السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع 78| كفاح عودة لـ "الحدث": المعارك السياسية لا تقل ضراوة عن المعارك المسلحة..

مهمة فتح وضع العناوين وعلى القيادة وضع التفاصيل والتنفيذ

2017-01-24 10:53:17 AM
ع 78| كفاح عودة لـ
كفاح عودة

 

الكونغرس الأمريكي أقرّ سابقاً نقل السفارة وتصدينا للقرار 

 

في السياسة الدولية، الفلسطيني حاضر وبقوة في كل مكان، بقدرات مذهلة، وتأثير كبير، والعالم لا يقف على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، فهناك قوى دولية آخذة في الصعود ولها تأثيرات اقتصادية وسياسية مؤثرة.

 

بهذه الرؤية راح يشرح لنا السفير كفاح عودة، سفير فلسطين لدى إسبانيا وعضو المجلس الثوري في حركة فتح، ملامح العلاقات الفلسطينية الدولية على أكثر من صعيد حول العالم، مؤكداً على أن المعارك السياسية لا تقل ضراوة عن المعارك المسلحة، إن لم تكن أكثر أهمية، ببساطة لأنها هي التي ترسم الخطط والاستراتيجيات، وتحصد النتائج على أرض الواقع بالسلم لا بالحرب.

 

مما تقدم به السفير عودة ونظراً لصعود أقطاب سياسية ذات طموح دولي وإقليمي، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، كان لزاماً على الدبلوماسية الفلسطينية تغيير أساليب معركتها وتوسيع دائرة أصدقائها، بناء على قاعدة أن السياسية فن المتحرك لا الثابت. وهو ما لوحظ في السنوات الخمس الأخيرة، مع تسجيل الدبلوماسية الفلسطينية للعديد من النقاط السياسية التي مكنتها في أكثر من محطة من عزل دولة الاحتلال، باتجاه الاعتراف الدولي بالحقوق الفلسطينية وآخرها تصويت مجلس الأمن لصالح الحق الفلسطيني ضد سياسة الاستيطان الإسرائيلية.

 

ولكن، ماذا عن متغيرات البيئة السياسية سواء في الشرق أو في الغرب؟ وماهية الأسلحة التي نمتلكها سياسياً ويمكننا بها أن نراكم هذا الفعل الدبلوماسي؟ وفي الجهة الأخرى، علينا أن نتساءل بصوت عال عن الشأن الداخلي، خاصة وأن الانقسام قد طال أمده بشكل بدأ يضر بصورة وحضور القضية الفلسطينية على الأجندة الإقليمية والدولية؟ وما أهم مخرجات المؤتمر السابع لحركة فتح؟ وكيف يمكن استثمار هذه المخرجات لصالح إنهاء ملف المصالحة؟ بهذه الأسئلة وغيرها، حاورنا السفير كفاح عودة الذي أشار إلى متغيرات البيئة السياسية في الشرق بالقول:

إن تفتيت العراق وتدمير ليبيا واستنزاف مصر لم يأت من فراغ، الهدف منه، هو تحول الدول العربية إلى دول طائفية مما يبرر لإسرائيل المطالبة بدولة يهودية، وعليه تصبح هي المستفيد الوحيد، مما يدور في الإقليم.

 

ولذا يمكننا القول إن التطرف لم يخلق من العدم، فأهمية الدول المذكورة على الساحة العربية، يجعل فكرة اليد الإسرائيلية المصنعة لهذا التطرف حاضرة ومؤكدة، فتفتيت الدول العربية الكبرى وخلق حالة عدم الاستقرار وطائفية المشهد كلها دلائل على المستفيد الأول وهي إسرائيل.

 

في المقابل أين الفلسطيني مما يحدث سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي؟

 

الفلسطينيون موجودون في كل أنحاء العالم، وقدراتهم مذهلة وتأثيرهم كبير، فضلاً عن كون قضيتنا، قضية عادلة والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة باتت لصالحنا، وأصدقاؤنا في كل أنحاء العالم في تزايد، لذلك كله نحن قادرون على نشر عدالة قضيتنا على كل المستويات وبقوة، فلا يجوز أن نسلِّم بأن الصعوبات قدر على شعبنا. ولذا انتهجت الدبلوماسية الفلسطينية، سياسة محاصرة إسرائيل سياسياً حول العالم، حتى بات أبو مازن "الإرهابي الدبلوماسي" من وجة نظرهم.

 

ولكن هناك متغيرات عدة حدثت وما تزال في الشرق الأوسط وحول العالم أيضا؟

 

إننا لا بد أن نؤثر ونتأثر بمثل هذه المتغيرات، هذا أمر طبيعي ومطلوب، في قضية وعد ترامب نقل السفارة إلى القدس مثلاً، علينا أن ندرك أنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن هذا الأمر، سابقا قام الكونغرس الأمريكي بتمرير نفس المشروع ولكن تم تعطيلة أو وضعه في الأدراج، ليس حباً في الفلسطينين، ولكن لأنهم، وأقصد الأمريكيين لن يقبلوا اتهامهم بخرق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

في المقابل، انتخاب ترامب من قبل الأمريكيين واقتران قدومه بالفترة التي ينشغل فيها العالم العربي بحروبه الداخلية، وبالنظر إلى تضخم حالة عدم الاستقرار لا بد لنا أن نتأثر، ولذا علينا أن نمد الجسور الدبلوماسية، ونبحث عن طريقة للاستفادة من وجود ترامب بدلاً من محاربته، تحديداً حين ندرك أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى ودولة مؤسسات وأحد مبادئ وجودها في الأمم المتحدة، يكمن هو حفظ السلم والأمن الدوليين.

وعليه علينا أن نعي، أنه ليس من السهل على مستشاري ترامب تنفيذ كل ما يقولونه،  خاصة في موضوع الصراع العربي الإسرائيلي، لكن علينا الاستعداد لاحتمالية أن يضرب ترامب بعرض الحائط القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وهذا ما نفعله.

 

هل يمكن استثمار سياسة ترامب المعلنة باتجاه الداخل الأمريكي، لصالح استقطاب رعاية أوروبية لقضية الشرق الأوسط؟

 

العالم لا يقتصر على الولايات المتحدة، نعم هي قوة عظمى ولها نفوذ كبير، لكن هناك في المقابل قوة صاعدة مهمة جداً، وهي "البريكس"، وتتشكل من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وهي قوة اقتصادية وعسكرية هائلة، وفلسطين تستطيع الاستفادة منها، وهذا لا يعني عداء للولايات المتحدة الأمريكية، أو الاستغناء عن أوروبا.

 

ترامب في حملتة الانتخابية استهان بأوروبا، وسنستفيد كفلسطينين من هذا الموقف، إسبانيا مثلا إحدى الدول الأوروبية التي تدعم القضية الفلسطينية، وهذا ضمن سياساتها، والدول الأوروبية جميعاً هي دول مؤسسات، ولا تتغير السياسيات فيها بسهولة، لأن الحكم لدى دول أوروبا ليس حكماً فردياً، أو دكتاتورياً، بل هي دول مؤسسات وبرلمانات ومجالس شيوخ، ومجتمع مدني.

 

حالياً لغة المصالح هي من تجمع الاصدقاء، فهل توجد مصالح للآخرين لدينا ويمكن أن نستثمرها؟

 

الجانب الفلسطيني يجب أن يبحث عن مصالح الأصدقاء والأشقاء التي يمكن أن تتحقق عندما يتحقق السلام، إضافة إلى أن تلك الدول لديها مبادئ، منها ما له علاقة بحقوق الإنسان، والقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ولذا يجب علينا البحث عن تلك المصالح واستثمارها حتى لا نترك وحدنا. ببساطة لدينا أصدقاء، وعلينا أن نوسع الدائرة لنقيم علاقات مع الكل، فلا نحصر علاقتنا بأصدقائنا فقط.

 

من خلال تجربتك الشخصية بوصفك سفيرا لفلسطين في إسبانيا، ما هي السياسة الدبلوماسية التي يناط بسفرائنا العمل عليها؟

 

عندما ذهبت إلى إسبانيا كان الذي يحكمها وقتذاك الحزب الاشتراكي، وكان حزب اليمين (الحاكم حاليا) هو حزب المعارضة، فحافظت على علاقة ودية مع المعارضة وقتها، لان صاحب السلطة اليوم سيكون غدا معارضة، وهذه عادة الدول الديمقراطية بشكل عام.

 

الدكتور نبيل شعث، مسؤول العلاقات الخارجية في فتح سابقاً، مثلا دُعيَ لمؤتمر الحزب الشعبي في إسبانيا علماً أنه كان الأجنبي الوحيد المدعوِّ لذلك المؤتمر، ولذا أقول: إنه من الضروري ألا تقتصر علاقتنا مع أصدقائنا فقط، بل من المهم أن نكسب من يقفون في الوسط ونعمل على تحييد خصومنا دون إهمال أصدقائنا.

 

سفراء فلسطين حريصون على إقامة أوطد العلاقات مع كل القوى السياسية، ففي هذه البلدان المجتمع المدني، والكنيسة، والأحزاب السياسية، وكل مؤسسات المجتمع، حاضرة ولها تأثير.

 

وهذا يعني أن السفراء مجبرون على إقامة علاقات مع الكل، كي نحافظ على مكانة فلسطين في سياساتهم المقبلة، سواء تغيروا نحو اليمين أو نحو اليسار.

 

كيف تقيم حركة مقاطعة إسرائيل في الغرب تحديداً؟

 

هناك تنامي للوعي حول العالم تجاه قضيتنا الوطنية وتنامي للدعم الشعبي لها بالإضافة إلى الدعم الرسمي ولذلك هناك تعاظم لدور حركة المقاطعة الناشطة في أوروبا والولايات المتحدة، وهي حركة مهمة جداً، ومستمرة في التعاظم على الرغم من اتهامها بالعنصرية والتحريض ضدها من قبل إسرائيل والجهات الداعمة لها ونحن نرفض هذه المحاولات. لماذا يحرّم علينا أن نمارسها في وجه دولة تنتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتنتهك حقوق الإنسان كل يوم؟

 

ولذا أقول: إن المقاطعة هي وسيلة ذات طابع سلمي، وهي مشروعة، ونحن لسنا ضد الشعب الإسرائيلي، ولا نسعى لمحاربة المواطن الإسرائيلي البسيط. ولكننا ضد سياسة الاحتلال، وسنقاومه بكل الوسائل المتاحة التي نص عليها القانون الدولي؛ لذلك ذهبنا إلى الأمم المتحدة، فيما الاحتلال يرفض بل ويحاول منعنا من الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية، والسؤال لماذا؟

 

 وهنا جدير بنا أن نذكر أيضاً، أن الفلسطينيين لم يخترعوا سياسة المقاطعة، ولكن استوردناها من الولايات المتحدة وأوروبا، عندما طبقت ضد حكومة جنوب إفريقيا العنصرية، فلم يكن مسموح لأي فريق كرة قدم على سبيل المثال أن يشارك في اللعب في أي دولة أوروبية بما في ذلك بريطانيا، وهذه المقاطعة أدت لانهيار نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، والآن تنعم جنوب إفريقيا بديمقراطية يتساوى فيها الكل.

 

وعليه يجب أن يدراك الاحتلال ومن يقف وراءه، أن الشعب الفلسطيني لن يسلّم ولن ييأس، بل سيستمر في مقاومته، بكل الأشكال المتاحة، والتي نص عليها القانون الدولي.

 

 

هل الجانب السياسي الفلسطيني جاد في رفع قضية على بريطانيا فيما يخص وعد بلفور؟

 

 ما يريده الجانب السياسي الفلسطيني من بريطانيا أن تعترف باعتدائها على حقوق الشعب الفلسطيني، فهي لم تعطي هذا الوعد أثناء انتدابها لفلسطين بل حدث ذلك عام 1917، وهنا علينا أن نسألهم، أي بريطانيا، لماذا لم تعطوا اليهود وعدا بوطن قومي على أراضيكم؟!

 

ببساطة نحن نريد اعتراف بريطانيا بارتكاب هذا الخطأ، هو أقل ما يمكنها فعله بعد مئة عام على هذه الخطيئة، عليها أن تعترف بهذه القضية، وعليها الاعتراف بدولة فلسطين.

 

هل يعني الاعتراف استحقاقات مالية على بريطانيا، كالتعويضات مالية مثلا؟

 

حقوقنا لن تسقط بالتقادم، وما زلنا ندعوا البريطانيين للجلوس كي نحسم الأمر، فبريطانيا ارتكبت جريمة بحق الشعب الفلسطيني، وعليها ان تساهم في الحل. وطريقة الحل واضحة لنا من خلال تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولة مستقلة ذات سيادة... على بريطانيا أن تسقط من سياستها أسلوب التغطية على الاحتلال وممارساته العنصرية.

 

أكثر الدول التي تغطي على جرائم الاحتلال هما الولايات المتحدة وبريطانيا، والأجدر بهما ألا يدعموا دولة مارقة تنتهك القانون الدولي والإنساني كل يوم، لأن ذلك لا يليق بدول عظمى ارتضت أن تكون ضمن منظومة الأمم المتحدة المسؤولة عن حماية الأمن والسلم الدوليين، خاصة بعد أن أظهر الشعب الفلسطيني متمثلاً بقيادته مرونة سياسية واعترافاً بدولة إسرائيل.

 

كل ما نطالب به، هو دولة على 22% من مساحة فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس، فلا يعقل أن يكون ذلك بحاجة للمناقشه مع الدول العظمى.

 

نحن لم يكن بمقدورنا أن نرفع دعوى إلا بعد أن أصبحت فلسطين عضو كامل في محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية. وقبل ذلك، توجهنا لمحكمة العدل الدولية لإصدار فتوى حول جدار الفصل أقمناها عبر وسطاء من خلال معركة كبيرة ولفة أكبر وبالرغم من التهديد الأمريكي.

 

نحن الآن نتعاون مع محكمة الجنايات الدولية التي ما زالت في مرحلة الدراسة الأولية للحالة في فلسطين وندرك أهمية هذا الجهد الذي يستمر رغم المعارضة الشديدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها لكن نحن لن ندخر جهداً في توظيف كل ما هو متاح من أدوات دبلوماسية وقانونية لحماية شعبنا والحفاظ على حقوقه.

 

إلى أي مدى ممكن أن نستفيد سياسياً من هذه الدعوى؟

 

نريد أن نرسل رسالة للعالم مفادها أننا شعب انتهكت حقوقه وهو لا يبحث عن عملية ثأرية بل يبحث عن حقوقه. وإننا نريد دولة مستقلة ذات سيادة وليس دولة كنتونات كما تريدها إسرائيل لنا، لن نقبل بدولة على حدود مؤقتة ولا بأن تكون العاصمة أبو ديس، نريد دولة كاملة العضوية وذات سيادة على حدود الرابع من حزيران وحلاً عادلاً لقضية اللاجئين على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".

 

 إن سياسة بريطانيا هي سياسة تابعة بشكل أو بآخر لسياسات الإدارت الأمريكية المتعاقبة، ومع ذلك محاولة جر أوروبا بما فيها بريطانيا لإدخالها في مظلة الرعاية الدولية لعملية السلام قائمة، عليهم أن يكونوا شركاء في السلام وهذا لا يقتصر على دول أوروببية بل على الدول الوازنة مثل جنوب إفريقيا والبرازيل بالإضافة إلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.

 

عليهم أن يفهموا إن عدم حل الصراع العربي والإسرائيلي سيؤثر سلبا وبشكل ملحوظ وبالغ على الأمن والاسقرار الدوليين، لذا فنحن نريد حضوراً دولياً أوروبياً وعالمياً، والحصول على ضمان من هذه الدول بالتزام إسرائيل بأي حل يتفق عليه.

 

هل حركة فتح في مؤتمرها السابع ناقشت كيفية إدخال أوروبا كلاعب رئيسي في عملية السلام؟

 

البرنامج الفتحاوي السياسي يدعو لمؤتمر دولي للسلام بحضور دولي وضمانات دولية، على أسس مرجعية القرارات الدولية ذات الصلة والقانون الدولي، وجدول زمني محدد لإنهاء الاحتلال، والاعتراف الإسرائيلي بدولة فلسطينية مستقلة، كما اعترفنا نحن بدولة إسرائيل.

 

 نحن في فتح مهمتنا وضع العناوين، وعلى قيادة التنفيذية وضع التفاصيل والعمل عليها.

 

ما هو تقييمك لمدخلات ومخرجات مؤتمر فتح السابع في ظل عدم اختلاف الخطاب السياسي بخاصة خطاب الرئيس؟

 

الخطاب اختلف، فمثلاً طرح قضية وعد بلفور توجه ليس من السهل أن تأخذه القيادة الفلسطينية على عاتقها، وكذلك الحديث عن المقاومة الشعبية، وطلب مشاركة القيادات والكوادر في المقاومة الشعبية، وأن تصبح ذات طابع شعبي، وأن يشارك كل شعبنا فيها، فلا تقتصر على نخبة معينة، وأن نواصل المقاومة الشعبية حتى دحر الاحتلال، كل هذا خطاب جديد.

 

وعلينا أن ننتبه إلى تصميم حركة فتح على أن يعرف الاحتلال أن مواصلة وجوده على أرضنا سيكون مكلفاً له، وهذا لا يتحقق بالخطابات، بل يحتاج للعمل على الأرض. فلا بد أن يشعر الاحتلال أن هناك ثمناً باهظاً لاستمراره، وأنه سيجدنا في كل مكان، في فلسطين، وخارجها، وأننا لن نسلم.

 

عليهم أن يفهموا أننا نرى الأحياء من أبناء شعبنا الذين هجروا وطردوا من بيوتهم، وما زالوا يحملون مفاتيح تلك البيوت، على أمل العودة لها يوماً.

نحن من عشرات الأعوام نتحدث عن تحرير فلسطين، فهل من التجديد ألا نطرحه مثلاً؟ إن الحديث ذاته هو حديث قديم جديد ولن يسقط طالما بقيت فلسطين محتلة، وإذا كانت بعض القضايا قد طرحت قبل أشهر، فلا يعني ذلك أنها أصبحت قضايا قديمة، بل علينا أن نكررها ونستمر في النضال حتى تحقيق كافة أهداف شعبنا في التحرر.

 

يرى العديد من المراقبين أن الدماء في حركة فتح لم تتجدد في انتخاباتها الأخيرة، ماذا تقول؟

 

الانتخابات هي انتخابات، ولا أحد يقرر من يفوز ومن يخسر، ثانيا هناك دخول للشباب في الإطارين القياديين للحركة، في اللجنة المركزية، وفي المجلس الثوري، فوزير التربية والتعليم هو من الشباب، ودلال سلامة شابة، وفي المجلس الثوري هناك عشرات الشباب.

 

 ذلك كان للحفاظ على حكمة الشيوخ واندفاع الشباب، وإطار المجلس الثوري مماثل لإطار اللجنة المركزية، وهؤلاء الشباب يتم تحضيرهم ليصبحوا أعضاء لجنة مركزية، لكن هذه انتخابات، وأحياناً تركيبة المؤتمر تفرض نوعية المنتخبين، وأنا كنت أفضل أن تكون هناك أكثر من امرأة في اللجنة المركزية مثلاً.

 

وماذا عن غياب القدس من اللجنة المركزية؟

 

 القدس لم تغب، فهي حاضرة في المجلس الثوري بقوة، وفي المركزية أتوقع أن تحضر، ولا فرق بين أن تكون عضو لجنة مركزية أو عضو مجلس ثوري.

 

اتهامات تجاهل القدس هي اتهامات ظالمة للمؤتمر، فهو لم يهمل القدس، ولم يهمل غزة، فأكثر موضوعين أخذا اهتماماً هما القدس وغزة، بالإضافة إلى سوريا، نحن لا نرى دولة فلسطينية بدون القدس، ولا نرى حلاً للصراع بدون القدس، فهي جزء لا يتجزأ من قضيتنا.

 

كيف تلقيت خطاب حركة المقاومة الإسلامية حماس، في المؤتمر السابع، وإشاراته الإيجابية الواضحة؟

 

كان جميلاً من فتح أن تدعو كل الفصائل والقوى لحضور المؤتمر، بالرغم من الاختلاف، ونحن لا ننكر أن حماس جزء من الشعب الفلسطيني، حتى لو لم نتفق معها، وهم ألقوا خطابهم، ولكن في النهاية هناك تقاليد في العمل الوطني الفلسطيني، ولا يوجد فصيل يستطيع أن يبتلع الكل.

 

في المقابل أثبتت فتح أنها العماد الأساسي في منظمة التحرير الفلسطينية، فالأيدلوجيا في حركة فتح فضفاضة جداً، فنرى فيها اليمين، واليسار، والوسط، وقوميين وإسلاميين، وهي لا تستبعد أحداً، فكل مواطن من شعبنا يستطيع أن يجد له مكاناً في فتح.

 

هل حركة فتح جادة في الدفع بإنهاء ملف الانقسام؟

 

فتح جادة في التزامها بإنهاء الإنقسام والمصالحة قبل المؤتمر وبعده، فهذه مهمة أساسية عند كل الفلسطينيين. وفي هذا السياق يجب أن أنوه إلى أمر في غاية الأهمية وهو رؤية فتح للنظام السياسي في فلسطين. نحن نسعى لترسيخ نظام سياسي ديمقراطي ويحترم حقوق المواطنين جميعاً بغض النظر عن المعتقد أو التوجه السياسي. نريد بناء دولة لكل مواطنيها، تحترم الحريات ولا تسمح لأي طرف أو مجموعة بفرض رؤيتها الاجتماعية أو الدينية على الآخرين وتعمل فيها القوى السياسية لخدمة شعبنا وقضيته في هذا الإطار. التنافس السياسي يجب أن يكون عبر قاعدة خدمة القضية الوطنية واحترام النسيج الاجتماعي لشعبنا والحفاظ على التنوع فيه.

 

هل الدعوة لانعقاد المؤتمر الوطني خلال ثلاثة أشهر إشارة للبدء في إنهاء ملف الانقسام؟

 

آمل ذلك، فهذه مصلحة للشعب الفلسطيني قبل أن تكون مصلحة لفتح، وإنهاء الاحتلال خلال حالة الانقسام أمر شبه مستحيل، ولذا فإن إنهاء الانقسام هو شرط الانتصار، وشرط نجاحنا في مواجهة الاحتلال... أنا شخصياً لا أتفق مع حماس، ولكنني أعترف أنها جزء من شعبنا، ولا يمكن إلغاؤها، ولا نسعى لذلك، فنحن نريد من هذه الطاقات أن تعمل لفلسطين، بغض النظر عن المعتقد الديني أو السياسي، بل على الجميع أن يعي أن الوحدة هي مطلب الشعب.

 

هل كان هناك غياب أو تغييب للشريحة الأوسع من أعضاء فتح غزة عن المؤتمر؟

 

أعضاء فتح الغزاويين لم يتم إقصاؤهم، بل المانع الأمني الإسرائيلي هو ما أقصاهم، فالمؤتمر صوّت على تمكينهم من الترشح والانتخاب، وجرى فتح الباب لهم في غزة، وكان هناك بث "فيديو كونفرنس"، لذلك لم يُنتَقص من حقوقهم، فبالنسبة لنا غزة جزء عزيز من وطننا، والسلطة اهتمت دائما بها، والسلطة تدفع أكثر من نصف موازنتها لإخواننا في غزة، ونحن لا نمنّ عليهم بذلك.

 

السلبيات التي وجدها "المواطن" كفاح عودة في المؤتمر السابع لحركة فتح؟

 

المؤتمر لم يكن "للملائكة"، وثانياً الصفة في المؤتمر هي صفة تمثيلية، فليس كل من حضروا المؤتمر هم أفضل عناصر فتح، وليس كل من نجحوا في الانتخابات هم أفضل من حضر المؤتمر، فلعبة الانتخابات تحصل في كل الدنيا.

 

ما الذي كنت تتمنى أن تراه في المؤتمر ولم تجده؟

 

كنت أتمنى ألا ينظر الناس للجغرافيا، فنحن أبناء حركة واحدة، وفلسطين صغيرة بمساحتها، كبيرة بفعلها وتاريخها، فقد عملت في فتح سابقاً، ولم يكن أحد يعلم اسمي الحقيقي، أو ديني، أو من أي مدينة أنا.  

 

هناك من انتقد غياب الحوار على البرامج السياسية في كواليس المؤتمر، ماذا تقول في هذا الشأن؟

 

البرنامج السياسي عادة يناقش في اللجان، وكان هناك لجنة سياسية نوقش فيها الكثير من القضايا، ففي كل المؤتمرات تأخذ الانتخابات الحيز الأكبر، وبرغم ذلك كانت هناك نقاشات عدة للبرنامج السياسي، وملاحظة الأخ نبيل ربما تشير إلى أن الكثيرين قد تغيبوا عن هذه اللجنة، والغائب يتحمل مسؤولية غيابه.

 

 قبل المؤتمر كانت هناك نقاشات دارت حول القضايا السياسية بشكل أوسع، ولهذا تشكلت لجنة سياسية.

 

هل سيلعب المجلس الثوري دور الرقيب على الأداء الحكومي؟

 

المجلس الثوري ليس مخولاً ليلعب هذا الدور لأنه إطار قيادي في حزب سياسي، من يلعب هذا الدور هو المجلس التشريعي، بالتالي علينا أن نسرع في انتخابات تشريعية ورئاسية مقبلة حتى يكون هناك مجلس تشريعي مسؤول يعمل بدور الرقابة على أداء الحكومة وغيره من المهام.

 

هل سيقول المجلس الثوري آراءه في الوزراء الفتحاويين؟

 

المجلس الثوري سيقوم بهذا الدور، ونحن كفتح نتحمل مسؤولية أداء الحكومة الإيجابي والسلبي، رغم كوننا غير مسؤولين عنها، فهذه الحكومة هي للشعب الفلسطيني، ونحن جزء من هذا الشعب، ونحن كحركة كبيرة وواسعة من حقنا أن ندافع عن هذه الحكومة طالما أنها تعمل بتكليف من الرئيس الفلسطيني الذي هو رئيس فتح أيضاً.

 

 ندافع عنها ونبدي الملاحظات تجاهها ولا نخشى أحداً، لكنها ليست حكومة خصوم هي حكومة الكل الفلسطيني لسبب بسيط هو أنها جاءت بالتوافق مع الكل الفلسطيني بما في ذلك حماس.

 

في ختام حوارنا ما الكلمة التي تقولها للشعب الفلسطيني أينما وجد بشكل عام، وللفتحاويين بشكل خاص؟

 

أريد القول: إن شعبنا الفلسطيني، شعب عظيم أكثر مما نتخيل، ويلاحظ ذلك من طريقة تعامل الأجانب معنا خارج فلسطين، فهناك إيمان عميق، بأننا سنحقق أحلامنا وأمانينا في الحرية قطعاً.

 

 نحن نحاول أن نختصر من معاناة شعبنا ما أمكن، وللشعب أن يثق أن لا يوجد أحد في القيادة لا القديمة ولا الجديدة، لديه استعداد للمساومة على حقوق الشعب الفلسطيني، فما لم يوافق عليه ياسر عرفات لن يوافق عليه أحد بعد ياسر عرفات.

 

 وأقول لأبناء الحركة، مزيد من الوحدة، حتى ننجز المهام المقبلة التي هي كبيرة وكثيرة في المستقبل القريب.