الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف يجب على إسرائيل أن تستعد لنهج بايدن الجديد تجاه إيران؟

2020-11-29 05:33:27 PM
كيف يجب على إسرائيل أن تستعد لنهج بايدن الجديد تجاه إيران؟
بايدن

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالاً للكاتبين إلداد شافيت الباحث في معهد دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي"، وآري هيستين مدير مكتب مدير معهد دراسات الأمن القومي وزميل أبحاث في السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المعهد، ترجمته الحدث وجاء فيه:

ينبغي على المسؤولين الإسرائيليين حث الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة على الحفاظ على النفوذ الاقتصادي الأمريكي على إيران مع تجنب الثأر الشخصي والخلافات السياسة العامة في عهد أوباما.

إن التهديد الإيراني -التقليدي والنووي- له تأثير كبير على الحسابات السياسة الإسرائيلية. وفي حين أن مخاوف "إسرائيل" بشأن مخاطر الصراع العسكري المحتمل مع الفلسطينيين أو حزب الله حقيقية، إلا أنها محدودة النطاق، لأن تلك المواجهات لن تعرض وجود "إسرائيل" ذاته للخطر.

وعلى النقيض من ذلك، فإن احتمال حصول إيران على سلاح نووي يُنظر إليه على أنه تهديد وجودي محتمل من جانب المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية". وهذا يفسر لماذا خصصت الحكومة نسبة كبيرة من اهتمامها ومواردها لإبطاء التقدم في البرنامج النووي الإيراني ومنع تسليحه، بشكل مستقل ومع الحلفاء.

إن التغيرات والتقلبات في النهج الأمريكي تجاه إيران وبرنامجها النووي يؤثر على حسابات الأمن القومي "الإسرائيلية" الرئيسة حول الكيفية التي ينبغي أن تعزز بها أهدافها المتمثلة في تعظيم الوقت الذي تستغرقه إيران لتطوير سلاح نووي مع منع اندلاع الحرب. ومن المتوقع أن تتخذ إدارة بايدن القادمة نهجاً مختلفاً تجاه إيران - وسيتعين على "إسرائيل" أن تستعد وفقاً لذلك.

في السنوات الأخيرة، خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، كانت "إسرائيل" والولايات المتحدة في حالة توافق فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة المتمثلة في الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرض ما يسمى بحملة العقوبات القصوى على الاقتصاد الإيراني.

لقد أثبتت الحكومة الأميركية أن قوتها الاقتصادية تمنحها القدرة على ممارسة ضغوط اقتصادية هائلة - حتى عندما تتصرف بمفردها في المقام الأول وتستهدف البلدان التي لا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام الاقتصادي الدولي. وقد تدهور الاقتصاد في إيران بعد إعادة فرض العقوبات بشكل كبير بسبب الأزمات الصحية والاقتصادية الناجمة عن جائحة "COVID-19".

ومع ذلك، وعلى الرغم من نجاح الولايات المتحدة في الحصول على قدر كبير من النفوذ الاقتصادي من حملة "الضغط الأقصى"، إلا أنه من المؤكد الآن بأن هذه السياسة "أقصى ضغط" لن يجبر إيران على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي مع ترامب قبل انتهاء ولايته.

إن إيران أثبتت أنها أكثر تحدياً مما كان متوقعاً من قبل البيت الأبيض و "إسرائيل"، وردت طهران بحملة "أقصى مقاومة"، والتي شملت هجمات على البنية التحتية النفطية لحلفاء الولايات المتحدة، والنهوض ببرنامجها النووي في انتهاك للاتفاق، ورفض التفاوض.     وعندما يترك ترامب منصبه في 20 كانون الثاني/يناير 2021، سيكون البرنامج النووي للنظام الإيراني أقرب إلى البداية مما كان سيكون عليه بموجب شروط الاتفاق.

عندما تحدد إدارة بايدن القادمة خياراتها، استناداً إلى تصريحات الرئيس المنتخب جو بايدن نفسه، فضلاً عن تصريحات المعينين المتوقعين أنتوني بلينكن وجيك سوليفان، يمكن لـ "إسرائيل" مرة أخرى أن تواجه بعض القضايا السياسية التي أدت في السابق إلى سوء علاقتها مع الحكومة الأمريكية أثناء رئاسة أوباما.

وإذا عادت إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي وفقاً لنواياها المعلنة، فقد ينتهي الجدل المرير حول الاتفاق من عام 2015 إلى إعادة التفاوض بين "إسرائيل" والولايات المتحدة. وسيكون السؤال الرئيس حينها هو ما إذا كان بإمكان الحكومتين هذه المرة أن تنجحا في سد الثغرات السياسية والتخفيف من أي ثأر شخصي.

وعلى الرغم من المخاوف الإسرائيلية، لا يبدو أن بايدن مستعد لمحاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء أربع سنوات للعودة إلى الأيام الأخيرة لإدارة أوباما بطريقة تسعى إلى عكس جميع سياسات ترامب وتجاهل الطرق التي تغيرت بها البيئة الاستراتيجية منذ كانون الثاني/يناير 2017. ومن وجهة النظر "الإسرائيلية"، من المهم أن يتجنب بايدن بسرعة فقدان النفوذ الاقتصادي على طهران الذي استمدته الولايات المتحدة من حملة الضغط القصوى التي قامت بها.

ومن وجهة نظر الرئيس الإيراني حسن روحاني، فإن تنصيب بايدن سيوفر للنظام فرصة، رغم صعوبة الاستفادة منها، لتحقيق توازن أكثر ملاءمة بين عدم ثقة طهران بواشنطن وحاجتها الماسة إلى تخفيف الضائقة الاقتصادية، التي طرحت العديد من التحديات بما في ذلك الاضطرابات المستمرة والمتفرقة. وقد تُغلق هذه النافذة للتوصل إلى اتفاق إذا فاز المرشح المتشدد في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في حزيران/يونيو 2021، ولكن ليس بالضرورة، لأن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قادر أيضاً، إن كان أقل ميلاً، على اتباع نهج عملي لتحسين الوضع الاقتصادي الإيراني من خلال تخفيف العقوبات.

عند النظر في العوامل التي تؤثر على صنع القرار الإيراني، يبدو أن معضلة النظام ستتفاقم مع مرور الوقت إذا تجنبت إدارة بايدن التسرع في عكس سياسة الضغط القصوى. إن سعي إيران إلى تحسين حالتها الاقتصادية ينبغي أن يوجه النهج الأمريكي المقيّد لتحفيز إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات. ومن الضروري اتخاذ تدابير صغيرة لبناء الثقة، مثل موافقة صندوق النقد الدولي أو البلدان الأوروبية على تقديم قرض لإيران، يقدم خطوط ائتمان محدودة، من أجل استئناف المحادثات؛ وتوفر جائحة "COVID-19" سياقاً لتقديم هذه الإيماءات على أنها إنسانية في طبيعتها وليست تنازلات طويلة الأمد تقلل من نفوذ واشنطن التفاوضي.

ينبغي على "إسرائيل" أن تبدأ في أقرب وقت ممكن في تنسيق المواقف بشأن إيران ومناقشة المصالح الأساسية لكل من الدولتين مع إدارة بايدن القادمة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الحكومة "الإسرائيلية" تجنب السعي للاستفادة من الخدمات الرمزية التي قدّمتها إدارة ترامب في اللحظة الأخيرة، والتي من شأنها أن تغذي العداء والشك من قبل الحزب الديمقراطي. وعلى الرغم من التأخير في القيام بذلك، كان الاعتراف بفوز بايدن في الانتخابات خطوة مهمة من جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتجنب تسميم علاقة "إسرائيل" مع البيت الأبيض الجديد بشكل استباقي - لكن تحدي نتنياهو اللاحق والعلني هو عودة بايدن المزمعة إلى اتفاق عام 2015 الذي يمهد الطريق لعلاقة متوترة بين الطرفين.

سيكون المهم، من وجهة نظر "إسرائيل"، أن توضح الحكومة الأمريكية لإيران أنها لن ترفع جميع العقوبات التي أعيد فرضها قبل التوصل إلى اتفاق جديد ومحسّن يتضمن تنازلات إضافية من إيران. حيث ستطلب "إسرائيل" من إدارة بايدن تركيز الجزء الأكبر من جهودها على المسألة النووية: تمديد القيود المفروضة على نوعية وكمية أجهزة الطرد المركزي والمواد الانشطارية المخزونة بحيث لا تبدأ صلاحيتها في الانتهاء في غضون خمس سنوات، وتقييد البحث والتطوير على أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وتنفيذ نظام تفتيش أكثر تدخلاً.

ومن المؤكد أن "إسرائيل" ستسعى أيضاً إلى التوصل إلى اتفاق يتضمن فرض قيود على برنامج إيران الصاروخي والنشاط المزعزع للاستقرار في المنطقة، لكن سد الثغرات النووية في اتفاق عام 2015 هو الأولوية الرئيسة بالنسبة لـ "إسرائيل"، ولا ينبغي أن تعتمد إمكانية القيام بذلك على التوصل إلى تفاهم بشأن المسائل غير النووية (التي يمكن التعامل معها على مسارات متوازية، كما اقترح سوليفان).

كما ينبغي أن تعود عبارة "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" إلى الخطاب حول البرنامج النووي الإيراني. وقد استخدم هذا النهج خلال عهد أوباما لتكثيف تصور إيران للمخاطرة المترتبة لفشلها في التوصل إلى اتفاق، وسيستفيد بايدن كثيراً من اعتماد هذا النهج كرئيس بينما يتخذ خطوات لإثبات أن مثل هذا الكلام هو أكثر من مجرد خطاب.

وتشير التجارب السابقة إلى أنه على الرغم من ازدراء المرشد الأعلى الإيراني للولايات المتحدة وعدم ثقته بها، إلا أنه يدرك أيضاً المخاطر المصحوبة بخطوات استفزازية مفرطة يمكن أن تدفع العلاقة بين البلدين إلى مستويات متدنية جديدة قابلة للاشتعال. وحتى لو توصل المفاوضون الإيرانيون إلى صفقة صعبة، فإنهم سيسعون في نهاية المطاف إلى تجنب سيناريو يستمر فيه تدهور وضعهم الداخلي، ولا شك أنهم سيتخذون الخطوات اللازمة لتجنب الخطر الوجودي الذي يشكله الصراع العسكري مع الولايات المتحدة.

وإذا فشلت الإدارة الأمريكية الجديدة في أخذ مخاوف "إسرائيل" بشأن البرنامج النووي الإيراني في الاعتبار، يمكننا أن نتوقع عودة نموذج التوتر الذي اتسمت به العلاقات بين أوباما ونتنياهو، فضلاً عن زيادة الرغبة "الإسرائيلية" في التصرف بشكل مستقل من أجل منع إيران من الوصول إلى العتبة النووية. ونظراً للعلاقات الوثيقة بين البلدين والكم الهائل من التداخل بين وجهات نظرهما بشأن المسألة النووية الإيرانية، فإن هذا السيناريو ستحوذ على مصلحة ومسؤولية الطرفين لمنع تطوره.

وعلى الرغم من استعداد بايدن الواضح للانضمام مجدداً إلى الاتفاق النووي، لا ينبغي لـ "إسرائيل"، بل ومن المرجح ألا تحجم عن إبداء مخاوفها بشأن ثغرات اتفاق عام 2015. وفي حين أن الاتفاق كان معيباً بالتأكيد، إلا أنه وفر وقتاً كان يمكن أن تستخدمه الحكومتان الأمريكية و "الإسرائيلية" لإعداد حلول للبنود المؤجلة والثغرات في الاتفاق – وهي الاستعدادات التي تم إهمالها حتى الآن على الرغم من حقيقة أن البرنامج النووي الإيراني قد تقدم الآن إلى ما هو أبعد مما سمح به اتفاق عام 2015.

 ولم تحقق إدارة ترامب الصفقة الأفضل التي وعدت بها، لكنها فتحت الباب لتصحيح عيوب الاتفاق - ببساطة إغلاق هذا الباب بدلاً من الاستفادة القصوى من النفوذ الأمريكي لن يحل هذه القضية.