الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص"الحدث"| فوضى السلاح الأمريكي

2017-10-03 10:15:02 PM
خاص
لاس فيغاس (جي تي)

 

الحدث/ شيكاغو- نادر الغول

 

عادة ما يقال "إن ما يحدث في فيغاس يبقى في فيغاس،" إلا أن الحادثة الإرهابية في الحفل الغنائي ومقتل ٥٩ وإصابة أكثر من خمسمائة شخص، جعل هذه المقولة غير صحيحة، بشكل أو بآخر.

 

فعلى الرغم من انشغال المواطن العربي بهمومه اليومية والسياسية، من الأزمة السورية، إلى استفتاء كردستان العراق، واخيرا المصالحة الفلسطينية. إلا أن حادثة القتل الجماعي في مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا الاميركية ، حصلت على نصيب من الاهتمام العربي، ربما لسببين رئيسيين هما: أولا، أن القاتل ستيفن بادوك لم يوصف بالإرهابي، لأنه أميركي أبيض. ثانيا، تبني تنظيم داعش الهجوم الإرهابي، وبالتالي خلق حالة من القلق لدى الجمهور العربي بالولايات المتحدة من تبني هذه التنظيم المهزوم لهذه الحادثة.

 

وقبل الدخول في ما كتب حول الحادثة، يجب أن تقديم خلفية بسيطة حول الأسلحة النارية و حوادث القتل الجماعي في الولايات المتحدة. حسب مركز استطلاع الأسلحة الفردية، هناك ما بين ٢٥٠-٢٩٠ مليون قطعة سلاح شخصي في الولايات المتحدة الاميركية، أي بمعدل ٩٠ من كل ١٠٠ شخص لديه سلاح شخصي.

 

هذا الرقم هو نظري بمعنى أن هناك ولايات ومدن أميركية لديها قوانين صارمة فيما يخص حمل السلاح، على سبيل المثال المدن الكبرى الثلاث في اميركا، نيويورك، ولوس أنجلوس وشيكاغو بمعدل سكاني بحدود ٥٠ مليون شخص، يمنع حمل السلاح فيها، إلا بترخيص حكومي، وأن لم تخن الذاكرة في شيكاغو هناك فقط بحدود ستة آلاف ترخيص سلاح ناري من أصل ٣ مليون شخص يسكن وسط المدينة.

 

وبحسب المركز الوطني للأمراض فإنه بين عامي ٢٠٠١-٢٠١٣ فإن عدد من قتل بالسلاح الناري في الولايات المتحدة هم ٤٠٦،٤٩٦ شخص. والعدد الأكبر من هذه الوفيات كان الدافع فيه هو الانتحار حيث انتحر ٢٣٧،٠٥٢ شخص بواسطة سلاح ناري خلال هذه الفترة.

 

وتشير سجلات مكتب التحقيقات الفيدرالي الاف بي أي أنه منذ نوفمبر من العام ١٩٩٨ تم عمل فحص أمني لأكثر من ٢٦٩ مليون أميركي. وأنه في شهر واحد فقط وهو شهر ديسمبر/كانون الأول من العام ٢٠١٥ تم عمل ٣.٣ مليون فحص أمني، وكان الدافع هو حادثة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا.

 

في شهر أبريل/نيسان من العام الحالي قام مركز بيو للأبحاث بعمل استطلاع للرأي حول الأسلحة النارية وكانت النتيجة أن ٤٧٪ من الأميركيين يؤيدون حقهم في امتلاك السلاح، بينما ٥١٪ من الأميركيين يؤيدون فرض المزيد من التشديد والقوانين على امتلاك السلاح الشخصي. وهذا يعكس تراجعا في نسبة الأميركيين الذين يؤيدون فرض المزيد من القوانين والتشديدات لحمل السلاح، وحسب إحصائية لنفس المركز في العام ١٩٩٩ فإن ٦٥٪ كانوا مع تشديد القوانين.

 

بالعودة لحادثة لاس فيغاس، لربما يعتقد الكثيرون و غالبية الأميركان أن هذه الحادثة الوحيدة خلال ذلك اليوم، ولكن الحقيقة أنه في نفس اليوم وفي مدينة كنساس الأميركية وفي محيط جامعة المدينة تم قتل رجلين وامرأة وأصيب اثنين اخرين في حادثة إطلاق نار. ولكن بسبب التعريف الأميركي لحوادث القتل الجماعي، فإن عدد الضحايا يجب أن يكون أربعة وما فوق حتى يتم تصنيفها حادثة قتل جماعي.

 

وتشير إحصائيات مؤسسة "أرشيف عنف السلاح" أنه وخلال هذا العام قتل ٣٤٦ شخص في حوادث قتل جماعية، وأن هناك بمعدل كل شهرين حادثة قتل جماعي يفوق عدد القتلى فيها الأربعة أشخاص.

 

بالرغم  أن حادثة القتل الجماعي في لاس فيغاس هي الأكبر والأكثر دموية من حيث عدد القتلى والمصابين، فإن الولاية رفضت تصنيف القاتل بادوك بالارهابي، على الرغم من أن قوانين الولاية تصف حوادث القتل الجماعي بالإرهابية. والمستغرب أكثر من ذلك أن الناخبين في الولاية خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة صوتوا لصالح تعديل على قوانين الولاية من أجل فرض المزيد من الفحص الأمني على الراغبين باقتناء الأسلحة ولكن المدعي العام الجمهوري للولاية ادم بول لاكسلت، وقبل أن يدخل القانون حيز التنفيذ، أصدر رأيا قانونيا أن المواطنين غير ملزمين بهذا القانون.

 

وفي موضوع تبني تنظيم داعش الإرهابي لهذه العملية، فإنه منذ البداية لا يمكن لأي عاقل قبول هذه النظرية، وإن كان الضرر من هذه التبني قد حصل وانتهى. وحسب FAIR "الموضوعية والدقة في التغطية الصحفية" فإن وسائل الإعلام الأميركية تبنت الخبر ونشرته كعنوان رئيسي. وأن هذه الوسائل ساهمت في نشر رسالة التنظيم الإرهابية بقصد أو بدون قصد.

 

ويضيف المركز أن ٤٠٪ من الأميركيين يكتفون بقراءة العنوان دون الدخول في التفاصيل، وبالتالي فإن أغلب الأميركيين تلقوا المعلومة التي تقول أن هذا التنظيم يقف خلف هذه الحادثة. وبحسب خبراء في مكافحة الإرهاب فإن التنظيم سعى من خلال هذه التبني إلى "محاولة الظهور بأنه مازال قادرا على تنفيذ عمليات فعالة."

 

واخيرا فإن عاتق محاولة فرض قوانين أكثر صرامة على الأفراد في اقتناء السلاح يقع على عاتق الحزب الجمهوري وبعض الديمقراطيين أمثال بيرني ساندرز الذين يؤيدون سياسة حمل السلاح المفتوحة. ولكن بما أن المال مرتبط بالسياسة، أعتقد أن الموضوع سيأخذ مدى زمنيا طويلا من أجل الوصول إلى صيغة توافقية بين مصنعي الأسلحة النارية والسياسيين الأميركيين، وخاصة جماعة "المؤسسة الوطنية للبنادق" NRA والتي تعتبر من أكبر الداعمين الماليين للسياسيين الأميركيين في حملاتهم الانتخابية وخاصة من الحزب الجمهوري.