الخميس  31 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

شعبية نتنياهو تراجعت.. استطلاع للرأي يظهر تراجع التأييد بين الأمريكيين للحرب على غزة

2025-07-30 08:57:46 AM
شعبية نتنياهو تراجعت.. استطلاع للرأي يظهر تراجع التأييد بين الأمريكيين للحرب على غزة
نتنياهو

ترجمة الحدث

أظهر استطلاع جديد أجراه معهد “غالوب” ونُشر اليوم، أمس الثلاثاء، راجعًا حادًا في تأييد الرأي العام الأميركي للحرب التي يشنها جيش الاحتلال في قطاع غزة. ووفقًا للمعهد، الذي بدأ منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 متابعة مواقف الأميركيين من الحرب، فقد أيد آنذاك 50% من المستطلَعين الحرب في غزة، وهو الاستطلاع الوحيد منذ ذلك الحين الذي سجل فيه المؤيدون نسبة أعلى من المعارضين.

لكن منذ ذلك الوقت شهد التأييد تراجعًا تدريجيًا، فيما أظهر الاستطلاع الحالي، الذي أُجري بين 7 و21 يوليو/تموز الجاري، هبوطًا حادًا في هذا الدعم؛ إذ أعرب 60% من المستطلَعين عن معارضتهم للحرب، مقابل 32% فقط يؤيدونها. وبالمقارنة مع الاستطلاع السابق الذي أجري في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن نسبة المؤيدين انخفضت بمقدار 10%، في حين ارتفعت نسبة المعارضين بمقدار 12%.

أُجري الاستطلاع في الأيام التي بثت خلالها وسائل الإعلام حول العالم صورًا صادمة لأطفال يتضورون جوعًا في غزة، وهي صور زادت من حدة الضغط الدولي على “إسرائيل”. حتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب خالف أمس علنًا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مؤكدًا أنه لا يمكن “تزوير” مثل هذه الصور التي توثق المجاعة.

يُظهر استطلاع “غالوب” أن مستوى التأييد بين الجمهوريين ما زال مستقرًا، بل شهد ارتفاعًا مقارنة بالاستطلاع السابق في سبتمبر/أيلول الماضي، إذ ارتفع من 66% إلى 71%. لكن التراجع الحاد في التأييد يعود إلى انخفاض إضافي في دعم “إسرائيل” بين الأميركيين الذين يُعرّفون أنفسهم كديمقراطيين أو مستقلين. فقد هبطت نسبة التأييد بين الديمقراطيين من 24% إلى 8% فقط، كما شهدت شريحة المستقلين تراجعًا كبيرًا من 41% إلى 25%. وأكد معهد “غالوب” أن هذه الأرقام تمثل أدنى مستويات الدعم المسجلة لهاتين المجموعتين.

وأشارت وكالة الأنباء الأميركية “أسوشييتد برس”، التي نشرت نتائج الاستطلاع، إلى أنه – على الأقل بين الديمقراطيين – لا يُستبعد أن يكون جزء من هذا التراجع في التأييد ناتجًا عن انتقال الحكم من إدارة ديمقراطية بقيادة جو بايدن إلى إدارة جمهورية، رغم أن كثيرًا من الديمقراطيين كانوا غاضبين حتى في فترة بايدن من دعمه لـ”إسرائيل”. كما أكد الاستطلاع استمرار تراجع التأييد بين الأجيال الشابة؛ إذ أظهر أن واحدًا فقط من كل عشرة مشاركين دون سن 35 عامًا يؤيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، بينما تصل نسبة التأييد بين من هم فوق 55 عامًا إلى نحو 50%.

وأظهر الاستطلاع كذلك تراجعًا غير مسبوق منذ عقود في شعبية بنيامين نتنياهو داخل الولايات المتحدة؛ إذ قال 52% من المشاركين، في استطلاع أُجري خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن التي أجرى خلالها مقابلات عديدة مع الإعلام الأميركي، إن لديهم موقفًا سلبيًا تجاهه. ووفق “أسوشييتد برس”، تمثل هذه النسبة أدنى مستوى لشعبية نتنياهو منذ 28 عامًا، أي منذ بداية ولايته الأولى عام 1997. وأوضح الاستطلاع أن 29% فقط ينظرون إليه بشكل إيجابي، فيما أجاب 2 من كل 10 مشاركين بأنهم لا يملكون موقفًا محددًا أو لم يسمعوا عنه من قبل.

على الرغم من أن نتائج الاستطلاع المتعلقة ببنيامين نتنياهو لا تمثل تغيرًا دراماتيكيًا مقارنة بالاستطلاع السابق الذي أجراه معهد “غالوب”، فإنها تشير إلى استمرار تراجع شعبيته في أوساط الرأي العام الأميركي، رغم حرصه على الحفاظ على حضور إعلامي واسع في الولايات المتحدة. ففي استطلاع أُجري في ديسمبر/كانون الأول 2023، كانت لدى 47% من الأميركيين مواقف سلبية تجاهه، مقابل 33% عبّروا عن مواقف إيجابية. أما المرة الأخيرة التي أبدى فيها معظم الأميركيين موقفًا إيجابيًا من نتنياهو فكانت في أبريل/نيسان 2019، حين أيده 40% مقابل 27% عارضوه.

حتى في هذه المسألة، يكشف الاستطلاع عن فجوة واسعة بين الجمهوريين من جهة والديمقراطيين والمستقلين من جهة أخرى؛ إذ يرى ثلثا الجمهوريين نتنياهو بصورة إيجابية، مقابل واحد فقط من كل عشرة مشاركين عرّفوا أنفسهم كديمقراطيين. أما بين المستقلين فتبلغ هذه النسبة نحو 20%. وقال ميغان برينان، أحد كبار الباحثين في معهد “غالوب”: “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها أن أغلبية الأميركيين لديهم موقف سلبي تجاهه. جميع أسئلة الاستطلاع تروي القصة ذاتها – وهي ليست جيدة بالنسبة للحكومة الإسرائيلية حاليًا”.

وأشار برينان إلى أنه حتى الآن ما زال الجمهوريون “في غالبيتهم” يدعمون إسرائيل، لكن تبرز بوادر تآكل في هذا الدعم، خاصة في أوساط حركة “اجعلوا أميركا عظيمة مجددًا” (MAGA) التي يقودها أنصار ترامب المتحمسون. فهذه الحركة، التي تستند إلى شعار ترامب الشهير، تتبنى سياسة خارجية انعزالية، وقد عبّر شخصيات بارزة فيها، مثل مستشار ترامب الاستراتيجي السابق ستيف بانون، عن رفض قاطع لانضمام الولايات المتحدة إلى الحرب ضد إيران الشهر الماضي، بل عملوا بنشاط لمنع استهداف المنشآت النووية الإيرانية. كما أن شخصيات مؤثرة أخرى في الحركة، مثل الإعلامي تاكر كارلسون، تروّج لنظريات مؤامرة مختلفة ضد إسرائيل، من بينها ما يتعلق بقضية جيفري إبستين.

الصور الصادمة القادمة من غزة أثّرت أيضًا في شخصيات جمهورية بارزة، منها النائبة اليمينية المتطرفة مارجوري تايلور غرين، الحليفة المقربة من ترامب في الكونغرس. إذ انضمت أمس إلى الأصوات العالمية التي تدين تعامل إسرائيل مع الأزمة الإنسانية في القطاع، وكتبت على منصة X: “يمكنني أن أؤكد بشكل قاطع أن ما حدث للمدنيين في إسرائيل في السابع من أكتوبر كان مروعًا. وكذلك يمكنني أن أؤكد بشكل قاطع أن ما يحدث للمدنيين والأطفال في غزة مروع أيضًا. هذه الحرب وهذه الأزمة الإنسانية يجب أن تنتهي!”.

كما تعارض مارجوري تايلور غرين تقديم مساعدات عسكرية واسعة لـ”إسرائيل”، إذ طرحت قبل نحو أسبوع ونصف مشروع قرار في مجلس النواب لإلغاء مساعدات بقيمة 500 مليون دولار مخصصة لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية. وقد صوّتت إلى جانبها في حينه نائبات تقدميات ومعاديات لـ”إسرائيل” مثل رشيدة طليب وإلهان عمر، لكن المقترح سقط بأغلبية كاسحة بلغت 422 صوتًا ضد مقابل ستة أصوات مؤيدة فقط.

وبررت غرين معارضتها لهذه المساعدات بكون “إسرائيل” تحصل أصلًا على أكثر من 3 مليارات دولار سنويًا من أموال الدعم الأميركي، وحرصت على وصف “إسرائيل” بأنها “دولة نووية”، في إشارة إلى قدرات نووية تحافظ “إسرائيل” بشأنها على سياسة الغموض، كما يتجنب كذلك تأكيدها أو نفيها كل من الإدارات الأميركية المتعاقبة.

تساءلت مارجوري تايلور غرين عن سبب قيام الولايات المتحدة بتحويل كل هذا المال إلى “إسرائيل” في وقت يواجه فيه الأميركيون أنفسهم صعوبات اقتصادية كبيرة، قائلة: “إسرائيل – المسلحة نوويًا – توفر لمواطنيها تأمينًا صحيًا شاملًا وتدعم دراستهم الأكاديمية. أما هنا في أميركا، فنحن غارقون في ديون تبلغ 37 تريليون دولار. مقترحي يضمن أن يعمل البنتاغون وفق نهج (أميركا أولًا)، وهذا بالضبط ما نحتاجه”.

وفي مقابلة الشهر الماضي مع برنامج تاكر كارلسون، الذي يحظى بملايين المشاهدات على وسائل التواصل الاجتماعي، وجهت غرين انتقادات لما وصفته بمحاولة العديد من المشرعين في واشنطن “الإعلان عن ولائهم لإسرائيل”. وكررت القول إن تقديم المساعدات لها يتعارض مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة للشباب الأميركيين، الذين – بحسبها – يجدون صعوبة في دفع الإيجارات أو شراء سيارة: “بالنسبة لهم يبدو الأمر يائسًا، لكن في الكونغرس يسعى الجميع وراء إعلان الولاء لدولة أجنبية”.

رغم أن مارجوري تايلور غرين – التي سبق أن وُجهت لها اتهامات بنشر نظريات مؤامرة معادية للسامية – ما تزال تُعد صوتًا استثنائيًا داخل المشهد الجمهوري، فإن الصور القادمة من غزة، إلى جانب الاتهامات بالتضييق على المجتمع المسيحي في “إسرائيل” (والتي دفعت السفير مايك هاكبي إلى إصدار تهديد غير مسبوق) والغضب من قصف الكنيسة في غزة مطلع الشهر الجاري، كلها تسهم في تصاعد الأصوات الناقدة لـ”إسرائيل” داخل المعسكر المحافظ.

كما أجرت ميغن كيلي، الإعلامية السابقة في قناة “فوكس نيوز” والوجه البارز والمؤثر في هذا التيار، مقابلة أمس مع بيرس مورغان وهو محافظ آخر كان يدعم “إسرائيل” بشدة في السابق لكنه بات يوجه لها انتقادات حادة بشأن سلوكها في القطاع – وحذرت خلالها من استمرار هذا التوجه التصاعدي ضد “إسرائيل” في أوساط المحافظين.

وأضافت ميغن كيلي أن مسألة مشروعية الحرب لم تعد ذات صلة، مؤكدة أنها رغم تفهمها لموقف “إسرائيل” وحاجتها إلى رد “غير متناسب” على مجزرة حماس، فإن “ما تفعله إسرائيل الآن هو خسارة مكانتها أمام بقية العالم. يمكنها أن تجلس في زاويتها وتقول إنها تملك مبررًا أخلاقيًا، لكن الأوان قد فات. لقد فقدت – وبدأت تفقد حتى لدى أقرب حلفائها – تفوقها الدعائي وأفضليتها الأخلاقية، وكما قال ترامب قبل عام: حان الوقت للتراجع”.

وفي الأثناء، يتواصل الضغط من الأقلية الديمقراطية في الكونغرس لتغيير نهج إدارة ترامب تجاه الحرب؛ إذ كشفت وكالة “أسوشييتد برس” عن رسالة وجّهها 40 سيناتورًا ديمقراطيًا إلى وزير الخارجية أنتوني روبينيو والمبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، طالبوا فيها بـ”توسيع كبير” للمساعدات الإنسانية المقدمة إلى سكان غزة. ووجهت الرسالة انتقادات لاذعة لأداء “صندوق المساعدات الأميركي” (GHF)، في ظل اتهامات دولية بأن الانتقال إلى آلية التوزيع عبر مجمعات محدودة تابعة للصندوق – وهي مجمعات قليلة العدد تخضع لحراسة عن بُعد من جيش الاحتلال، بدلًا من مئات مراكز توزيع الغذاء التابعة للأمم المتحدة – كان من الأسباب الرئيسية لأزمة المجاعة في القطاع.

أحد موقّعي الرسالة، السيناتور الديمقراطي اليهودي من هاواي برايان شاتز، قال إنه “من غير المعقول” الادعاء بأن جيش الاحتلال - الذي وصفه بأنه أحد أكثر الجيوش تقدمًا في العالم – غير قادر على توزيع الطعام بنفسه على سكان غزة أو الإشراف بشكل جيد على الحشود المتجمعة عند مجمعات المساعدات. وأضاف: “لقد اتخذوا قرارًا باتباع طريقة جديدة لتوزيع الغذاء، لكنها ببساطة لا تعمل”. وأردف شاتز أن “الأميركيين يشاهدون صور الفوضى والمعاناة التي تسببت بها الولايات المتحدة أو كان يمكنها على الأقل تجنبها، وهذا ينعكس سلبًا على الرئيس”. وأشار تقرير “أسوشييتد برس” إلى أن الرسالة تدعو أيضًا إلى استئناف الجهود للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، مع التشديد على ضرورة الإفراج عن 50 أسيرًا ما زالوا في الأسر.