الحدث الإسرائيلي
اعتبر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن إسرائيل تواجه خيارين استراتيجيين فيما يتعلق بقطاع غزة: الأول هو تنفيذ خطة “مركبات جدعون” التي تهدف إلى السيطرة الكاملة على القطاع وتفكيك حكم حماس، والثاني هو قبول المبادرة المصرية التي تدعو إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وتشكيل إدارة فلسطينية بديلة تحت إشراف دولي. يُظهر التحليل الذي قدمه المعهد أن الخيار الأول قد يؤدي إلى تكاليف بشرية واقتصادية ودبلوماسية باهظة، بينما يوفر الخيار الثاني فرصة لتحقيق استقرار نسبي وإعادة بناء القطاع بمشاركة إقليمية ودولية.
تتضمن خطة “مركبات جدعون” تهجير سكان غزة إلى منطقة رفح لتسهيل السيطرة العسكرية. ويحذر المعهد الأمني الإسرائيلي من أن هذه الخطة قد تؤدي إلى مقتل الأسرى وفقدان معلومات عنهم، بالإضافة إلى خسائر في صفوف الجيش وتفاقم الانقسامات الداخلية. كما قد تؤثر سلبًا على فرص التطبيع مع السعودية وتزيد من المخاطر القانونية والدبلوماسية على إسرائيل.
في المقابل، تقترح المبادرة المصرية وقفًا لإطلاق النار وتبادل الأسرى وتشكيل إدارة تكنوقراطية فلسطينية في غزة، بدعم من الجامعة العربية والمجتمع الدولي. ويرى معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن هذه المبادرة قد تسهم في استقرار أمني وإعادة إعمار القطاع، وتفتح المجال لتوسيع اتفاقيات إبراهيم وتحقيق تطبيع مع السعودية، بالإضافة إلى تخفيف الأزمة السياسية والاجتماعية داخل إسرائيل.
يشير المعهد إلى أن تنفيذ خطة “مركبات جدعون” قد يستغرق شهورًا من العمليات العسكرية، تليها سنوات من الاحتلال المحدود، مما يزيد من إرهاق القوات الاحتياطية ويعمق الجدل العام حول أهداف الحرب وتكاليفها. كما أن هذه الخطة قد تؤدي إلى تعقيد العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل إدارة ترامب التي تركز على صفقات في الخليج ولا تظهر التزامًا قويًا بالمصالح الإسرائيلية.
من الناحية الاقتصادية، يتوقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن تكلف خطة “مركبات جدعون” إسرائيل حوالي 25 مليار شيقل سنويًا لتشغيل إدارة عسكرية وتقديم الخدمات الأساسية في غزة، في ظل تدمير البنية التحتية وانهيار الاقتصاد المحلي. في المقابل، تعتمد المبادرة المصرية على تمويل إقليمي ودولي لإعادة إعمار القطاع، مما يقلل من الأعباء المالية على إسرائيل.
على الصعيد القانوني، يحذر المعهد من أن الاحتلال المطول لغزة قد يزيد من تعرض إسرائيل للمساءلة القانونية الدولية، بينما توفر المبادرة المصرية إطارًا قانونيًا أكثر أمانًا من خلال نقل المسؤولية المدنية إلى جهات فلسطينية وعربية معتدلة تحت إشراف دولي. كما أن هذه المبادرة قد تسهم في تقليل الضغوط الدولية على إسرائيل وتحسين إدارتها للمخاطر في ساحات أخرى.
في الختام، يرى معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن الخيار بين خطة “مركبات جدعون” والمبادرة المصرية ليس بين “الخير المطلق والشر المطلق”، بل بين استراتيجية أحادية تسعى إلى نصر عسكري كامل بتكلفة عالية، واستراتيجية متعددة الأبعاد تقبل بنتائج عسكرية جزئية مقابل مكاسب دبلوماسية واقتصادية من خلال التعاون مع دول عربية معتدلة. ويؤكد المعهد أن القرار يجب أن يستند إلى تحديد أهداف إسرائيل الوطنية طويلة الأمد، بين رؤية “العيش الدائم بالسيف” ورؤية تحسين الوضع الاستراتيجي من خلال تعاون إقليمي أعمق واتفاقيات سياسية.