السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد41| زيادة الشقق الفارغة.. تقلبات في السوق العقاري.. وتجميد لملايين الدولارات

القطاع العقاري ليس مرنا ولا يستجيب لزيادة العرض وقلة الطلب

2015-06-16 12:16:08 AM
العدد41| زيادة الشقق الفارغة.. تقلبات في السوق العقاري.. وتجميد لملايين الدولارات
صورة ارشيفية
 
الحدث- فرح المصري
 
يعاني المواطنون من ارتفاع أسعار العقارات في الضفة الغربية بشكل عام، فلم يعد بإمكانهم امتلاك الشقق السكنية لأسعارها الفلكية، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية، ومحدودية فرص العمل، فامتلاك الشقق السكنية أصبح يشكل حلما صعب المنال للشباب، الأمر الذي أدى إلى عزوف فئات كبيرة من المجتمع عن شراء الشقق، ما تسبب في زيادة عدد الشقق الفارغة.
 
وأكدت مصادر مطلعة لـ"الحدث" أن عدد الشقق غير المباعة في مدينتي رام لله والبيرة يقدر بحوالي 6 آلاف شقة، برأس مال يقدر بـ756 مليون دولار.
 
وتعتبر محافظة رام لله والبيرة الأكثر إقبالا للمواطنين باعتبارها "المدينة المركزية" ومركزا تجاريا واقتصاديا، بالرغم من اعتبارها أيضا أكثر مدن الضفة الغربية ارتفاعا في أسعار الشقق، حيث يقدر سعر المتر المربع للمنزل بحوالي 600-1200 دولار تبعا للمساحة والمنطقة.
 
واعتبر الخبراء أن غلاء أسعار الشقق السكنية وقلة فرص العمل ومحدودية الدخل، أثرت على ما تمنحه البنوك من قروض لشراء الشقق السكنية سلبا، ورغم أن الطلب ما زال كبيرا على الشقق السكنية إلا أن المشتريين لم يعد بامكانهم دفع الأسعار الخيالية للشقق السكنية، ما سيؤثر حتما على الاستثمار في هذا القطاع بشكل سلبي.
 
الركود الاقتصادي السبب الرئيسي وراء انخفاض الطلب على الشقق
وفي هذا السياق، قال الوكيل المساعد في وزارة الأشغال العامة والاسكان عفيف السعيد: "إن انخفاض الطلب على الشقق مؤخرا يعود نتيجة للركود الاقتصادي الذي تمر به البلاد، فالإسكان والعقار هما الوجه الأول لأي نمو اقتصادي والمؤشر الأهم على النمو الاقتصادي في البلد، فعندما يكون هذا المؤشر منخفضا سيؤثر على قطاع الإسكان".
وأضاف لـ"الحدث": "هناك احجام ملحوظ من بعض الفئات في شراء الشقق السكنية، فالمحتاجين للسكن غير قادرين أن يأمنوا الدفعات المطلوبة لشراء الشقق لأنها أعلى من الدخل والامكانيات حيث تتراوح زيادة أسعار الشقق مقارنة مع الدخل السنوي حوالي 30%".
وتابع السعيد: "هناك ثلاثة أسباب وراء غلاء أسعار الشقق السكنية، أولها محدودية الأراضي واقتصار البناء في مناطق "أ" و"ب"  وصعوبة الحصول على تراخيص من الجانب الإسرئيلي، فأسعار الأراضي في رام لله على سبيل المثال تساوي 42% من سعر الشقة".
والعامل الثاني وراء غلاء الأسعار يرجع بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء عالميا، بالتالي ستنعكس كلفتها أيضا على السكن وكل ما زادت أسعار مواد أبناء زاد أسعار الشقق، والعامل الأخير هو ارتفاع أجور الأيدي العاملة تحديدا أكثر من أي وقت سابق، فكثير من المقاولين أصبحو يشتكون من الافتقار للأيدي العاملة نتيجة ذهابهم للعمل في إسرائيل بسبب الأجور المرتفعة هناك، الأمر الذي سيؤثر على سوق العمالة لدينا وهذا يتطلب من الحكومة النظر في هذا الموضوع بشكل جدي لإيجاد أيدي عمل جديدة تدخل السوق لتعويض العمال الذين يذهبون لإسرائيل، وهذه العوامل الثلاثة تؤكد أن أسعار الشقق لن تنخفض".
 
وأكد السعيد أن الأفراد غير قادرين على شراء الشقق لارتفاع أسعارها، ويتوقع أنه كل ما زاد المعروض من الشقق سيؤدي إلى انخفاض الأسعار، وهذه نظرية اقتصادية قديمة، وعليها يحاول المقاولون عرض أكبر عدد ممكن من الشقق في محاولة لتخفيض الأسعار على الأفراد، إلا أن المقاولين لا يقومون بدراسة السوق وحاجته للشقق الأمر الذي يؤدي إلى تراكم الشقق وتكدسها.
 
الشقق الفارغة وتراجع الاستثمار
من جهته، قال المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم: "إن الاستثمار يؤثر على التوسع الاستثماري في قطاع العقارات فقط، لأنه عندما تتراكم الشقق غير المباعة عند المقاولين، يؤدي إلى تقليل السيولة المتاحة لديهم لأن المقاولين يعتمدون على بيع الشقق قبل البناء ما يجعل التوسع في هذا القطاع أقل".
وأضاف لـ"الحدث": "أن جاذبية القطاع العقاري أصبحت أقل في آخر 8 سنوات وخاصة في منطقة الوسط ورام لله، فعندما تتكدس الشقق السكنية الفارغة وتطول هذه الفترة، سيؤثر ذلك على الأرباح السنوبة للمقاولين والعوائد على الاستثمار ستكون أقل، وهذا التراجع يرجع إلى دخول مطورين جدد إلى السوق الذين يقومون ببناء المزيد من الشقق الأمر الذي جعل الشقق المعروضة أكثر بكثير من معدل الطلب عليها".
 
تراجع الطلب على الشقق
وأشار عبد الكريم إلى أنه من الطبيعي جدا أن يتراجع الطلب على الشقق، لأن معظم من كان لديه القدرة على تملك العقار والشقق بدأو يتناقصوا خصوصا في السنوات الأربعة الأخيرة، فالجيل الشاب المتخرج من الجامعات، أصبحت  فرص العمل أمامه ضئيلة بالتالي إمكانية أن يمول القطاع المصرفي القروض لشراء الشقق تقل وتتراجع لأنه لا يوجد وظائف ثابتة لهم.
 
ورأى أن الاستثمار في هذا القطاع أصبح أقل جدوى للمطورين الجدد؛ لذلك يلاحظ وجود تباطؤ كبير في هذا القطاع مؤخرا، خصوصا أن البيانات الأخيرة التي صدرت عن مركز الاحصاء أشارت بوضوح إلى تراجع أعداد التراخيص الممنوحة في المناطق الفلسطينية الخاصة بالبناء سواء للمساكن أو الأشغال التجارية.
 
عزوف المطورين عن تقليل الأسعار
وأرجع عبد الكريم غلاء أسعار الشقق إلى أن أسعار هذا القطاع تعد غير مرنة؛ بمعنى أنها لا تستجيب لزيادة العرض وقلة الطلب وتبقى الأسعار ثابتة، ويحبذ المالكون للشقق أن ينتظروا وألا يقوموا بتخفيض الأسعار لترغيب المشتريين بالشراء ولديهم قناعة أن الاتجاه العام للعقارات هو اتجاه صعودي، وأنه إذا مرت فترة فيها ركود ستعود مرة أخرى وستنشط بالتالي يحبذ الانتظار لهذا السبب.
 
والسبب الثاني برأيه أن المطورين لديهم اكتفاء في السيولة المالية، وبالتالي لا يهتمون إذا أخذ بيع الشقق التي يملكونها فترة طويلة.
 
وشدد على أن الأسعار لن تنخفض ولن تشهد انخفاضا كبيرا حتى وإن زاد عدد الشقق المعروضة، فهذا القطاع غير مرن من الناحية السعرية وإجمالا هناك توقعات لدى المطورين بأن محدودية الأراضي في المناطق المتاحة للبناء مع النمو السكاني الكبير ستجلب مع الوقت التوازن في الأسعار في هذا القطاع، وسيتم امتصاص الكمية المعروضة على مدار السنوات المقبلة وسيستمرون في البناء لأنهم على قناعة بأن الحركة ستعود من جديد.
 
وأكد المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم، أن غلاء الأسعار يعد ظاهرة طبيعية للغاية في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية والديمغرافية في الأراضي الفلسطينية، تحديدا في مناطق وسط الضفة الغربية، ويمكن تفسيرها بسبب الثقل الاقتصادي والإداري في هذه المنطقة، فمن الطبيعي أن يسير المستثمرون في اتجاه الاستثمار في هذا العقار.
 
أفق جديدة للحل
ورأى عبد الكريم أن المشكلة مؤقتة، خاصة إذا حصل أفق جديد أمام حل سياسي مرضي يقضي إلى دولة عندها الإقبال على الشقق، وبالتالي سينخفض عدد الشقق الفارغة، وهناك حاجة لتوفير تمويل لشراء الشقق إما من خلال المصارف أومؤسسات الإقراض، في حين أن البنوك اليوم حذرة بشكل كبير ولا تريد أن تزيد مخاطرها خصوصا في ظلحالة عدم اليقين السياسي، خاصة وأن فرص العمل اليوم محدودة وإن توفرت فدخلها ليس عاليا بالتالي لا يستطيع الأفراد من تمويل القروض السكنية، فالحل يكمن في سلوك المطورين وليس الأفراد، وأعتقد أن هناك تراجعا في أعداد الشقق التي تبنى فالمقاولين في انتظار تصريف ما لديهم من شقق، فعليهم منح تسهيلات على المشتريين وأن يبيعوا في التقسيط.
في الإطار ذاته، قال رئيس بلدية رام لله موسى حديد: "إن العمران في مدينة رام لله يشهد نشاطا كبيرا لكن وهناك طلب على الشقق المعروضة، المعطيات لدينا تؤكد أن حجم الطلب على الشقق قد يكون أقل من المعروض لكن هذا لا يشكل ظاهرة يمكن تناولها، فهذا جزء من الحالة الاقتصادية التي نعيشها".
وأضاف لـ"الحدث": "هناك العديد من الأزمات الاقتصادية التي تواجهنا في هذه المرحلة، لكن ما زالت الحركة العمرانية نشطة في مدينة رام لله، خاصة أنها شهدت تراجعا بسيط بعد حرب غزة الأخير، لكن مؤخرا بدأنا نشهد عودة نشطة للحراك العمراني".
وتابع: "أن التسهيلات التي تمنح من البنوك على شكل قروض للشقق السكنية يتم بشكل كبير، الأمر الذي يدل على زيادة حجم التداول على الشقق السكنية".
وأكد حديد أن سوق العقارات حرة، وأسعار الشقق يحددها المطورون، فهناك مواقع تكون أغلى من مواقع أخرى وهذا يعود إلى سببين، كرغبة الأفراد على العيش في مدينة رام لله على سبيل المثال التي أصبحت مدينة مركزية، والسبب الآخر يعود إلى محدودية الأراضي بشكل عام، الأمر الذي يؤدي إلى غلاء الأسعار، فسعر الأراضي ينعكس على أسعار الشقق بشكل كبير.