الخميس  01 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"ماس" تدعوا إلى ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية شاملة متعددة المستويات لدعم النساء الفلسطينيات العاملات في المستوطنات

2025-04-30 03:47:44 PM

الحدث الاقتصادي

عقد اليوم في مقر معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) ورشة عمل لمناقشة وعرض دراسة "التشخيص الاقتصادي لمستويات الدخل والفقر لدى النساء الفلسطينيات العاملات في المستوطنات الإسرائيلية" بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم. أعدت الدراسة الباحثة وفاء البيطاوي، وعقب عليها كل من السيدة اخلاص حامد، باحثة اقتصادية من وزارة شؤون المرأة و السيدة بسمة حامد، مديرة برنامج التمكين الاقتصادي، جمعية المرأة العاملة الفلسطينينة للتنمية.

افتتح الورشة منسق البحوث في المعهد د. سامح حلاق مرحباً بالحضور ومشيراً إلى أن أهمية الدراسة تنبع من خطورة ظاهرة عمل النساء الفلسطينيات في المستوطنات الإسرائيلية، وما يرافقها من انتهاكات جسيمة لحقوقهن، بما فيها ظروف عمل قاسية. وتأتي هذه الدراسة بدعم من مؤسسة الاوكسفام ضمن مشروع أعده المعهد مؤخرا حول تقييم الأثار الاقتصادية والديمغرافية للاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة بدعم من قبل المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات.

 

وفي عرضها للدراسة بينت الباحثة البيطاوي أن الدراسة تهدف إلى تشخيص مستويات الدخل والفقر بين النساء الفلسطينيات العاملات في المستوطنات الإسرائيلية، وتحليلها اقتصادياً. توضيح أثر عمل النساء في المستوطنات على دخل أسرهن ومستويات معيشتهن، إضافة إلى تحديد تكلفة الفرصة الضائعة على الاقتصاد الفلسطيني جراء خروج هذه العمالة النسوية من السوق المحلي. وبينت البيطاوي أن الدراسة ركزت على عينة من عدة قرى في الأغوار الجنوبية منها (الجفتلك والزبيدات والنويعمة والديوك الفوقا) لتقديم نظرة معمقة على الظاهرة. شملت الأهداف تحليل الخصائص الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية لهؤلاء النساء، وتقييم مهاراتهن وخبراتهن، وفهم تصوراتهن تجاه العمل في المستوطنات مقابل العمل في السوق المحلي.

الدوافع والتحديات:

اكدت الباحثة أن الدراسة تظهر أن المحرك الأول لعمل النساء في المستوطنات هو السعي لتحسين الدخل في ظل الفقر وقلة الفرص المحلية،  وبينت أنه رغم علم هذه النساء العاملات للظروف الاستغلالية التي يعانين منها داخل المستوطنات، مثل بيئة العمل غير الآمنة وغياب الحقوق، إلا أنهن يواجهن عقبات متعددة تحول دون ترك هذا الخيار، ابرزها ضعف التأهيل والتعليم، وغياب الدعم المؤسسي ووجود عوائق اجتماعية، مما يجعلهن عالقات في دائرة العمل بالمستوطنات لعدم توفر بديل واقعي يلبي حاجاتهن المعيشية.

 

البدائل المقترحة لتحسين عمل النساء في الاقتصاد المحلي

تقترح الورقة عدداً من البدائل لتمكين النساء اقتصاديًا في قراهن وتوفير فرص عمل محلية مستدامة. أبرزها تنشيط الزراعة المحلية والصناعات الغذائية الريفية التي تمتلك فيها النساء خبرة، وذلك من خلال توسيع زراعة المحاصيل ذات الجدوى (كالتمور والأعشاب) وتأسيس تعاونيات زراعية نسوية تعزز إنتاج وتسويق هذه المنتجات. كما توصي بإنشاء مشاريع صغيرة للتصنيع الغذائي والحرف التقليدية (مثل تعبئة التمور وتجفيف الأعشاب وصناعة المربيات والمخبوزات)، مع دعم تسويقها محليًا وخارجيًا. وتشجع الورقة على الاستفادة من مقومات السياحة الريفية في توفير وظائف للنساء (كإدارة بيوت ضيافة ومطابخ منزلية للسياح)، إضافة إلى تمكينهن من فتح مشاريع خدمية تلبي احتياجات مجتمعهن (مثل صالونات التجميل والخياطة) عبر التدريب وتسهيل التمويل. ولكي تنجح هذه البدائل، تؤكد الورقة ضرورة دعمها حكومياً ومجتمعياً، من خلال تحسين البنية التحتية والخدمات في القرى، وتوفير التمويل والإرشاد المستمر، وتقديم حوافز لجذب الاستثمارات المحلية. بهذه الخطوات يمكن ضمان استمرارية تلك المشاريع وزيادة قدرتها على استيعاب النساء بعيداً عن العمل في المستوطنات.

 

وفي تعقيبها، دعت حامد إلى أهمية توحيد الجهود نحو حلول نوعية ومستدامة لمعالجة ظاهرة عمل النساء الفلسطينيات في المستوطنات، مشددة على ضرورة النظر بجدية إلى التكلفة الاجتماعية لهذا النوع من العمل، وبينت أن هناك تدخلات من قبل وزارة المرأة لم تقتصر على المستوطنات الزراعية فحسب، بل شملت برامج متكاملة لتزويد النساء بمهارات جديدة في قطاع الزراعة كأولوية استراتيجية، إلى جانب العمل على دمج النساء في إجراءات تنقلهم من القطاع غير المنظم إلى القطاع المنظم، كما لفتت إلى جهود الوزارة في تعزيز الشمول المالي للمرأة، من خلال رفع الوعي بأهمية تسجيل وامتلاك الأراضي، فضلا عن دعم المبادرات النسوية عبر توجيه النساء نحو العمل التعاوني وتمكينهن من إنشاء مشاريع إنتاجية مستدامة.

بدوره أشاد المدير العام في مداخلته بالفريق البحثي على إنتاج هذا النوع من الدراسات التي تنم عن فهم عميق لطبيعة عمل المعهد وسياقاته الوطنية، مؤكدا أن الاستيطان يشكل منظومة خطيرة تتجاوز البعد الاقتصادي إلى تهديدات اجتماعية ووطنية واسعة، واعتبر أن التوصيات التي خلصت إليها الدراسة تشكل برنامج عمل متكامل يحمل أبعادا اجتماعية واقتصادية هامة، ويعد نموذجا لمفهوم "الانفكاك" الذي كثيرا ما يطرح دون خطوات تنفيذية واضحة من الجانب الفلسطيني. ودعا إلى إنشاء بدائل إنتاجية حقيقية في أماكن قريبة من تجمعات النساء، واقترح إطلاق مشروع نموذجي متكامل يمكن أن يحقق نتائج ملموسة تعزز صمود المرأة الفلسطينية، بتنسيق وتشبيك من وزارة شؤون المرأة المعنية قبل غيرها بالأمر.

بينما ركز الحضور على التحديات التي تواجهها هذه العاملات للعمل في السوق المحلي، وأن هذا الموضوع بحاجة إلى سياسة وطنية جادة لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي، ودعوا إلى توفير حماية قانونية لهذه العاملات.