السبت  10 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ليالي رمضان في لبنان

2014-07-08 01:31:12 PM
ليالي رمضان في لبنان
صورة ارشيفية

لبنان– مصطفى أبو حرب

في لبنان كل شيء مختلف، حتى أيام شهر رمضان تراها «غير شكل»، ففي النهار تمتلئ، وقد تحولت الأسواق أشبه بساحات الأعياد، مزينة بالفوانيس المضاءة، تعج بالمتسوقين الذين يسارعون للتبضع والهرب من حرارة الشمس والعودة مسريعين إلى بيوتهم، حيث تزدحم الشوارع في ساعات ما قبل الإفطار، وهي التي كانت مكفهرّة طيلة ساعات النهار. وعندما يضرب مدفع الإفطار إيذاناً بدخول موعد الإفطار، تفرغ الشوارع ليذهب كل إلى مقصده، فترى البيوت قد امتلأت بأهلها، وموائد الإفطار أيضاً في المساجد والجمعيات، قد امتلأت بروادها من الفقراء والأيتام والمحتاجين.

ولكن لا تسل عن سهرات وأمسيات رمضان في لبنان، فكل الشوارع تضاء وتنتشر الخيم الرمضانية التي تبدأ بتقديم الإفطار، ويستمر فيها السهر حتى تقديم السحور وأذان الفجر. في الخيم الرمضانية تقدم الأطعمة والمشروبات والأراجيل، ويصدح المغنون والمطربون بأغان من روح التراث، ويجتمع الأصدقاء والأصحاب لساعات، طيلة شهر رمضان. 

أمسيات شهر رمضان في لبنان، لا يماثلها ولا يجاريها شيء من الذوق والأناقة والخدمة المميزة، حيث يشعر كل ضيف في هذه الخيام بأنه المفضل والأهم بين كل الضيوف، وهناك ميزة لخيم أمسيات رمضان في لبنان، وهي أنها تقدم الأطعمة اللبنانية والمقبلات الرمضانية الخاصة والحلويات والعصائر التي قد لا تجدها في أيام أخرى بعد انقضاء شهر رمضان، لذلك تجد رواد السهر من كافة الطوائف والمذاهب يجتمعون للإفادة مما تقدمه المطاعم والخيام في شهر رمضان.

وأما وسط المدينة أو ما يسمى بـ “الداون تاون» فهناك يحلو السهر، حيث أنك لا تستطيع أن تجد مقعداً واحداً أو طاولة فارغة، وتمتزج الألوان مع الضحكات مع النكات والتعليقات، وترتفع شاشات عملاقة تنقل مباريات كأس العالم وينقسم الحضور وسط مؤيد ومتحمس.

 وبين المقاهي والخيام الرمضانية، ترى العديد من الشباب والفتيات يتمشون ويتلهون على كورنيش الروشة والرملة البيضاء، يأكلون العرانيس أو يشربون أكواباً من العصير، على الماشي، وعلى الطرقات تجد الشبان يجلسون مجموعات يدخنون الأرجيلة ويشربون القهوة بعيداً عن ترف السهر في الخيام والمقاهي الليلية، بمعنى آخر اللبناني يسعى وراء السهر والفرح، ولو بقليل التكلفة، ومبتعداً عن البذخ لأسباب عدة، منها الضائقة الاقتصادية.

أحمد، يقول بأنه يخرج كل يوم بعد أداء صلاة التراويح ليسهر مع رفاقه أمام صخرة الروشة على الكورنيش حاملاً معه كرسيه وأرجيلته، ويقضي ساعات من السهر متأملاً البحر ناظراً إلى السماء، لعله يلحق بما تخبئ له الأقدار، لأن أقصى أمنياته أن يترك البلد وأن يسافر إلى ما خلف البحار.

ويضيف أحمد أنه لا يعود إلى المنزل، إلا مع تكبيرات مؤذن الفجر ليضع أغراضه ثم يذهب ليصلي ويعود أدراجه إلى البيت كي ينام، ويصحو بعد أذان العصر منتظراً الإفطار، لكي يعود إلى ما كان عليه في اليوم السابق من سهر ولقاء مع الأصحاب.

ولكن الكل يسهر كأحمد، لينتظر مجيء موعد السحور وأذان الفجر ليعود الجميع من أجل يوم جديد من الصيام والعمل بانتظار مدفع الإفطار.

وإذا سألت أي فرد يقول لك: «ما في شيء بيستاهل، خلينا نعيش»، ولهذه المقولة أسبابها، أن غالبية الشباب اللبناني لا يريد التفكير بما هو آتٍ، وإنما يريد أن يعيش اللحظة التي، حسب مفهومه، قد لا تتكرر.

 

في أمسيات شهر رمضان، الكل يقول أن الشمس تسهر معنا في بيروت، فلا يجوز أن نترك الشمس تسهر وحدها ونذهب إلى البيوت، هذه مقولة يرددها الكبير والصغير من أهالي العاصمة اللبنانية، تجعل منها مأهولة ليلاً ونهاراً.