الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تجميد العوائد الضريبية.. الموظف الحكومي المتضرر الأكبر

موظفون: القروض البنكية للسلطة لدفع رواتب غير مجدية ونُريد حلاً جذرياً

2015-01-27 12:10:48 AM
 تجميد العوائد الضريبية.. الموظف الحكومي المتضرر الأكبر
صورة ارشيفية
خبراء: الخطوة الإسرائيلية "تُناقض الاتفاقيات" وشبكة الأمان العربية أحد الحلول المطروحة والسلطة لن تساوم على أموالها بالمواقف السياسية
 
الحدث - غزة- محاسن أُصرف
 
كالعادة وفي أي خطوة تقوم بها القيادة الفلسطينية للحصول على الدعم الدولي لقضيتها، تُباغتها "إسرائيل" بقرارات مُضادة غالباً ما تكون مالية لتُعجزها عن الاستمرار والرضوخ لرغباتها باستمرار التبعية والرضا بما يوجد على الطاولة.
فبعدما توجهت السلطة الفلسطينية بالطلب للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، باغتتها إسرائيل مباشرةً بعقوبة عدم تحويل ما قيمته 130 مليون شيكل من الضرائب المستحقة للسلطة عن الشهر الماضي في محاولة كسر إرادة السلطة في استخدام الأدوات السلمية التي يمنحها لها القانون الدولي لإحقاق حقوقها والحصول عليها، ويرى مراقبون أن قرار التجميد "جريمة حرب" تُضاف إلى سلسلة جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وأن المتضرر الأكبر منها "الموظف الحكومي" الذي حُرم بفعل عدم وصول عائدات الضرائب لخزينة السلطة من راتبه ولم يتمكن حتى وقت قريب إلا من الحصول على 60% من راتبه لا تُغني ولا تُسمن في ظل حالة الغلاء الفاحش في أسعار الخدمات ومتطلبات الحياة اليومية.
تخوفات من تفاقم الأزمة
ولم تستطع "مريم الفرا" تلقي راتبها عن شهر ديسمبر الماضي هي وأكثر من 175 ألف موظف في وزارات ودوائر السلطة السلطة الفلسطينية حتى الأسبوع الماضي، الأمر الذي أثر على إيفائها بالتزاماتها المالية أمام أسرتها، ناهيك عن عدم تسديد أقساط أجهزة كهربائية كانت قد اشترتها قبل شهرين على أمل أن تُسدد بالتواتر على مدار ستة أشهر قادمة، تؤكد السيدة لـ"الحدث" أن إسرائيل غالباً ما تعمد إلى معاقبة السلطة بخنقها مالياً، ولكن يبقى الموظف الحكومي الأكثر ضرراً كونه يُبرمج حياته ونفقاته المالية وفقاً لراتبه بل ووفقاً لموعد صدوره الذي عادةً لا يتأخر عن الأسبوع الأول من كل شهر، وتخشى "الفرا" وهي موظفة في قطاع التعليم من استمرار الأزمة على مدار الأشهر القادمة خاصة وأن إسرائيل لم تُبدِّ نية للإفراج عن أموال عائدات الضرائب لصالح السلطة، تقول: "باتت حالتي مأساوية خاصة أني وزوجي نعمل في القطاع الحكومي ولا نملك سبيلاً لتدبير أمورنا الحياتية سوى رواتبنا".
ويُشكل العاملون في قطاع التعليم حوالي ثلث عدد موظفي السلطة البالغ عددهم 175 ألفاً بنسبة تتجاوز 45%، يُعانون ظروفاً قاسية نتيجة تأخر الرواتب بدايةً ثم عدم تلقيها كاملة فقط 60%.
قروض بنكية
من جانبه أوضح "عبد الرحمن بياتنة" الناطق باسم وزارة المالية بالضفة الغربية، أن السلطة لم تملك لحل أزمتها وتأمين جزء من رواتب الموظفين والتي صُرفت الأسبوع الماضي إلا أن تقترض من بعض البنوك، خاصة بعدما فشلت في الحصول على شبكة الأمان العربية، ولفت إلى أنها تركت هامشاً للتحرك خلال الأشهر المقبلة خاصة في ظل عدم استعداد "إسرائيل" للإفراج عن أموال الضرائب التي هي حق للسلطة وثقته اتفاقية باريس الاقتصادية.
ونوه "بياتنة" إلى الأثر السلبي الذي تركه فقد السلطة لحوالي 70% من دخلها نتيجة العقاب الإسرائيلي لتحركها لمحكمة الجنايات الدولية، مؤكداً أنها طالت كافة شرائح المجتمع سواء الموظفين الحكومين الذين لم يتلقوا رواتبهم أو قطاع البنوك والمؤسسات الخاصة والمحال التجارية، قائلاً: "الحالة الاقتصادية للجميع مزرية وتتطلب تحركاً دولياً عاجلاً".
إلى ذلك أوضح "بياتنة" أن وزارته دأبت على مطالبة الاحتلال بإعادة ضخ أموال عائدات الضرائب إلى خزينة السلطة إلا أنها ترفض تحويلها حتى الآن.
ويلفت "بياتنة" إلى حاجة السلطة الفلسطينية إلى نحو 170 مليون دولار لدفع رواتب موظفيها شهرياً، وإلى مبلغ آخر مماثل لتسديد الخدمات الأخرى، منوهاً إلى أنها تعمد إلى تأمين رواتب السلطة عبر المستحقات التي تحولها إسرائيل، ومن جمع ضرائب مباشرة من الفلسطينيين، بالإضافة إلى بعض المساعدات الأخرى أوروبية وأميركية وعربية.
ويُطالب الموظفون الحكوميون بحل جذري لقضيتهم وتأمين روتبهم بشكل دوري شهرياً، مؤكدين أن القروض التي سبحتها السلطة لدفع رواتبهم خطوة جيدة لكنها غير مجدية، ويقول "أبو المجد" 45 عاماً ويعمل في القطاع الصحي: "لا يُمكن أن نبقى رهن توفر المال عبر القروض أو المساعدات الخارجية"، ويُشير إلى أن حالة الموظفين سيئة جداً على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، خاصة وأن الغالبية العظمي لديه التزامات وقروض بنكية وتأخر الرواتب يزيد من معاناتهم.
تأثير سلبي
من جهته يرى د. فريد المحاريق الخبير في الاقتصاد الدولي، أن الموظف الحكومي الأكثر تأثراً بعملية عقوبات "إسرائيل" بحجز عائدات الضرائب، مؤكداً أن الواقع يُشير إلى عدم تلقيهم رواتبهم عن شهر ديسمبر حتى أواخر شهر يناير، ولم يكن كاملاً بل 60% من قيمة الراتب، ويقول لـ"الحدث": "نتيجة عدم التزام الحكومة بواجباتها تجاه الموظفين ستتأثر القدرة الشرائية لهم وستظهر مشكلة بين الموظفين والبنوك بسبب عدم قدرتهم على دفع مستحقات القروض مما يُدخل البنوك في أزمة خانقة كما ستؤثر على الاستثمارات الداخلية التي تعتمد أيضاً على القروض من البنوك".
ويُشدد "المحاريق" على أن "إسرائيل" تعمد بين الحين والآخر إلى تجميد العائدات الضريبية للضغط على السلطة واستمرار تبعيتها وخضوعها للاقتصاد الإسرائيلي، قائلاً لـ"الحدث": "ذلك مخالف لاتفاقية باريس الاقتصادية، خاصة وأنها تعمد إلى جباية حصتها من مجمل الضرائب على ما تستورده فلسطين من إسرائيل والعالم الخارجي والبالغ 30%".
حلول نافعة
ويقترح "المحاريق" في حديثه لـ"الحدث" بعضاً من الحلول التي يُمكنها أن تُخفف أزمات السلطة المالية بدايةً بما يُمكنها من الالتزام بواجباتها المالية تجاه موظفيها، فيُشير إلى أهمية المطالبة بإجراء تعديلات على "اتفاقية باريس الاقتصادية" خاصة في ظل عدم التزام "إسرائيل" بها مشدداً على ضرورة أن تكون التعديلات بما يتوافق مع المتطلبات الإنسانية والاقتصادية للفلسطينيين الذين يُعانون كثيراً من تفاصيلها المجحفة بحقوقهم، ونوه إلى اتباع سياسة المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية بما يُجبرها على التخفيف من سياساتها التعسفية تجاه الاقتصاد الفلسطيني، ناهيك عن الاهتمام بالصناعات الفلسطينية ومحاولة رفع كفاءتها وجودتها لتكون قادرة على المنافسة في الأسواق.
ولكن تبقى تلك الحلول بعيدة الأجل، حسب "المحاريق"، الذي طالب بضرورة تقديم الدول العربية المساعدة المالية الفورية للسلطة لتتمكن من التزامها بواجباتها المالية تجاه موظفيها ومن ثمَّ العمل على الحلول الأخرى، والتي برأيه تُحقق حلاً جذرياً لأزمات السلطة المالية على المدى البعيد.
شبكة الأمان
ويوافقه الرأي "د. نصر عبد الكريم" المحلل الاقتصادي الذي أكد أن تجميد عائدات الضرائب أثر على قدرة السلطة على دفع رواتب موظفيها ودفع مستحقاتهم المالية، وشدد في لقاء مع "الحدث" على أن خيار السلطة الفلسطينية تفعيل شبكة الأمان العربية والبالغة 100 مليون دولار شهرياً، لافتاً إلى أن الاقتراض من البنوك غير مجد نتيجة الديون المتراكمة على السلطة.
وبسبب التعنت الإسرائيلي بعدم تحويل عائدات الضرائب لصالح السلطة فقدت الأخيرة ثلثي إيراداتها ولم تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها المالية سواء رواتب الموظفين أو الالتزامات المالية الأخرى، حيث تُنفق السلطة شهرياً حوالي 300 مليون دولار، ويُشير "عبد الكريم" إلى أن "إسرائيل" تعمد إلى الضغط على السلطة بخنقها مالياً من أجل منعها من التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية ومحاكمة الاحتلال على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
يُذكر أن السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة "رياض منصور" قد تقدم بشكوى رسمية للأمم المتحدة ضد إسرائيل على ما فعلته بشأن تجميد عوائد الضرائب مؤكداً أن الإجراء يُناقض الاتفاقيات الموقعة، داعياً إلى عدم مقايضة المال بالمواقف السياسية.