الثلاثاء  26 آب 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف تدير قنوات اليمين الإسرائيلي معركتها ضد الجنود الاحتياطيين في جيش الاحتلال؟

2025-08-26 09:16:38 AM
كيف تدير قنوات اليمين الإسرائيلي معركتها ضد الجنود الاحتياطيين في جيش الاحتلال؟
جنود الاحتياط في جيش الاحتلال- أرشيفية

الحدث الإسرائيلي

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريرًا حادًا ضد قناة i24NEWS، متهمة إياها بالتساوق مع اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو في حملته المستمرة لتشويه صورة جنود الاحتياط الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد خطة الانقلاب القضائي. فقد خصصت i24  نهاية الأسبوع سلسلة تقارير تحت عنوان “معلومات ووثائق كشف عنها”، زعمت فيها أنها حصلت على وثيقة استخباراتية لحركة حماس تؤكد أن الاحتجاجات أضعفت جاهزية جيش الاحتلال الإسرائيلي وسلاح الجو، وأن جنود الاحتياط الرافضين للخدمة يتحملون مسؤولية غير مباشرة عن هجوم السابع من أكتوبر. على شاشتها ظهرت عبارات مثل “خطيئة الامتناع عن الخدمة” إلى جانب شعار حركة “أخوة في السلاح”، مع إصرار معلّقيها على القول: “إذا لم تصدقونا، فها هي حماس تقول ذلك”.

لكن يديعوت شددت على أن هذا الادعاء عارٍ من الصحة، فالوثيقة التي استندت إليها القناة سبق أن نُشرت كاملة قبل شهرين في مركز المعلومات للاستخبارات، وترجمت إلى الإنجليزية والعبرية على السواء، وهي لا تشير مطلقًا إلى تراجع في جاهزية الجيش بسبب الاحتجاجات. بالعكس، تضمنت الوثيقة تقييمًا صريحًا من استخبارات حركة حماس بأن أذرع الاحتلال العسكرية ما تزال قادرة على إدارة مواجهة مع غزة بكامل كفاءتها، وأن الأزمة الداخلية الإسرائيلية قد تدفع الحكومة إلى الرد بشكل أشد في حال تعرضت لهجوم. ولذلك جاء الاستنتاج فيها واضحًا: لا ينبغي لحماس أن تستغل الأزمة الداخلية لشن هجوم، لأن الفائدة العسكرية ستكون محدودة، بل قد تنقلب إلى رد إسرائيلي أكثر قسوة.

ورغم وضوح ما ورد في الوثيقة، سارع وزراء وشخصيات يمينية إلى استغلال ما نشرته “i24”. فقد أعادت الوزيرة عديت سيلمان نشر المادة مع تعليق يحمل عبارة “مجزرة كابلان”، فيما كتب البروفيسور موشيه كوهين إليا من قناة 14 أن الطيارين المحتجين هم “المسؤولون المباشرون عن إضعاف الجيش وما تبعه من كوارث يوم السابع من أكتوبر”. هذا الخطاب المبالغ فيه، بحسب يديعوت، لم يكن سوى محاولة متعمدة لتضليل الرأي العام وصرف الأنظار عن إخفاقات نتنياهو وحكومته وتحويل اللوم نحو جنود الاحتياط الذين خرجوا أصلاً دفاعًا عن قيم الدولة ضد التفكيك المنهجي لمؤسساتها.

الصحيفة قارنَت هذا التلاعب بما جرى سابقًا مع صحيفة بيلد الألمانية حين نشرت ما وصفته بـ”وثائق السنوار”، رغم أنها كانت تقارير داخلية عادية من مستويات غير رفيعة في جهاز حماس. آنذاك جرى تضخيم الوثائق لتبدو كأنها صادرة عن قيادة الحركة العليا. واليوم، بحسب يديعوت، تعيد i24NEWS السيناريو ذاته: وثيقة استخباراتية عادية يجري تقديمها كأدلة دامغة على خيانة جنود الاحتياط وارتباطهم غير المباشر بأحداث السابع من أكتوبر.

وختمت الصحيفة بأن الحقيقة مغايرة تمامًا. فالوثيقة التي يستشهد بها اليمين لا تُظهر أي ضعف في الجيش بسبب الاحتجاجات، ولم تكن سببًا في قرار حماس شن الهجوم. بل إن إخفاقات جهاز الاستخبارات والقيادة السياسية هي التي قادت إلى الفشل المدوي. وما إن اندلعت الحرب حتى انخرط جنود الاحتياط أنفسهم في الدفاع والخدمة، بينما تحولت الحركات الاحتجاجية إلى قوة مساندة للمجتمع المدني الذي تركته الحكومة لمصيره. في ضوء ذلك، ترى يديعوت أن تحميل المسؤولية للرافضين للخدمة ليس إلا وسيلة للهروب من مواجهة الحقيقة: أن الأزمة الحقيقية تكمن في نتنياهو وحكومته، لا في الاحتجاجات التي أثبتت صحتها مع إلغاء المحكمة العليا لخطة الانقلاب القضائي.