الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

“اختفاء المستوطنين” يفجر الجدل حول مصير التنسيق الأمني بين إسرائيل و”مصر- السيسي”

2014-06-24 00:00:00
“اختفاء المستوطنين” يفجر الجدل حول مصير التنسيق الأمني بين إسرائيل و”مصر- السيسي”
صورة ارشيفية

اللواء “الزيات”: لا يمكن وصف التواصل بين “القاهرة” و “تل أبيب” بأنه “تنسيق أمني”

مدير إدارة إسرائيل في الخارجية المصرية: العلاقات محكومة باتفاقية السلام، وليس لها علاقة بشخص “السيسي”

عكاشة: الأزمة زادت من أعباء الجيش المصري في سيناء

 

القاهرة- بهاء عياد

أكدت مصادر أمنية ودبلوماسية مصرية لـ “الحدث” بأن مصر ليست بعيدة عن المشهد الفلسطيني المرتبك حالياً بعد عملية اختفاء ثلاثة مستوطنين، خاصة وأن الأمر يضع حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني الوليدة أمام تحد بالغ التعقيد، وأوضحت المصادر أن السلطات المصرية تقود جهود وساطة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل تجاوز تلك الأزمة، فضلاً عن ضبط الحدود بين مصر وقطاع غزة لمنع نقل المستوطنين إلى الأراضي المصرية عبر سيناء. وفجرت هذه الأزمة جدلاً حول واقع ومستقبل التعاون الأمني والاستخباراتي بين مصر وإسرائيل؛ خاصة مع وجود المشير عبد الفتاح السيسي على رأس السلطة في مصر، وهو المعروف عنه توليه لمنصب مدير الاستخبارات العسكرية المصرية، وهو منصب يجعله المسؤول الأول عن التنسيق الأمني مع الدولة العبرية التي تربطها ببلاده اتفاقية سلام منذ العام 1979.

اعتبر اللواء الدكتور محمد مجاهد الزيات، نائب رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أنه لا يوجد “تنسيق أمني” بين مصر وإسرائيل على الإطلاق، موضحاً أن ما يتم بين البلدين من حوار وتباحث حول الأمور الأمنية لا يمكن أن يطلق عليه اسم “تنسيق أمني”، وفقاً للمفاهيم الاستراتيجية المتعارف عليها في العلاقات بين الدول؛ وذلك لاختلاف الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية بين البلدين، ولعدم وجود مصالح أمنية وعسكرية مشتركة بينهما. 

وتابع لـ “الحدث”: “هناك استراتيجيات عسكرية وأمنية مختلفة بين البلدين، وإسرائيل ما تزال العدو الأول لمصر في منظومة المعتقدات الأمنية والعسكرية المصرية، كما أن إسرائيل تعتبر مصر أحد أهم المخاطر والمهددات لأمنها القومي بين دول الجوار؛ والدليل على ذلك هو إعادة إحياء المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي”. وأوضح “الزيات” أن طبيعية التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل يتمثل فقط في الحوار والتباحث في حالة وجود أزمات تؤثر على الشعب الفلسطيني، أي حينما يتعرض لهجوم من قبل إسرائيل، فيكون هدف التدخل المصري الوساطة وتحقيق التهدئة والهدنة، وليس التنسيق والتعاون الأمني مع الكيان الصهيوني، لاختلاف الأهداف والمصالح الأمنية مع إسرائيل بشكل شبه كامل.

وأكد “الزيات” أن “خطف” المستوطنين أعطى مبررا لإسرائيل لاعتقال الفلسطينيين، وخاصة بعض الأسرى الذين تم الإفراج عنهم في صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ولم تقبل السلطات الإسرائيلية الإفراج عن هؤلاء الأسرى إلا على مضض، وها هي الآن قد وجدت المبرر لاعتقالهم مجدداً، ولكي تعيث في الأرض فساداً، نتيجة “اختطاف” مستوطنين من المعروف أن الكثير منهم يمارس الإرهاب ضد الفلسطينيين بمساندة الدولة الإسرائيلية. كما أكد أن عملية “الاختطاف” وتوقيتها الحالي سوف يؤدي للتشويش على حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، بعد اتخاذ السلطة الفلسطينية في رام الله موقفاً متعاوناً مع الاحتلال، قوبل بانتقادات من حركتي “حماس” و”الجهاد”.

وأكد السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة إسرائيل الأسبق في الخارجية المصرية، أن التنسيق بين مصر وإسرائيل في الأمور الأمنية ليس مرتبطاً بشخصية رئيس مصر، ولكن العلاقات بين البلدين تخضع لاتفاقية السلام المبرمة منذ عقود. وأعرب «هريدي» عن تخوفه من عدم نجاح الجهود التي تقوم بها السلطة الفلسطينية من أجل إطلاق سراح المستوطنين المختطفين، من أجل عدم تفاقم تلك الأزمة التي تهدف إلى إجهاض حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية التي جرى تشكيلها مؤخراً، بهدف تمهيد الطريق أمام مصالحة فلسطينية حقيقية. وأشار السفير إلى وجود تفاهمات ومحادثات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لحل تلك الأزمة، معتبراً أن تدخل مصر للإفراج عنهم لا بد أن يأتي بناء على طلب من إحدى الجانبين. ودعا مدير إدارة إسرائيل الأسبق في الخارجية المصرية إلى ضرورة التنسيق والتعاون بين الفصائل الفلسطينية من أجل المساهمة بجدية في الوصول إلى المختطفين، خاصة في ظل عدم إعلان أية جهة مسؤوليتها عن الحادث حتى الآن.

وأكد الخبير الأمني العقيد خالد عكاشة، المتخصص في شؤون سيناء، لـ «الحدث» أن ما يهم مصر هو احتواء أزمة المستوطنين الإسرائيليين المختطفين، حتى لا تؤدي تلك الأزمة إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والعسكرية في الأراضي الفلسطينية بما قد ينعكس على الأوضاع المضطربة بالفعل في سيناء، موضحاً أن الأزمة زادت من الأعباء التي يضطلع بها الجيش المصري في سيناء خشية تهريب المستوطنين إلى الأراضي المصرية، مما قد يجعل مصر في هذه الحالة طرفاً رئيسياً في الأزمة، موضحاً أن مصر يهمها أيضاً ألا تؤدي هذه الأزمة إلى تجديد الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، وإفشال الجهود الفلسطينية والمصرية والعربية الحالية الرامية لاستكمال خطوات المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية، والتي بدأت بالفعل بتشكيل حكومة الوفاق الوطني.

من ناحية أخرى، أكد عدد من وكالات الأنباء والصحف الإسرائيلية والفلسطينية، نقلاً عن مصادر لم تفصح عن هويتها، أن هناك تنسيق أمني بين مصر وإسرائيل للوصول إلى المستوطنين المختطفين، فيما أكدت وكالة أنباء «معاً» الفلسطينية أن إسرائيل طلبت رسمياً مساعدة مصر في الوساطة بين مختطفي الإسرائيليين الثلاثة وبين تل أبيب، مشيرة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعطى الضوء الأخضر لفرق المفاوضات للعب دور الوساطة بين الطرفين.

وعلى الجانب المصري الرسمي، حمّلت القاهرة، الخميس الماضي، السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن العواقب التى قد تنجم عن الإجراءات والعمليات العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة، على خلفية اختفاء المستوطنين الثلاثة. وجددت وزارة الخارجية المصرية رفضها لهذه العمليات، وعبّرت عن قلقها البالغ من تداعيات استمرارها، مؤكدة دعمها التام للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وللقيادة الفلسطينية ومساعيها الجادة للحد من التدهور الجاري بشتى الوسائل، حتى يتسنى لها العمل على تحقيق المتطلبات الأساسية للشعب الفلسطيني.

 

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها إن “التوسع في نطاق العمليات العسكرية قد يؤدي إلى مزيد من الخسائر والإصابات بين الفلسطينيين، لا سيما عمليات القصف وهدم المنازل والملاحقات والاعتقالات، الأمر الذى يزيد من هشاشة الأمن والاستقرار ويدفع إلى تنامي المواجهات والعنف، ويعرقل جهود السلطة الوطنية الفلسطينية الرامية إلى تثبيت الأوضاع الأمنية”. ودعت الوزارة السلطات الإسرائيلية للالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، والحيلولة دون تردي الأوضاع بشكل غير مبرر وخروجها عن السيطرة.