السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أين يمكن أن يلجأ الرئيس السوري بشار الأسد في النهاية؟

2016-01-22 07:42:15 PM
أين يمكن أن يلجأ الرئيس السوري بشار الأسد في النهاية؟
بشار الأسد

 

الحدث- وكالات

 

في بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011، كان الكثيرون في الغرب واثقين من أن أيام الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم باتت معدودة، وكان يفترض أن ينضم لجوقة الدكتاتوريين المخلوعين مثل قذافي ليبيا وصدام العراق وبن علي تونس. وقد ورد أن المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين كانوا متيقنين من ذلك لدرجة دفعتهم لتجاهل عرضٍ روسيٍ بتنحي الرئيس كجزء من صفقة للسلام.

 

الآن، وبعد مرور خمس سنوات، ما زال الغرب ينتظر، “باختصار سلّمت الولايات المتحدة بالأسد كقائد لسوريا”، كان هذا ما كتبه مايك دوران الباحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد هدسون في رسالة الكترونية لفايس.

 

لكن مسألة مصير الأسد عادت لتحتل مراكز النقاشات خلال الأسبوع الفائت، وذلك بعد أن نشرت صحيفة ألمانية الجزء الثاني من مقابلة مع فلاديمير بوتين ألمح فيها الرئيس الروسي إلى احتمال استقرار الأسد في روسيا يوماً ما بقوله “من المؤكد أن منح اللجوء للسيد سنودِن كان أكثر صعوبة مما سيكون عليه الأمر في حالة الأسد”. (كان إدوارد سنودِن عميلاً سابقاً لدى وكالة الأمن القومي الأمريكية إلى أن سرب تفاصيل حساسة عن برنامج التجسس الأمريكي للصحافة).

 

لعله من الصعب تخيل سيناريو يُسمح للأسد فيه بترك البلد وهو المسؤول عن موت آلاف مؤلفة من الناس بالبراميل المتفجرة والتجويع والأسلحة الكيميائية المستخدمة بين الفينة والأخرى، وغالباً ما ستتم الإطاحة به من قبل الثوار أو إجباره على الرحيل من خلال صفقة للسلام. وهناك سؤال آخر أيضاً وهو فيما إذا كان بإمكان العالم -والسوريون بالأخص- التخلي عن طموحاتهم بتطبيق العدالة والقبول بتقاعد الأسد في مسكن مريح. هل بإمكانه فعلاً التهرب من الملاحقة القضائية بعد الجرائم التي ارتكبها خلال النزاع؟

 

يقول ستانلي باين المتخصص في الفاشية وتاريخ أوروبا السياسي في جامعة ويسكونسن “الكثيرون لن يكونوا سعداء بذلك، ولكن ليس الجميع. فأحياناً يتوجب عليك تطبيق السلام مقابل ثمن معين”.

 

ويوافقه في ذلك مصطفى مناوي أستاذ التاريخ في جامعة كورنيل والذي عمل مع اللاجئين السوريين، إذ يقول أنه عندما يخسر الطغاة في الشرق الأوسط السلطة ويتم نفيهم إلى بلد آخر، أحياناً ينسى الناس أمرهم ليركزوا جهودهم على إعادة بناء دولهم. “لقد حصل ذلك مرات كثيرة في المنطقة لدرجة أنه عندما يقرر شخص كالأسد أن يرحل، سيشعر الناس بارتياح كبير لأنهم تخلصوا من الحرب وقد لا يفكروا حتى بملاحقته وتطبيق العدالة” بحسب ما قال.

 

وفي الحالة السورية، قال مناوي أن نهاية حكم عائلة الأسد سيكون نصراً كافياً، وهو الحكم الذي بدأ بانقلاب غير دامٍ قام به حافظ الأسد والد بشار في عام 1970، مضيفاً “إنهم خبراء في جعلك تخاف من ظلك، لا أتخيل أحداً سيقول: مهلاً.. يجب أن يخضع للمحاكمة وإلا لن نقبل”.

 

من جهة أخرى يصف خبير شؤون الحروب الدولية جِنز ديفيد أولِن النزاع بين العدالة والسلام بأنه “معضلة تقليدية نراها في كل مكان”، ويشرح ثلاث فلسفات متعلقة بمحاسبة الأعمال الإجرامية، أولها ذرائعية وتقول أنه إن كان بالإمكان إنقاذ الأرواح من خلال عقد صفقة مع مستبد قاتل فعليك بها. ويقول أولِن أنه كانت هناك دعوة لسلوك هذا النهج في ليبيريا عندما تمسك تشارلز تيلور بالسلطة (حُكم عليه في 2012 بالسجن خمسين عاماً لتورطه بجرائم حرب)، مضيفاً “يعتقد البعض أنه لولا الإصرار على المحاكمة لأنهى تيلور الحرب وتخلى عن السلطة في وقت أبكر بكثير، وربما أُنقذت آلاف الأرواح”.

 

وجهة نظر أخرى، بحسب أولِن، تقول أن العالم يجب أن يحاكم الديكتاتوريين ومجرمي الحروب كلما سنحت الفرصة، ولعل شهادة أقوياء اليوم تطبيق العدالة على نظرائهم المخلوعين تجعلهم يعتبرون منهم ويدركون أن اعتداءاتهم لن تمر دون محاسبة.

 

أما وجهة النظر الثالثة في هذه الحالات فهي انتقامية، وتقضي بإنزال العقوبة بالمجرمين باعتبار ذلك جوهر العدالة. وفي هذا الصدد يقول أولِن “لا يهمك إن كانت العقوبة ستجعل العالم مكاناً أفضل أم أسوأ، يهمك فقط أن تعاقب مرتكبي الجرائم”.

 

لكن الذرائعية تفوز في أغلب الحالات، بمعنى أن الديكتاتوريين ذوي الأيدي الملطخة بالدماء لا يرون السجن في حياتهم يوماً.

 

فقد حصل ديكتاتور الباراغواي الجنرال ألفريدو ستروسنر على لجوء في البرازيل مشروط بعدم ممارسته للسياسة أبداً، وذلك بعد أن استخدم التعذيب كأداة سياسية ومنح اللجوء لمجرمي الحرب النازيين. توفي ستروسنر في البرازيل عام 2006 عن عمر يناهز الثالثة والتسعين. أما رئيس أوغندا إيدي أمين الذي تسبب بمقتل حوالي نصف مليون شخص من شعبه في سبعينات القرن الماضي، فقد وجد ملاذه في فيلا في السعودية حيث توفي في عام 2003. كذلك أصبحت مدينة جدة السعودية أيضاً مقراً لبن علي رئيس تونس السابق الذي هرب من بلده بعد الإطاحة بحكمه في عام 2011.

 

وبما أن سوريا لم تصدق على المعاهدة التي تأسست بموجبها محكمة الجنايات الدولية، فإن محاكمة الأسد فيها يتطلب تحركاًَ من مجلس الأمن في الأمم المتحدة. إلا أن روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) إزاء قرار بإحالة جرائم الحرب السورية إلى المحكمة، وأكد متحدث باسم المحكمة لصحيفة فايس أنه بدون قرار من مجلس الأمن لا يمكن للمحكمة الدولية أن تفعل شيئاً. هذا وقد بدأت فرنسا تحقيقاً في جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، لكنه من غير الواضح إن كان ذلك سيفضي إلى ملاحقة قضائية.

 

وهكذا نرى أن الأسد في الوقت الحالي سيبقى حيث هو.