الخميس  15 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

معهد جيت ستون:ما هي مفاتيح مكافحة التطرف

2016-02-26 08:16:12 AM
معهد جيت ستون:ما هي مفاتيح مكافحة التطرف
معهد جيت ستون:ما هي مفاتيح مكافحة التطرف

الحدث- مصدر الخبر

قال عضو مجلس الشيوخ الامريكي ليندسي جراهام إن:  “الشباب في الشرق الأوسط أقل طائفية” من المتطرفين الذين تهيمن أخبارهم حاليا على عناوين الأخبار. والطريق الوحيد لهزيمة الجهاديين المتطرفين هي الاستثمار في الشباب وعائلاتهم، حتى يتمكنوا من اختيار “حياة مفعمة بالأمل أكثر من الموت ميتة مجيدة” . 

 وبالنظر إلى ما يلقاه مرتكبو أعمال العنف من عقائد وتصورات يغذيها كبار دعاة التطرف في المجتمع المسلم، فلا ينبغي أن تشكل الهجمات التي نفذت باسم الإسلام أي مفاجأة. 

  ورغم رغبات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشديدة في إحداث ثورة في الممارسات الإسلامية والبلد التي يحكمها، إلا أن حكومته تفتقر – ببساطة –  إلى الموارد اللازمة لإصلاح النظام التعليمي في البلاد لمواجهة خطاب الكراهية الذي يبثه أئمتها. 

أثناء تناولي وجبة الإفطار مؤخرًا في الإسكندرية، بمصر، تحدثت مع النادل، شريف. ذي 25 ربيعًا. وهو نفس السن الذي غادرت فيه مصر. وكان قد تخرج مؤخرا من كلية السياحة والفندقة، وأتم  خدمته العسكرية حديثًا، وحياته كلها أمام ناظريه. حيث قاللي إن حلمه يتمثل في أن يصبح طاهيا حتى يتمكن من توفير مبلغًا من المال يكفيه للزواج وتأسيس أسرة جديدة. وأبدى رغبته في العمل بجد من أجل حياة كريمة.

واليوم، يدفع المطعم الذي يعمل فيه شريف نحو 500 جنيه مصري (أقل من 64 دولار أمريكي) شهريا. ولكنه ينفق معظمه على أجرة الاتوبيس ذهابا وإيابا إلى العمل من أحد  أفقر أحياء الإسكندرية، إلا أن البقشيش يكون نافعًا فيما وراء ذلك، ولكن خلال أوقات الركود يضطر شريف لاقتراض بعض المال لتغطية أجرة الحافلة.

ومما زاد الطين بلة، أن الحي الذي يعيش فيه شريف يعد أحد معاقل السلفيين ، وهي الحركة دينية إسلامية سنية المتشددة.

بدأ تسونامي التطرف وأسلمة مصر قبل بضع سنوات من مغادرتي مصر في عام 1979. وبحلول أوائل السبعينات، كانت الوهابية قد وصلت إلى البلاد، عن طريق المصريين الذين كانوا يعيشون ويعملون في المملكة العربية السعودية و دول الخليج العربي.

في ذلك اليوم الذي قدم لي فيه شريف وجبة الإفطار، كنت أحد زبونين في المطعم. وفي الأسابيع التي تلت زيارتي إلى الإسكندرية، وقع عدد من الهجمات ضد السياح. وإذا استمرت الهجمات ضد الأجانب، فلن يكون هناك عملاء يقدم شريف لهم خدماته، وستتهاوى آمال شريف في أي مستقبل واعد.

وربما يكون التطرف هو البديل الوحيد أمام الشباب في نفس ظروف شريف الحياتية .

قصة شريف ومن على شاكلته هي تلك التي وصفها السيناتور الأمريكى ليندسي جراهام على قناة CNN، عندما قال في 8 ديسمبر 2015 : “الشباب في الشرق الأوسط أقل طائفية” من المتطرفين الذين تهيمن أخبارهم حاليا على عناوين الأخبار. والطريق الوحيد لهزيمة الجهاديين المتطرفين هي الاستثمار في الشباب وعائلاتهم، حتى يتمكنوا من اختيار “حياة مفعمة بالأمل أكثر من الموت ميتة مجيدة” . إن شريف ورفاقه هم من يجب أن نستثمر فيهم.

الأئمة المتطرفون في مصر لهم  السبق. لسنوات، أغرقوا مساجدهم وموجات الأثير والإنترنت برسائل من المستحيل أن يتقبلها الشباب في العالم الحديث. ويسافر بعض هؤلاء الأئمة بانتظام إلى الغرب لتعزيز عقيدتهم تلك، ولضمان انتقال المشاكل التي يواجهها شريف في الإسكندرية إلى الغرب.

وبالنظر إلى ما يلقاه مرتكبو أعمال العنف من عقائد وتصورات يغذيها كبار دعاة التطرف في المجتمع المسلم، فلا ينبغي أن تشكل الهجمات التي نفذت باسم الإسلام أي مفاجأة.

في عام 2014، أكدت الدكتورة سعاد صالح، من جامعة الأزهر في القاهرة، أن الرجال المسلمين يحق لهم اغتصاب النساء غير المسلمات أثناء الحرب. وأن العبودية موجودة دائمًا، كما قالت،   وأنه عندما جاء الإسلام نظم الأمر بألاّ يكون إلا عن طريق الحرب المشروعة بين المسلمين وأعدائهم، وأوضحت أنه يجوز اغتصاب النساء غير المسلمات، حتى يتم إذلالهن ويصبحن ملكا للقائد أو الجيش أو المسلم يستمتع بهن ويجوز ممارسة الجنس معها تماما كما يمارس الرجل الجنس مع زوجاته” .

ولم يكتف رجال الدين المصريين بتشجيع الشباب للهاث وراء رغباتهم الجنسية من خلال اغتصاب غير المسلمات باعتباره أحد أعمال الحرب، بل حضوا أيضًا على نهب خزائن غير المسلمين. ففي أوائل التسعينات ، شجع الشيخ أبو إسحاق الحويني أتباعه إلى الانخراط في الجهاد  ضد الغرب لكي يحلوا  مشاكلهم المالية. وقال إن الجهاد كان ترياقًا جيدًا للفقر الذي يواجهه المسلمون في بلدانهم، حيث قال:

    “أليس ما نعانيه من الفقر هو بسبب التخلي عن الجهاد؟ ولكن إذا قمنا بغزوة أو اثنين أو ثلاث في كل عام، فسيصبح كثير من الناس مسلمين في جميع أنحاء العالم “.

وأضاف الحويني أن كل من “يقف في طريقنا، سنقاتله ونأخذه أسيرًا، ونصادر ثروته وأطفاله ونسائه – يعني كل هذا المال يملكه كل مجاهد يعود من الجهاد، سوف تمتلئ الجيوب “.

ويدعم أفكار الجهاد العقيمة هذه سلفيو مصر ممن يروجون لخطب محمد العريفي، وهو داعية سعودي يبث خطاباته في كل من الشرق الأوسط وأوروبا. والذي قال مخاطبًا الشباب في خطبة جمعة عام  2013 ألقاها في القاهرة “لا حياة للمسلمين دون الجهاد”، وأضاف “إننا لن ننتصر على الذل إلا بالجهاد. اللهم انصر المجاهدين في سوريا”

ومن هؤلاء أيضًا عضو آخر من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وهو وجدي غنيم، الداعية السلفي المصري الذي أشاد بمؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، لأنه أسس لثقافة الموت. ولغنيم، الذي ألقى محاضرات في عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة وإنجلترا، له حضور فاعل على موقعي الفيسبوك وتويتر، كما أنه أشاد بالفلسطينيين باعتبارهم سادة “إنتاج فن الموت”.

يستطيع الأئمة بكل نجاح بث الكراهية في ربوع مصر لسببين. أولًا:  إن أكثر من 17 مليون من عدد سكانها البالغ 90 مليون نسمة يعيشون في فقر. كما أن مصر تعاني من نسبة بطالة تقترب من 30 %. وهذا يعطي الأئمة جمهورًا جاهزًا. ثانيًا: رغم الفقر الذي تعاني منه البلاد، يمتلك عدد كبير من الشباب المصري الأدوات التكنولوجية، مثل الإنترنت والهواتف الذكية والمعرفة، ما يتيح لهم الوصول – بسهولة – إلى رسائل الكراهية التي يقدمها الأئمة.

واجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العلماء في جامعة الأزهر بالقاهرة قبل أكثر من عام، وقال لهم في خطابه التاريخي أن الوقت قد حان لمواجهة الفكر المتطرف الذي وضع المسلمين في حالة حرب مع بقية العالم. وقال “إننا بحاجة إلى ثورة في ديننا”.

ورغم رغبات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشديدة في إحداث ثورة في الممارسات الإسلامية والبلد التي يحكمها، إلا أن حكومته تفتقر – ببساطة –  إلى الموارد اللازمة لإصلاح النظام التعليمي في البلاد لمواجهة خطاب الكراهية الذي يبثه الأئمة المتطرفون.

ومع ذلك، فهناك أمل. حيث إن نفس الأجهزة الإلكترونية التي يستخدمها الأئمة في بث الكراهية يمكن استخدامها قي مواجهة الحركات المتشددة بين الشباب المصري. والأفضل من ذلك، يمكن لتكنولوجيا اليوم تعليم الجيل القادم المهارات التي يحتاجون إليها للمشاركة في القوى العاملة في العالم. كما أن الوصول إلى التعليم عبر الإنترنت سيسمح بزيادة معارف ومدارك الشباب المصري الذي ، بدوره، سيندمج في الاقتصاد العالمي.

لقد تأسست مكتبة الإسكندرية بالضبط لتفي بهذا الغرض. وافتتحت عام 2002، لتكون مؤسسة تعليمية كبرى لديها عشرات “السفارات المعرفية” في جميع أنحاء مصر. تهدف إلى توسيع دائرة الوصول إلى المصادر التعليمية للمصريين سواء شخصيًا أم عبر شبكة الانترنت.

والمكتبة نفسها هي أعجوبة معمارية، ولكن الولوج  إليها ليس بالأمر الهين. حيث يحاط هيكلها بجدار متين لحمايته من هجمات السلفيين المتشددين، الذين تمثل هذه المكتبة تهديدًا لسلطانهم. فينبغي أن يمر الزائرون عبر نقطة تفتيش بحثًا عن أسلحة ومتفجرات قبل الوصول إلى مدخلها.

إن كنا جادين في الوصول إلى الشباب في مصر، فإن دعم المؤسسات التعليمية – مثل مكتبة الإسكندرية – هي أضمن طريقة لمساعدة الشباب – مثل شريف – لتحقيق أحلامهم في وطنهم، وإبعاد الجيل القادم عن مخاطر الإسلام المتشدد.