الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العاهل الأردني يعلن عن الانتخابات العام المقبل بعد ترتيبات سحبت امتيازات من العشائر

2023-09-07 08:51:15 AM
العاهل الأردني يعلن عن الانتخابات العام المقبل بعد ترتيبات سحبت امتيازات من العشائر
العاهل الأردني

الحدث العربي والدولي

أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أن الانتخابات التشريعية ستجرى العام المقبل، وذلك خلال لقاء جمعه بعدد من الضباط المتقاعدين في منزل الفريق أول المتقاعد طلال الكوفحي. ويشكل الاستحقاق المنتظر إجراؤه صيف 2024، الاختبار الفعلي لمدى رغبة القوى الحية في الانخراط عمليا في مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد، والذي منح الأحزاب فرصة للعب دور متقدم على حساب العشائر التي لطالما تسيدت المشهد البرلماني في المملكة.

وقال الملك عبدالله الثاني إن الأردن ماض في مسار التحديث، مؤكدا أنه في الشقين الإداري والاقتصادي سينعكس إيجابا على المواطنين. وأشار إلى أنه لا بد من تطوير عمل الأحزاب، مؤكدا أهمية دور الجامعات والشباب والمرأة في إنجاح المسار. وكان متابعون للشأن الأردني لاحظوا وجود حالة من القلق المتنامية لدى القيادة الأردنية في السنوات الأخيرة من دور العشائر داخل المملكة، وتعزز هذا الشعور مع الرجة التي حدثت في العام 2021، والتي كان بطلها الأخ غير الشقيق للملك عبدالله، الأمير حمزة المعروف عنه قربه من العشائر لاسيما في المنطقة الشرقية.

وقد كان منتظرا بعد أن تم احتواء تلك الضجة، أن تتحرك منظومة الحكم لإجراء تحويرات وتحديثات طالت جوانب مختلفة أبرزها السياسية، والتي لم تخلُ من مضامين تعكس رغبة في تحجيم دور العشائر. وآخر تلك التحديثات عملية تقسيم الدوائر الانتخابية، التي تم إقرارها مؤخرا، حيث تقول الحكومة إن الهدف منها هو زيادة المشاركة في الانتخابات، من خلال تحقيق العدالة في توزيع المقاعد والحفاظ على وزن الصوت الانتخابي العادل بين الجميع.

وتعتبر حكومة بشر الخصاونة أن نظام التقسيم الجديد يراعي كذلك المعايير الجغرافية والديموغرافية والتنموية في تقسيم الدّوائر، وكذلك خصوصيَّة المناطق التي تحتاج إلى التنمية، والمناطق التي تحظى بمساحات جغرافية كبيرة أو بعدد سكاني كبير، والقرب الجغرافي للمناطق في تقسيم الدوائر، تسهيلا على المرشحين والأحزاب السياسية في حرية التنقل والحركة وتشكيل القوائم.

لكن مراقبين يعتبرون أن عملية التقسيم الحالية للدوائر تصب في صالح الأحزاب، على حساب باقي الفئات ومنها العشائر، بعد أن أصبحت الدوائر الانتخابية أكبر. ويوضح هؤلاء أنه مع التقسيم الحالي فإن الأحزاب ضامنة للحصول على 41 مقعدا في الانتخابات المقبلة، وهذا يتعارض ومبدأ المساواة في ظل عدم وجود قواعد شعبية لها.

ووفق التوزيع المطروح، فقد جرى تقسيم المملكة إلى 18 دائرة انتخابية محلية ودائرة انتخابية عامة، تُخصص لها جميعا 138 مقعدا، بواقع 97 مقعدا للدوائر المحلية، و41 مقعدا للدائرة العامة، بحيث تقسم العاصمة عمّان إلى ثلاث دوائر انتخابية محلية بعد أن كانت خمس دوائر، ومحافظة إربد إلى دائرتين، في المقابل ستخصص لكل من بقية المحافظات دائرة محلية واحدة، إضافة إلى تخصيص ثلاث دوائر لبدو الشمال والوسط والجنوب، لكل دائرة منها ثلاثة مقاعد.

ويقول المراقبون إن الانتخابات المقبلة لن تكون فقط اختبارا لمدى قبول عملية تحديث المنظومة السياسية، بل تمثل أيضا تحديا في حد ذاته للأحزاب، التي تآكل على مدى العقود الماضية رصيدها الشعبي، بشكل كبير. ويشير المراقبون إلى أنه نظريا فإن إجراء الانتخابات العام المقبل لا يمنح الأحزاب فرصة لإعادة ترتيب أوراقها ومحاولة إقناع الشارع بها مجددا، لاسيما وأن معظمها لا يزال لم يقم بالمراجعات المطلوبة، ولا يزال يتمسك بقراءات وقوالب عفى عنها الزمن.

ويلفت مسؤولون سابقون إلى أن اضمحلال التجربة الحزبية في المملكة تتحمل الدولة أيضا المسؤولية عنه، حينما حظرت في إحدى الفترات الأحزاب، واعتمدت خطابا ترهيبيا من العمل الحزبي، ما عزز الانتماءات الأخرى، وهو ما ليس متوقعا تجاوز تداعياته بين ليلة وضحاها، بخاصة أنّ هنالك شكوكا كبيرة لدى نسبة اجتماعية عريضة ومعتبرة في مصداقية نيات الدولة تجاه الأحزاب السياسية.

ويقول في هذا الصدد الوزير السابق للثقافة والشباب محمد أبورمان "ليست الأحزاب كائنات فضائية، فهي تتطلب بيئة حاضنة أولاً، ووقتاً لتطوير العمل المؤسّسي وبناء القواعد الشعبية وصناعة السياسات البديلة والاشتباك مع الشارع، وهذا كلّه مشروط بصيرورة العملية الديمقراطية نفسها، وبالتالي العملية تفاعلية تشاركية وتدرجية، كما حدث في مختلف التجارب الحزبية والديمقراطية في العالم".

ويتساءل أبورمان في مقال له "هل تستطيع الأحزاب في الأردن خلال أشهر قليلة متبقية أن تبرهن على وجودها، وأن تبني قاعدة اجتماعية شعبية؟ هو تحدّ كبير وصعب، لكن إن كانت هنالك إرادة حقيقية في الدولة وقناعة بهذا المسار فإنّها ستساعد في جعل الانتخابات المقبلة محطّة إيجابية ومتقدّمة لتطوير العمل الحزبي، لكن هذا يقتضي من الأحزاب أن تهتم بالعديد من الجوانب الأساسية، في مقدّمتها صياغة خطاب سياسي وبرامجي مقنع وواقعي ومشتبك مع هموم الشارع وقضاياه الرئيسية، وبناء أجنحة قوية بخاصة لدى الشباب والمرأة، وفي مجال الإعلام الرقمي الذي يمثّل اليوم أحد أهم مصادر القوة والضعف لدى الأحزاب في العالم".

ويضيف أبورمان في مقاله "لا أدّعي أنّنا أمام مهمة سهلة أو مضمونة، بل هي عملية صعبة وشاقّة، وكانت تتطلب وقتاً أطول، وإذا كان هنالك داع لتأجيل الانتخابات المقبلة لمنح الأحزاب وقتاً أكبر فلمَ لا، إذا كان ذلك القرار واضحا وتوافقيا ويخدم تطوير التجربة الحزبية، لأنّ البديل عن فشل التجربة الحزبية هو الاستمرار في حلقة مفرغة من الأزمات السياسية التراكمية واستمرار استنزاف النخب السياسية وتعزيز بواعث العزوف عن المشاركة السياسية بخاصة لدى جيل الشباب".