السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

معركة من أجل إعادة التعريف: كفاح حطاب كأسير حرب في سجون "إسرائيل"

2023-09-08 02:26:43 PM
معركة من أجل إعادة التعريف: كفاح حطاب كأسير حرب في سجون
غلاف كتاب "كفاح كفاح"

 الحدث - محمد بدر

يخوض الأسير كفاح حطاب منذ اثنا عشر عاماً معركة شرسة مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لإلغاء تعريفه كأسير أمني وهو التوصيف الذي يطلقه الاحتلال على المعتقلين الفلسطينيين، إذ يطالب بإعادة تعريفه كأسير حرب ومقاتل من أجل الحرية. تبعات هذه المعركة على الأسير حطاب كما يروي في مقابلة أجرتها معه صحيفة الحدث من داخل سجون الاحتلال، وتحديدا في قسم 1 بسجن نفحة حيث يقبع الآن.

ويوضح الأسير حطاب أن فكرة تعريفه كأسير حرب خطرت له بينما كان في رحلة البوسطة خلال نقله من سجن لآخر عام 2005، حيث تفاجأ بأن في ذات البوسطة كان برفقته سجين إسرائيلي يدعى بني سيلع وهو من الأشخاص الذين تحولوا إلى قضية رأي عام في دولة الاحتلال بسبب كثرة قضايا الاغتصاب المتهم بها، إذ كانت هذه المفارقة بالنسبة له صادمة وهي الاجتماع مع مجرم بهذه المواصفات في ذات المكان وتحت نفس الظروف والشروط.

ويضيف في مقابلة مع "صحيفة الحدث" أنه بدأ التفكير بهذه المفارقة، حيث أن الأسير الفلسطيني يقاوم من أجل الحرية لكن الإجراءات والقوانين الإسرائيلية التي جمعته مع مستوطنين ومجرمين تهدف بالأساس لإنكار البعد السياسي والوطني بقضيته ومعاملته كمجرم، وحتى وصف أسير أمني مجرد من أي تعبير وطني أو أخلاقي.

ويبين أن الخطوة العملية الأولى لتعريفه كأسير حرب تمثلت في تقديمه طلبا لإدارة سجن هداريم فحواه أنه يرفض أن يكون مع المجرمين الجنائيين بذات البوسطة، وعلى إثر هذه الرسالة تم نقله من سجن هداريم شمالاً إلى سجن نفحة جنوباً، فيما لم ترد إدارة مصلحة السجون على طلبه نهائياً.

وقرر الأسير حطاب خلال وجوده في سجن نفحة، قرع الجرس بقوة فيما يتعلق بتعريفه كأسير حرب وذلك باللجوء إلى خيار التمرد على أنظمة وقوانين مصلحة السجون، وقد وجه رسالتين مع بدء هذه المعركة، الأولى كانت لإدارة مصلحة السجون طلب فيها الاعتراف به كأسير حرب معلناً رفضه لظروف وشروط اعتقاله.

 أما الرسالة الثانية فكانت للشعب الفلسطيني أشار فيها إلى أن الاحتلال يمارس حرب مصطلحات في إطار كي الوعي ويندرج في إطار ذلك تعريف الأسير الفلسطيني كأسير أمني ووضع الأسير في ظروف منافية للقانون الدولي وأسرى الحرية.

تمزيق الملابس.. كخطوة أولى

وبدأ الأسير حطاب تمرده على قوانين وأنظمة مصلحة السجون بتاريخ 17 نيسان/ إبريل 2011، حيث قام بتمزيق الملابس الخاصة بالأسير وهي ملابس يجبر الأسير على لبسها خلال تنقله وزيارته لعائلته. فيما يكشف عن أول حوار دار بينه وبين ضابط إدارة مصلحة السجون حول القرار الذي قامت باتخاذه، حيث أكد على أنه طيار فلسطيني صاحب مشروع تحرر ويرفض كل القوانين والأنظمة المفروضة عليه في اعتقاله.

وخلال هذه المعركة التي بدأت قبل 12 عاما تقريبا، أمضى الأسير حطاب حوالي عامين مضربا عن الطعام بشكل متقطع، وتعرض خلال تلك الفترة للضرب والتنكيل وحتى التهديد بالاغتصاب، وكذلك العزل في الزنازين وجملة من الإجراءات الانتقامية.

ويكشف الأسير حطاب أن إدارة مصلحة السجون عرضت عليه منحه زيادة في وقت زيارة الأهل لتصبح ساعة ونصف بدل 45 دقيقة على أن تكون الزيارة مفتوحة بدون إي حاجز زجاجي كما في حالة الأسرى الآخرين، وكذلك إلغاء الغرامات المفروضة عليه والتي وصلت إلى 88 ألف شيقل، وإدخال كل ما يطلبه من الخارج ما عدا الأشياء التي تمس بالأمن حسب التوصيف الإسرائيلي، وأن يصبح قرار تنقله من سجن إلى آخر مرهوناً بطلب شخصي منه، في مقابل قبوله بارتداء لباس السجن خلال زيارة الأهل، لكنه رفض كل ذلك وشدد على حقه في تعريفه كأسير حرب وهو ما رفضته إدارة مصلحة السجون وبدأت بحملة قمع بحقه لثنيه عن مطالبته التي ما زال مصراً عليها حتى تاريخ إجراء هذه المقابلة في 6 يوليو 2023.

وبحسب الأسير حطاب فهو ممنوعٌ من زيارة الأهل منذ 12 عاماً بسبب موقفه هذا حيث أن زيارته لأهله مشروطة بارتدائه ملابس السجن وهو ما يرفضه، وهذا ما خلق فجوة بينه وبين عائلته التي طلبت منه بعدة رسائل أن يتراجع عن موقفه لحاجتهم لرؤيته والاطمئنان عليه، لكنه أصر على أن حقه يتمثل في تعريفه كأسير حرب وهذا الموقف هو مدرك له أكثر من غيره.

لكن أقسى ما واجهه الأسير حطاب في معركته هذه، هو تنكر بعض قيادات الحركة الأسيرة له، كما يقول، فقد وصل الحد ببعضهم إلى رفض القبول به داخل الأقسام، وهذا ما جرى معه داخل سجن نفحة في أحد الأعوام، فقد رفض ممثل المعتقل استقباله لأن خطواته "تسبب المتاعب" وقد تنعكس على مجمل الأسرى معه في القسم، إذا ما قررت إدارة مصلحة السجون الضغط على محيطه من أجل إجباره على التراجع عن خطوته.

ويروي الأسير حطاب قصة حصلت معه في سجن نفحة، إذ أن إدارة مصلحة السجون كانت تنقله يوميا من الصباح حتى المساء لغرف "الأمتناه" (زنازين الانتظار) وذلك بسبب عدم وقوفه لـ"العدد". لكن في أحد الأيام تأخر الضابط الذي يعيده للقسم مساءً، ليتبين لاحقا أن ممثل القسم طلب عدم إعادته، وأرسل له أغراضه ومقتنياته. عن ذلك يقول حطاب: لقد آلمني هذا الموقف، وحطّم بداخلي الكثير، حينما أبلغني الضابط الإسرائيلي قائلا إنهم لا يريدوك لديهم.

رسائل ما قبل بدء المعركة

ترفق الحدث في هذه المقابلة، رسالة وجهها للشعب الفلسطيني مع بدء معركته لإعادة تعريفه، وقد وردت في كتابه "كفاح كفاح"، وجاء فيها:

يا جماهير شعبي الفلسطيني العظيم..

أنا ابنكم الأسير الطيار كفاح حطاب، وانطلاقا من شعوري بالمسؤولية التاريخية لأجل النضال ولتصويب المكانة والمسمى القانوني لنا كأسرى حرب وحرية خلافا لما تصنفنا به حكومة الاحتلال ومحاكمها بأننا مجرمين وقتلة وخارجين عن القانون، وهو ما يتنافى ويتناقض مع الشرائع والقوانين الدولية لا سيما البند الثالث من اتفاقية جنيف الرابعة القاضي بحق الشعوب في النضال من أجل الحرية، ما قد كفلته. لذا أعلن تحرري على أنظمة وقوانين مصلحة السجون حتى يتم التعامل معنا كأسرى حرب وحرية، والله المستعان. عشتم وعاشت فلسطين حرة عربية.

أما الرسالة الأخرى، فقد كانت لإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، وكانت كالتالي:

رئيس مصلحة السجون الإسرائيلية "الشاباص"

أتوجه إليكم بكتابي هذا لأجل التعامل معي كأسير حرب وحرية، وكما أعلن تحرري على جميع القوانين والأنظمة في مؤسستكم، حيث أنها مؤسسة تعنى بالأسرى المجرمين والخارجين عن القانون وليس بأسرى الحرية والمناضلين، وليست المكان الملائم والقانوني حسب لوائح اتفاقيات جنيف الخاصة بأسرى الحرب.. التوقيع: أسير حرب وحرية/كابتن طيار كفاح حطاب.. 17.4.2011.

من هو كفاح حطاب؟

يشار إلى أن الأسير كفاح حطاب من مواليد 1960، متزوج وله ولدان (ابن وبنت)، وانتمى إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" عام 1978، وعمل في إطار قوات الصاعقة وقاتل في جنوب لبنان، كما عمل لاحقاً في سرب النقل الجوي الخاص في الرئيس ياسر عرفات.

 ودرس الأسير خطاب في يوغسلافيا في كلية الطيران الحربي وتخرج 1985، وفي عام 1994 عاد إلى فلسطين واعتقله الاحتلال في شهر يونيو 2003 بعد محاصرة منزله في طولكرم وحكم عليه بالسجن بالمؤبد مرتين، وصدر له خلال الشهر الجاري كتاب بعنوان "كفاح كفاح.. أسير حرب في السجون الإسرائيلية"، عن تجربته الشخصية وقد كتبه على مدار أربع سنوات.