الحدث العربي والدولي
واجهت اليونان أحد أعلى الأسابيع حرارة على الإطلاق، مع اجتياح موجة حر شديدة معظم أرجاء جنوب أوروبا أشعلت حرائق غابات على مساحات واسعة. وسجل «المرصد الوطني لخدمة الطقس» في أثينا، الاثنين، أعلى درجة حرارة جرى تسجيلها رسمياً على الإطلاق في البلاد بـ46.3 درجة مئوية (115.3 فهرنهايت)، في منطقة فثيوتيس بوسط البلاد. ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة إلى 113 درجة فهرنهايت في أثينا هذا الأسبوع، وتجاوزها 115 درجة في أجزاء من وسط اليونان، وفقاً لما أعلنته «خدمة الأرصاد الجوية الوطنية» في البلاد.
وأعلن رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاثنين، أن البلاد تواجه «أسوأ موجة حر منذ عام 1987»، مشيراً إلى أن السلطات تبذل «كل ما في وسعها» لتأمين إمدادات كافية من الكهرباء. وناشد المواطنين الحد من استخدامهم الكهرباء خلال الساعات المبكرة من الظهيرة وفي الليل لضمان استمرار عمل شبكة الكهرباء.
وفي حين أن العلماء لم يحددوا بعد صلة قوية بين هذا الوابل من درجات الحرارة الخانقة وظاهرة الاحتباس الحراري، إلا إن مثل هذه الصلة تتناسب مع الاتجاه العام. وتحدث موجات الحر في جميع أنحاء العالم في كثير من الأحيان وبكثافة أعلى مع تغير المناخ بسبب انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وكشفت أبحاث أنه بالنسبة لموجات الحرارة الكبرى في جميع أنحاء أوروبا في الصيف الأخير، كانت التغييرات المناخية عاملاً بارزاً بشكل كبير.
وقالت «خدمة الأرصاد الجوية» اليونانية إن موجة الحر الحالية تعدّ واحدة من أسوأ الموجات على مدار الأربعين عاماً الماضية. ومن المتوقع أن تنتهي الموجة الجمعة بعد 11 يوماً. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من ألف شخص لقوا مصرعهم في موجة حر استمرت 10 أيام اجتاحت اليونان عام 1987 وشهدت ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 111 درجة فهرنهايت في أثينا، العاصمة. أما أعلى درجة حرارة مسجلة لأثينا فكانت 112.6 درجة فهرنهايت، وسجلت عام 2007، وفقاً لـ«المرصد» الذي يمتلك سجلات تمتد لأكثر من 160 عاماً.
يذكر أنه في هذا الأسبوع، ناشد المسؤولون الأفراد الأكثر عرضة للخطر من جمهور المواطنين، خصوصاً كبار السن والحوامل، ضرورة تجنب مغادرة منازلهم. كما فتحت الحكومة مراكز تتوافر بها أجهزة تبريد للمشردين. وأعلنت وزارة الثقافة أن جميع المواقع الأثرية ستبقى مغلقة من الظهر حتى الساعة الـ5 مساءً حتى الجمعة. ومع ذلك، ظلت المتاحف مفتوحة، وجرى بث لقطات من طوابير طويلة من الناس ينتظرون خارج متحف «أكروبوليس» في العاصمة عبر شاشات التلفزيون اليوناني. وكانت هناك طوابير مماثلة في ميناء بيرايوس، حيث اصطف الركاب في انتظار عبارات إلى الجزر، وكانوا يجذبون من حين لآخر أقنعة وجوههم من أجل الشرب من زجاجات المياه أو استخدام مراوح يدوية لمحاولة ترطيب وجوههم.
من ناحية أخرى، ساد ميدان «سينتاغما» بوسط أثينا، الذي يعج عادة بالحشود، الهدوء النسبي، الثلاثاء، وتجمع السائحون تحت ظلال الأشجار أو غمسوا أيديهم في نافورة المياه التي تزين الميدان لترطيب أجسادهم. وتسببت موجة الحر والجفاف المصاحب لها في تأجيج العديد من حرائق الغابات في اليونان وأجزاء أخرى من جنوب أوروبا؛ بما فيها كرواتيا وإيطاليا وتركيا. وكان رجال الإطفاء اليونانيون يحاولون الثلاثاء إخماد حريق جديد شب في الغابات في وقت مبكر من بعد الظهر عند سفح جبل بارنيثا شمال أثينا، مما دفع بالمئات إلى الفرار من منازلهم. وجرى إخلاء قرية ومخيم أطفال وإغلاق جزء من الطريق السريعة القريبة أمام حركة المرور. أما الحرائق الأسوأ هذا الأسبوع فكانت من نصيب تركيا، حيث ناضل رجال الإطفاء لليوم السادس على التوالي لإخماد حرائق الغابات المشتعلة على طول الساحل الجنوبي للبلاد، التي أجبرت عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم.
وكانت الحرائق قد بدأت في الزحف على مناطق سكنية وتهديد محطة كهرباء. ولقي 8 أشخاص على الأقل حتفهم ودمرت منازل ومساحات شاسعة من أراضي الغابات، في الوقت الذي سمحت فيه الرياح القوية والجو الجاف للحرائق بالتوسع بسرعة. في هذا الصدد، قالت جولسين هاسيفلياجيل آيس، مراسلة التلفزيون التركي، في تصريحات لتلفزيون «هابر ترك»، الثلاثاء، أثناء تغطيتها التلفزيونية من مدينة مارماريس: «أجد صعوبة في التنفس، والطقس حار للغاية». وفي مقطع مصور نشر عبر حساب رئيس بلدية المدينة، محمد أقطاي، على «تويتر»، ظهر المسؤول يقف أمام متحدر من الأشجار المتفحمة وطالب بمزيد من الدعم في مكافحة الحرائق جواً. وقال: «رغم أننا كنا نطالب بمزيد من الدعم الجوي منذ البداية، فإنه لا تزال هناك حتى اليوم مروحية واحدة فقط، ولا توجد طائرات».
وتصاعدت ألسنة اللهب وأعمدة الدخان الرمادي خلف الفيلات البيضاء في بلدة ميلاس في لقطات تلفزيونية، الثلاثاء، وحذر المسؤولون من خطر وصول ألسنة اللهب إلى محطة كهرباء قريبة. وقال محمد توكات، عمدة البلدة، في منشور عبر «تويتر»: «نحن في مرحلة حرجة». يذكر أن الحرائق المستعرة في تركيا أدت إلى إجلاء الآلاف من المنتجعات والقرى الساحلية، وأرسل الاتحاد الأوروبي طائرات لإسقاط المياه للمساعدة في جهود مكافحة الحرائق. وتعرضت الحكومة المركزية التركية لانتقادات على نطاق واسع بسبب مستوى استجابتها للكارثة؛ بما في ذلك استئجار طائرات من روسيا. من جانبه، اعترف الرئيس رجب طيب إردوغان بأن طائرات الدولة نفسها غير قادرة على وقف الحرائق. وفي سياق متصل، قال سوكورو دورموس، رئيس نقابة عمال الزراعة والغابات، إن الظروف الجوية القاسية مهدت الطريق لحرائق الغابات، لكن رداءة الاستجابة من قبل الحكومة التركية وعدم وجود تدابير احترازية أديا إلى تفاقم الوضع. أما في اليونان، فكانت أكبر الحرائق في شبه جزيرة بيلوبونيز الجنوبية وفي جزيرة رودس في جنوب بحر إيجه، قبالة الساحل التركي. وأعلنت السلطات، الاثنين، حالة الطوارئ في أجزاء من رودس بعد اندلاع حريق، الأحد، دمر مئات الأفدنة من الغابات ودفع إلى إخلاء قرى وقاعدة عسكرية ومحمية طبيعية. وقالت خدمة الإطفاء اليونانية إنه يجري الإبلاغ عن عشرات الحرائق يومياً. وأشار المسؤولون إلى وقوع 1584 حريقاً في يوليو (تموز)، مقارنة مع 953 في يوليو 2019. وعن ذلك، قال نيكوس هاردالياس، نائب وزير الحماية المدنية في البلاد، للتلفزيون اليوناني، الأحد: «لم نعد نتحدث عن التغييرات المناخية، وإنما عن تهديدات مناخية».
المصدر: الشرق الأوسط