ما تتخذ الحكومة الإسرائيلية إجراءات متطرفة تجاه الفلسطينيين، فإنها ستشجع الرغبة في الوحدة وحتى إجراء انتخابات للمجلس التشريعي ، وربما أيضًا لرئاسة السلطة الفلسطينية.

وبحسب المعهد، على إسرائيل التعامل مع خطرين شديدين: على المدى القصير، هناك احتمال متزايد لاندلاع مواجهة عنيفة ومسلحة في الساحة الفلسطينية، وعلى المدى المتوسط ​​والبعيد هناك إمكانية إلى الانزلاق إلى واقع دولة واحدة. ويقترح منع تفكك السلطة وتقويتها واستقرارها، مشيرا إلى أنه يجب أن تدرك الحكومة الجديدة في إسرائيل أن الجهود المبذولة لتحييد التهديدات الأمنية الفورية لن توفر إلا حلًا مؤقتا وجزئيا، وأن احتمالية التصعيد تتزايد، وبمرور الوقت سيتطلب تغيير جذري في الاستراتيجية تجاه السلطة الفلسطينية وفي العلاقة معها.