ترجمة الحدث
اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي درور بن يميني أن إسرائيل تجد نفسها اليوم في مأزق سياسي غير مسبوق، في وقت يتجدد فيه الحديث عن “مخطط فيتكوف” الذي طرح على الطاولة مجددًا بعد أن أبدت حركة حماس موافقة أولية عليه، بوصفه صفقة جزئية يمكن أن تتطور لاحقًا إلى صفقة شاملة.
وبحسب بن يميني، فإن الكرة الآن في ملعب إسرائيل، لكن قبل أن تحدد موقفها عليها أن تدرك أن حماس لا تسعى إلى الانتصار عسكريًا، بل تبني استراتيجيتها على تحقيق إنجازات سياسية ودبلوماسية على حساب إسرائيل. ويضيف أن الوضع السياسي والدولي لإسرائيل لم يكن أسوأ مما هو عليه اليوم، وأن هناك هامشًا لمزيد من التدهور إذا استمرت القيادة في نفس النهج.
ويؤكد بن يميني أن من الخطأ الاعتقاد بأن تهديد إسرائيل بالسيطرة على غزة هو ما دفع حماس لتغيير موقفها. أما العامل الحاسم وراء المرونة الأخيرة في موقفها فهو الضغط العربي المتزايد، وهو ما انعكس في كثافة ظهور خطابها الإعلامي عبر القنوات العربية.
وبرأيه، إذا رفضت إسرائيل الصفقة الآن فستسقط في الفخ الذي أعدته حماس، فمجرد النقاش عن السيطرة على غزة أدى إلى تصاعد الدعوات لفرض عقوبات، بينما دخول فعلي للجيش إلى المدينة سيقود إلى “انهيار سياسي أكبر بكثير”، وإذا تم ذلك بعد أن أعلنت حماس قبولها للعرض ثم رفضته إسرائيل، فإن حجم الكارثة السياسية سيتضاعف.
ويطرح بن يميني مقاربة معاكسة تقوم على أن إسرائيل كان يجب أن تبادر بخطوة أكثر ذكاءً، من خلال إعلان وقف إطلاق نار أحادي الجانب وربطه بمطلب الإفراج عن الأسرى وتجريد القطاع من السلاح. ولو وافقت حماس، تكون إسرائيل قد ربحت، ولو رفضت، فإن رفضها يخفف العبء عن إسرائيل ويوفر لها شرعية لاستئناف القتال، فضلًا عن كسبها شرعية دولية مهمة.
لكنه يرى أن القيادة الإسرائيلية أسيرة لمفهوم خاطئ يربط الردع بالمزيد من الدمار والضحايا، وهو ما ظهر بوضوح في التسجيلات الأخيرة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق أهارون حاليفا، الذي قال إن مقتل خمسين ألف فلسطيني “أمر ضروري ورادع للأجيال المقبلة”، وإنه يجب أن يموت خمسون فلسطينيًا مقابل كل قتيل إسرائيلي في السابع من أكتوبر.
وينتقد بن يميني هذه الرؤية، موضحًا أن الفكر الإسلامي لا يردعه المزيد من الدمار، بل على العكس، يستمد منه قوة لمواصلة القتال. ويؤكد أن قادة حماس عندما خططوا لعمليتهم في السابع من أكتوبر كانوا يدركون أن النتيجة ستكون قاسية، لكن ذلك لا يتعارض مع منطقهم الأيديولوجي. وبالتالي فإن التلويح بمزيد من الموت والدمار لا يردعهم، بل يقدم لهم ما يريدون.
ويخلص بن يميني إلى أن المفهوم السائد في القيادة السياسية الإسرائيلية انهار بالكامل، إذ ما زالت تواصل التهديد بالخراب باعتباره وسيلة ردع، بينما الواقع يؤكد أن هذه الاستراتيجية تخدم حماس. فهي تنتظر تصعيد إسرائيل وتوسعها العسكري كي تجني مكاسب سياسية جديدة على مستوى العالم، من خلال اتساع المقاطعة الأكاديمية والثقافية والاقتصادية وتعاظم حركة المقاطعة BDS. ويحذر من أن إسرائيل أمام فرصة لوقف الانهيار السياسي الذي يتهددها، لكن ضياعها لهذه الفرصة قد يعني انهيارًا أكبر بكثير مما تعانيه اليوم.