السبت  10 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

رمضان الضيف المرحب به دائماً في مخيمات لبنان

2014-07-08 01:23:52 PM
رمضان الضيف المرحب به دائماً في مخيمات لبنان
صورة ارشيفية

لبنان– مصطفى أبو حرب

لشهر رمضان ميزة عند جميع المسلمين، إلا أن ما يميزه عندنا كعائلات فلسطينية في مخيمات الشتات، هو اجتماع العائلات مع بعضها طيلة أيام الشهر على موائد الإفطار، وهذه العادة ليست جديدة، وإنما هي متوارثة عن الآباء والأجداد.

لقد جمعت الموائد الرمضانية الأهل يوم كان الكل يشكو من الفاقة والعوز أيام التهجير الأولى، حيث كان يأتي كل واحد من أفراد الأسرة المتزوجين بطعامه، ويضعه على «السدر” في بيت الوالد فتتنوع الأطعمة وبشكل تعاوني يجعل من الجميع متساوين، لا يشعر أحد منهم بالتقصير، وذلك رغم وجود الجميع في منزل الوالد، إلا أنهم جميعاً، أولاداً وأحفاداً، يتناوبون على الخدمة والمساعدة في إعداد الموائد وتقديم الطعام.

تقاليد لاوجود لها إلا في رمضان 

ولهذا الشهر علامات فارقة قد لا تجدها في أي شهر آخر من السنة، فلا وجود للمسحراتي بصوته الشجي وعباراته المتميزة (يا نايم وحد الدايم) إلا في هذا الشهر. ثلاثون ليلة يصدح بها المسحراتي منبهاً العباد من أجل القيام لعبادة رب العباد، وفي المخيمات ترى المسحر ينادي العائلات بأسمائها فترى الأضواء قد أشعلت في كل بيت يمر بالقرب منه، وكأنه شمس ليل تضيء نجوماً إذا ما لامستها.

وهناك الكثير من الطقوس والعادات، ومنها أن العديد من العائلات تخرج في رحلات يسمونها بسيران رمضان قبل بدء الصوم بأيام، وذلك من أجل الترويح عن النفس والتفرغ لشهر الصوم، حيث يداومون على الجلوس في المساجد بعد صلاة العصر، لقراءة القرآن الكريم، وقبل الذهاب إلى البيت يمرون في الأسواق لشراء ما يلزم للبيت، وخاصة العصائر والحلويات، ومن أهم ما يمتاز به شهر رمضان، هو صلاة التراويح، حيث تغص المساجد بالمصلين شيباً وشباباً ويافعين ونساء، وتملتئ الشوارع بحركة غير اعتيادية طيلة أيام شهر رمضان، وتعم الأفراح كل البيوت فقيرة كانت أو ميسورة، لأن كل يتصرف حسب طاقته، ولكنه لا يفوت فرحة الاستفادة من ميزة روحانية وقيمة هذا الشهر الفضيل.

يتغير الحال في المخيم مع قدوم شهر رمضان فتضيق الشوارع بالزوار والمارة والمتبضعين، وكان البيوت قد فرغت من مؤونتها، والكل يريد أن يشتري كل ما يحتاج إليه قبل رمضان بيوم واحد، وأهم ما يلفت الانتباه، تهافت الناس على شراء الحلويات   وتحديداً البصمة وورد الشام والمعكرونة، هذه الحلويات التي لا تصنع إلا في هذا الشهر الكريم، والعصائر وكأنها سمة رمضان الحلو والجلاب والتمر هندي.

أعشق شهر رمضان وأنتظره من العام إلى العام 

السيدة أم محمد، ربة منزل تقول بأنها تنتظر شهر رمضان منذ انتهاء آخر يوم فيه، ومن العام إلى العام، وهي تعيش حالة عشق لهذا الشهر الكريم، لأنه يقرب الناس من بعض، فتنتفى البغضاء وتزول كل المشاكل والأحقاد، لأنه شهر مليء بالروحانيات ونفحات القرآن والصلاة على الرسول. وتضيف بأن عائلتها تجتمع كل يوم على مائدة الإفطار طيلة أيام الشهر، أولادها المتزوجون يحضرون مع أزوجاهم وأولادهم وتكون جمعة لا مثيل لها، أكثر من عشرين فرداً على مائدة واحدة طيلة 30 يوماً نلتقي على المحبة ونفترق على طاعة الله.

وتضيف بأن عائلتها تبدأ بالتحضيرات قبل بدء شهر الصوم بأيام، حيث يتم شراء العصائر وتحضر الحلويات الخاصة بهذا الشهر.

آمال الحلو، رئيسة جمعية الرعاية والتنمية الأسرية تقول إن هناك العديد من المؤسسات التي تعنى بتوزيع المساعدات العينية والمادية، وإقامة موائد الإفطار للأيتام والمحتاجين، وهذه المؤسسات تقدم المساعدات عبر جمعيات وشخصيات من أبناء المخيمات، فاتحاد شباب فلسطين يوزع كسوة العيد لأطفال مخيمات الشتات، واتحاد الشباب الفلسطيني الأسترالي يقيم موائد إفطار في كل مخيمات لبنان، وهناك شخصيات فلسطينية في بلاد الاغتراب ترسل أموالاً من أجل مساعدة بعض العائلات المحتاجة، بالإضافة إلى اتحاد المرأة الفلسطينية، وعدد من التنظيمات الفلسطينية، إلا أن هذا كله لا يكفي في ظل وجود معاناة نزوح من مخيمات سوريا، والاحتياجات تتزايد ككرة الثلج المتدحرجة، إلا أننا كعاملين في الشأن العام، نسعى بكل جهد من أجل توفير ما يلزم للعائلات المحتاجة والأطفال الأيتام، كي يكونوا مسرورين بقدوم شهر رمضان المبارك.

نعمل جاهدين من أجل تأمين المساعدات للمحتاجين 

المهندس إبراهيم الحسن، أحد فعاليات مخيم البداوي يقول بأن شهر رمضان شهر خير وبركة، فيه تلتقي الإرادات الخيرة، وتمتد موائد الرحمن للمحتاجين والفقراء،  وتقدم فيه الأعطيات طمعاً في الأجر والثواب من رب العباد، ويتابع الأستاذ ابراهيم بأن هناك العديد من الأصدقاء في بلاد الاغتراب ممن يرسلون إليه الأموال لتوزيعها على الفقراء والأيتام والمرضى والمحتاجين من أبناء المخيمات، خاصة في ظل تنامي حالة اللجوء من مخيمات سوريا، ووجود أعداد كبيرة من الأشخاص المحتاجين للمساعدة، ونحن نعمل قبل شهر رمضان بأشهر من أجل تذكير الأخوة الذين نتصل بهم من أجل تحريضهم على البذل والعطاء، لأن هناك من يحتاج ولو إلى القليل كي يستمر، لأنه لا يملك شيئاً، وأصدقك القول بأن هناك عائلات لاتجد قوت يومها، وتتعفف ولكن الله يسر لنا جميعاً سبل التواصل والقيام بما يلزم، لتوفير الإفطارات والمساعدات لهذه العائلات.  

شهر رمضان فيه توصل الأرحام وتتزاور العائلات 

الأستاذ محمد السيد يقول بأن العائلات الفلسطينية تحرص على صلة الأرحام والتزاور في هذا الشهر الفضيل، وتراها فرصة لكي يتصالح المتخاصمون وتتآلف القلوب. 

ويضيف السيد، بأن هناك ضائقة مادية يعاني منها الفلسطينيون نتيجة عدم توفر فرص العمل ومزاحمة العمالة السورية، مما يضعف قدرة رب الأسرة لتأمين كل ما يلزم لمائدة شهر رمضان ذات الطقوس الخاصة، فسُفرة رمضان دون صحن التبولة أو الكبة النيئة والبطاطا المقلية عداك عن الصحن الأساسي، ومن الضروري وجود الحلويات والعصائر والفواكه، وكل ذلك يشكل عبئاً مادياً على رب الأسرة إن كان لا يعمل.

تزدحم الأسواق رغم ارتفاع الأسعار في هذا الشهر الكريم

 

عبد خلايلي، تاجر، يقول بأن الأسواق تزدحم بالمتسوقين الذين يريدون شراء حاجياتهم رغم ارتفاع الأسعار، وبطريقة ملفتة، خاصة قبل بدء شهر رمضان وأثنائه، إلا أن أرباب العائلات يشترون ما يحتاجون إليه، رغم ارتفاع الأسعار وسط معاناة حقيقية بسبب عدم توفر سبل العمل للعديدين، مما يؤثر سلباً على قدرتهم الشرائية، إلا أن أجواء رمضان تبقى عامرة رغم كل الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية لأنه شهر رحمة وتآخي وتآلف.